Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: حرمة التطفيف نفسيّـة أو غيريّـة؟

حرمة التطفيف نفسيّـة أو غيريّـة؟

الأمر الثالث: حرمة التطفيف هل هو باعتبار كونه داخلاً في عنوان أكل مال الغير بالباطل، أم هو عنوان مستقلّ من العناوين المحرّمة؟

قال السيّد الفقیه الأجلّ:

ويبقى شيء وهو أنّ حرمته هل هو من حيث أ نّـه عنوان مستقلّ من العناوين المحرّمة، أو باعتبار كونه داخلاً في عنوان أكل مال الغير بالباطل والعدوان؟

ويظهر الثمر فيما لو طفّف ولم يتصرّف بعدُ في العوض، فعلى الأوّل يكون مرتكباً للحرام بمجرّد هذا، وعلى الثاني لا يحصل الحرام إلّا بعد الأخذ والتصرّف. نعم، يحرم التطفيف حينئذٍ من باب كونه مقدّمة للحرام. فتدبّر.([238])

والحقّ أنّ التطفيف محرّم بالحرمة النفسيّـة بعنوانه المستقلّ، لا الحرمة الغيريّـة المقدّميّـة، لكنّـه بمناط المقدّميّـة؛ قضاءً لظاهر الآیات والروایات. قال الله تعالی: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾‌،([239]) فإنّ الويل وغیره حتماً یدلّ علی الحرمة یکون مرتّباً على المطفّفين بما هم مطفّفون، لا بما أنّهم يتصرّفون في أموال الغير، لكن حرمته النفسيّـة تكون بمناط المقدّميّـة، فإنّ التطفيف مقدّمة للظلم والتصرّف في مال الغير، كما أنّ الأمر كذلك في مقدّمات الخمر أيضاً؛ لما فیها من الروايات الدالّة علی حرمة المقدّمات فیه، الظاهرة في استقلالها ونفسیّتها، مثل ما ورد عن جابر، عن أبي ‌جعفر‌(علیه السلام)، قال: «لعن رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)في الخمر عشرة: غارسها وحارسها وبائعها ومشتريها وشاربها والآکل ثمنها وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها»،([240]) ونحوه غیره.

فالمطفّف بمجرّد التطفيف مستحقّ للعذاب وإن لم يتصرّف بعد في العوض، وإذا أخذ الأجرة وتصرّف فيها مستحقّ للعذابين، عذابٌ لارتكابه التطفيف المحرّم، وعذابٌ آخر لتصرّفه في مال الغير، وهو محرّمٌ أيضاً.

والسرّ في ذلك: أنّ الحرمـة في الخمر حرمـة نفسیّـة وحرمة شديدة بمثابة تقتضي حرمة مقدّماته.

---------------------------
[238]. حاشية المكاسب (للسيّد اليزدي) 1: 22.
[239]. المطفّفين (83): 1ـ 3.
[240]. الكافي 6: 429، باب النوادر، الحديث 4؛ وسائل الشيعة 17: 224، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 55، الحديث 4. وفيه: مع تقديم وتأخير في العناوين.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org