Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: فصل في الاستحاضة

فصل في الاستحاضة

والكلام في دمها وأحكامها :

دم الاستحاضة ـ في الأغلب ـ أصفر بارد رقيق يخرج بغير قوّة ولذع وحرقة ، وقد يكون بصفة الحيض كما مرّ . وليس لقليله ولا لكثيره حدّ . وكلّ دم تراه المرأة قبل بلوغها أو بعد يأسها أو أقلّ من ثلاثة ، ولم يكن دم قرح ولا جرح ولا نفاس ، فهو استحاضة ؛ على إشكال في الكلّيّة([1]) . وكذا لو لم يعلم كونه من القرح أو الجرح إن لم تكن المرأة مقروحة أو مجروحة على الأحوط . وكذا لو تجاوز الدم عن عشرة أيّام ، لكن ـ حينئذ ـ قد امتزج حيضها بالاستحاضة ، فلابدّ في تعيينهما من أن ترجع إلى التفصيل الذي سبق في الحيض .

وأمّا أحكامها : فهي ثلاثة أقسام : قليلة ومتوسطة وكثيرة :

فالاُولى: أن تتلوّث القطنة بالدم من دون أن يثقبها([2]) ويظهر من الجانب الآخر . وحكمها : وجوب الوضوء لكلّ صلاة ، وغسل ظاهر فرجها لو تلوّث به ، والأحوط تبديل القطنة أو تطهيرها([3]) .

والثانية: أن يثقب الدم القطنة ويظهر من الجانب الآخر ، ولايسيل منها إلى الخرقة التي فوقها . وحكمها : ـ مضافاً إلى ما ذُكر([4]) ـ أنّه يجب عليها غسل واحد لصلاة الغداة ، بل لكلّ صلاة حدثت قبلها أو في أثنائها على الأقوى ، فإن حدثت بعد صلاة الغداة يجب للظهرين ، ولو حدثت بعدهما يجب للعشاءين .

والثالثة: أن يسيل من القطنة إلى الخرقة . وحكمها : ـ مضافاً إلى ما ذُكر ، وإلى تبديل الخرقة أو تطهيرها ـ غسل آخر للظهرين تجمع بينهما ، وغسل للعشاءين تجمع بينهما . هذا إذا حدثت قبل صلاة الفجر ، ولو حدثت بعدها يجب في ذلك اليوم غسلان : غسل للظهرين ، وغسل للعشاءين ، ولو حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشاءين . والظاهر أنّ الجمع بين الصلاتين بغسل واحد مشروط بالجمع بينهما ، وأنّه رخصة لا عزيمة ، فلو لم تجمع بينهما يجب الغسل لكلّ منهما . فظهر ممّا مرّ : أنّ الاستحاضة الصغرى حدث أصغر كالبول ، فإن استمرّت أو حدثت قبل كلّ صلاة من الصلوات الخمس ، تكون كالحدث المستمرّ مثل السلس . والكبرى والوسطى حدث أصغر وأكبر .

(مسألة 1) : يجب على المستحاضة ـ على الأحوط([5]) ـ اختبار حالها في وقت كلّ صلاة بإدخال قطنة ونحوها ، والصبر قليلاً ؛ لتعلم أنّها من أيّ قسم من الأقسام ؛ لتعمل بمقتضى وظيفتها . ولايكفي الاختبار قبل الوقت إلاّ إذا علمت بعدم تغيّر حالها إلى ما بعد الوقت . فلو لم تتمكّن من الاختبار ، فإن كان لها حالة سابقة معلومة ـ من القلّة أو التوسّط أو الكثرة ـ تأخذ بها وتعمل بمقتضى وظيفتها ، وإلاّ فتأخذ بالقدر المتيقّن ، فإن تردّدت بين القليلة وغيرها تعمل عمل القليلة ، وإن تردّدت بين المتوسّطة والكثيرة تعمل عمل المتوسّطة . والأحوط مراعاة أسوأ الحالات .

