Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الاستدلال بالروايات الخاصّة/أمّا الروايات الخاصّة، فهي على طوائف:

الاستدلال بالروايات الخاصّة/أمّا الروايات الخاصّة، فهي على طوائف:

الأُولى: ما ورد في جواز بيع اللحم المذكّى، المختلط بالميتة ممّن يستحلّ الميتة:

منها: صحيحة الحلبي، قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) يقول: «إذا اختلط الذكيّ والميتة، باعه ممّن يستحلّ الميتة، ويأكل ثمنه»([371]).

ومنها: صحيحته الاُخرى، عن أبي عبدالله(علیه السلام) أنّـه سئل عن رجل كان له غنم وبقر، وكان يدرك الذكيّ منها فيعزله، ويعزل الميتة، ثمّ إنّ الميتة والذكيّ اختلطا، كيف يصنع به؟ قال: «يبيعه ممّن يستحلّ الميتة، ويأكل ثمنه، فإنّـه لا بأس»([372]).

الثانية: ما ورد في جواز بيع العجين ممّن يستحلّ الميتة:

منها: ما رواه ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، في العجين من الماء النجس كيف يصنع به؟ قال: «يباع ممّن يستحلّ الميتة»([373]).

تنبيهٌ:

ثمّ لا يخفى أنّ صاحب الوسائل، بعد نقل الرواية الأخيرة، نقل مرسلة لابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، قال: «يدفن ولا يباع»([374])، ثمّ قال:

أقول: حمله الشيخ على الاستحباب([375]).([376])

والظاهر من كلامه، أنّ الشيخ(قدس سرّه) كان في مقام رفع التعارض بين روايتي حفص بن البخترى ومرسلة ابن أبي عمير، بحمل الثاني منهما على الاستحباب.

لكنّـه مخالف لنصّ عبارة الشيخ(قدس سرّه)، فإنّ الشيخ(قدس سرّه) لم يكن بصدد رفع التعارض بين تلك الروايتين، بل كان بصدد رفع التعارض بين الروايات الواردة في العجين بالماء النجس، ممّا دلّت على نفي البأس عن أكل خبزه بقوله: «إذا أصابته النار فلا بأس بأكله»([377])، وما كانت منها ظاهرة في عدم جواز الأكل من قوله(علیه السلام) في مرسلة ابن أبي عمير: «يباع ممّن يستحلّ الميتة»، وفي مرسلته الأخرى، قال: «يدفن ولا يباع»، بحمل هذين الخبرين الدالّة على وجوب البيع بمن يستحلّ الميتة، والدفن دون البيع ممّا تكون ظاهرة في عدم جواز الأكل، كما لا يخفى، على الاستحباب فيهما حتّى لا تكونان معارضتين؛ لجواز الأكل.

وإليك نصّ كلامه، فإنّـه بعد نقله المرسلتين لابن أبي عمير، قال:

فالوجه في هذين الخبرين ]خبري ابن أبي عمير[ أن نحملهما على ضرب من الاستحباب([378]).

هذا، مع عدم التعارض بين رواية حفص بن البختري وما نقله من المرسلة، حيث إنّ النسبة بينهما الإطلاق والتقييد، كما لا يخفى، فلا تعارض بينهما من رأس، فيكون المراد من النهي عن البيع في المرسلة، البيع إلى غير المستحلّ للميتة، بل لك أن تقول: إنّ رواية حفص شارحة للمرسلة ومبيّنة لها.

الثالثة: ما ورد في عدم جواز بيع الدهن النجس من المسلم:

منها: رواية عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(علیه السلام)، قال: سألته عن حبّ دهن ماتت فيه فأرة؟ قال: «لا تدهن به، ولا تبعه من مسلم»([379]).

هذه الرواية بمفهومها تدلّ على جواز بيعه من غير المسلم، المستحلّ للميتة.

ولا يخفى عليك أنّ هذه الطوائف من الأخبار، وإن كانت في موارد خاصّة، لكن من الممكن أن يكون المستفاد منها قاعدة كلّيّـة، وهي: أنّ كلّ ما يكون محرّم الانتفاع عند المسلمين، جاز بيعه ممّن يستحلّه من غير المسلمين.

وذلك لإلغاء الخصوصيّـة، والمناسبة بين الحكم والموضوع بتنقيح المناط عرفاً، وأنّـه هو استحلال المشتري الغير المسلم، بل لك أن تقول: إنّ المعيار فيه هو استحلال المشتري ولو كان مسلماً. وعليه يمكن القول بجواز بيع ما يحرم الانتفاع به عند الطائفة الحقّة الاثنى عشريّـة بالعامّة القائلين بحلّيّته، مثل أنّ السمك الذي ليس له فلس، إن كان محلّل الانتفاع عند العامّة، جاز للشيعيّ المعتقد بحرمته أن يبيعه منهم.

