Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: حرمة غيبة الصبيّ

حرمة غيبة الصبيّ

الظاهر عدم الفرق في حرمة الغيبة بين المكلّف البالغ، وبين الصبيّ المميّز وغير المميّز، فكما أنّ غيبة المكلّف البالغ حرامٌ، فكذلك غيبة الصبيّ المميّز وغير المميّز حرامٌ؛ وذلك لوجهين:

الوجه الأوّل: الروايات المذكورة سابقاً، الدالّة على حرمة غيبة الناس، مثل ما رواه القطب الراوندي في لبّ اللباب، عن النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم): أنّـه نظر في النار ليلة الإسراء، فإذا قوم يأكلون الجيف، فقال‌: «يا جبرئيل؛ من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحم الناس».([1388])

وما رواه جامع الأخبار، عن النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم)أنّـه قال: «كذب من زعم أنّـه ولد من حلال، وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة، اجتنبوا الغيبة، فإنّها إدام كلاب النار».([1389])

الوجه الثاني: تنقيح المناط وإلغاء الخصوصيّـة من الآية الشريفة والروايات الدالّة على حرمة غيبة المكلّف البالغ، فإنّ المناط في حرمة غيبة المكلّفين ـ كما يظهر من قوله تعالى: ﴿أَيُحِبُ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ﴾،([1390])ومن الروايات الواردة في حرمة الغيبة من دون ذکر الموضوع فيه، مثل قوله(صلی الله علیه و آله و سلم): «إنّ أربی الربا عِرض الأخ المسلم».([1391])

توضيح الحديث: إنّ لفظة الربا موضوعة لغةً للربح والزيادة، يقال: ربا المال؛ أي زاد ونماء، ويقال: أربی الرجل؛ أي أخذ أکثر ممّا أعطی زيداً عند المداينة، حيث إنّ الدائن يأخذ من المدين أکثر ممّا أعطاه فينقص من مال المدين.

ولمـّا کان المغتاب بالکسر بغيبته أخاه کأنّما يأخذ من لحمه ويأکله، فبهذا الأخذ والأکل يربو هو وينقص من أخيه، فبهذه المشابهة شبّه الرسول(صلی الله علیه و آله و سلم)عرض المسلم بالربا ويشبه ذلك قول: «إنّ من أربی الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم»، وهذه استعارة؛ لأنّـه (علیه الصلاة والسلام) شبّه تناول الإنسان من عرض غيره بالذمّ والوقيعة والطعن والعضيهة([1392]) ـ أکثر ممّا تناوله منه ذلك الذي قدح في عرضه وأغرق في ذمّة ـ بالربا في الأموال، وهو أن يعطي الإنسان القليل ليجرّ الکثير، فإنّـه يستربی المال بذلك الفعل؛ أي يطلب نمائه وزيادته، وأصل الربا عندهم مأخوذٌ من الزيادة، يقولون: «ربا الشيء في المال» إذا انفتح وزاد، ومنه «الرباوة، والربوة»، وهي ما علا من الأرض وارتفع، ومن ذلك قوله تعالی: ﴿وَ تَرَی الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْـمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾؛([1393]) أي رطب شراها وبلّ وکثر نبتها واتّصل.([1394]) هو تنقيصهم وتضييع عِرضهم، وتنقيص الغير والتعرّض لعِرضه وتضييعه حرامٌ شرعاً وممنوعٌ عقلاً، من دون فرقٍ بين المكلّف البالغ والصبيّ المميّز وغير المميّز.

نعم، التعرّض لصفات الصبيّ ممّا لا يكون عيباً له غير محرّمٍ، لكن لا من جهة عدم حرمة غيبة الصبيّ، بل من باب خروجه عن الغيبة تخصّصاً وموضوعاً، فإنّ الغيبة المبحوث عنه هو عبارة عن تنقيص الغير وتضييع عرضه.

--------------------
[1388]. لايوجد لدينا هذا الکتاب لکن نقله عنه في مستدرك الوسائل 9: 125، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 132، الحديث 43.
[1389]. جامع الأخبار: 147، الفصل التاسع والمائة في الغيبة؛ ومستدرك الوسائل 9: 121، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 132، الحديث 31.
[1390]. الحجرات (49): 12.
[1391]. مجموعة ورّام 1: 116، باب الغيبة؛ مستدرك الوسائل 9: 119، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 132، الحديث 25. وفيهما: «وأربى الربا عِرض الرجل المسلم».
[1392]. أي الإفك والبهتان والکلام القبيح.
[1393]. الحجّ (22): 5.
[1394]. المجازات النبويّـة: 323، المجاز 274.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org