Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في أقسام الحقوق

القول في أقسام الحقوق

(مسألة 1) : الحقوق على كثرتها قسمان : حقوق الله تعالى وحقوق الآدميّين . أمّا حقوق الله تعالى فقد ذكرنا في كتاب الحدود أنّ منها ما يثبت بأربعة رجال أو يثبت بثلاثة رجال وامرأتين ، ومنها برجلين وأربع نساء ، ومنها ما يثبت بشاهدين ، فليراجع إليه .

(مسألة 2) : حقّ الآدمي على أقسام :

منها : ما يشترط في إثباته الذكورة ، فلايثبت إلاّ بشاهدين ذكرين كالطلاق([1]) ، فلايقبل فيه شهادة النساء لا منفردات ولا منضمّات ، وهل يعمّ([2]) الحكم أقسامه كالخلع والمباراة ؟ الأقرب نعم إذا كان الاختلاف في الطلاق ، وأمّا الاختلاف في مقدار البذل فلا . ولا فرق في الخلع والمباراة بين كون المرأة مدّعية أو الرجل ; على إشكال في الثاني .

(مسألة 3) : قيل : ما يكون من حقوق الآدمي غير الماليّة ولم يقصد منه المال ، لا تقبل شهادة النساء([3]) فيها لا منفردات ولا منضمّات ، ومثّل لذلك بالإسلام والبلوغ والولاء والجرح والتعديل والعفو عن القصاص والوكالة والوصايا والرجعة وعيوب النساء والنسب والهلال ، وألحق بعضهم الخمس والزكاة والنذر والكفّارة . والضابط المذكور لايخلو من وجه([4]) ; وإن كان دخول بعض الأمثلة فيها محلّ تأمّل . وتقبل شهادتهنّ على الرضاع على الأقرب([5]) .

(مسألة 4) : من حقوق الآدمي ما يثبت بشاهدين ، وبشاهد وامرأتين([6]) ، وبشاهد ويمين المدّعي ، وبامرأتين ويمين المدّعي ، وهو كلّ ما كان مالاً أو المقصود منه المال ، كالديون بالمعنى الأعمّ ، فيدخل فيها القرض وثمن المبيع والسلف وغيرها ممّا في الذمّة ، وكالغصب وعقود المعاوضات مطلقاً والوصيّة له ، والجناية التي توجب الدية ، كالخطأ وشبه العمد وقتل الأب ولده والمسلم الذمّي والمأمومة والجائفة وكسر العظام ، وغير ذلك ممّا كان متعلّق الدعوى فيها مالاً أو مقصوداً منها المال ، فجميع ذلك تثبت بما ذكر حتّى بشهادة المرأتين واليمين على الأظهر . وتقبل شهادتهنّ في النكاح إذا كان معهنّ الرجل([7]) .

(مسألة 5) : في قبول شهادتهنّ([8]) في الوقف وجه لايخلو عن إشكال ، وتقبل شهادتهنّ في حقوق الأموال ، كالأجل والخيار والشفعة وفسخ العقد المتعلّق بالأموال ونحو ذلك ممّا هي حقوق آدمي ، ولا تقبل([9]) شهادتهنّ فيما يوجب القصاص .

(مسألة 6) : من حقوق الآدمي ما يثبت بالرجال والنساء منفردات ومنضمّات . وضابطه : كلّ ما يعسر اطّلاع الرجال عليه غالباً ، كالولادة والعذرة والحيض وعيوب النساء الباطنة ، كالقرن والرتق والقرحة في الفرج ، دون الظاهرة كالعرج والعمى .

