Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الاستدلال على جواز غيبة المتجاهر بالفسق

الاستدلال على جواز غيبة المتجاهر بالفسق

وقد استدلّ عليه بروايات كثيرة، بعضها صريحة في جواز غيبة المتجاهر، وبعضها ظاهرة فیه، فالروايات على طائفتين:

أمّا الطائفة الأولى، فمنهـا: حسنـة هـارون بن الجهم، عن الصـادق جعفر بن محمّد(علیهما السلام)، قال: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة».([1518])

ومنها: رواية أبي ‌البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه(علیهم السلام)، قال: «ثلاثة ليس لهم حرمة، صاحب هوى مبتدع، والإمام الجائر، والفاسق المعلن بالفسق».([1519])

ومنها: ما رواه القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم)، أنّـه قال: «لا غيبة لثلاثة: سلطان جائر، وفاسق معلن، وصاحب بدعة».([1520])

ومنها: ما رواه السيّد فضل الله الراوندي في نوادره‌: بإسناده عن محمّد بن الأشعث، عـن موسى بن إسماعيل، عن أبيـه، عن أبيـه موسى بن جعفر، عـن آبائـه‌‌(علیهم السلام)، قال: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): «أربعة ليس غيبتهم غيبة‌: الفاسق المعلن بفسقه، والإمام الكذّاب إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر، والمتفكّهون بالأمّهات، والخارج من الجماعة الطاعن على أمّتي الشاهر عليها بسيفه».([1521])

ومنها: ما رواه الشيخ المفيد في الاختصاص عن الرضا(علیه السلام)، قال: «‌من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له».([1522])

ورواه القطب الراوندي في لبّ اللباب، عن النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم)مثله.([1523])

وأمّا الطائفة الثانية، فمنها: رواية داود بن سرحان، قال: سألت أبا‌ عبد‌الله(علیه السلام) عن الغيبة؟ قال: «هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، وتبثّ عليه أمراً قد ستره الله عليه، لم يقم عليه فيه حدّ».([1524])

ومنها: ما عن كتاب الأخلاق لأبي ‌القاسم الكوفي، قال: قال عليّ(علیه السلام): «من قال في أخيه المؤمن ممّا فيه ممّا قد استتر به عن الناس، فقد اغتابه».([1525])

فإنّها تدلّ بالمفهوم على جواز غيبة من لم يستر ما فيه، وبإطلاقه تدلّ على جواز غيبة من لم يستر عيوبه مطلق عن عامّة الناس ومنه المتجاهر.

ومنها: موثّقة سماعة بن مهران، عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قال: قال: «‌من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، كان ممّن حرمت غيبته، وكملت مروءته، وظهر عدله، ووجبت أخوّته».([1526])

قال سيّدنا الأستاذ في تقريب دلالتها:

فإنّ دلالتها على المقصود مبنيّـة على أن يكون المفهوم من قوله: «من عامل الناس فلم يظلمهم» وسائر الفقرات، هو الإيجاب الكلّي حتّى ينطبق على من لم يبال في دينه والمجاهر بالفسق.

وعلى أنّ الجزاء كلّ واحد من الفقرات الأربع مستقلاً حتّى يكون مفاد الرواية أنّ من جاهر بفسقه لا تحرم غيبته ولم تكمل مروءته... .

وأمّا إن كان المفهوم منها الإيجاب الجزئي، أو كان الجزاء مجموع الأمور الأربعة حتّى يكون المفهوم سلب المجموع الصادق على ثبوت بعضها فلا دلالة لها عليه.([1527])

ولكن يمكن أن يناقش فيما أفاده (سلام لله علیه) بأنّ الظاهر من موثّقة سماعه هـو ترتّب

الجزاء على مجموع هذه الأمور الثلاثة، لا ترتّبها على كلّ واحد منها، فالجزاء ينتفي بانتفاء مجموع هذه الأمور الثلاثة، لا بانتفاء كلّ واحد منها مستقلاً.

ومنها: صحيحة عبد‌الله بن أبي ‌يعفور، قال: قلت لأبي ‌عبد‌الله(علیه السلام): بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: «أن تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ البطن والفرج واليد واللسان، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عزّوجلّ عليها النار؛ من شرب الخمور والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف، وغير ذلك. والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لجميع عيوبه، حتّى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس...».([1528])

قال سيّدنا الأستاذ (سلام لله علیه):

كذا في الفقيه والوسائل. وفي الوافي، وعن غيره: «حتّى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه»،([1529]) وكذا نقلها الشيخ الأنصاري([1530]) أيضاً. وعلى هذه النسخة لا ربط لها بما نحن بصدده.

وأمّا على ما في الفقيه، فيمكن أن يقال: إنّ المراد بحرمة عثراته وعيوبه على المسلمين حرمة اظهارهما وذكرهما، كما يحرم عليهم تفتيش سائر عيوبه.

فإن كان مفهوم قوله: «ساتراً لجميع عيوبه» أنّـه كاشف بجميعها أو بعضها، ينطبق على المتجاهر.

