Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: كتاب الحوالة والكفالة

كتاب الحوالة والكفالة

أمّا الحوالة فحقيقتها : تحويل المديون ما في ذمّته إلى ذمّة غيره . وهي متقوّمة بأشخاص ثلاثة : المُحيل وهو المديون ، والمُحتال وهو الدائن ، والمُحال عليه . ويعتبر فيهم : البلوغ والعقل والرشد والاختيار ، وفي المحتال عدم الحجر للفلس ، وكذا في المحيل إلاّ على البريء . وهي عقد يحتاج إلى إيجاب من المحيل وقبول من المحتال . وأمّا المحال عليه فليس طرفاً للعقد وإن قلنا باعتبار قبوله . ويكفي في الإيجاب كلّ لفظ يدلّ على التحويل المزبور ، مثل «أحلتك بما في ذمّتي من الدين على فلان» وما يفيد معناه ، وفي القبول ما يدلّ على الرضا بذلك . ويعتبر في عقدها ما يعتبر في سائر العقود ، ومنها التنجيز على الأحوط([1]) .

(مسألة 1) : يُشترط في صحّة الحوالة ـ مضافاً إلى ما تقدّم ـ اُمور :

منها : أن يكون المال المحال به ثابتاً في ذمّة المحيل ، فلا تصحّ([2]) في غيره وإن وجد سببه ، كمال الجعالة قبل العمل ، فضلاً عمّا لايوجد ، كالحوالة بما سيستقرضه فيما بعد .

ومنها : تعيين المال المحال به ; بمعنى عدم الإبهام والترديد . وأمّا معلوميّة مقداره أو جنسه عند المحيل أو المحتال فالظاهر عدم اعتبارها ، فلو كان مجهولاً عندهما ومعلوماً معيّناً واقعاً لابأس به ، خصوصاً مع فرض إمكان ارتفاع الجهالة .

ومنها : رضا المحال عليه وقبوله ; على الأحوط فيما إذا اشتغلت ذمّته للمحيل بمثل ما أحال عليه ، وعلى الأقوى في الحوالة على البريء([3]) ، أو بغير جنس ما على المحال عليه .

(مسألة 2) : لا يُعتبر في صحّة الحوالة اشتغال ذمّة المحال عليه بالدين للمحيل ، فتصحّ الحوالة على البريء على الأقوى .

(مسألة 3) : لا فرق في المُحال به بين كونه عيناً ثابتاً في ذمّة المحيل ، وبين كونه منفعة أو عملاً لايعتبر فيه المباشرة ، فتصحّ إحالة مشغول الذمّة ـ بخياطة ثوب أو زيارة أو صلاة أو حجّ أو قراءة قرآن ونحو ذلك ـ على بريء أو على من اشتغلت ذمّته له بمثل ذلك . وكذا لا فرق بين كونه مثليّاً كالحنطة والشعير ، أو قيمياً كالغنم والثوب بعد ما كان موصوفاً بما يرفع الجهالة ، فإذا اشتغلت ذمّته بشاة موصوفة ـ مثلاً ـ بسبب كالسلم ، جاز له إحالتها على من كان له عليه شاة بذلك الوصف أو كان بريئاً .

(مسألة 4) : لا إشكال في صحّة الحوالة مع اتّحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه ; جنساً ونوعاً ، وأمّا مع الاختلاف ; بأن كان عليه لرجل ـ مثلاً ـ دراهم وله على آخر دنانير ، فيحيل الأوّل على الثاني ، فهو على أنحاء : فتارة : يُحيل الأوّل بدراهمه على الثاني بالدنانير ; بأن يأخذ منه ويستحقّ عليه بدل الدراهم الدنانير . واُخرى : يُحيله عليه بالدراهم ; بأن يأخذ منه الدراهم ، ويعطي المحال عليه بدل ما عليه من الدنانير الدراهم . وثالثة : يُحيله عليه بالدراهم ; بأن يأخذ منه دراهمه وتبقى الدنانير على حالها . لا إشكال في صحّة النحو الأوّل ، وكذا الثالث ، ويكون هو كالحوالة على البريء . وأمّا الثاني ففيه إشكال ، فالأحوط ـ فيما إذا أراد ذلك ـ أن يقلب الدنانير التي على المحال عليه بدراهم بناقل شرعيّ أوّلاً ، ثمّ يحال عليه الدراهم ; وإن كان الأقوى صحّته مع التراضي .