(مسألة 2) : إنّما يجب تجديد الوضوء لكلّ صلاة والأعمال المذكورة لو استمرّ الدم ، فلو فرض انقطاعه قبل صلاة الظهر يجب لها فقط ، ولايجب للعصر ولا للعشاءين ، وإن انقطع بعد الظهر وجب للعصر فقط وهكذا ، بل لو انقطع وتوضّأت للظهر ، وبقي وضوؤها إلى المغرب والعشاء ، صلّـتهما بذلك الوضوء ، ولم تحتج إلى تجديده .

(مسألة 3) : يجب بعد الوضوء والغسل المبادرة إلى الصلاة لو لم ينقطع الدم بعدهما ، أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو في أثنائها . نعم لو توضّأت واغتسلت في أوّل الوقت ـ مثلاً ـ وانقطع الدم حين الشروع في الوضوء والغسل ـ ولو انقطاع فترة ـ وعلمت بعدم عوده إلى آخر الوقت ، جاز لها تأخير الصلاة .

(مسألة 4) : يجب عليها بعد الوضوء والغسل التحفّظ من خروج الدم ـ مع عدم خوف الضرر([6]) ـ بحشو قطنة أو غيرها وشدّها بخرقة ، فلو خرج الدم لتقصير منها في التحفّظ والشدّ أعادت الصلاة ، بل الأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ إعادة الغسل والوضوء أيضاً([7]) . نعم لو كان خروجه لغلبته ـ لا لتقصير منها في التحفّظ ـ فلابأس .

(مسألة 5) : لو انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى ، كما إذا صارت القليلة متوسّطة أو كثيرة ، أو المتوسّطة كثيرة ، فبالنسبة إلى الصلاة التي صلّـتها مع وظيفة الأدنى لا أثر لهذا الانتقال ، فلايجب إعادتها . وأمّا بالنسبة إلى الصلوات المتأخّرة فتعمل عمل الأعلى . وكذا بالنسبة إلى الصلاة التي انتقلت من الأدنى إلى الأعلى في أثنائها ، فعليها الاستئناف والعمل على الأعلى ، فلو تبدّلت القليلة بالمتوسّطة أو بالكثيرة بعد صلاة الصبح مضت صلاتها ، وتكون بالنسبة إلى الظهرين والعشاءين ، كما إذا حدثتا بعد الصلاة من دون سبق القلّة ، فتغتسل غسلاً واحداً للظهرين في الصورة الاُولى ، وغسلين لهما وللعشاءين في الثانية ، بخلاف ما لو تبدّلت إليهما قبل صلاة الصبح أو في أثنائها ، فإنّها تغتسل لها ، بل لو توضّأت قبل التبدّل تستأنف الوضوء ، حتّى لو تبدّلت المتوسّطة بالكثيرة بعد الاغتسال لصلاة الصبح استأنفت الغسل ، وتعمل في ذلك اليوم عمل الكثيرة ، كما إذا لم تكن مسبوقة بالتوسّط . وإن انتقلت من الأعلى إلى الأدنى تعمل لصلاة واحدة عمل الأعلى ، ثمّ تعمل عمل الأدنى ، فلو تبدّلت الكثيرة إلى القليلة قبل الاغتسال لصلاة الصبح ـ واستمرّت عليها ـ اغتسلت للصبح ، واكتفت بالوضوء للبواقي ، ولو تبدّلت الكثيرة إلى المتوسّطة بعد صلاة الصبح ، اغتسلت للظهر واكتفت بالوضوء للعصر والعشاءين .

(مسألة 6) : يصحّ الصوم من المستحاضة القليلة ، ولايشترط في صحّـته الوضوء . وأمّا غيرها فيشترط في صحّة صومها الأغسال النهارية على الأقوى ، ولايترك الاحتياط في الكثيرة بالنسبة إلى الليليّة للّيلة الماضية .

(مسألة 7) : لو انقطع دمها ، فإن كان قبل فعل الطهارة أتت بها وصلّت ، وإن كان بعد فعلها وقبل فعل الصلاة ، أعادتها وصلّت إن كان الانقطاع لبُرء . وكذا لو كان لفترة واسعة للطهارة والصلاة في الوقت . وأمّا لو لم تكن واسعة لهما اكتفت بتلك الطهارة وصلّت ، وكذلك لو كانت شاكّة في سعتها . والأحوط لمن علمت بالسعة ولكن شكّت في أنّه للبُرء أو الفترة إعادةُ الطهارة . ولو انقطع في أثناء الصلاة أعادت الطهارة والصلاة إن كان لبُرء أو لفترة واسعة ، وإن لم تكن واسعة أتمّت صلاتها . ولو انقطع بعد فعل الصلاة فلا إعادة عليها على الأقوى وإن كان لبُرء .

