Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في النيّة

القول في النيّة

(مسألة 1) : النيّة : عبارة عن قصد الفعل ، ويعتبر فيها التقرّب إلى الله تعالى وامتثال أمره ، ولايجب فيها التلفّظ ؛ لأنّها أمر قلبيّ ، كما لايجب فيها الإخطار ؛ أي الحديث الفكري والإحضار بالبال ؛ بأن يرتّب في فكره وخزانة خياله ؛ مثلاً : اُصلّي صلاة فلانيّة امتثالاً لأمره ، بل يكفي الداعي : وهو الإرادة الإجماليّة المؤثّرة في صدور الفعل ، المنبعثة عمّا في نفسه من الغايات ؛ على وجه يخرج به عن الساهي والغافل ، ويدخل فعله في فعل الفاعل المختار ، كسائر أفعاله الإراديّة والاختياريّة ، ويكون الباعث والمحرّك للعمل الامتثال ونحوه .

(مسألة 2) : يعتبر الإخلاص في النيّة ، فمتى ضمّ إليها ما ينافيه بطل العمل ، خصوصاً الرياء ، فإنّه مفسد على أيّ حال ؛ سواء كان في الابتداء أو الأثناء ، في الأجزاء الواجبة أو المندوبة ، وكذلك في الأوصاف المتّحدة مع الفعل ، ككون الصلاة في المسجد أو جماعة ونحو ذلك . ويحرم الرياء المتأخّر وإن لم يكن مبطلاً ، كما لو أخبر بما فعله من طاعة رغبة في الأغراض الدنيويّة من المدح والثناء والجاه والمال ، فقد ورد في المرائي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه قال : «المرائي يُدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا فاجر يا كافر يا غادر يا خاسر حبط عملك، وبطل أجرك، ولا خلاص لك اليوم، التمس أجرك ممّن كنت تعمل له» .

(مسألة 3) : غير الرياء من الضمائم المباحة أو الراجحة ؛ إن كانت مقصودة تبعاً ، وكان الداعي والغرض الأصلي امتثال الأمر الصلاتي محضاً ، فلا إشكال ، وإن كان بالعكس بطلت بلا إشكال ، وكذا إذا كان كلٌّ منهما جزءاً للداعي ؛ بحيث لو لم ينضمّ كلٌّ منهما إلى الآخر لم يكن باعثاً ومحرّكاً ، والأحوط بطلان العمل في جميع موارد اشتراك الداعي ؛ حتّى مع تبعيّة داعي الضميمة ، فضلاً عن كونهما مستقلّين([1]) .

(مسألة 4) : لو رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير ، لم تبطل الصلاة بعدما كان أصل إتيانهما بقصد الامتثال . وكذلك لو أوقع صلاته في مكان أو زمان خاصّ لغرض من الأغراض المباحة ؛ بحيث يكون أصل الإتيان بداعي الامتثال ، وكان الداعي على اختيار ذلك المكان أو الزمان لغرض كالبرودة ونحوها .

(مسألة 5) : يجب تعيين نوع الصلاة التي يأتي بها في القصد ولو إجمالاً ؛ بأن ينوي ـ مثلاً ـ ما اشتغلت به ذمّـته إذا كان متّحداً ، أو ما اشتغلت به ذمّـته أوّلاً أو ثانياً إذا كان متعدّداً .

(مسألة 6) : لايجب قصد الأداء والقضاء ، بعد قصد العنوان الذي يتّصف بصفتي القضاء والأداء ـ كالظهر والعصر مثلاً ـ ولو على نحو الإجمال ، فلو نوى الإتيان بصلاة الظهر الواجبة عليه فعلاً ، ولم يشتغل ذمّـته بالقضاء يكفي . نعم لو اشتغلت ذمّـته بالقضاء أيضاً لابدّ من تعيين ما يأتي به ، وأنّه فرض لذلك اليوم أو غيره ، ولو كان من قصده امتثال الأمر المتعلّق به فعلاً ، وتخيّل أنّ الوقت باق ، فنوى الأداء ، فبان انقضاء الوقت ، صحّت ووقعت قضاءً ، كما لو نوى القضاء بتخيّل خروج الوقت فبان عدم الخروج ، صحّت ووقعت أداءً .

(مسألة 7) : لايجب نيّة القصر والإتمام في موضع تعيّنهما ، بل ولا في أماكن التخيير ، فلو شرع في صلاة الظهر ـ مثلاً ـ مع الترديد والبناء على أنّه بعد التشهّد الأوّل : إمّا يسلّم على الركعتين ، أو يلحق بهما الأخيرتين ، صحّت . بل لو عيّن أحدهما لم يلتزم به على الأظهر ، وكان له العدول إلى الآخر . بل الأقوى عدم التعيّن بالتعيين ، ولايحتاج إلى العدول ، بل القصر يحصل بالتسليم بعد الركعتين ، كما أنّ الإتمام يحصل بضمّ الركعتين إليهما خارجاً من غير دخل القصد فيهما ، فلو نوى القصر فشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين ، يبني على الثلاث ، ويعالج صلاته عن الفساد من غير لزوم نيّة العدول ، بل لايبعد أن يتعيّن العمل بحكم الشكّ . ولاينبغي ترك الاحتياط بنيّة العدول في أشباهه ثمّ العلاج ثمّ إعادة العمل .

(مسألة 8) : لايجب قصد الوجوب والندب ، بل يكفي قصد القربة المطلقة ، والأحوط قصدهما .

(مسألة 9) : لايجب حين النيّة تصوّر الصلاة تفصيلاً ، بل يكفي الإجمال .