لكنّ الأظهر أنّ المقابل للساتر لجميع عيوبه الذي لا يصدق إلّا على الساتر عن جميع الناس، عدم الساتر كذلك، فينطبق على الأعمّ من المتجاهر، وتخصيصه بالمتجاهر بالدليل يأتي فيه الإشكال المتقدّم، مع أنّ الالتزام بجواز تفتيش عثرات المتجاهر مشكلٌ.([1531])

ومنها: رواية علقمة، قال: قال الصادق(علیه السلام) ـ وقد قلت له: ـ يابن رسول الله أخبرني عمّن تقبل شهادته ومن لا تقبل، فقال: «يا علقمة؛ كلّ من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته»، قال: فقلت له: تقبل شهادة مقترف للذنوب‌؟ فقال: «يا علقمة؛ لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلّا شهادات الأنبياء والأوصياء(علیهم السلام)؛ لأنّهم هم المعصومون دون سائر الخلق، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة، وإن كان في نفسه مذنباً، ومن اغتابه بما فيه، فهو خارج من ولاية الله عزّ وجلّ، داخل في ولاية الشيطان...»‌.([1532])

بناءً على ترتّب عدم جواز الاغتياب على كونه من أهل الستر، فإذا لم يكن كذلك، بل كان متجاهراً بذنبه، يجوز غيبته.

واستشكل عليه سيّدنا الأستاذ (سلام لله علیه) بقوله:

لكن بعد تسليم كون من اغتابه عطفاً على الجزاء، وتسليم ترتّب هذه الجملة على أهل الستر، وتسليم أنّ مقابل أهل الستر المتجاهر بالفسق، لا تدلّ على المقصود، لأنّ مفادها أنّ من كان كذلك تكون غيبته موجبة للخروج عن ولاية الله والدخول في ولاية الشيطان، وبانتفائه ينتفي هذا الحكم؛ أي كون غيبته بهذا الحدّ من العظمة بحيث يخرج مغتابه عن ولاية الله ويدخل في ولاية الشيطان، ومع انتفائه لا يلزم ثبوت جواز الغيبة.

فهو نظير أن يقال: من شتم فقيهاً يخرج عن ولاية الله، حيث لا يدلّ على جواز شتم غير الفقيه، بل غاية ما يدلّ انتفاء هذه الخاصّة عند انتفاء الفقاهة.([1533])

هذه هي الأخبار التي لا ريب في دلالتها على جواز غيبة المتجاهر في الجملة.

------------------------
[1518]. الأمالي (للصدوق): 43، المجلس العاشر، الحديث 7؛ وسائل الشيعة 12: 289، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 154، الحديث 4.
[1519]. قرب الإسناد: 152، باب أحاديث المتفرّقة، الحديث 632؛ وسائل الشيعة 12: 289، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 154، الحديث 5.
[1520]. لايوجد لدينا هذا الکتاب، ولکن نقل عنه في مستدرك الوسائل 9: 128، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 134، الحديث 1.
[1521]. النوادر (للراوندي) 71، الأحاديث غير المشهورة أو...، لا غيبة لهم، الحديث 170؛ مستدرك الوسائل 9: 128، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 134، الحديث 2.
[1522]. الاختصاص: 242، طائفة من أخبار الأئمّة في أبواب متنوّعة، في بيان جملة من الحکم و...؛ مستدرك الوسائل 9: 129، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 134، الحديث 3.
[1523]. لايوجد لدينا هذا الکتاب، لکن نقل عنه في مستدرك الوسائل 9: 129، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 134، ذيل الحديث 3.
[1524]. الكافي 2: 357، باب الغيبة والبهت، الحديث 3؛ وسائل الشيعة 12: 288، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 154، الحديث 1.
[1525]‌. كتاب الأخلاق (لأبي ‌القاسم الكوفيّ)، مخطوط؛ مستدرك الوسائل 9: 114، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 132، الحديث 5.
[1526]. الكافي 2: 239، باب المؤمن وعلاماته وصفاته، الحديث 28؛ وسائل الشيعة 12: 278، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 152، الحديث 2.
[1527]. المكاسب المحرّمة 1: 417 ـ 418.
[1528]. من لا يحضره الفقيه 3: 24/65، باب العدالة‌، الحديث 1؛ تهذيب الأحکام 6: 241/596، باب البيّنات، الحديث 1، مع تفاوتٍ يسير؛ الاستبصار 3: 12/33، باب العدالة المعتبرة في الشهادة، الحديث 1‌؛ وسائل الشيعة 27: 391، كتاب الشهادات، الباب 41، الحديث 1.
[1529]. الوافي 16: 1009، باب عدالة الشاهد، الباب 136، الحديث 1.
[1530]‌. المكاسب 1: 344.
[1531]. المكاسب المحرّمة 1: 418 ـ 419.
[1532]. مرّت الرواية في الصفحة 421؛ وراجع: الأمالي (للصدوق): 91، المجلس الثاني والعشرون، الحديث 3؛ ووسائل الشيعة 12: 285، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 152، الحديث 20.
[1533]. المكاسب المحرّمة 1: 419 ـ 420.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org