Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في الفلس

القول في الفلس

المفلّس : من حجر عليه عن ماله لقصوره عن ديونه .

(مسألة 1) : من كثرت عليه الديون ـ ولو كانت أضعاف أمواله ـ يجوز له التصرّف فيها بأنواعه ، ونفذ أمره فيها بأصنافه ولو بإخراجها جميعاً عن ملكه مجّاناً أو بعوض ; ما لم يحجر عليه الحاكم الشرعي . نعم لو كان صلحه عنها أو هبتها ـ مثلاً ـ لأجل الفرار من أداء الديون ، يشكل الصحّة([1]) ، خصوصاً فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب ونحوه .

(مسألة 2) : لايجوز الحجر على المفلّس إلاّ بشروط أربعة : الأوّل : أن تكون ديونه ثابتة شرعاً . الثاني : أن تكون أمواله ـ من عروض ونقود ومنافع وديون على الناس ، ما عدا مستثنيات الدين ـ قاصرة عن ديونه . الثالث : أن تكون الديون حالّة ، فلايحجر عليه لأجل الديون المؤجّلة وإن لم يف ماله بها لو حلّت . ولو كان بعضها حالاًّ وبعضها مؤجّلاً ، فإن قصر ماله عن الحالّة يحجر عليه ، وإلاّ فلا . الرابع : أن يرجع الغرماء كلّهم أو بعضهم ـ إذا لم يف ماله بدين ذلك البعض ـ إلى الحاكم ، ويلتمسوا منه الحجر عليه ، إلاّ أن يكون الدين لمن كان الحاكم وليّه كالمجنون واليتيم .

(مسألة 3) : بعد ما تمّت الشرائط ، وحجر عليه الحاكم ، وحكم به ، تعلّق حقّ الغرماء بأمواله ، ولايجوز له التصرّف فيها ـ بعوض كالبيع والإجارة ، وبغيره كالوقف والهبة ـ إلاّ بإذنهم أو إجازتهم . وإنّما يمنع عن التصرّفات الابتدائيّة ، فلو اشترى شيئاً سابقاً بخيار ثمّ حجر عليه فالخيار باق ، وله فسخ البيع وإجازته . نعم لو كان له حقّ ماليّ سابقاً على الغير ، ليس له إسقاطه وإبراؤه كلاّ أو بعضاً .

(مسألة 4) : إنّما يمنع عن التصرّف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه ، وأمّا الأموال المتجدّدة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث ، أو باختياره كالاحتطاب والاصطياد وقبول الوصية والهبة ونحو ذلك ، ففي شمول الحجر لها ، بل في نفوذه ـ على فرض شموله ـ إشكال . نعم لا إشكال في جواز الحجر عليها أيضاً .

(مسألة 5) : لو أقرّ بعد الحجر بدين صحّ ونفذ ، لكن لايشارك المقرّ له مع الغرماء على الأقوى ; سواء كان الإقرار بدين سابق أو بدين لاحق ، وسواء أسنده إلى سبب لايحتاج إلى رضا الطرفين ، مثل الإتلاف والجناية ونحوهما ، أو أسنده إلى سبب يحتاج إلى ذلك ، كالاقتراض والشراء بما في الذمّة ونحو ذلك .

(مسألة 6) : لو أقرّ بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص ، لا إشكال في نفوذ إقراره في حقّه ، فلو سقط حقّ الغرماء وانفكّ الحجر ، لزمه تسليمها إلى المقرّ له أخذاً بإقراره . وأمّا نفوذه في حقّ الغرماء ـ بحيث تدفع إلى المقرّ له في الحال ـ ففيه إشكال ، والأقوى عدمه .

(مسألة 7) : بعد ما حكم الحاكم بحجر المفلّس ومنعه عن التصرّف في أمواله ، يشرع في بيعها وقسمتها بين الغرماء بالحصص وعلى نسبة ديونهم ; مستثنياً منها مستثنيات الدين ، وقد مرّت في كتاب الدين([2]) . وكذا أمواله المرهونة عند الديّان ، فإنّ المرتهن أحقّ باستيفاء حقّه من الرهن الذي عنده ، ولايحاصّه فيه سائر الغرماء ، كما مرّ في كتاب الرهن .

