Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الجهة الخامسة: الرشوة لتحصيل الحقّ

الجهة الخامسة: الرشوة لتحصيل الحقّ

لو توقّف إحقاق الحقّ وتحصيله على بذل الرشوة، فهل يحرم للأعمّ من المرتشي والراشي أم يحرم على المرتشي دون الراشي؟ فيه احتمالان، بل قولان.

وفي الجواهر نفیه وجدان الخلاف بين الأصحاب في جواز البذل للراشي وحرمة الأخذ على المرتشي، إلّا من كاشف الغطاء. قال في الجواهر:

نعم، لو توقّف تحصيل الحقّ على بذله لقضاة حكّام الجور، جاز للراشي، وحرم على المرتشي، كما صرّح به غير واحد، بل لا أجد فيه خلافاً ـ إلی أن قال: ـ وفي شرح الاُستاذ أنّها ليست مطلق الجعل، كما في القاموس،([473]) بل بينه وبين الأجر والجعل عموم من وجه، ولا البذل على خصوص الباطل، كما في النهاية([474]) والمجمع،([475]) ولا مطلق البذل ولو على خصوص الحقّ، بل هو البذل على الباطل، أو على الحكم له؛ حقّاً أو باطلاً، مع التسمية وبدونها.

وقال أيضاً في مسألة الأجرة على القضاء والجعل عليه: ويعصى الدافع في دفعه إلى القاضي في أحد الوجهين، إلّا إذا توقّف تحصيل الحقّ عليه، فيجوز [الجعل والأجرة]، بخلاف الرشوة، فإنّها لا تجوز بحالٍ.

وفي كلامه الأخير ما لا يخفى، ضرورة أنّـه إن أراد إخراجها عن الموضوع في صورة التوقّف، كان مخالفاً للعرف في ذلك، وإن أراد أنّها لا تجوز بهذا العنوان حتّى لو توقّف الحقّ عليها، كان مخالفاً لما قدّمناه سابقاً، بل لم أعرف له موافقاً عليه، بعد تنزيل الإطلاق في النصّ والفتوى على الاختيار.([476])

والتحقيق ـ تبعاً للأصحاب ـ جواز البذل للراشي في هذه الصورة وحرمته على المرتشي؛ وذلك لوجهين:

أحدهما: انصراف الإطلاقات عن هذه الصورة وقصورها عن تناولها، كما في الجواهر؛ لأنّ التوصّل إلى تحصيل الحقّ جائز عقلاً وشرعاً، كيف ما كان بأيّ وسيلة وسبب؛ سواء كان السبب مباحاً أو حراماً.

قال صاحب الجواهر في مقام الاستدلال عليه:

لقصور أدلّة الحرمة عن تناول الفرض الذي تدلّ عليه أصول الشرع وقواعده المستفادة من الكتاب والسنّـة والإجماع والعقل، ضرورة أنّ للإنسان التوصّل إلى حقّه بذلك ونحوه ممّا هو محرّم عليه في الاختيار، بل ذلك كالإكراه على الرشاء الذي لا بأس به على الراشي معه عقلاً ونقلاً. ([477])

ثانيهما: تخصيص الإطلاقات بما يدلّ عقلاً ونقلاً على جواز تحصيل الحقّ بأيّ وسيلة أمكن.

أمّا العقل، فلأنّـه لا يحكم بقبح تحصيل الحقّ بالوسائل المحرّمة إذا توقّف التحصيل عليها، كما إذا توقّف تحصيل الحقّ على الحلف أو الإشهاد كاذباً، أو على المراجعة إلى قاضي الجور، فإنّ العقل لا يحكم بقبح هذه الأمور في هذه الصورة.

وأمّا النقل، فلصحيحة محمّد بن مسلم، كما استدلّ به المقدّس الأردبيلي، قـال(قدس سره):

والظاهر أنّـه إذا كان أخذ الحقّ موقوفاً عليه يجوز الإعطاء، لا الأخذ، وهو ظاهر عقلاً ونقلاً. يمكن فهم الجواز من صحيحة محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا‌ عبد‌الله(علیه السلام) عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على أن يتحوّل من منزله فيسكنه؟ قال: «لا بأس به» ([478]).([479])

-----------------
[473]. القاموس المحيط 4: 482، مادّة: «رشو».
[474]. النهاية في غريب الحديث والأثر 2: 226، مادّة: «رشا».
[475]. مجمع البحرين 1: 184، مادّة: «رشا».
[476]. جواهر الكلام 22: 145ـ 146.
[477]. نفس المصدر.
[478]. تهذيب الأحکام 6: 375 /1095، باب المكاسب، الحديث 216؛ وسائل الشيعة 17: 278، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 85، الحديث 2.
[479]. مجمع الفائدة والبرهان 8: 86 ـ 85.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org