(مسألة 7) : كلّ موضع تقبل شهادة النساء منفردات لايثبت بأقلّ من أربع([10]) . نعم تقبل شهادة المرأة الواحدة بلا يمين في ربع ميراث المستهلّ وربع الوصيّة ، والاثنتين في النصف ، والثلاث في ثلاثة أرباع ، والأربع في الجميع . ولايلحق بها رجل واحد ، ولايثبت به أصلاً .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ محلّ تأمّل وإشكال، بل غير تامّ; لما في أخبارها العشرة المنقولة في «الوسائل» في الباب الرابع والعشرين من أبواب الشهادات من الجمع بين الطلاق والدم في عدم الاعتبار، وهي معارضة مع ما يدلّ على اعتبار شهادة النساء في الدم، أو الضعف في السند، على سبيل منع الخلوّ، فراجعها، ومقتضى بناء العقلاء وإلغاء الخصوصية اعتبار شهادتهنّ فيه كغيره. نعم الذكورة معتبرة في الشهادة المعتبرة في صحّة الطلاق; لظاهر الآية.

[2] ـ ما اختاره الماتن من التفصيل جيّد على مبناه، وأمّا على المختار فلا محلّ للفرع، كما لايخفى.

[3] ـ بل تقبل شهادتهنّ منفردات فيها فضلاً عن المنضمّات; لما يأتي من عدم تمامية الضابطة المذكورة في المتن، فالأصل العقلائي وإطلاقات الشهادة وعمومها محكّمة.

[4] ـ لكنّه غير وجيه; لعدم الوجه له، إلاّ ما عن «الدروس» و«المستند»، ففي «الدروس» نسبته إلى الأصحاب مؤذناً بدعوى الإجماع، ولكن خدش في الإجماع المحقّق الأردبيلي في «شرح الإرشاد»، وقال: «فإن كانت هذه القاعدة منصوصة أو مجمعاً عليها يجب العمل بها، وإلاّ فلا، ولا أعرف شيئاً منهما». (الدروس الشرعية 2: 137; مجمع الفائدة والبرهان 12: 423)

أقول: الخدش في الإجماع في خصوص تلك الاُمور وتأسيس القاعدة في محلّه، مع أنّ مامثّلوا به للقاعدة ومالخلافها قد لاينطبق على مامثّلوا به لها، وقد يراد ببعض أمثلة القاعدة: المال، وقد يقصد ببعض أمثلة خلافها غير المال، ولذا وقع الخلاف في بعض أمثلة كلٍّ منهما.

وفي «المستند»: أنّه يمكن إثبات الحكم بالحصر المذكور في رواية السكوني عن عليّ(عليه السلام)أنّه كان يقول: «شهادة النساء لاتجوز في طلاق، ولا نكاح، ولا في حدود، إلاّ في الديون، وما لايستطيع الرجال النظر إليه»، (وسائل الشيعة 27: 362 / 42) ثمّ قال: «بل يمكن إثبات أصل القاعدة به أيضاً; لعدم كون كلّ ماكان مصداقاً لها ديناً لغةً ولا عرفاً، فعدم القبول فيما يندرج تحتها هو الصحيح». (مستند الشيعة 18: 291 ـ 292)

وفيه: أنّ الرواية غير معتبرة، كما يظهر من تعبيره عنها بالرواية، ففي سندها بنان بن محمّد بن عيسى الأشعري، وهو مجهول، وكونه من شيوخ الإجازه لايفيد وثاقته، كما لايخفى.

وثانياً: لا حصر فيها; لعدم العموم في المستثنى منه حتّى يكون الاستثناء منه ظاهراً في حصر خلاف حكم المستثنى منه للمستثنى فقط دون غيره من أفراد المستثنى منه، والمستثنى منه في الرواية اُمور ثلاثة خاصّة، فأين العموم وأين الحصر؟ فتدبّر حتّى لاتقع فيما وقع فيه النراقي الفاضل المدقّق المطّلع المحقّق في الفقه من الخلط والسهو، ولاينقضي تعجّبي من ادّعائه الحصر فيها، مع ما عرفت من عدم العموم في المستثنى منه، فلا وجه للحصر في المستثنى، كما لايخفى.

[5] ـ بل على القاعدة; لما مرّ من عدم الوجه للضابطة المذكورة. هذا مع أنّ توجيه الأقربية بكون الرضاع ممّا لايستطيع الرجال النظر إليه غير وجيه أيضاً; لاستطاعة المحارم من النظر، كما لايخفى.

