Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: إِذَا ابْتَدَأَ بِالدُّعاءِ بَدَأَ بِالتَّحميدِ لِلّهِ عَزَّوَجَلَّ وَ الثَّناءِ عَلَيْهِ فَقالَ:

إِذَا ابْتَدَأَ بِالدُّعاءِ بَدَأَ بِالتَّحميدِ لِلّهِ عَزَّوَجَلَّ وَ الثَّناءِ عَلَيْهِ فَقالَ: اَلْحَمْدُ للهِ الاَْوَّلِ بِلا اَوَّل كانَ قَبْلَهُ، وَالاْخِرِ بِلا آخِر يَكُونُ بَعْدَهُ، اَلَّذي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ اَبْصارُ النّاظِرينَ، وَعَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ اَوْهامُ الْواصِفينَ.

ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ ابْتِداعاً، وَاخْتَرَعَهُمْ عَلى مَشِيَّتِهِ اخْتِراعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَريقَ اِرادَتِهِ، وَبَعَثَهُمْ في سَبيلِ مَحَبَّتِهِ، لا يَمْلِكُونَ تَاْخيراً عَمّا قَدَّمَهُمْ اِلَيْهِ، وَلا يَسْتَطيعُونَ تَقَدُّماً اِلى ما اَخَّرَهُمْ عَنْهُ. وَ جَعَلَ لِكُلِّ رُوح مِنْهُمْ قُوتاً مَعْلُوماً مَقْسُوماً مِنْ رِزْقِهِ، لا يَنْقُصُ مَنْ زادَهُ ناقِصٌ، وَلا يَزيدُ مَنْ نَقَصَ مِنْهُمْ زائِدٌ.

ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ فِي الْحَياةِ اَجَلاً مَوْقُوتاً، وَنَصَبَ لَهُ اَمَداً مَحْدُوداً، يَتَخَطّى اِلَيْهِ بِاَيّامِ عُمُرِهِ، وَيَرْهَقُهُ بِاَعْوامِ دَهْرِهِ، حَتّى اِذا بَلَغَ اَقْصى اَثَرِهِ، وَاسْتَوْعَبَ حِسابَ عُمُرِهِ، قَبَضَهُ اِلى ما نَدَبَهُ اِلَيْهِ مِنْ مَوْفُورِ ثَوابِهِ، اَوْ مَحْذُورِ عِقابِهِ «لِيَجْزِيَ الَّذينَ اَسآؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذينَ اَحْسَنوا بِالْحُسْنى»([19]) عَدْلاً مِنْهُ، تَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُهُ وَتَظاهَرَتْ آلآؤُهُ «لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ»([20]).

وَالْحَمْدُ للهِ الَّذي لَوْ حَبَسَ عَنْ عِبادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ عَلى ما اَبْلاهُمْ مِنْ مِنَنِهِ الْمُتَتابِعَةِ، وَاَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ الْمُتَظاهِرَةِ، لَتَصَرَّفُوا في مِنَنِه فَلَمْ يَحْمَدُوُه، وَتَوَسَّعُوا في رِزْقِهِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ. وَلَوْ كانُوا كَذلِكَ لَخَرَجُوا مِنْ حُدُودِ الاِْنْسانِيَّةِ اِلى حَدِّ الْبَهيمِيَّةِ فَكانُوا كَما وَصَفَ في مُحْكَمِ كِتابِهِ: «اِنْ هُمْ اِلاّ كَالاَْنْعامِ بَلْ هُمْ اَضَلُّ سَبيلاً»([21]).

وَالْحَمْدُ للهِ عَلى ما عَرَّفَنا مِنْ نَفْسِهِ، وَاَلْهَمَنا مِنْ شُكْرِهِ، وَفَتَحَ لَنا مِنْ اَبْوابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَدَلَّنا عَلَيْهِ مِنَ الاِْخْلاصِ لَهُ في تَوْحيدِهِ، وَجَنَّبَنا مِنَ الاِْلْحادِ وَالشَّكِّ في اَمْرِهِ. حَمْداً نُعَمَّرُ بِهِ فيمَنْ حَمِدَهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَنَسْبِقُ بِهِ مَنْ سَبَقَ اِلى رِضاهُ وَعَفْوِهِ. حَمْداً يُضيءُ لَنا بِهِ ظُلُماتِ الْبَرْزَخِ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْنا بِهِ سَبيلَ الْمَبْعَثِ، وَ يُشَرِّفُ بِهِ مَنازِلَنا عِنْدَ مَواقِفِ الاَْشْهادِ، يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْس بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «يَوْمَ لا يُغْني مَولَىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلاهُمْ يُنْصَرُونَ»([22]). حَمْداً يَرْتَفِعُ مِنّا اِلى اَعْلى عِلِّييّنَ في «كِتاب مَرْقُوم يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ»([23]). حَمْداً تَقَرُّ بِهِ عُيُونُنا اِذا بَرِقَتِ الاَْبْصارُ، وَتَبْيَضُّ بِهِ وُجُوهُنا اِذَا اسْوَدَّتِ الاَْبْشارُ. حَمْداً نُعْتَقُ بِهِ مِنْ اَليمِ نارِ اللهِ اِلى كَريمِ جِوارِ اللهِ، حَمْداً نُزاحِمُ بِهِ مَلائِكَتَهُ الْمُقَرَّبينَ، وَنُضامُّ بِهِ اَنِبْيآءَهُ الْمُرْسَلينَ في دارِ الْمُقامَةِ الَّتي لا تَزُولُ، وَمَحَلِّ كَرامَتِهِ الَّتي لا تَحُولُ.

وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي اخْتارَ لَنا مَحاسِنَ الْخَلْقِ، وَاَجْرى عَلَيْنا طَيِّباتِ الرِّزْقِ، وَجَعَلَ لَنا الْفَضيلَةَ بِالْمَلَكَةِ عَلى جَميعِ الْخَلْقِ، فَكُلُّ خَليقَتِهِ مُنْقادَةٌ لَنا بِقُدْرَتِهِ، وَصآئِرَةٌ اِلى طاعَتِنا بِعِزَّتِهِ.

وَالْحَمْدُ للهِ الَّذي اَغْلَقَ عَنّا بابَ الْحاجَةِ اِلاّ اِلَيْهِ، فَكَيْفَ نُطيقُ حَمْدَهُ؟ اَمْ مَتى نُؤَدّي شُكْرَهُ؟ لا، مَتى؟

وَالْحَمْدُ للهِ الَّذي رَكَّبَ فينا آلاتِ الْبَسْطِ، وَجَعَلَ لَنا اَدَواتِ الْقَبْضِ، وَ مَتَّعَنا بِاَرْواحِ الْحَياةِ، وَاَثْبَتَ فينا جَوارِحَ الاَْعْمالِ، وَغَذّانا بِطَيِّباتِ الرِّزْقِ، وَاَغْنانا بِفَضْلِهِ، وَاَقْنانا بِمَنِّهِ. ثُمَّ اَمَرَنا لِيَخْتَبِرَ طاعَتَنا، وَنَهانا لِيَبْتَلِيَ شُكْرَنا، فَخالَفْنا عَنْ طَريقِ اَمْرِهِ، وَرَكِبْنا مُتُونَ زَجْرِهِ، فَلَمْ يَبْتَدِرْنا بِعُقُوبَتِهِ، وَلَمْ يُعاجِلْنا بِنِقْمَتِهِ، بَلْ تَاَنّانا بِرَحْمَتِهِ تَكَرُّماً، وَانْتَظَرَ مُراجَعَتَنا بِرَاْفَتِهِ حِلْماً.

وَالْحَمْدُ للهِ الَّذي دَلَّنا عَلى التَّوْبَةِ الِّتي لَمْ نُفِدْها اِلاّ مِنْ فَضْلِهِ، فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ مِنْ فَضْلِهِ اِلاّ بِها لَقَدْ حَسُنَ بَلاؤُهُ عِنْدَنا، وَجَلَّ اِحْسانُه اِلَيْنا، وَجَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنا. فَما هكَذا كانَتْ سُنَّتُهُ فِي التَّوْبَةِ لِمَنْ كانَ قَبْلَنا، لَقَدْ وَضَعَ عَنّا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ، وَلَمْ يُكَلِّفْنا اِلاّ وُسْعاً، وَلَمْ يُحَشِّمْنا اِلاّ يُسْراً، وَلَمْ يَدَعْ لاَِحَد مِنّا حُجَّةً وَلا عُذْراً، فَالْهالِكُ مِنّا مَنْ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَالسَّعيدُ مِنّا مَنْ رَغِبَ اِلَيْهِ.

وَالْحَمْدُللهِ بِكُلِّ ما حَمِدَهُ بِهِ اَدْنى مَلائِكَتِهِ اِلَيْهِ، وَاَكْرمُ خَليقَتِه عَلَيْهِ، وَاَرْضى حامِديهِ لَدَِيْهِ، حَمْداً يَفْضُلُ سآئِرَ الْحَمْدِ كَفَضْلِ رَبِّنا عَلى جَميعِ خَلْقِهِ.

ثُمَّ لَهُ الْحَمْدُ مَكانَ كُلِّ نِعْمَة لَهُ عَلَيْنا وَ عَلى جَميعِ عِبادِهِ الْماضينَ وَالْباقينَ عَدَدَ ما اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ مِنْ جَميعِ الاَْشْياءِ، وَ مَكانَ كُلِّ واحِدَة مِنْها عَدَدُها اَضْعافاً مُضاعَفَةً اَبَداً سَرْمَداً اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ. حَمْداً لا مُنْتَهى لِحَدِّهِ، وَلا حِسابَ لِعَدَدِهِ، وَلا مَبْلَغَ لِغايَتِه، وَلاَ انْقِطاعَ لاَِمَدِهِ، حَمْداً يَكُونُ وُصْلَةً اِلى طاعَتِه وَعَفْوِهِ، وَسَبَباً اِلى رِضْوانِهِ، وَذَريعَةً اِلى مَغْفِرَتِهِ، وَطَريقاً اِلى جَنَّتِهِ، وَخَفيراً مِنْ نِقْمَتِهِ، وَاَمْناً مِنْ غَضَبِهِ، وَظَهيراً عَلى طاعَتِهِ، وَحاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَعَوْناً عَلى تأدِيَةِ حَقِّهِ وَوَظائِفِهِ. حَمْداً نَسْعَدُ بِهِ فِي السُّعَداءِ مِنْ اَوْلِيائِهِ، وَنَصيرُ بِهِ في نَظْمِ الشُّهَدآءِ بِسُيُوفِ اَعْدآئِهِ، اِنَّهُ وَلِيٌّ حَميدٌ.
________________________________________________________
[19]. النجم: 31.
[20]. الانبياء: 23.
[21]. الفرقان: 44.
[22]. الدخان: 41.
[23]. المطففين: 20 ـ 21.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org