Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: اِذَا اسْتَقالَ مِنْ ذُنُوبِهِ، اَوْ تَضَرَّعَ في طَلَبِ الْعَفْوِ عَنْ عُيُوبِهِ

اِذَا اسْتَقالَ مِنْ ذُنُوبِهِ، اَوْ تَضَرَّعَ في طَلَبِ الْعَفْوِ عَنْ عُيُوبِهِ اَللّهُمَّ يا مَنْ بِرَحْمَتِهِ يَسْتَغيثُ الْمُذْنِبُونَ، وَيا مَنْ اِلى ذِكْرِ اِحْسانِهِ يَفْزَعُ الْمُضْطَرُّونَ، وَيا مَنْ لِخيفَتِهِ يَنْتَحِبُ الْخاطِئوُنَ، يا اُنْسَ كُلِّ مُسْتَوْحِش غَريب، وَيا فَرَجَ كُلِّ مَكْرُوب كَئيب، وَيا غَوْثَ كُلِّ مَخْذُول فَريد، وَيا عَضُدَ كُلِّ مُحْتاج طَريد.

اَنْتَ الَّذي وَسِعْتَ كُلَّ شَيْء رَحْمَةً وَ عِلْماً، وَاَنْتَ الَّذي جَعَلْتَ لِكُلِّ مَخْلُوق في نِعَمِكَ سَهْماً، وَاَنْتَ الَّذي عَفْوُهُ اَعْلى مِنْ عِقابِه، وَاَنْتَ الَّذي تَسْعى رَحْمَتُهُ اَمامَ غَضَبِه. وَاَنْتَ الَّذي عَطاؤُهُ اَكْثَرُ مِنْ مَنْعِه، وَاَنْتَ الَّذي اتَّسَعَ الْخَلآئِقُ كُلُّهُمْ في وُسْعِهِ. وَاَنْتَ الَّذي لا يَرْغَبُ في جَزآءِ مَنْ اَعْطاهُ، وَاَنْتَ الَّذي لا يُفْرِطُ في عِقابِ مَنْ عَصاهُ.

وَاَنَا، يا اِلهي عَبْدُكَ الَّذي اَمَرْتَهُ بِالدُّعآءِ فَقالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، ها اَنَا ذا، يا رَبِّ مَطْرُوحٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، اَنَا الَّذي اَوْقَرَتِ الْخَطايا ظَهْرَهُ، وَاَنَا الَّذي اَفْنَتِ الذُّنُوبُ عُمُرَهُ، وَاَنَا الَّذي بِجَهْلِهِ عَصاكَ وَلَمْ تَكُنْ اَهْلاً مِنْهُ لِذاكَ.

هَلْ اَنْتَ، يا اِلهي، راحِمٌ مَنْ دَعاكَ فَاُبلِغَ فِي الدُّعآءِ؟ اَمْ اَنْتَ غافِرٌ لِمَنْ بَكاكَ فَاُسرِعَ فِي الْبُكآءِ؟ اَمْ اَنْتَ مُتَجاوِزٌ عَمَّنْ عَفَّرَ لَكَ وَجْهَهُ تَذَلُّلاً؟ اَمْ اَنْتَ مُغْن مَنْ شَكا اِلَيْكَ فَقْرَهُ تَوَكُّلاً؟

اِلهي لا تُخَيِّبُ مَنْ لا يَجِدُ مُعْطِياً غَيْرَكَ، وَلا تَخْذُلْ مَنْ لا يَسْتَغْني عَنْكَ بِاَحَد دُونَكَ.

اِلهي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَلا تُعْرِضْ عَنّي وَقَدْ اَقْبَلْتُ عَلَيْكَ، وَلا تَحْرِمْني وَقَدْ رَغِبْتُ اِلَيْكَ، وَلا تَجْبَهْني بِالرَّدِّ وَقَدِ انْتَصَبْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ، اَنْتَ الَّذي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِالرَّحْمَةِ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَارْحَمْني، وَاَنْتَ الَّذي سَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالْعَفْوِّ فَاعْفُ عَنّي.

