Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ والتدليس

القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ والتدليس

وهي قسمان : مشترك ومختصّ . أمّا المشترك : فهو الجنون ، وهو اختلال العقل ، وليس منه الإغماء ، ومرض الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة في بعض الأوقات . ولكلّ من الزوجين فسخ النكاح بجنون صاحبه في الرجل مطلقاً ; سواء كان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به ، أو حدث بعده قبل الوطء أو بعده . نعم في الحادث بعد العقد ـ إذا لم يبلغ حدّاً لايعرف أوقات الصلاة([1]) ـ تأمّل وإشكال ، فلايترك الاحتياط([2]) . وأمّا في المرأة ففيما إذا كان قبل العقد ولم يعلم الرجل ، دون ما إذا طرأ بعده . ولا فرق في الجنون الموجب للخيار بين المطبق والأدوار وإن وقع العقد حال إفاقته ، كما أنّ الظاهر عدم الفرق في الحكم بين النكاح الدائم والمنقطع .

وأمّا المختصّ([3]) : فالمختصّ بالرجل ثلاثة : الخصاء ، وهو سلّ الخصيتين أو رضّهما ، وتفسخ به المرأة مع سبقه على العقد وعدم علمها به .

والجبّ ، وهو قطع الذكر ; بشرط أن لايبقى منه ما يمكن معه الوطء ولو قدر الحشفة ، وتفسخ المرأة فيما إذا كان ذلك سابقاً على العقد . وأمّا اللاحق به ففيه تأمّل([4]) ، بل لايبعد عدم الخيار في اللاحق مطلقاً ; سواء كان قبل الوطء أو بعده .

والعنن ، وهو مرض تضعف معه الآلة عن الانتشار بحيث يعجز عن الإيلاج . فتفسخ المرأة بشرط عجزه عن الوطء مطلقاً ، فلو لم يقدر على وطئها وقدر على وطء غيرها لا خيار لها([5]) . ويثبت به الخيار سواء سبق العقد أو تجدّد بعده ، لكن بشرط أن لم يقع منه وطؤها ولو مرّة حتّى دبراً ، فلو وطأها ثمّ حدثت به العنّة ـ بحيث لم يقدر على الوطء بالمرّة ـ فلا خيار لها .

والمختصّ بالمرأة ستة : البرص والجذام والإفضاء ـ وقد مرّ تفسيره فيما سبق ـ والقرن ، ويقال له : العفل ، وهو لحم أو غُدّة أو عظم ينبت في فم الرحم يمنع عن الوطء ، بل ولو لم يمنع إذا كان موجباً للتنفّر والانقباض على الأظهر ، والعرج البيّن([6]) وإن لم يبلغ حدّ الإقعاد والزّمانة على الأظهر ، والعمى ، وهو ذهاب البصر عن العينين وإن كانتا مفتوحتين ، ولا اعتبار بالعور ، ولابالعشا ، وهي علّة في العين ; لايبصر في الليل ويبصر بالنهار ، ولابالعمش ، وهو ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في غالب الأوقات .

(مسألة 1) : إنّما يفسخ العقد بعيوب المرأة إذا تبيّن وجودها قبل العقد ، وأمّا ما يتجدّد بعده فلا اعتبار به([7]) ; سواء كان قبل الوطء أو بعده .

(مسألة 2) : ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار ; لا من طرف الرجل ، ولا من طرف المرأة .

(مسألة 3): ليس الجذام والبرص من عيوب الرجل الموجبة لخيار المرأة على الأقوى([8]).

(مسألة 4) : خيار الفسخ في كلّ من الرجل والمرأة([9]) على الفور ، فلو علم كلّ منهما بالعيب فلم يبادر بالفسخ لزم العقد . نعم الظاهر أنّ الجهل بالخيار ـ بل والفوريّة ـ عذر ، فلايسقط مع الجهل بأحدهما لو لم يبادر .

(مسألة 5) : إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره مع اليمين إن لم تكن لمدّعيه بيّنة ، ويثبت بها العيب حتّى العنن على الأقوى . كما أنّه يثبت كلّ عيب بإقرار صاحبه أو البيّنة على إقراره ، وكذا يثبت باليمين المردودة على المدّعي . ولو نكل المنكر عن اليمين ولم يردّها ردّها الحاكم على المدّعي ، فإن حلف يثبت به . وتثبت العيوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة([10]) عادلات ، كما في نظائرها .

(مسألة 6) : لو ثبت عنن الرجل فإن صبرت فلا كلام ، وإن لم تصبر ورفعت أمرها إلى حاكم الشرع لاستخلاص نفسها منه أجّلها سنة كاملة([11]) من حين المرافعة ، فإن واقعها أو واقع غيرها([12]) في أثناء هذه المدّة فلا خيار لها ، وإلاّ كان لها الفسخ فوراً عرفيّاً ، فإن لم تبادر به فإن كان بسبب جهلها بالخيار ـ أو فوريّته ـ لم يضرّ كما مرّ ، وإلاّ سقط خيارها ، وكذا إن رضيت أن تقيم معه ثمّ طلبت الفسخ بعد ذلك ، فإنّه ليس لها ذلك .