(مسألة 8) : إن كان من جملة مال المفلّس عين اشتراها وكان ثمنها في ذمّته ، كان البائع بالخيار بين أن يفسخ البيع ويأخذ عين ماله ، وبين الضرب مع الغرماء بالثمن ولو لم يكن له مال سواها .

(مسألة 9) : الظاهر أنّ هذا الخيار ليس على الفور ، فله أن لا يبادر بالفسخ والرجوع بالعين . نعم ليس له الإفراط في تأخير الاختيار ; بحيث تعطّل أمر التقسيم على الغرماء ، ولو وقع منه ذلك خيّره الحاكم بين الأمرين ، فإن امتنع ضربه مع الغرماء بالثمن .

(مسألة 10) : يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين ، فلا رجوع مع تأجيله . نعم لو حلّ المؤجّل قبل فكّ الحجر فالأصحّ الرجوع بها .

(مسألة 11): لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع أن يرجع إليها على الأظهر([3]).

(مسألة 12) : المقرض كالبائع في أنّ له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض ، فهل للمؤجر فسخ الإجارة إذا حجر على المستأجر قبل استيفاء المنفعة ـ كلاّ أو بعضاً ـ بالنسبة إلى ما بقي من المدّة ؟ فيه إشكال ، والأحوط([4]) التخلّص بالصلح .

(مسألة 13) : لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة ، كان لهما الرجوع إلى الموجود بحصّة من الدين والضرب بالباقي مع الغرماء ، كما أنّ لهما الضرب بتمام الدين معهم .

(مسألة 14) : لو زادت في العين المبيعة أو المقترضة زيادة متّصلة ـ كالسمن ـ تتبع الأصل ، فيرجع البائع أو المُقرض إلى العين كما هي ، وأمّا الزيادة المنفصلة ـ كالحمل والولد واللبن والثمر على الشجر ـ فهي للمشتري والمقترض .

(مسألة 15) : لو تعيّبت العين عند المشتري ـ مثلاً ـ فإن كان بآفة سماويّة أو بفعل المشتري ، فللبائع أن يأخذها ـ كما هي ـ بدل الثمن وأن يضرب بالثمن مع الغرماء ، وإن كان بفعل الأجنبي ، فهو بالخيار بين أن يضرب مع الغرماء بتمام الثمن ، وبين أن يأخذ العين معيباً . وحينئذ يحتمل أن يضارب الغرماء في جزء من الثمن ; نسبته إليه كنسبة الأرش إلى قيمة العين ، ويحتمل أن يضاربهم في تمام الأرش ، فإذا كان الثمن عشرة وقيمة العين عشرين وأرش النقصان أربعة خمس القيمة ، فعلى الأوّل يضاربهم في اثنين ، وعلى الثاني في أربعة ، ولو فرض العكس ; بأن كان الثمن عشرين والقيمة عشرة وكان الأرش اثنين خُمس العشرة ، فالأمر بالعكس ، يضاربهم في أربعة على الأوّل ، وفي اثنين على الثاني . ويحتمل أن يكون له أخذها كما هي ، والضرب بالثمن كالتلف السماوي ، ولو كان التلف بفعل البائع فالظاهر أنّه كفعل الأجنبي ، ويكون ما في عهدته من ضمان المبيع المعيب جزء أموال المفلس . والمسألة مشكلة ، فالأحوط التخلّص بالصلح .

(مسألة 16) : لو اشترى أرضاً فأحدث فيها بناءً أو غرساً ثمّ فلّس ، كان للبائع الرجوع إلى أرضه ، لكن البناء والغرس للمشتري ، وليس له حقّ البقاء ولو بالاُجرة ، فإن تراضيا مجّاناً أو بالاُجرة ، وإلاّ فللبائع إلزامه بالقلع لكن مع دفع الأرش ، كما أنّ للمشتري القلع لكن مع طمّ الحفر . والأحوط للبائع عدم إلزامه بالقلع والرضا ببقائه ولو بالاُجرة إذا أراده المشتري ، وأحوط منه الرضا بالبقاء بغير اُجرة .

