Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: استدلال السيّد الخوئي على جواز غیبة المخالفین بالروايات

استدلال السيّد الخوئي على جواز غیبة المخالفین بالروايات

ثمّ إنّ السيّد الخوئي(قدس سره) ـ بعد بيان المراد من المؤمن وأنّـه هنا عبارة ممّن آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالأئمّة الإثنى عشر(علیهم السلام) أوّلهم عليّ بن أبي ‌طالب(علیه السلام) وآخرهم القائم الحجّة المنتظر (عجّل الله فرجه وجعلنا من أعوانه وأنصاره)، ومن أنكر واحداً منهم جازت غيبته ـ استدلّ لجواز غيبة المخالف بوجوهٍ‌:

أحدها: أنّـه ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السبّ عليهم واتّهامهم، والوقيعـة فيهم؛ أي غيبتهم؛ لأنّهم من أهل البدع والريب. بل لا شبهة في كفرهم؛ لأنّ إنكار الولاية والأئمّة(علیهم السلام) حتّى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم وبالعقائد الخرافيّـة كالجبر ونحوه، يوجب الكفر والزندقة. وتدلّ عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة وما يشبهها من الضلالات. ويدلّ عليه أيضاً قوله(علیه السلام) في الزيارة الجامعة‌: «ومن جحدكم كافر»، وقوله(علیه السلام) فيها أيضاً‌: «ومن وحدّه قبل عنكم»، فإنّـه ينتج بعكس النقيض: أنّ من لم يقبل عنكم لم يوحدّه، بل هو مشركٌ بالله العظيم. وفي بعض الأحاديث الواردة في عدم وجوب قضاء الصلاة على المستبصر‌: «أنّ الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة».([1374])

وفي جملة من الروايات:([1375]) «الناصب لنا أهل البيت شرٌّ من اليهود والنصارى وأهون من الكلب، وأنّـه تعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب، وأنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه». ومن البديهيّ أنّ جواز غيبتهم أهون من الأمور المذكورة، بل قد عرفت جواز الوقيعة في أهل البدع والضلال، والوقيعة هي الغيبة. نعم، قد ثبت حكم الإسلام على بعضهم في بعض الأحكام فقط، تسهيلاً للأمر وحقناً للدماء.([1376])

ويرد عليه أوّلاً: أنّ ما قاله في معنى المؤمن مستلزم لجواز غيبة غير الشيعة الإثنی عشريّـة من سائر فرق الشيعة؛ من الفطحيّـة والإسماعيليّـة والزيديّـة وغيرهم، وهو كما ترى.

وثانياً: أنّـه لم نجد في رواية أو دعاء أو زيارة جواز لعن المخالفين ووجوب البراءة منهم، وإكثار السبّ عليهم بما هم مخالفون، ولم يبيّن ذلك في كلامه ولا في كلام مقرّر بحثه. نعم، ورد في الروايات وجوب التبرّي من مبغضي الأئمّة وأعدائهم، وفي الزيارات اللعن على ظالمي حقّ محمّد وآل محمّد والغاصبين لحقّهم، مثل‌: «اللهمّ اللعن أوّل ظالم ظلم حقّ محمّد وآل محمّد، وآخر تابع له على ذلك، اللهمّ العنهم جميعاً»، إلّا أنّ هذه الروايات والزيارات لا تشمل إلّا الظالمين منهم والناصبين لمحمّد وآل محمّد (عليهم صلوات الله وصلوات ملائکته وأوليائه)، وغالب المخالفين، بل جلّهم في هذه الأزمنة من القرون في غيبة الکبری مولانا ووليّنا صاحب الزمان المهدي الحجّة بن الحسن (روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء) ليسوا من النواصب ولا من الظلمة.

وقد انقدح ممّا ذكر، عدم تماميّـة استدلاله بما ورد في النواصب من «أنّ الناصب لنا أهل البيت شرٌّ من اليهود والنصاري وأهون من الكلب، وأنّـه تعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب، وأنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه».