(مسألة 7) : الفسخ بالعيب([13]) ليس بطلاق ; سواء وقع من الزوج أو الزوجة ، فليس له أحكامه إلاّ تنصيف المهر في الفسخ بالعنن كما يأتي . ولايعتبر فيه شروطه ، فلايحسب من الثلاثة المحرّمة المحتاجة إلى المحلّل ، ولايعتبر فيه الخلوّ من الحيض والنفاس ولا حضور العدلين .

(مسألة 8) : يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون إذن الحاكم ، وكذا المرأة بعيب الرجل . نعم مع ثبوت العنن يفتقر إلى الحاكم([14]) ، لكن من جهة ضرب الأجل ـ حيث إنّه من وظائفه([15]) ـ لا من جهة نفوذ فسخها ، فبعد ما ضرب الأجل لها ، كان لها التفرّد بالفسخ عند انقضائه وتعذّر الوطء في المدّة من دون مراجعته .

(مسألة 9) : لو فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها ، وإن كان بعده استقرّ عليه المهر المسمّى . وكذا الحال فيما إذا فسخت المرأة بعيب الرجل ، فتستحقّ تمام المهر إن كان بعده ، وإن كان قبله لم تستحقّ شيئاً إلاّ في العنن ، فإنّها تستحقّ عليه نصف المهر المسمّى .

(مسألة 10) : لو دلّست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار ، وتبيّن له بعد الدخول ، فإن اختار البقاء فعليه تمام المهر ، وإن اختار الفسخ لم تستحقّ المهر ، وإن دفعه إليها استعاده . وإن كان المدلّس غير الزوجة ، فالمهر المسمّى وإن استقرّ على الزوج بالدخول واستحقّت عليه الزوجة ، إلاّ أنّه بعد ما دفعه إليها يرجع به إلى المدلّس ويأخذه منه .

(مسألة 11) : يتحقّق التدليس بتوصيف المرأة بالصحّة عند الزوج للتزويج ; بحيث صار ذلك سبباً لغروره وانخداعه ، فلايتحقّق بالإخبار لا للتزويج أو لغير الزوج ، والظاهر تحقّقه ـ أيضاً ـ بالسكوت عن العيب مع العلم به وخفائه عن الزوج واعتقاده بالعدم .

(مسألة 12) : من يكون تدليسه موجباً للرجوع عليه بالمهر هو الذي يسند إليه التزويج ; من وليّها الشرعي أو العرفي ، كأبيها وجدّها واُمّها وأخيها الكبير وعمّها وخالها ; ممّن لا تصدر إلاّ عن رأيهم ويتصدّون تزويجها ، ويرجع إليهم فيه في العرف والعادة . ومثلهم على الظاهر بعض الأجانب ممّن له شدّة علاقة وارتباط بها بحيث لا تصدر إلاّ عن رأيه ، ويكون هو المرجع في اُمورها المهمّة ويركن إليه فيما يتعلّق بها . بل لايبعد أن يلحق بمن ذكر من يراود عند الطرفين ويعالج في إيجاد وسائل الائتلاف في البين .

(مسألة 13) : كما يتحقّق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون والعمى وغيرهما ، كذلك يتحقّق في مطلق النقص كالعور ونحوه بإخفائه . وكذا في صفات الكمال كالشرف والحسب والنسب والجمال والبكارة وغيرها بتوصيفها بها مع فقدانها . ولا أثر للأوّل ـ أي التدليس في العيوب الموجبة للخيار إلاّ رجوع الزوج على المدلّس بالمهر كما مرّ . وأمّا الخيار فإنّما هو بسبب نفس وجود العيب . وأمّا الثاني ـ وهو التدليس في سائر أنواع النقص ، وفي صفة الكمال ـ فهو موجب للخيار إذا كان عدم النقص أو وجود صفة الكمال ، مذكورين في العقد بنحو الاشتراط . ويلحق به توصيفها به في العقد وإن لم يكن بعبارة الاشتراط ، كما إذا قال : «زوّجتك هذه الباكرة أو غير الثيّبة» ، بل الظاهر أنّه إذا وصفها بصفة الكمال أو عدم النقص قبل العقد ـ عند الخطبة والمقاولة ـ ثمّ أوقعه مبنيّاً على ما ذكر ، كان بمنزلة الاشتراط ، فيوجب الخيار ، وإذا تبيّن ذلك بعد العقد والدخول ، واختار الفسخ ودفع المهر ، رجع به على المدلّس .

(مسألة 14) : ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليّها عن النقص ـ مع وجوده واعتقاد الزوج عدمه ـ في غير العيوب الموجبة للخيار ، وأولى بذلك سكوتهما عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها .

