Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الإشکال على حرمة غيبة المخالفين

الإشکال على حرمة غيبة المخالفين

واستشكل عليه المحدّث البحراني([1310]) بوجوهٍ:

أحدها: أنّ ما ادّعاه(قدس سره) من الحکم بإسلامهم مردودٌ للأخبار المستفيضة والآيات الطويلة العريضة، الدالّة علی کفرهم:

منها: رواية فضیل بن يسار عن أبي ‌جعفر(علیه السلام)، قال: «إنّ الله عزّوجلّ نصب عليّاً(علیه السلام) علماً بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره كان كافراً، ومن جهله كان ضالاً، ومن نصب معه شيئاً کان مشـرکاً ومن جاء بولايته دخل الجنّـة»‌.([1311])

ومنها: رواية أبي حمزة، عن أبي ‌جعفر(علیه السلام)، قال: «إنّ عليّاً(علیه السلام) باب فتحه الله، فمن دخله كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً، ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى: لي فيهم المشيئة».([1312])

ومنها: رواية أبي سلمة عن الصادق(علیه السلام)، قال: «... من عرفنا كان مؤمناً، ومن أنكرنا كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً، حتّى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة، فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء».([1313])

وبهذا المضمون أخبار عديدة ([1314]).([1315])

ويرد عليه أوّلاً: أنّ للكفر معانيّ متعدّدة باختلاف متعلّقه، فإنّ الكفر بمعنى الستر، وهو تارة يقع مقابلاً للإسلام، وأخرى مقابلاً للإيمان، وثالثة مقابلاً للأعمال، كقوله تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَازِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾،([1316]) وكقوله تعالى: ﴿وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.([1317])

والكفر في هذه الروايات ليس بمعنى الخارج عن الإسلام، بل بمعنى الخارج عن الإيمان، بدليل تقابله للإيمان لا للإسلام: «فمن عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره كان كافراً».([1318]) وهذا لا يدلّ على أنّ منكر الإمامة غير مسلم.

وثانياً: أنّ هذه الروايات حاكمة بكفر من أنكر الإمامة، والإنكار مختصّ بالجاحد للشيء عن علمٍ وعمدٍ، وغالب المخالفين ـ لولا كلّهم ـ جاهلون بالإمامة، جهلاً قصوريّاً، فلا تشملهم هذه الروايات.

ويشهد عليه قوله‌(علیه السلام) ما في ذيل الرواية الأولى: «ومن جهله كان ضالاً»، حيث جعل الأقسام ثلاثة: المؤمن بالإمامة، والمنكر لها، والجاهل لها.

ومنها: رواية سليمان بن خالد إلى الصادق(علیه السلام)، قال: «أهل الشام شرّ من أهل الروم، وأهل المدينة شرّ من أهل مكة، وأهل مكّة يكفرون بالله جهرة».([1319])

ومنها: رواية أبي بصير عن أحدهما(علیهما السلام)، قال: «إنّ أهل مكّة ليكفرون بالله جهرة، وإنّ أهل المدينة أخبث من أهل مكّة، أخبث منهم سبعين ضعفاً»([1320]).([1321])

ويرد عليه أوّلاً: أنّ الروايتين لا تدلّان على كفر أهل المدينه وأهل الشام؛ لأنّ كونهم شرّاً، غير كونهم كافرين.

وثانياً: أنّهما مختصّان بمقطع تاريخيّ خاصّ؛ لعدم إمكان الحكم بكفرهم وشرّيّتهم دائماً.

وثالثاً: أنّهما مطروحان، أو يرجع علمهما إلى أهله؛ لاستلزامهما غيبة الإمام(علیه السلام) أهل الشام والمدينة.

ومنها: رواية الصحّاف، قال: سألت أبا‌ عبدالله(علیه السلام)، عن قوله عزّوجلّ‌: ﴿فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُؤْمِنٌ﴾؟([1322]) قال: «عرف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها، يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم‌(علیه السلام) وهم ذرّ».([1323])

ويرد عليه ما أوردناه على الأولى من الروايات، فإنّ الكفر فيها مقابل للإيمان لا للإسلام.

ومنها: رواية أبي مالك الجهني، قـال: سمعت أبا ‌عبد‌الله(علیه السلام) يقول: «ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكّيهم، ولهم عذاب أليم، من ادّعى إماماً ليست إمامته من الله، ومن جحد إماماً إمامته من عند الله عزّوجلّ، ومن زعم أنّ لهما في الإسلام نصيباً».([1324])

ورواه النعماني في كتاب الغيبة([1325]) في الصحيح عـن عمران الأشعري، عن جعفر بن محمّد مثله.

ثمّ قال: «نعوذ بالله من زيغ الأفهام وطغيان الأقلام، ونسأله سبحانه المسامحة لنا ولهم في أمثال هذا المقام».([1326])

ويرد عليه أوّلاً: أنّ الرواية لا تدلّ إلّا عذاب الأليم للجاحد للولاية، وهذا غير الحكم بكفره.

وثانياً: فأنّ الجحد هو الإنكار عن علمٍ وعمدٍ، فلا تشمل الجاهل بالولاية، والمخالفون غالبهم، بل جلّهم جاهلون بها.

ويشهد عليه: أنّ العذاب مختصّ بالجاحد عن علمٍ وعمدٍ، أو جهل تقصيريّ، فلا تعمّ الجاهل جهلاً قصوريّاً؛ ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾.([1327])

------------------------
[1310]. الحدائق الناضرة 18: 148.
[1311]. الكافي 1: 437، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية، الحديث 7؛ وسائل الشيعة 28: 353، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 10، الحديث 48.
[1312]. الكافي 1: 437، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية، الحديث 8؛ وسائل الشيعة 28: 354، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 10، الحديث 49.
[1313]. الكافي 1: 187، باب فرض طاعة الأئمّة، الحديث 11؛ وسائل الشيعة 28: 352، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 10، الحديث 43، مع التفاوت.
[1314]. راجع: وسائل الشيعة 28: 339، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 10.
[1315]. راجع: الحدائق الناضرة 18: 149 ـ 148.
[1316]. إبراهيم (14): 7.
[1317]. آل عمران (3): 97.
[1318]. تقدّم آنفاً.
[1319]. الكافي 2: 409، باب في صنوف أهل الخلاف و...، الحديث 3؛ مرآة العقول 11: 219، باب في صنوف أهل الخلاف و...، الحديث 3.
[1320]. الكافي 2: 410، باب في صنوف أهل الخلاف و...، الحديث 4؛ مرآة العقول 11: 220، باب في صنوف أهل الخلاف و...، الحديث 4.
[1321]. راجع: الحدائق الناضرة 18: 149.
[1322]. التغابن (64): 3.
[1323]. الكافي 1: 413، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، الحديث 4؛ مرآة العقول 5: 10، باب فيه نکت ونتف من التنزيل في الولاية، الحديث 4؛ وراجع: الحدائق الناضرة 18: 149.
[1324]. الكافي 1: 373، باب من ادّعي الإمامة وليس لها بأهل...، الحديث 4، مع تفاوتٍ يسير؛ وسائل الشيعة 28: 341، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 10، الحديث 8.
[1325]. الغيبة (للنعماني): 129، الباب 7، فيمن شكّ في واحد من الأئمّة، الحديث 3، مع التفاوت.
[1326]. نقلها عنه المحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 18: 150.
[1327]. الإسراء (17): 15.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org