Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: استدلال المحدّث البحراني على عدم كون المخالف أخ المؤمن

استدلال المحدّث البحراني على عدم كون المخالف أخ المؤمن

رابعها: اختصاص ذيل آية تحريم الغيبة بالمؤمنين. قال المحدّث البحراني:

إنّ الآية التي دلّت على تحريم الغيبة، وإن كان صدرها مجملاً، إلّا أنّ قوله فيها: ﴿أَيُحِبُ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً﴾([1363])ممّا يعيّن الحمل على المؤمنين، فإنّ إثبات الأخوّة بين المؤمن والمخالف له في دينه لا يكاد يدّعيه من شمّ رائحة الإيمان، ولا من أحاط خبراً بأخبار السادة الأعيان؛ لاستفاضتها بوجوب معاداتهم والبراءة منهم.([1364])

منها‌: ما رواه الصدوق في معاني الأخبار، والعيون والمجالس، وصفات الشيعة والعلل، عن محمّد بن القاسم الأسترابادي، عن يونس بن محمّد بن زياد، وعليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ العسكري، عن آبائه(علیهم السلام) أنّ رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)قال لبعض أصحابه ذات يوم: «يا عبد‌الله؛ أحبّ في الله وأبغض في الله، ووالٍ في الله وعادٍ في الله، فإنّـه لن تنال ولاية الله إلّا بذلك، ولا يجد الرجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتّى يكون كذلك، وقد صارت مؤآخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون، وعليها يتباغضون، وذلك لا يغني من الله شيئاً»، فقال الرجل‌: يا رسول الله، فكيف لي أن أعلم أنّي قد واليت في الله وعاديت في الله؟ ومن وليّ الله حتّى أُواليه‌؟ ومن عدوّه حتّى أُعاديه‌؟ فأشار(صلی الله علیه و آله و سلم)إلى عليّ(علیه السلام) فقال‌: «أترى هذا؟» قال‌: بلى. قال‌: «وليّ الله هذا فواله، وعدوّ هذا عدوّ الله، فعاده». ثمّ قال‌: «وال وليّ هذا، ولو أنّـه قاتل أبيك وولدك، وعاد عدوّ هذا ولو أنّـه أبوك وولدك».([1365])

أقول: فليختر هذا القائل أنّ المخالف هل هو من أولياء عليّ(علیه السلام) فتجب موالاته وتثبت أخوّته ويجب الحكم بدخوله الجنّـة لذلك؟ أو أنّـه عدوّ له(علیه السلام) فتجب معاداته وبغضه بنصّ هذا الخبر الصحيح الصريح عنه(صلی الله علیه و آله و سلم)؟ ولو لم يكن إلّا هذا الخبر، لكفى به حجّة، فكيف، والأخبار بهذا المضمون مستفيضة متكاثرة؛

ومنها: ما رواه أيضاً في الكافي عن عمرو بن مدرك، عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قال: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)لأصحابه‌: «أيّ عُرى الإيمان أوثق‌؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم. وقال بعضهم: الصلاة، وقال بعضهم: الزكاة، وقال بعضهم: الصيام. وقال بعضهم: الحجّ والعمرة. وقال بعضهم‌: الجهاد. فقال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): «لكلّ ما قلتم فضل، وليس به، ولكن أوثق عُرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله، وتوالي أولياء الله، والتبرّي من أعداء الله».([1366])

ومنها: ما رواه في الكافي عن إسحاق بن عمّار، عـن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قـال: «كلّ من لم يحبّ على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له».([1367])

وبالإسناد عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام) في رسالته إلى أصحابه، قال: «أحبّوا في الله من وصف صفتكم، وأبغضوا في الله من خالفكم، وابذلوا مودّتكم ونصيحتكم لمن وصف صفتكم، ولا تبذلوها لمن رغب عن صفتكم».([1368])