ثمّ إنّ في حول القاعدة وتبيين تلك الأخبار، لا سيّما الوارد منها في بيع المختلط بالميتة، مباحث متعدّدة أشار إلى جلّها الشيخ الأعظم، فينبغي نقل عبارته قبل الورود في المباحث؛ لزيادة البصيرة والاطّلاع عليها، ودونك عبارته، قال(قدس سرّه):

إنّـه كما لا يجوز بيع الميتة منفردة، كذلك لا يجوز بيعها منضمّة إلى مذكّى، ولو باعهما، فإن كان المذكّى ممتازاً، صحّ البيع فيه، وبطل في الميتة، كما سيجيء في محلّه، وإن كان مشتبهاً بالميتة، لم يجز بيعه أيضاً؛ لأنّـه لا ينتفع به منفعة محلّلة، بناءً على وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين، فهو في حكم الميتة من حيث الانتفاع، فأكل المال بإزائه، أكل للمال بالباطل، كما أنّ أكل كلّ من المشتبهين في حكم أكل الميتة.

ومن هنا يعلم: أنّـه لا فرق في المشتري بين الكافر المستحلّ للميتة وغيره، لكن في صحيحة الحلبي وحسنته: «إذا اختلط المذكّى بالميتة، بيع ممّن يستحلّ الميتة»([380])، وحكي نحوهما عن كتاب عليّ بن جعفر، واستوجه العمل بهذه الأخبار في الكفاية ([381])، وهو مشكل، مع أنّ المرويّ عن أمير المؤمنين(علیه السلام) أنّـه يرمي بها ([382]).

وجوّز بعضهم البيع بقصد بيع المذكّى، وفيه: أنّ القصد لا ينفع، بعد فرض عدم جواز الانتفاع بالمذكّى، لأجل الاشتباه.

نعم، لو قلنا بعدم وجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة، وجواز ارتكاب أحدهما، جاز البيع بالقصد المذكور، لكن لا ينبغي القول به في المقام؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد من المشتبهين عدم التذكية، غاية الأمر، العلم الإجمالي بتذكية أحدهما، وهو غير قادح في العمل بالأصلين، وإنّما يصحّ القول بجواز ارتكاب أحدهما في المشتبهين، إذا كان الأصل في كلّ منهما الحلّ، وعلم إجمالاً بوجود الحرام، فقد يقال هنا بجواز ارتكاب أحدهما، اتّكالاً على أصالة الحلّ، وعدم جواز ارتكاب الآخر بعد ذلك، حذراً عن ارتكاب الحرام الواقعيّ، وإن كان هذا الكلام مخدوشاً في هذا المقام أيضاً، لكنّ القول به ممكن هنا، بخلاف ما نحن فيه لما ذكرنا، فافهم.([383]) انتهى كلامه، رفع مقامه.

وبعد ذلك نتكلّم في مباحث:

-------------------
[371]. الكافي 6: 260، كتاب الأطعمة، باب اختلاط الميتة بالمذكّى، الحديث 2؛ وسائل الشيعة 17: 99، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، الحديث 1.
[372]. الكافي 6: 260، كتاب الأطعمة، باب اختلاط الميتة بالمذكّى، الحديث 1؛ وسائل الشيعة 17: 99، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، الحديث 2.
[373]. التهذيب 1: 414/1305، باب المياه وأحكامها، الحديث 24؛ الاستبصار 1: 29/76، باب الماء يقع فيه شيء ينجّسه ويستعمل في العجين وغيره، الحديث 3، وفيهما: «أكل الميتة»؛ وسائل الشيعة 17: 100، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، الحديث 3.
[374]. التهذيب 1: 414/1306، باب المياه وأحكامها، الحديث 25؛ الاستبصار 1: 29/77، باب الماء يقع فيه شيء ينجّسه ويستعمل في العجين وغيره، الحديث 4؛ وسائل الشيعة 17: 100، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، الحديث 4.
[375]. راجع: الاستبصار 1: 30، ذيل الحديث 77.
[376]. وسائل الشيعة 17: 100، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، ذيل الحديث 4.
[377]. التهذيب 1: 413/1303، باب المياه وأحكامها، الحديث 22؛ الاستبصار 1: 29/74، باب الماء يقع فيه شيء ينجّسه ويستعمل في العجين وغيره، الحديث 1؛ وسائل الشيعه 1: 175، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 17.
[378]. الاستبصار 1: 30، ذيل الحديث 77.
[379]. قرب الإسناد: 208، الحديث 1019؛ وسائل الشيعة 17: 100، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، الحديث 5.
[380]. الكافي 6: 260، باب اختلاط الميتة بالذكيّ، الحديث 2؛ وسائل الشيعة 17: 99، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، الحديث 1، وفيهما:«إذا اختلط الذكيّ والميتة باعه ممّن يستحلّ الميتة ويأكل ثمنه».
[381]. كفاية الأحكام 1: 424.
[382]. دعائم الإسلام 2: 180، كتاب الذبائح، الفصل 3، الحديث 655؛ مستدرك الوسائل 13: 73، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 7، الحديث 1.
[383]. المكاسب 1: 36 ـ 37.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org