(مسألة 5) : إذا تحقّقت الحوالة جامعة للشروط برئت ذمّة المحيل عن الدين وإن لم يبرئه المحتال ، واشتغلت ذمّة المحال عليه للمحتال بما اُحيل عليه . هذا حال المحيل مع المحتال والمحتال مع المحال عليه . وأمّا حال المحال عليه مع المحيل ، فإن كانت الحوالة بمثل ما عليه برئت ذمّته ممّا له عليه ، وكذا إن كانت بغير الجنس ووقعت على النحو الأوّل والثاني مع التراضي . وأمّا إن وقعت على النحو الأخير ، أو كانت الحوالة على البريء ، اشتغلت ذمّة المحيل للمحال عليه بما أحال عليه ، وإن كان له عليه دين يبقى على حاله .

(مسألة 6) : لايجب على المحتال قبول الحوالة وإن كانت على غنيّ غير مماطل ، ولو قبلها لزم وإن كانت على فقير معدم مع علمه بحاله ، ولو كان جاهلاً فبان إعساره وفقره وقت الحوالة ، فله الفسخ والعود على المُحيل ، ولا فسخ مع الفقر الطارئ ، كما لايزول الخيار([4]) باليسار الطارئ .

(مسألة 7) : الحوالة لازمة بالنسبة إلى كلّ من الثلاثة ، إلاّ على المحتال مع إعسار المُحال عليه وجهله بالحال ، كما أشرنا إليه . والمراد بالإعسار : أن لايكون عنده ما يوفي به الدين زائداً على مستثنياته . ويجوز اشتراط خيار الفسخ لكلّ منهم .

(مسألة 8) : يجوز الترامي في الحوالة بتعدّد المحال عليه واتّحاد المحتال ، كما لو أحال المديون زيداً على عمرو ، ثمّ أحاله عمرو على بكر ، وهو على خالد وهكذا ، أو بتعدّد المحتال مع اتّحاد المحال عليه ، كما لو أحال المحتال من له عليه دين على المُحال عليه ، ثمّ أحال هو من عليه دين على ذلك المحال عليه وهكذا .

(مسألة 9) : لو قضى المحيل الدين بعد الحوالة برئت ذمّة المحال عليه ، فإن كان ذلك بمسألته رجع المُحيل عليه ، وإن تبرّع لم يرجع .

(مسألة 10) : لو أحال على بريء وقبل المحال عليه ، هل له الرجوع على المحيل بمجرّده ، أو ليس له إلاّ بعد أداء الدين للمحتال ؟ الأقرب الثاني .

(مسألة 11) : لو أحال البائع من له عليه دين على المشتري ، أو أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ، ثمّ تبيّن بطلان البيع ، بطلت الحوالة([5]) ، بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار أو بالإقالة ، فإنّه تبقى الحوالة ولم تتبع البيع فيه .

(مسألة 12) : إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معيّن خارجيّ ، فأحال دائنه عليه ليدفع إليه وقبل المحتال ، وجب عليه دفعه إليه ، ولو لم يدفع فله الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمّته .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ وإن كان الأقوى عدم اعتباره.

[2] ـ بل لاتبعد الصحّة وإن لم يوجد سببه، فضلاً عمّا وجد سببه، كمال الجعالة قبل العمل.

[3] ـ لكن لايبعد عدم اعتبار عدم الفصل المعتبر في القبول.

[4] ـ الكلام فيه ما مرّ في المسألة الرابعة من كتاب الضمان.

[5] ـ في الصورة الثانية، وأمّا في الصورة الاُولى فبما أنّ الظاهر وجود حوالة عليه بما في ذمّته، فإن كان بنحو التقييد بطلت الحوالة، وإن كان بنحو الداعي صحّت وتكون الحوالة على البريء.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org