|
فِي الرَّهْبَةِ
اَللّهُمَّ اِنَّكَ خَلَقْتَني سَوِيّاً، وَرَبَّيْتَني صَغيراً، وَرَزَقْتَني مَكْفِياً.
اَللّهُمَّ اِنّي وَجَدْتُ فيما اَنْزَلْتَ مِنْ كِتابِكَ، وَبَشَّرْتَ بِهِ عِبادَكَ اَنْ قُلْتَ: «يا عِبادِيَ الَّذينَ اَسْرَفُوا عَلى اَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ اِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً»([47]) وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنّي ما قَدْ عَلِمْتَ، وَما اَنْتَ اَعْلَمُ بِهِ مِنّي، فَيا سَوْاَتا مِمّا اَحْصاهُ عَلَيَّ كِتابُكَ، فَلَوْلا الْمَواقِفُ الَّتي اُؤَمِّلُ مِنْ عَفْوِكَ الَّذي شَمِلَ كُلَّ شَيْء، لاََلْقَيْتُ بِيَدي، وَلَوْ اَنَّ اَحَداً اسْتَطاعَ الْهَرَبَ مِنْ رَبِّهِ، لَكُنْتُ اَنَا اَحَقَّ بِالْهَرَبِ مِنْكَ، وَاَنْتَ لا تَخْفى عَلَيْكَ خافِيَةٌ فِي الاَْرْضِ وَلا فِي السَّماءِ اِلاّ اَتَيْتَ بِها، وَكَفى بِكَ جازِياً، وَكَفى بِكَ حَسيباً. اَللّهُمَّ اِنَّكَ طالِبي اِنْ اَنَا هَرَبْتُ، وَمُدْرِكي اِنْ اَنَا فَرَرْتُ، فَها اَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ خاضِعٌ ذَليلٌ راغِمٌ، اِنْ تُعَذِّبْني فَاِنّي لِذلِكَ اَهْلٌ، وَهُوَ، يا رَبِّ، مِنْكَ عَدْلٌ، وَاِنْ تَعْفُ عَنّي فَقَديماً شَمَلَني عَفْوُكَ، وَاَلْبَسْتَني عافِيَتَكَ. فَاَسْاَلُكَ، اَللّهُمَّ، بِالْمَخْزُونِ مِنْ اَسْمآئِكَ، وَبِما وارَتْهُ الْحُجُبُ مِنْ بَهآئِكَ، اِلاّ رَحِمْتَ هذِهِ النَّفْسَ الْجَزُوعَةَ، وَهذِهِ الرِّمَّةَ الْهَلُوعَةَ، الَّتي لا تَسْتَطيعُ حَرَّ شَمْسِكَ، فَكَيْفَ تَسْتَطيعُ حَرَّ نارِكَ؟! وَ الَّتي لا تَسْتَطيعُ صَوْتَ رَعْدِكَ، فَكَيْفَ تَسْتَطيعُ صَوْتَ غَضَبِكَ؟! فَارْحَمْنِي اَللّهُمَّ، فَاِنِّي امْرُؤٌ حَقيرٌ، وَخَطَري يَسيرٌ، وَلَيْسَ عَذابي مِمّا يَزيدُ في مُلْكِكَ مِثْقالَ ذَرَّة، وَلَوْ اَنَّ عَذابي مِمّا يَزيدُ في مُلْكِكَ لَسَأَلْتُكَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ، وَاَحْبَبْتُ اَنْ يَكُونَ ذلِكَ لَكَ، وَلكِنْ سُلْطانُكَ اللّهُمَّ اَعْظَمُ، وَمُلْكُكَ اَدْوَمُ مِنْ اَنْ تَزيدَ فيهِ طاعَةُ الْمُطيعينَ، اَوْ تَنْقُصَ مِنْهُ مَعْصِيَةُ الْمُذْنِبينَ. فَارْحَمْني يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، وَتَجاوَزْ عَنّي ياذَا الْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، وَتُبْ عَلَيَّ، اِنَّكَ اَنْتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ. ______________________________________________ [47]. الزمر: 53.
|