Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الاستدلال الشیخ على حرمة التشبيب والردّ عليه

الاستدلال الشیخ على حرمة التشبيب والردّ عليه

قال الشيخ(قدس سره):

واستدلّ عليه بلزوم تفضيحها، وهتك حرمتها، وإيذائها، وإغراء الفسّاق بها، وإدخال النقص عليها وعلى أهلها، ولذا لا ترضى النفوس الأبيّـة ذوات الغيرة والحميّـة أن يذكر ذاكر عشق بعض بناتهم وأخواتهم، بل البعيدات من قراباتهم.

والإنصاف أنّ هذه الوجوه لا تنهض لإثبات التحريم، مع كونه([65]) أخصّ من المدّعى؛ إذ قد لا يتحقّق شيء من المذكورات في التشبيب، بل وأعمّ منه من وجه، فإنّ التشبيب بالزوجة قد يوجب أكثر المذكورات.

ويمكن أن يستدلّ عليه بما سيجيء من عمومات حرمة اللهو والباطل،([66]) وما دلّ على حرمة الفحشاء([67]) ومنافاته للعفاف المأخوذ في العدالة، وفحوى ما دلّ على حرمة ما يوجب ـ ولو بعيداً ـ تهييج القوّة الشهويّـة بالنسبة إلى غير الحليلة، مثل ما دلّ على المنع عن النظر؛ لأنّـه سهم من سهام إبليس،([68]) والمنع عن الخلوة بالأجنبيّـة؛ لأنّ ثالثهما الشيطان،([69]) وكراهة جلوس الرجل في مكان المرأة حتّى يبرد المكان،([70]) وبرجحان التستّر عن نساء أهل الذمّة؛ لأنّهنّ يصفن لأزواجهنّ،([71]) والتستّر عن الصبيّ المميّز الذي يصف ما يرى.([72])

والنهي في الكتاب العزيـز عـن أن يخضعن بالقـول، فيطمع الذي في قلبه مرض،([73])وعن أن يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ،([74]) إلى غير ذلك من المحرّمات والمكروهات التي يعلم منها حرمة ذكر المرأة المعينّـة المحـترمـة بمـا يهيّـج الشهـوة عليها، خصوصاً ذات البعل التي لم يرض الشارع بتعريضها للنكاح بقول: ربّ راغب فيك.([75])

ويرد عليه أوّلاً: ما أورده نفسه على غيره من أنّ هذه الوجوه أخصّ من المدّعى؛ إذ قد لا يتحقّق شيء من المذكورات في التشبيب، كما إذا ذكر محاسن امرأة ليرغب أحد في خطبتها وتزويجها، بل وأعمّ منه من وجه، فإنّ التشبيب بالزوجة قد يوجب أكثر المذكورات، فالتشبيب بما هو هو ليس بمحرّم، بل دائر مدار اتّحادها للعناوين المذكورة، والكلام في حرمته التشبيب بما هو هو.

وثانياً: أنّـه لا دليل على حرمة مطلق اللهو والباطل، بل السيرة قد قامت على جواز غير واحد من أنحاء اللهو والباطل، بل القرآن ـ كما تنبّه عليه السيّد الخوئي([76]) ـ دالّ على عدم حرمة مطلق اللهو واللعب؛ لأنّ القرآن قد نطق في آيات عديدة بأنّ الحيوة الدنيا لهوٌ ولعبٌ، كقوله تعالى:﴿وَمَا الْحـَيَاةُ الدُّنْيَا إلّا لَعِبٌ وَلَـهْوٌ﴾،([77]) وقوله تعالى: ﴿وَمَا هذِهِ الْحـَيَاةُ الدُّنْيَا إلّا لَـهْوٌ وَلَعِبٌ﴾،([78]) وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْحـَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَـهْوٌ﴾،([79])وقوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحـَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَـهْوٌ‌﴾؛([80]) لأنّ اللهو والباطل لو كان على إطلاقهما من المحرّمات، لزم القول بحرمة كلّ ما في الحيوة الدنيا، فإنّ كلّ ما أشغل عن ذكر الله وذكر الرسول وذكر القيامة وذكر الجنّـة والنار والحور والقصور، لهوٌ ولعبٌ وباطلٌ؛ لأنّها من الحيوة الدنيا، والحيوة الدنيا لهوٌ ولعبٌ.

وثالثاً: إنّا نمنع كون التشبيب من الفحشاء، فإنّ الفحشاء عبارة عن الزنا ومقدّماته، كالتقبيل والمسّ بشهوة، ولا يصدق على إنشاد شعر في ذكر محاسن أجنبيّة.

ورابعاً: إنّ العفاف المعتبر في العدالة هو العفاف عن المحرّمات، والأصل فيها هو صحيحة ابن أبي‌ يعفور،([81]) والمستفاد منها أنّ المراد منه هو العفاف عن الكبائر أو عن الكبائر والصغائر كليهما، وكون التشبيب معصية كبيرة أو صغيرة، غير معلوم ومورد للبحث والكلام.

وأمّا ما ذكره(قدس سره)من تنقيح المناط المستفاد من الأخبار الدالّة على حرمة ما يثير الشهوة إلى الأجنبيّـة، كالروايات الدالّة على حرمة النظر إلى الأجنبيّـة بمناط التهييج وإثارة الشهوة، تامّ؛ لأنّها تدلّ على حرمة التشبيب بالمرأة المؤمنة المعروفة المحترمة من باب عموم العلّة وإلغاء الخصوصيّـة، لکن لایخفی علیك أنّ العلّة والمناط غیر مختصّة بالمؤمنة، بل تعمّ غیرها من الأجنیّات، فالدلیل أعمّ من المدّعی، ولکنّ الأمر فیه سهلٌ.

نعم، لايتمّ الاستدلال بما تدلّ على الكراهة بمناط تهييج الشهوة؛ لأنّ ما يكون علّة للكراهة في مورده لا يمكن أن يكون علّة للحرمة في غير مورده.

-------------------------
[65]. الصحيح: «كونها».
[66]. اُنظر: وسائل الشيعة 17: 124، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 16، الحديث 6؛ و17: 312، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 100.
[67]. مثل قوله تعالى: ?...وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ?. النحل(16): 90.
[68]. اُنظر: وسائل الشيعة 20: 190، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، البـاب 104، الحديث 1.
[69]. اُنظر: وسائل الشيعة 19: 154، كتاب الإجارة، الباب 31، الحديث 1.
[70]. اُنظر: وسائل الشيعة 20: 248، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، البـاب 145، الحديث 1.
[71]. اُنظر: وسائل الشيعة 20: 184، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، الباب 98، الحديث‌1.
[72]. اُنظر: وسائل الشيعة 20: 233، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه، الباب 130، الحديث2.
[73]. وهو قوله تعالي في سورة الأحزاب (33): 32.
[74]. وهو قوله تعالي في سورة النور (24): 31.
[75]. المكاسب 1: 177ـ 180.
[76]. اُنظر: مصباح الفقاهة 1: 343.
[77]. الأنعام (6): 32.
[78]. العنكبوت (29): 64.
[79]. محمّد (47): 36.
[80]. الحديد (57): 20.
[81]. راجع: وسائل الشيعة 27: 391، كتاب الشهادات، الباب 41، الحديث 1.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org