[6] ـ أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الاُخرى، كما في كتاب اللّه، فإن لم تكونا كذلك بأن يحتمل في إحديهما النسيان، وكانتا في الحفظ كالرجال، إمّا لخصوصية مورد الشهادة من عدم كونه أمراً ماليّاً موجباً لذلك الاحتمال، كما كان أمرهنّ على ذلك النسيان في الأزمنة السابقة، بل وفي زماننا في بعض القرى والبلدان; لعدم ممارستهنّ التجارة الموجب للنسيان زائداً على الممارس، وإمّا لخصوصية فيهنّ من العِلم والممارسة أو مثلهما ممّا يوجب مساواتهنّ مع الرجال في الحفظ، فالظاهر كون المرأة كالرجل في كفاية الواحدة منهنّ مع الشاهد، وكذا مع يمين المدّعي، وفي كفاية الاثنتين منهنّ بلا ضمّ الرجل; قضاءً للعلّة، فإنّها مخصِّصة كما أنّها معمّمة.

[7] ـ فيما كانت المدّعية المرأة، وإلاّ فإن كانت المرأة منكِرة فشهادتهنّ كافية بلا رجل معهنّ، كما عليه موثّق داود بن الحصين، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: سألته عن شهادة النساء في النكاح، بلا رجل معهنّ إذا كانت المرأة منكِرة، فقال: «لابأس به»، وفيه: «وكان أمير المؤمنين(عليه السلام)يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الإنكار». (وسائل الشيعة 27: 360 / 35)

ثمّ لايبعد أن يكون لزوم ضمّ الرجل في النكاح من جهة دفع التهمة وتحصيل الظنّ الأقوى، لا لنقص في شهادتهنّ بما هنّ نسوة; وذلك لأنّ النكاح المنصرف إلى الدوام يكون بالمرأى والمنظر، وبمجمع الرجال والنساء جميعاً، ولايختص الاطّلاع والشهادة بالنساء، وذلك سبب لنحو التهمة في شهادتهن، وهذا بخلاف ما لو كان الإنكار من قبل المرأة، فعدم كون الرجل معهنّ في الشهادة غير موجب للتهمة، فإنّه مع كون المرأة مائلة إلى نفع المرأة، كما أنّ نوع الرجل مائل إلى الرجل، فلاتهمة في شهادتهنّ ولا ريبة، كما لايخفى.

[8] ـ لايخفى أنّ الإشكال يكون على المبنى المعروف من عدم قبول شهادتهنّ في حقوق الآدميّين غير المال وغير المقصود منه المال، كما مرّ في المسألة الثالثة، وأمّا على المختار من أنّ الأصل القبول، فلا كلام في مثل الوقف، ولا إشكال فيه ولا في غيره. وكيف كان، فعلى ذلك المبنى منشأ الإشكال في الوقف أنّه هل ينتقل الموقوف إلى ملك الموقوف عليه إذا كان خاصّاً أم يبقى على ملك الواقف أو ينتقل إلى اللّه والنفع له؟

[9] ـ بل تقبل وإن كانت أخبار المسألة متعارضة.

[10] ـ بل يثبت بالاثنتين منهنّ كما في الرجال; لما مرّ في المسألة الرابعة في ذيل قول الماتن(قدس سره): «وشاهد وامرأتين». وبالجملة مقتضى العمومات وإلغاء الخصوصية، بل إشعار الكتاب وبناء العقلاء عدم الفرق في شهادة الرجل والمرأة من حيث العدد، كما لا فرق بينهما من حيث العدالة والضبط قطعاً، والعلّة المذكورة في الآية مخصِّصة، كما أنّها معمِّمة لغير موردها من شهادة الرجال إذا كان في شهادة الاثنين منهم احتمال الضلال والنسيان من إحداهما لجهة من الجهات، بحيث لايكون ذلك الاحتمال مندفعاً ببناء العقلاء على عدم النسيان; لكونه زائداً على المتعارف، فإنّ العلّة معمِّمة، كما أنّها مخصِّصة بحكم العلّية.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org