(مسألة 17) : لو خلط المشتري ـ مثلاً ـ ما اشتراه بماله خلطاً رافعاً للتميّز ، فالأقرب بطلان حقّ البائع ، فليس له الرجوع إليه ; سواء اختلط بغير جنسه أو بجنسه ، وسواء خلط بالمساوي أو الأردأ أو الأجود .

(مسألة 18) : لو اشترى غزلاً فنسجه أو دقيقاً فخبزه أو ثوباً فقصره أو صبغه ، لم يبطل حقّ البائع من العين ، على إشكال في الأوّلين .

(مسألة 19) : غريم الميّت كغريم المفلّس ، فإذا وجد عين ماله في تركته كان له الرجوع إليه ، لكن بشرط أن يكون ما تركه وافياً بدين الغرماء ، وإلاّ فليس له ذلك ، بل هو كسائر الغرماء يضرب بدينه معهم وإن كان الميّت قد مات محجوراً عليه .

(مسألة 20) : يجري على المفلّس ـ إلى يوم قسمة ماله ـ نفقته وكسوته ونفقة من يجب عليه نفقته وكسوته على ما جرت عليه عادته ، ولو مات قدّم كفنه بل وسائر مؤن تجهيزه ـ من السدر والكافور وماء الغسل ونحو ذلك ـ على حقوق الغرماء ، ويقتصر على الواجب على الأحوط ، وإن كان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلى أمثاله لايخلو من قوّة ، خصوصاً في الكفن .

(مسألة 21) : لو قسّم الحاكم مال المفلّس بين الغرماء ثمّ ظهر غريم آخر ، فالأقوى انكشاف بطلان القسمة من رأس ، فيصير المال للغرماء أجمع بالنسبة .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ بل الأقوى عدمها; لنفي الضرر والحرج، بل ولانصراف أدلّة صحّة العقود ولزومها، ممّا كانت منه لأجل الفرار كذلك; حيث إنّ الحكمة في العقود كونها طرقاً معتبرة معقودة للتبادل في الأموال والحقوق، ومن المعلوم أنّ ما كان لأجل الفرار من أداء الديون وحقوق الناس مخالف لتلك الحكمة، كما لايخفى، بل ولكون أكل المال لأجل الفرار أكلاً بالباطل وبغير الحقّ أيضاً.

[2] ـ على ما مرّ فيها من التفصيل في تعليقة المسألة العاشرة من كتاب الدين والقرض.

[3] ـ بل له الرجوع إليها كغيرها من الأعيان المشتراة المفروضة في المسألة الثامنة، واختصاص نصوص الاستثناء بغير المورد، فإنّ المتفاهم عرفاً من قوله(عليه السلام): «لايباع الدار» عدم جواز بيعها; لكونها داراً ومسقطاً لرأسه وأنّه المانع من البيع. وعليه، فلايكون شاملاً لما يجوز فسخها من العين المشتراة بالذمّة، كما لايخفى; لأنّ تلك النصوص ناظرة إلى ذلك المانع وفي مقام بيان الاستثناء من تلك الجهة لا في مقام الاستثناء مطلقاً ومن جميع الجهات حتّى بالنسبة إلى ما كان للغريم فيه حقّ الفسخ. هذا، مع أنّه على الإطلاق والشمول في أدلّة الاستثناء لفظاً فالظاهر الانصراف عن المفروض وعمّا يكون لبائعه الغارم الفسخ، بل لك أن تقول: إنّ عدم الاستثناء في المقام أولى من الموردين الذين قلنا ـ في المسألة العاشرة من كتاب الدين ـ بعدم شمول أدلّة مستثنيات الدين لهما.

[4] ـ والأولى التخلّص بالصلح، وإن كان الأوجه أنّ للمؤجر فسخ الإجارة كالبائع.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org