وروي في كتاب صـفات الشيعة للصدوق بسنده عن ابن فضّال، عن الرضا(علیه السلام)، قال: «من والى أعداء الله فقد عادى أولياء الله، ومن عادى أولياء الله فقد عاد الله، وحقّ على الله أن يدخله نار جهنّم».([1369])

وروي في كتاب ثواب الأعمال وكتاب صفات الشيعة عن صالح بن سهل، عن أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، قال: «من أحبّنا وأبغض عدوّنا في الله من غير ترة وترها إيّاه في شيء من أمر الدنيا، ثمّ مات على ذلك، فلقي الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر غفرها الله له».([1370])

إلى غيرذلك من الأخبار التي يضيق عن نقلها المقام.

ويعضد هـذه الأخبار العليّـة المنار الساطعة الأنوار قولـه عـزّوجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾.([1371])

وقولـه عـزّوجلّ: ﴿لَا تَجِدُ قَـوْماً يُـؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُـوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ﴾.([1372])

وإذا كان الله عزّوجلّ نهى أهل الإيمان عن ولايتهم ومحبّتهم، فكيف يجوز الحكم في الآية المشار إليها بأخوّتهم؛؟ ما هذا إلّا سهو واضح من هذا النحرير.([1373])

ويرد عليه أوّلاً: أنّ ما ذكره من الروايات، غير مربوطة بما نحن فيه؛ لأنّها إمّا مربوطة بالتبرّي من أعداء أهل البيت(علیهم السلام)، وإمّا بوجوب الحبّ والمودّة لأهل البيت(علیهم السلام)، فلا ربط لها بما نحن فيه.

وثانياً: أنّ توصيفه الخبر الأوّل بالصحّة، مخدوشٌ أوّلاً: بعدم ظهور الخبر المذكور فيما رامه، فضلاً عن كونه صريحاً في ذلك. وثانياً: أنّ الرواية ضعيفة سنداً بيونس بن محمّد بن زياد وأبيه محمّد بن زياد، فإنّهما في کتب الرجال مهملان.

-----------------------
[1363]. الحجرات (49): 12.
[1364]. الحدائق الناضرة 18: 150.
[1365]. معاني الأخبار: 129، باب معني الصراط، الحديث 9؛ عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 1: 261، باب ما جاء عن الإمام عليّ بن موسى(عليهما السلام) من الأخبار المتفرّقة، الحديث 41؛ الأمالي (للصدوق): 19، المجلس الثالث، الحديث 7؛ وصفات الشيعة: 46، الحديث 65؛ علل الشرائع 1: 189، الباب 119، باب علّة وجوب الحبّ في الله...، الحديث 1؛ وسائل الشيعة 16: 178، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي، الباب 17، الحديث 7، وفي كلّ المصادر مع تفاوتٍ يسير.
[1366]. الكافي 2: 125، باب الحبّ في الله والبغض في الله، الحديث 6؛ وسائل الشيعة 16: 177، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي، الباب 17، الحديث 4.
[1367]. الكافي 2: 127، باب الحبّ في الله والبغض في الله، الحديث 16؛ وسائل الشيعة 16: 177، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي، الباب 17، الحديث 5.
[1368]. الكافي 8: 12، كتاب الروضة، الحديث 1، مع تفاوتٍ يسير؛ وسائل الشيعة 16: 177، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي، الباب 17، الحديث 6.
[1369]. صفات الشيعة: 7، الحديث 11، مع تفاوتٍ يسير؛ وسائل الشيعة 16: 179، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي، الباب 17، الحديث 11.
[1370]. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: 205، باب ثواب من أحبّ آل محمّد(عليهم السلام) وأبغض عدوّهم...؛ وسائل الشيعة 16: 180، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي، الباب 17، الحديث 13.
[1371]. الممتحنة (60): 1.
[1372]. المجادلة (58): 22.
[1373]. الحدائق الناضرة 18: 150ـ 152.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org