قَدْ تَرى يا اِلهي، فَيْضَ دَمْعي مِنْ خيفَتِكَ، وَوَجيبَ قَلْبي مِنْ خَشْيَتِكَ، وَانْتِقاضَ جَوارِحي مِنْ هَيْبَتِكَ، كُلُّ ذلِكَ حَيآءً مِنْكَ بِسُوءِ عَمَلي، وَلِذلِكَ خَمَدَ صَوْتي عَنِ الْجَأْرِ اِلَيْكَ، وَكَلَّ لِساني عَنْ مُناجاتِكَ.

يا اِلهي فَلَكَ الْحَمْدُ فَكَمْ مِنْ عائِبَة سَتَرْتَها عَلَيَّ فَلَمْ تَفْضَحْني، وَكَمْ مِنْ ذَنْب غَطَّيْتَهُ عَلَيَّ فَلَمْ تَشْهَرْني، وَكَمْ مِنْ شآئِبَة اَلْمَمْتُ بِها فَلَمْ تَهْتِكْ عَنّي سِتْرَها، وَلَمْ تُقَلِّدْني مَكْرُوهَ شَنارِها، وَلَمْ تُبْدِ سَوْءاتِها لِمَنْ يَلْتَمِسُ مَعايبي مِنْ جيرَتي، وَحَسَدَةِ نِعْمَتِكَ عِنْدي. ثُمَّ لَمْ يَنْهَني ذلِكَ عَنْ اَنْ جَرَيْتُ اِلى سُوءِ ما عَهِدْتَ مِنّي.

فَمَنْ اَجْهَلُ مِنّي، يا اِلهي، بِرُشْدِهِ؟! وَمَنْ اَغْفَلُ مِنّي عَنْ حَظِّهِ! وَمَنْ اَبْعَدُ مِنّي مِنِ اسْتِصْلاحِ نَفْسِهِ حينَ اُنْفِقُ ما اَجْرَيْتَ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ فيما نَهَيْتَني عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِكَ؟! وَمَنْ اَبْعَدُ غَوْراً فِي الْباطِلِ، وَاَشَدُّ اِقْداماً عَلَى السُّوءِ مِنّي حينَ اَقِفُ بَيْنَ دَعْوَتِكَ وَدَعْوَةِ الشَّيْطانِ، فَاَتَّبِعُ دَعْوَتَهُ عَلى غَيْرِ عَمىً مِنّي في مَعْرِفَة بِهِ وَلا نِسْيان مِنْ حِفْظي لَهُ؟! وَاَنَا حينَئِذ مُوقِنٌ بِاَنَّ مُنْتَهى دَعْوَتِكَ اِلَى الْجَنَّةِ، وَمُنْتَهى دَعْوَتِهِ اِلَى النّارِ.

سُبْحانَكَ!! ما اَعْجَبَ ما اَشْهَدُ بِهِ عَلى نَفْسي، وَاُعَدِّدُهُ مِنْ مَكْتُومِ اَمْري. وَاَعْجَبُ مِنْ ذلِكَ اَناتُكَ عَنّي، وَاِبْطآؤُكَ عَنْ مُعاجَلَتي، وَلَيْسَ ذلِكَ مِنْ كَرَمي عَلَيْكَ، بَلْ تَاَنِّياً مِنْكَ لي، وَتَفَضُّلاً مِنْكَ عَلَيَّ لاَِنْ اَرْتَدِعَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ الْمُسْخِطَةِ، وَاُقْلِعَ عَنْ سَيِّئاتِي الْمُخْلِقَةِ، وَلاَِنَّ عَفْوَكَ عَنّي اَحَبُّ اِلَيْكَ مِنْ عُقُوبَتي.

بَلْ اَنَا، يا اِلهي، اَكْثَرُ ذُنُوباً، وَاَقْبَحُ آثاراً، وَاَشْنَعُ اَفْعالاً، وَاَشَدُّ فِي الْباطِلِ تَهَوُّراً، وَاَضْعَفُ عِنْدَ طاعَتِكَ تَيَقُّظاً، وَاَقَلُّ لِوَعيدِكَ انْتِباهاً وَارْتِقاباً مِنْ اَنْ اُحْصِيَ لَكَ عُيُوبي، اَوْ اَقْدِرَ عَلى ذِكْرِ ذُنُوبي، وَاِنَّما اُوَبِّخُ بِهذا نَفْسي طَمَعاً في رَأْفَتِكَ الَّتي بِها صَلاحُ اَمْرِ الْمُذْنِبينَ، وَرَجآءً لِرَحْمَتِكَ الَّتي بِها فَكاكُ رِقابِ الْخاطِئينَ.

