Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الاستدلال بالروایات لوجوب نصح المستشير

الاستدلال بالروایات لوجوب نصح المستشير

ولكن قد يستدلّ لوجوبه بالروايات الواردة في نصح المستشير، وإليك بعضها:

منها: صحيحة عيسى بن أبي ‌منصور، عن أبي ‌عبدالله(علیه السلام)، قال: «يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه».([1592])

ومنها: صحيحة معاوية بن وهب، عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قال: «يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب».([1593])

ومنها: صحيحة ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي ‌عبيدة الحذّاء، عن أبي ‌جعفر(علیه السلام)، قال: «يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة».([1594])

الروايات الثلاث لا يدلّ على أزيد من الاستحباب؛ لعدم ما يدلّ على الوجوب فيها من الأمر أو التوعيد بالعذاب، مع أنّ في التعبير بوجوب نصح المؤمن على المؤمن بقوله: «يجب للمؤمن علی المؤمن النصيحة» شهادة وقرينة علی الاستحباب.

وأمّا كلمة «يجب»، فلا يدلّ في مثل هذا التركيب على أزيد من الثبوت، بل يمكن أن يقال: إنّ كلمة «يجب» في لسان مثل هذه الروايات ظاهرة في الاستحباب ومبالغة في الرجحان والمطلوبيّـة.

ومنها: رواية ابن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي ‌جعفر(علیه السلام)، قال: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): «لينصح الرجل منكم أَخاه كنصيحته لنفسه».([1595])

وفي دلالتها على الوجوب بعد الغضّ عن ضعف سندها بعمرو بن شمر، فإنّـه ضعيفٌ جدّاً علی ما ذکره النجاشي([1596]) وابن الغضائري.([1597]) هذا، مع کفاية عدم التوثيق أحد إیّاه في ضعفه([1598]) نظرٌ؛ لأنّها في مقام بيان مقدار النصيحة وكيفيّتها بعد الفراغ عن حكمها، فلا تدلّ على وجوبها.

ومنها: رواية أبي ‌حفص الأعشى، عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قال: سمعته يقول: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): «من سعى في حاجة لأَخيه فلم ينصحه، فقد خان الله ورسوله».([1599])

ومنها: موثّقة سماعة، قال: سمعت أبا‌ عبد‌الله(علیه السلام) يقول: «أَيّما مؤمن مَشى في حاجة أَخيه فلم يُناصحه، فقد خان الله ورسوله».([1600])

ومنها: رواية أبي ‌جميلة، قال: سمعت أبا ‌عبد‌الله(علیه السلام) يقول: «من مَشى في حاجة أخيه، ثمّ لم يناصحه فيها، كان كمن خان الله ورسوله، وكان الله خصمه».([1601])

وهذه الروايات الثلاث أيضاً لا تدلّ على وجوب النصيحة، بل على أنّـه لو مشى في حاجته يجب عليه نصحه. وأمّا وجوب المشي في حاجته أو وجوب نصيحته فلا، ولعلّه مع علمه بابتلائـه بالمعصية ـ كالغيبـة ـ لا يجوز له المشي في حاجة أخيه.

ومنها: ما ورد في خصوص المستشیر، عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قال: أخبرني أبي، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب(علیهم السلام)، عن رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)أنّـه قال: «من استشاره أَخوه المؤمن فَلم يَمحَضه النصیحة سلبه الله لُـبّه».([1602])

والمستفاد من کلمات سيّدنا الأستاذ (سلام لله علیه) هذه الرواية أيضاً لا تدلّ على وجوب النصح، بل هي دالّة على حرمة الخيانة بعد بنائه على إفادة رأيه.([1603])

هذا، لكنّها تدلّ على الحرمة، لو كان اللبّ فيها بمعنى العقل، فإنّ حفظ العقل واجبٌ وإزالته حرامٌ، وأمّا إن كان بمعنى الرأي فلا؛ لعدم وجوب حفظ الرأي.

وأمّا الثاني؛ أي شمول روايات النصح، بناءً على دلالتها على الوجوب لموارد الغيبة، فمخدوشٌ أوّلاً: بأنّ أدلّة الواجبات والمستحبّات منصرفة عن الموارد المحرّمة.

وثانياً: بما قاله سيّدنا الأستاذ (سلام لله علیه) من أنّ النسبة بين آية الغيبة الدالّة على حرمة الغيبة مطلقاً، وبين الروايات عمومٌ من وجه، فتكون الروايات مخالفاً للكتاب في مادّة الاجتماع، والمخالف للقرآن لا يكون حجّة، من دون فرق بين أن يكون المخالفة بالمبائنة أو بالعموم من وجه.

