Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: اِذَا اعْتَرَفَ بِالتَّقْصيرِ عَنْ تَأْدِيَةِ الشُّكْرِ

اِذَا اعْتَرَفَ بِالتَّقْصيرِ عَنْ تَأْدِيَةِ الشُّكْرِ اَللّهُمَّ اِنَّ اَحَداً لا يَبْلُغُ مِنْ شُكْرِكَ غايَةً اِلاّ حَصَلَ عَلَيْهِ مِنْ اِحْسانِكَ ما يُلْزِمُهُ شُكْراً، وَلا يَبْلُغُ مَبْلَغاً مِنْ طاعَتِكَ وَاِنِ اجْتَهَدَ اِلاّ كانَ مُقَصِّراً دُونَ اسْتِحْقاقِكَ بِفَضْلِكَ، فَاَشْكَرُ عِبادِكَ عاجِزٌ عَنْ شُكْرِكَ، وَاَعْبَدُهُمْ مُقَصِّرٌ عَنْ طاعَتِكَ.

لا يَجِبُ لاَِحَد اَنْ تَغْفِرَ لَهُ بِاسْتِحْقاقِهِ، وَلا اَنْ تَرْضى عَنْهُ بِاسْتيجابِهِ، فَمَنْ غَفَرْتَ لَهُ فَبِطَوْلِكَ، وَمَنْ رَضيتَ عَنْهُ فَبِفَضْلِكَ، تَشْكُرُ يَسيرَ ما شُكِرْتَهُ، وَتُثيبُ عَلى قَليلِ ما تُطاعُ فيهِ، حَتّى كَاَنَّ شُكْرَ عِبادِكَ الَّذي اَوْجَبْتَ عَلَيْهِ ثَوابَهُمْ، وَاَعْظَمْتَ عَنْهُ جَزاءَهُمْ، اَمْرٌ مَلَكُوا اسْتِطاعَةَ الاِْمْتِناعِ مِنْهُ دُونَكَ فَكافَيْتَهُمْ، اَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ بِيَدِكَ فَجازَيْتَهُمْ بَلْ مَلَكْتَ يا اِلهي اَمْرَهُمْ قَبْلَ اَنْ يَمْلِكُوا عِبادَتَكَ، وَاَعْدَدْتَ ثَوابَهُمْ قَبْلَ اَنْ يُفيضُوا في طاعَتِكَ، وَذلِكَ اَنَّ سُنَّتَكَ الاِْفْضالُ، وَعادَتَكَ الاِْحْسانُ، وَسَبيلَكَ الْعَفْوُ.

فَكُلُّ الْبَرِيَّةِ مُعْتَرِفَةٌ بِاَنَّكَ غَيْرُ ظالِم لِمَنْ عاقَبْتَ، وَشاهِدَةٌ بِاَنَّكَ مُتَفَضِّلٌ عَلى مَنْ عافَيْتَ، وَكُلٌّ مُقِرٌّ عَلى نَفْسِهِ بِالتَّقْصيرِ عَمَّا اسْتَوْجَبْتَ، فَلَوْلا اَنَّ الشَّيْطانَ يَخْتَدِعُهُمْ عَنْ طاعَتِكَ ما عَصاكَ عاص، وَلَوْلا اَنَّهُ صَوَّرَ لَهُمْ الْباطِلَ في مِثالِ الْحَقِّ ما ضَلَّ عَنْ طَريقِكَ ضالٌّ.

فَسُبْحانَكَ ما اَبْيَنَ كَرَمَكَ في مُعامَلَةِ مَنْ اَطاعَكَ اَوْعَصاكَ، تَشْكُرُ لِلمُطيعِ ما اَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لَهُ، وَتُمْلي لِلْعاصي فيما تَمْلِكُ مُعاجَلَتَهُ فيهِ، اَعْطَيْتَ كُلاًّ مِنْهُما ما لَمْ يَجِبْ لَهُ، وَتَفَضَّلْتَ عَلى كُلٍّ مِنْهُما بِما يَقْصُرُ عَمَلُهُ عَنْهُ.

وَلَوْ كافَأْتَ الْمُطيعَ عَلى ما اَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لاََوْشَكَ اَنْ يَفْقِدَ ثَوابَكَ، وَاَنْ تَزوُلَ عَنْهُ نِعْمَتُكَ، وَلكِنَّكَ بِكَرَمِكَ جازَيْتَهُ عَلَى الْمُدَّةِ الْقَصيرَةِ الْفانِيَةِ بِالْمُدَّةِ الطَّويلَةِ الْخالِدَةِ، وَعَلَى الْغايَةِ الْقَريبَةِ الزّائِلَةِ بِالْغايَةِ الْمَديدَةِ الْباقِيَةِ.

ثُمَّ لَمْ تَسُمْهُ الْقِصاصَ فيما اَكَلَ مِنْ رِزْقِكَ الَّذي يَقْوى بِهِ عَلى طاعَتِكَ، وَلَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى الْمُناقَشاتِ فِي الاْلآتِ الَّتي تَسَبَّبَ بِاسْتِعْمالِها اِلى مَغْفِرَتِكَ، وَلَوْ فَعَلْتَ ذلِكَ بِهِ لَذَهَبَ بِجَميعِ ما كَدَحَ لَهُ، وَجُمْلَةِ ما سَعى فيهِ جَزآءً لِلصُّغْرى مِنْ اَياديكَ وَمِنَنِكَ، وَلَبَقِيَ رَهيناً بَيْنَ يَدَيْكَ بِسائِرِ نِعَمِكَ، فَمَتى كانَ يَسْتَحِقُّ شَيْئاً مِنْ ثَوابِكَ؟! لا! مَتى؟ هذا، يا اِلهي، حالُ مَنْ اَطاعَكَ، وَ سَبيلُ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ، فَاَمَّا الْعاصي اَمْرَكَ وَالْمُواقِعُ نَهْيَكَ فَلَمْ تُعاجِلْهُ بِنَقِمَتِكَ لِكَيْ يَسْتَبْدِلَ بِحالِهِ في مَعْصِيَتِكَ حالَ الاِْنابَةِ اِلى طاعَتِكَ، وَلَقَدْ كانَ يَسْتَحِقُّ في اَوَّلِ ما هَمَّ بِعِصْيانِكَ كُلَّ ما اَعْدَدْتَ لِجَميعِ خَلْقِكَ مِنْ عُقُوبَتِك، فَجَميعُ ما اَخَّرْتَ عَنْهُ مِنَ الْعَذابِ، وَاَبْطَأْتَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ سَطَواتِ النَّقِمَةِ وَالْعِقابِ، تَرْكٌ مِنْ حَقِّكَ، وَرِضىً بِدُونِ واجِبِكَ. فَمَنْ اَكْرَمُ، يا اِلهي، مِنْكَ، وَ مَنْ اَشْقى مِمَّنْ هَلَكَ عَلَيْكَ؟ لا! مَنْ؟ فَتَبارَكْتَ اَنْ تُوصَفَ اِلاّ بِالاِْحْسانِ، وَكَرُمْتَ اَنْ يُخافَ مِنْكَ اِلاَّ الْعَدْلُ، لا يُخْشى جَوْرُكَ عَلى مَنْ عَصاكَ، وَلا يُخافُ اِغْفالُكَ ثَوابَ مَنْ اَرْضاكَ.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لي اَمَلي، وَزِدْني مِنْ هُداكَ ما اَصِلُ بِهِ اِلَى التَّوْفيقِ في عَمَلي، اِنَّكَ مَنّانٌ كَريمٌ.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org