Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في ضابطة مستثنيات الغيبة وعدمها

القول في ضابطة مستثنيات الغيبة وعدمها

الثالث: هل يوجد ضابطة كلّيّـة وملاك عامّ في الاستثناء من حرمة الغيبة حتّی تكون الموارد الجزئیّـة مصداقاً لها أم لا؟

الظاهر من العَلَمين الشهيد والمحقّق الثانيين دعوی القاعدة الكلّيّـة في ذلك. قال الشهيد في كشف الريبة:

اعلم أنّ المرخّص في ذكر مساءة الغير هو غرضٌ صحيحٌ في الشرع لا يمكن التوصّل إليه إلّا به، فيدفع ذلك إثم الغيبة.([1511])

وقال المحقّق الثاني في جامع المقاصد:

إنّ ضابط الغيبة المحرّمة كلّ فعل يقصد به هتك عرض المؤمن والتفكّه به أو إضحاك الناس منه، وأمّا ما كان لغرض صحيح فلا يحرم، كنصيحة المستشير والتظّلم وسماعه، والجرح والتعديل، وردّ من ادّعى نسباً ليس له، والقدح في مقالة أو دعوى باطلة، خصوصاً في الدين.([1512])

وفي وجه نظرهما احتمالات ثلاثة:

أحدها: أن يكون الوجه في الضابطة قصور إطلاق أدلّة الغيبة عن شمول ما يكون للمغتاب (بالكسر) غرض صحيح فيه، أو انصرافها عنه، كما هو محتمل كلام المحقّق الثاني وإن كان بعيداً عن ظاهر الشهيد الثاني.

ثانيها: أن يكون الوجه مصلحة احترام المؤمن أو مفسدة حرمة الغيبة لا تزاحم سائر المصالح مطلقاً؛ لكون مصلحة حرمة المؤمن ومفسدة الغيبة ضعيفة لا تقاوم سائر المصالح المزاحمة، كما هو ظاهر الشهيد ومحتمل جامع المقاصد.

ثالثها: أن يكون الوجه أنّ الدليل قائم على استثناء مطلق موارد يكون للمغتاب فيها غرضٌ صحيحٌ.

واستشكل سيّدنا الأستاذ (سلام لله علیه) على الاحتمال الأوّل بـ :

عدم قصور في الآية الكريمة، بل سائر الآيات وكثير من الروايات، فلها إطلاق من غير انصراف عن المورد المدّعى، كما لا ينصرف أدلّة سائر المحرّمات، نحو:﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾،([1513]) و﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ‌﴾([1514]) عن موارد الصلاح.

وعلى الاحتمال الثاني بـ :

منع كلّيّـة ذلك؛ لأنّ الغيبـة مـن كبـائر الذنوب، كما تقـدّم، وقـد علم اهتمام الشارع بتركها من أدلّة الباب والتعبيرات الواردة فيها وفي حرمة المؤمن، كما هو أحد الطرق إلى كشف أهميّـة الأحكام، فلا شبهة في أنّ مفسدتها أهمّ من كثير من المصالح؛ سواء رجعت إلى المغتاب بالفتح أو بالكسر أو غيرهما. نعم، هو ثابت في الجملة، فلابدّ من النظر في الموارد الخاصّة.

وعلى الاحتمال الثالث بـ : أنّ الظاهر فقدان الدليل بهذا العنوان العام:

نعم، وردت روايات وأدلّة في موارد خاصّة، لكن لا يمكن إلغاء الخصوصيّـة عنها إلى كلّ ذي مصلحة وملاك، مع أنّ عمدة ما وردت فيها الأدلّة المرخّصة المتجاهر بالفسق والمتظلّم، والترخيص فيهما ليس للتزاحم وتقديم جانب المقتضى ظاهراً، فلا وجه لاحتمال إلغاء الخصوصيّـة.([1515])

ولقد أجاد الشیخ الأعظم(قدس سره) في بیان قاعدة التزاحم بما لایرد علیه‌ ما أورده السیّد الأستاذ علی الاحتمال الثاني، کما یظهر من النظر إلی عبارته، ودونك نصّ عبارته:

الثالث: فيما استثني من الغيبة وحكم بجوازها بالمعنى الأعمّ.

فاعلم أنّ المستفاد من الأخبار المتقدّمة وغيرها أنّ حرمة الغيبة لأجل انتقاص المؤمن وتأذّيه منه، فإذا فرض هناك مصلحة راجعة إلى المغتاب بالكسر أو بالفتح أو ثالث دلّ العقل أو الشرع على كونها أعظم من مصلحة احترام المؤمن بترك ذلك القول فيه وجب كون الحكم على طبق أقوى المصلحتين، كما هو الحال في كلّ معصية من حقوق الله وحقوق الناس، وقد نبّه عليه غير واحد.([1516])

وكيف كان، فالأولى صرف الكلام إلى موارد الاستثناء. وقد عدّ منها موارد متعدّدة. ولا یخفی علیك کون خروج جلّ تلك الموارد، إن لم یکن کلّها، خروجاً موضوعیّاً تخصّصاً؛ لعدم قصد الانتقاص المعتبر في حقیقة الغیبة، کما مرّ.([1517]) ومع عدم القصد، فالغیبة غیر صادقة وغیر محققّة حتّی یبحث في الدلیل علیه، ونحن، وإن کنّا في غنی من البحث فیها، لکنّـه نبحث عنها تبعاً للشیخ الأعظم، ومثله.

---------------------
[1511]. كشف الريبة: 33، الفصل الثالث: في الأعذار المرخّصة في الغيبة.
[1512]. جامع المقاصد 4: 27.
[1513]. المائدة (5): 3.
[1514]. المائدة (5): 90.
[1515]. المكاسب المحرّمة 1: 414ـ 415.
[1516]. المكاسب 1: 342.
[1517]. مرّ في الصفحة 476 وما بعدها.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org