(مسألة 8) : قد تبيّن ـ ممّا مرّ ـ حكم المستحاضة وما لها من الأقسام ووظائفها بالنسبة إلى الصلاة والصيام . وأمّا بالنسبة إلى سائر الأحكام : فلا إشكال في أنّه يجب عليها الوضوء فقط للطواف الواجب لو كانت ذات الصغرى ، وهو مع الغسل([8]) لو كانت ذات الوسطى أو الكبرى . والأحوط عدم كفاية الوضوء الصلاتي في الاُولى مع استدامتها ، ولا هو مع الغسل في غيرها ، خصوصاً لو أوقعت ذات الوسطى الطواف في غير وقت الغداة ، أو ذات الكبرى في غير الأوقات الثلاثة ، فيتوقّف صحّة طوافها على الوضوء والغسل له مستقلاّ على الأحوط . وأمّا الطواف المستحبّ ، فحيث إنّه لايشترط فيه الطهارة من الحدث ، لايحتاج إلى الوضوء ولا إلى الغسل من حيث هو ؛ وإن احتاج إلى الغسل في غير ذات الصغرى ؛ من جهة دخول المسجد لو قلنا به . وأمّا مسّ كتابة القرآن فلا إشكال في أنّه لايحلّ لها إلاّ بالوضوء فقط في ذات الصغرى ، وبه مع الغسل في غيرها . والأحوط عدم الاكتفاء بمجرّد الإتيان بوظائف الصلاة ، فتأتي بالوضوء أو الغسل له مستقلاّ . نعم الظاهر جوازه حال إيقاع الصلاة التي أتت بوظيفتها .

وهل تكون ذات الكبرى والوسطى بحكم الحائض مطلقاً ؛ فيحرم عليهما ما يحرم عليها بدون الغسل ، أم لا ؟ الأحوط أن لايغشاها([9]) زوجها ما لم تغتسل ، ولايجب ضمّ الوضوء وإن كان أحوط ، ويكفي الغسل الصلاتي لو واقع في وقتها بعد الصلاة ، وأمّا لو واقع في وقت آخر فيحتاج إلى غسل له مستقلاّ على الأحوط ، كما قلنا في الطواف . وأمّا مكثها في المساجد ودخولها المسجدين فالأقوى جوازه([10]) لها بدون الاغتسال وإن كان الأحوط الاجتناب بدونه للصلاة أو له مستقلاّ كالوطء . وأمّا صحّة طلاقها فلا إشكال في عدم كونها مشروطة بالاغتسال .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ الكلّية تامّة والإشكال غير وارد .

[2] ـ المعيار في القليلة تلوّث القطنة بالدم من غير غمس فيها ، والمتوسّطة تلوّثها مع الغمس من دون السيلان إلى الخرقة .

[3] ـ بل لايخلو عن قوّة .

[4] ـ غير الوضوء منه، فإنّ الأغسال مطلقاً مجزئة عن الوضوء ، وأنّ «أيّ وضوء أنقى من الغسل» ؟ وبذلك يظهر عدم وجوب الوضوء زائداً على الغسل في الثالثة أيضاً .

[5] ـ بل على الأقوى .

[6] ـ والمشقّة .

[7] ـ مرّ كفاية الغسل عن الوضوء .

[8] ـ بناءً على عدم كفاية مطلق الغسل عن الوضوء ، وأ مّا على المختار من كفاية مطلق الغسل عنه، وأنّ «أيّ وضوء أنقى من الغسل» فالغسل وحدة كاف في الطواف الواجب، كالصلاة ، كما لايخفى .

[9] ـ بل الأقوى .

[10] ـ الأقوائية ممنوعة ، بل الظاهر اشتراط الجواز لها بالاغتسال .

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org