وأمّا الثالث؛ أي أقوائيّـة ملاك النصح ومصلحته عن ملاك ومفسدة الغيبة، فغير واضحة، بل يمكن أن يقال: إنّ مفسدة الحرمة أقوى من مصلحة الغيبة؛ للروايات الدالّة على شدّة أمر الغيبة. قال سيّدنا الأستاذ (سلام لله علیه):

ثمّ لو سلّم دلالتها على الوجوب وإطلاقها ومزاحمة المقتضيين، لكنّ الظاهر من أدلّة الغيبة ومثل التعبيرات الواردة فيها، أنّ ملاكها أقوى من ملاك النصح، ولا أقلّ من أنّ ذلك الاهتمام صار موجباً لاحتمال أهميّـة ملاكها. فالأقوى ملاحظة الموارد، ففي كلّ مورد تحرّز أهميّـة النصح أو تحتمل ـ كما أشرنا إليه ـ يحكم بجوازها دون مطلق الموارد.([1604])

ويؤيّد ما ذكره الأستاذ (سلام لله علیه) ما ذكره الشهيد(رحمه الله) في كشف الريبة من المفاسد العظيمة المترتّبة على الغيبة بقوله:

واعلم أنّ السبب الموجب للتشديد في أمر الغيبة وجعلها أعظم من كثير من المعاصي الكبيرة هو اشتمالها على المفاسد الكلّيّـة المنافية لغرض الحكيم سبحانه، بخلاف باقي المعاصي، فإنّها مستلزمة لمفاسد جزئيّـة.

بيان ذلك: أنّ المقاصد المهمّة للشارع اجتماع النفوس على همّ واحد وطريقة واحدة وهي سلوك سبيل الله بسائر وجوه الأوامر والنواهي ولا يتمّ ذلك إلّا بالتعاون والتعاضد بين أبناء النوع الإنساني، وذلك يتوقّف على اجتماع همّهم وتصافي بواطنهم واجتماعهم على الألفة والمحبّـة حتّى يكونوا بمنزلة عبدٍ واحدٍ في طاعة مولاه ولن يتمّ ذلك إلّا بنفي الضغائن والأحقاد والحسد ونحوه، وكانت الغيبة من كلّ منهم لأخيه مثيرة لضغنه ومستدعية منه لمثلها في حقّه لا جرم كانت ضدّ المقصود الكلّي للشارع وكانت مفسدة كلّيّـة، فلذلك أكثر الله ورسوله من النهي عنها والوعيد عليها. وبالله التوفيق.([1605])

----------------
[1592]. الكافي 2: 208، باب نصيحة المؤمن، الحديث 1؛ وسائل الشيعة 16: 381، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 35، الحديث 1.
[1593]. الكافي 2: 208، باب نصيحة المؤمن، الحديث 2؛ وسائل الشيعة 16: 381، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 35، الحديث 2.
[1594]. الكافي 2: 208، باب نصيحة المؤمن، الحديث 3؛ وسائل الشيعة 16: 382، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 35، الحديث 3.
[1595]. الكافي 2: 208، باب نصيحة المؤمن، الحديث 4؛ وسائل الشيعة 16: 382، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 35، الحديث 4.
[1596]. رجال النجاشي: 287، الرقم 765.
[1597]. رجال ابن الغضائري: 74، الرقم 78.
[1598]. لاحظ: تنقيح المقال 2: 332، الرقم 8714.
[1599]. الكافي 2: 362، باب من لم يناصح أخوه المؤمن، الحديث 1؛ وسائل الشيعة 16: 383، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 36، الحديث 1.
[1600]. الكافي 2: 362، باب من لم يناصح أخوه المؤمن، الحديث 2؛ وسائل الشيعة 16: 383، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 36، الحديث 2.
[1601]. الكافي 2: 363، باب من لم يناصح أخوه المؤمن، الحديث 4؛ وسائل الشيعة 16: 384، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 36، الحديث 4.
[1602]. كشف الريبة: 87، الخاتمة: في أحاديث مناسبة للمقام، الحديث العاشر؛ وسائل الشيعة 17: 208، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 49، الحديث 1. وفيهما ما فيه في المتن؛ وأمّا في الكافي 2: 363، باب من لم يناصح أخوه المؤمن، الحديث 5؛ وسائل الشيعة 16: 384 كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب فعل المعروف، الباب 36، الحديث 5، ففيها: «عن حسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه، عن أبي ‌عبد‌الله(عليه السلام)، قال: «من استشار أَخاه فَلم يَمحضه محض الرأي سلبه الله عزّ وجلّ رأيه».
[1603]. راجع: المكاسب المحرّمة 1: 440.
[1604]. المكاسب المحرّمة 1: 441.
[1605]. كشف الريبة: 22، بعض الأخبار الواردة في حرمة الغيبة.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org