اَللّهُمَّ وَهذِهِ رَقَبَتي قَدْ اَرَقَّتْهَا الذُّنُوبُ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاَعْتِقْها بِعَفْوِكَ، وَهذا ظَهْري قَدْ اَثْقَلَتْهُ الْخَطايا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَخَفِّفْ عَنْهُ بِمَنِّكَ.

يا اِلهي لَوْ بَكَيْتُ اِلَيْكَ حَتّى تَسْقُطَ اَشْفارُ عَيْنَيَّ، وَانْتَحَبْتُ حَتّى يَنْقَطِعَ صَوْتي، وَقُمْتُ لَكَ حَتّى تَتَنَشَّرَ قَدَمايَ، وَرَكَعْتُ لَكَ حَتّى يَنْخَلِعَ صُلْبي، وَسَجَدْتُ لَكَ حَتّى تَتَفَقَّاَ حَدَقَتايَ، وَاَكَلْتُ تُرابَ الاَْرْضِ طُولَ عُمْري، وَشَرِبْتُ ماءَ الرَّمادِ آخِرَ دَهْري، وَذَكَرْتُكَ في خِلالِ ذلِكَ حَتّى يَكِلَّ لِساني، ثمَّ لَمْ اَرْفَعْ طَرْفي اِلى آفاقِ السَّمآءِ اسْتِحْياءً مِنْكَ مَا اسْتَوْجَبْتُ بِذلِكَ مَحْوَ سَيِّئَة واحِدَة مِنْ سَيِّئاتي.

وَاِنْ كُنْتَ تَغْفِرُ لي حينَ اَسْتَوْجِبُ مَغْفِرَتَكَ، وَتَعْفُو عَنّي حينَ اَسْتَحِقُّ عَفْوَكَ فَاِنَّ ذلِكَ غَيْرُ واجِب لي بِاسْتِحْقاق، وَلا اَنَا اَهْلٌ لَهُ بِاسْتيجاب، اِذْ كانَ جَزآئي مِنْكَ في اَوَّلِ ما عَصَيْتُكَ النّارَ، فَاِنْ تُعَذِّبْني فَاَنْتَ غَيْرُ ظالِم لي.

اِلهي، فَاِذْ قَدْ تَغَمَّدْتَني بِسِتْرِكَ فَلَمْ تَفْضَحْني، وَتَاَنَّيْتَني بِكَرَمِكَ فَلَمْ تُعاجِلْني، وَحَلُمْتَ عَنّي بِتَفَضُّلِكَ فَلَمْ تُغَيِّرْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ، وَلَمْ تُكَدِّرْ مَعْرُوفَكَ عِنْدي، فَارْحَمْ طُولَ تَضَرُّعي، وَشِدَّةَ مَسْكَنَتي، وَسُوءَ مَوْقِفي.

اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَقِني مِنَ الْمَعاصي، وَاسْتَعْمِلْني بِالطّاعَةِ، وَارْزُقْني حُسْنَ الاِْنابَةِ، وَطَهِّرْني بِالتَّوْبَةِ، وَاَيِّدْني بِالْعِصْمَةِ، وَاسْتَصْلِحْني بِالْعافِيَةِ، وَاَذِقْني حَلاوَةَ الْمَغْفِرَةِ، وَاجْعَلْني طَليقَ عَفْوِكَ، وَعَتيقَ رَحْمَتِكَ، وَاكْتُبْ لي اَماناً مِنْ سَخَطِكَ، وَبَشِّرْني بِذلِكَ فِي الْعاجِلِ دُونَ الاْجِلِ، بُشْرى اَعْرِفُها، وَعَرِّفْني فيهِ عَلامَةً اَتَبَيَّنُها، اِنَّ ذلِكَ لا يَضيقُ عَلَيْكَ في وُسْعِكَ، وَلا يَتَكَأَّدُكَ في قُدْرَتِكَ، وَلا يَتَصَعَّدُكَ في اَناتِكَ، وَلا يَؤُودُكَ في جَزيلِ هِباتِكَ الَّتي دَلَّتْ عَلَيْها آياتُكَ، اِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشآءُ، وَتَحْكُمُ ما تُريدُ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org