وثالثاً: أنّ عوام المخالفين وبعض علمائهم ليسوا من أهل البدع والريب حتّى تشملهم أحكام أهل البدع والريب الموجودة في صحيحة داود بن سرحان، عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قال: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): «إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلّمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة».([1377])

ورابعاً: أنّ غيبة أهل الريب والبدع إنّما جاز وجعل من مستثنيات الغيبة لئـلّا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلّمون من بدعهم، وأين هذا من جواز غيبة المخالفين بما هم مخالفين وفيما لايترتّب على غيبتهم هذه المصالح العظيمة؟

وخامساً: أنّ ما قاله من:

أنّ إنكار الولاية والأئمّة(علیهم السلام) حتّى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم، وبالعقائد الخرافيّـة، كالجبر ونحوه، يوجب الكفر والزندقة. وتدلّ عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة وما يشبهها من الضلالات.

وما استدلّ من جملات زيارة الجامعة الکبيرة بقوله: «ومن جحدكم كافر»، وقـوله(علیه السلام) فيها أيضاً‌: «ومن وحدّه قبل عنكم»، فإنّـه ينتج بعكس النقيض: أنّ من لم يقبل عنكم لم يوحدّه، بل هو مشركٌ بالله العظيم.([1378])

مخدوشٌ أوّلاً: بأنّ ما قاله مستلزمٌ لنسبة الكفر والزندقة إلى الفطحيّـة والواقفيّـة والزيديّـة والإسماعيليّـة وغيرهم من فرق الشيعة، وهو كما ترى.

وثانياً: أنّ عدم الإقبال أعمّ من الإنكار، فإنّ عدم القبول تارة تكون عن جحدٍ وإنكارٍ، وأخرى عن جهلٍ وقصورٍ، والمحكومين بالكفر هم المنكرين للولاية والجاحدين لهم، كما في زيارة الجامعة الكبيرة: «ومن جحدكم كافر»، لا المخالفين، فإنّ المخالفين غالبهم ـ لولا كلّهم ـ غير متّصفين بالجحد والإنكار؛ لأنّهم جاهلون بالولاية جهلاً قصوريّاً.

فانقدح بذلك عدم تماميّـة استدلاله(قدس سره) بقوله(علیه السلام): «ومن جحدكم كافر».

وثالثاً: أنّ الكفر هنا بمعنى عدم الإيمان ببعض مراتبها الكاملة؛ لأنّـه جعلت في مقابل الإيمان، لا الإسلام، فالكفر في هذه الروايات والزيارات من قبيل الكفر في الآية الشريقة: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لاََزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾،([1379])وقوله تعالى: ﴿وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.([1380])

ويشهد عليه ما في زيارة الجامعة: «ومن أراد الله بدء بكم، ومن وحّده قبل عنكم، ومن قصده توجّه بكم»، فإنّ معناه من أراد الله بالإرادة الكاملة بدء بكم؛ إذ من المعلوم أنّ أصل إرادة الله تعالى غير مستلزم بالبدوّ بهم(علیهم السلام). ومثله قوله: «ومن وحّده قبل عنكم، ومن قصده توجّه بكم»، فإنّ معناه من وحّده بالتوحيد الكامل قبل عنكم، ومن قصده بالقصد الكامل توجّه بكم.

ورابعاً: أنّ عكس النقيض هو: «من لم يقبل منكم لم يوحّده» وعدم التوحيد غير ما ادّعاه من الشرك بالله العظيم حتّى يترتّب عليه أحكام الشرك من النجاسة وعدم الغفران وغيرهما من الآثار.

وخامساً‌: أنّ استدلاله ببعض الأحاديث الواردة في عدم وجوب قضاء الصلاة على المستبصر‌: «أنّ الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة»،([1381]) أهون ما استدلّ به على كفر المخالفين؛ إذ ليس فيه ما يشير إلى كفر المخالفين، فضلاً عن دلالته على ذلك.

--------------------------
[1374]. وسائل الشيعة 1: 127، أبواب مقدّمة العبادات، الباب 31، الحديث 4.
[1375]. راجع: وسائل الشيعة 1: 218، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف والمستعمل، الباب 11.
[1376]. مصباح الفقاهة 1: 504 ـ 505.
[1377]. الكافي 2: 375، باب مجالسة أهل المعاصي، الحديث 4؛ وسائل الشيعة 16: 267، كتاب الأمر بالمعروف، أبواب الأمر والنهي، الباب 39، الحديث 1.
[1378]. مصباح الفقاهة 1: 504.
[1379]. إبراهيم (14): 7.
[1380]. آل عمران (3): 97.
[1381]. وسائل الشيعة 1: 127، أبواب مقدّمة العبادات، الباب 31، الحديث 4.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org