(مسألة 10) : لو نوى في أثناء الصلاة قطعها ، أو الإتيان بالقاطع([2]) مع الالتفات إلى منافاته للصلاة ، فإن أتمّ صلاته في تلك الحال بطلت([3]) ، وكذا لو أتى ببعض الأجزاء ، ثمّ عاد إلى النيّة الاُولى واكتفى بما أتى به . ولو عاد إلى الاُولى قبل أن يأتي بشيء لم يبطل ، كما أنّ الأقوى عدم البطلان مع الإتمام أو الإتيان ببعض الأجزاء في تلك الحال ؛ لو لم يلتفت إلى منافاة ما ذُكر للصلاة . والأحوط على جميع التقادير الإتمام ثمّ الإعادة .

(مسألة 11) : لو شكّ فيما بيده أنّه عيّنها ظهراً أو عصراً ، ويدري أنّه لم يأتِ بالظهر ، ينويها ظهراً في غير الوقت المختصّ بالعصر ، وكذا لو شكّ في إتيان الظهر على الأقوى . وأمّا في الوقت المختصّ به ، فإن علم أنّه لم يأتِ بالعصر ، رفع اليد عنها واستأنف العصر إن أدرك ركعة من الوقت ، وقضى الظهر بعده . وإن لم يُدرك رفع اليد عنها وقضى الصلاتين . والأحوط ـ الذي لا يُترك ـ إتمامها عصراً مع إدراك بعض الركعة ثمّ قضاؤهما . وإن لم يدرِ إتيان الظهر فلايبعد جواز عدم الاعتناء بشكّه ، لكن الأحوط قضاؤه أيضاً . ولو علم بإتيان الظهر قبل ذلك يرفع اليد عنها ويستأنف العصر . نعم لو رأى نفسه في صلاة العصر ، وشكّ في أنّه من أوّل الأمر نواها أو نوى الظهر ، بنى على أنّه من أوّل الأمر نواها .

(مسألة 12) : يجوز العدول من صلاة إلى اُخرى في مواضع :

منها: في الصلاتين المرتّبتين ـ كالظهرين والعشاءين ـ إذا دخل في الثانية قبل الاُولى سهواً أو نسياناً ، فإنّه يجب أن يعدل إليها إن تذكّر في الأثناء ولم يتجاوز محلّ العدول . بخلاف ما إذا تذكّر بعد الفراغ ، أو بعد تجاوز محلّ العدول ، كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء ، فتذكّر ترك المغرب ، فلا عدول ، بل يصحّ اللاحقة ، فيأتي بعدها بالسابقة في الفرض الأوّل ـ أي التذكّر بعد الفراغ ـ بل في الفرض الثاني ـ أيضاً ـ لايخلو من قوّة ؛ وإن كان الأحوط الإتمام ثمّ الإتيان بالمغرب والعشاء مترتّباً . وكذا الحال في الصلاتين المقضيّـتين المترتّبتين ، كما لو فات الظهران أو العشاءان من يوم واحد ، فشرع في قضائهما مقدِّماً للثانية على الاُولى فتذكّر . بل الأحوط ـ لو لم يكن الأقوى([4]) ـ أنّ الأمر كذلك في مطلق الصلوات القضائيّة .

ومنها: إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه قضاءً ، فإنّه يستحبّ أن يعدل إليه مع بقاء المحلّ إلاّ إذا خاف فوت وقت فضيلة ما بيده ، فإنّ في استحبابه تأمّلاً ، بل عدمه لايخلو من قوّة .

ومنها: العدول من الفريضة إلى النافلة ، وذلك في موضعين :

أحدهما : في ظهر يوم الجمعة لمن نسي قراءة سورة الجمعة ، وقرأ سورة اُخرى ، وبلغ النصف أو تجاوز .

ثانيهما : فيما إذا كان متشاغلاً بالصلاة واُقيمت الجماعة وخاف السبق ، فيجوز له العدول إلى النافلة وإتمامها ركعتين ليلحق بها .

(مسألة 13) : لايجوز العدول من النفل إلى الفرض ، ولا من النفل إلى النفل حتّى فيما كان كالفرائض في التوقيت والسبق واللحوق . وكذا لايجوز من الفائتة إلى الحاضرة ، فلو دخل في فائتة ثمّ ذكر في أثنائها أنّ الحاضرة قد ضاق وقتها ، قطعها وأتى بالحاضرة ، ولايجوز العدول عنها إليها . وكذا لايجوز في الحاضرتين المرتّبتين من السابقة إلى اللاحقة ، بخلاف العكس ، فلو دخل في الظهر بتخيّل عدم إتيانه ، فبان في الأثناء إتيانه ، لم يجز له العدول إلى العصر ، وإذا عدل في موضع لايجوز العدول ، لايبعد القول بصحّة المعدول عنه لو تذكّر قبل الدخول في ركن ، فعليه الإتيان بما أتى بغير عنوانه بعنوانه .

(مسألة 14) : لو دخل في ركعتين من صلاة الليل ـ مثلاً ـ بقصد الركعتين الثانيتين ، فتبيّن أنّه لم يصلِّ الأوّلتين ، صحّت وحُسبت له الأوّلتان قهراً . وليس هذا من باب العدول ولايحتاج إليه ؛ حيث إنّ الأوّليّة والثانويّة لايعتبر فيها القصد ، بل المدار على ما هو الواقع .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ استقلالهما بالفعل غير معقول ، كما لايخفى .

[2] ـ فعلاً.

[3] ـ في نيّة القطع أو القاطع فعلاً، دون الاستقبالي منهما؛ حيث إنّ البطلان بنيّة القطع أو القاطع في الصلاة إنّما تكون لاستلزامها عدم صيرورة ما يأتي منه من الأجزاء بعدها جزءاً للصلاة.

[4] ـ الأقوائية ممنوعة ، بل اختصاص جواز العدول بالمترتّبتين لايخلومن قوّة .

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org