(مسألة 15) : لو تزوّج امرأة على أنّها بكر ـ بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة ـ فوجدها ثيّباً ، لم يكن له الفسخ ، إلاّ إذا ثبت بالإقرار أو البيّنة سبق ذلك على العقد ، فكان له الفسخ . نعم لو تزوّجها باعتقاد البكارة ، ولم يكن اشتراط ولا توصيف وإخبار وبناء على ثبوتها فبان خلافها ، ليس له الفسخ وإن ثبت زوالها قبل العقد .

(مسألة 16) : لو فسخ في الفرض المتقدّم حيث كان له الفسخ ، فإن كان قبل الدخول فلا مهر ، وإن كان بعده استقرّ المهر ورجع به على المدلّس ، وإن كانت هي المدلّس لم تستحقّ شيئاً . وإن لم يكن تدليس استقرّ عليه المهر ولا رجوع له على أحد. وإذا اختار البقاء أو لم يكن له الفسخ ـ كما في صورة اعتقاد البكارة من دون اشتراط وتوصيف وبناء ـ كان له أن ينقص([16]) من مهرها شيئاً ، وهو نسبة التفاوت بين مهر مثلها بكراً وثيّباً ، فإذا كان المهر المسمّى مائة وكان مهر مثلها بكراً ثمانين وثيّباً ستّين ينقص من المائة ربعها ، والأحوط في صورة العلم بتجدّد زوالها أو احتماله التصالح ; وإن كان التنقيص بما ذكر لايخلو من وجه .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ أو مثل ذلك الحدّ; لعدم الموضوعية والخصوصية للحدّ المذكور، كما لايخفى.

[2] ـ بترك الفسخ، بل عدم كونه سبباً للخيار، ما لم يبلغ حدّ الجنون المسقط للتكليف، لايخلو من قوّة. نعم ما كان مثله ومثل الصرع والإغماء موجباً للضرر والحرج غير القابل للتحمُّل، فالظاهر جواز الفسخ به; لقاعدتي نفي الضرر والحرج.

[3] ـ أي بحسبه بما هو هو، وبالنصوص والأدلّة الخاصّة والفتاوى التابعة لها، وإلاّ فبحسب قاعدتي نفي الضرر والحرج لا اختصاص بالثلاثة، بل حقّ الفسخ لها تابع لتحقُّق الضرر أو الحرج، فثبوت الخيار لها مطلقاً في كلّ العيوب والأمراض المسرية ونحوهما ممّا كان موجباً للحرج أو الضرر وإن كانت حادثة بعد العقد لايخلو من قوّة; قضاءً لإطلاق أدلّة نفي الضرر والحرج.

[4] ـ وإن كان ثبوت الخيار فيه مع الضرر أو الحرج لايخلو من قوّة، كما مرّ.

[5] ـ بل لها الخيار أيضاً، وموثّقة عمّار التي يستدلّ بها على ذلك ترتبط بتكليف الرجل وحكمه، وهي أجنبيّة عن المسألة وفسخ الزوجة، فراجعها، كما أنّ قوله(عليه السلام): «لايأتي النساء» في حديث عبّاد وعليّ بن جعفر وارد مورد الغالب. (وسائل الشيعة 21: 229 و 232 / 3 و2 و13)

وقوله: «لايقدر» في صحيحتي أبي بصير والكناني (وسائل الشيعة 21: 229 و231 / 1 ـ 6 و7) بما أنّه يكون في مورد السؤال وفي كلام السائل، لا المسؤول، لا عموم فيه من حيث العنن والعيب، وإلاّ فمن حيث الحرج والضرر تابع لتحقّقهما، كما لايخفى.

[6] ـ أي الذي يعدّ عيباً عرفاً.

[7] ـ من حيث هو هو ومن حيث العيب، وإلاّ فمن حيث الحرج والعيب تابع لتحقّقهما فيه وفي جميع العيوب والأمراض، كما مرّ مراراً.

وبالجملة، الفسخ له أسباب ثلاثة، أحدها: العيوب المذكورة، ثانيها: الحرج والضرر، ثالثها: التدليس، وأحكام كلٍّ منها مختصّة به، فقد يكون الفسخ مختصّاً بما قبل العقد من حيث العيب مثلاً، لكنّه شامل لما بعد العقد من حيث الحرج والتدليس مثلاً، فتدبّر جيّداً وكن على ذكر من ذلك في تفريع الأحكام وتفريقها; لـئـلاّ يلتبس ولايختلط عليك الأمر.

[8] ـ بل يكونان منها على الأقوى.

[9] ـ في جميع أسبابه الثلاثة.

[10] ـ بل بشهادة اثنتين; للأصل في الشهادة، وعدم الدليل على خلافه في مثل المورد، والآية الشريفة: (فَإنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَان) (البقرة(2): 282) خاصّة بموردها.

[11] ـ للعلم باستمراره في طول السنة وكونه عيباً دائميّاً، وبأنّ فصول السنة غير مؤثّرة في رفعه، كما هو المستفاد عرفاً من أدلّة التأجيل كذلك بمناسبة الحكم والموضوع. وعليه فلا موضوعية للتأجيل، فمع العلم وقيام الحجّة الشرعية على دوامه وعدم تأثير الفصول في رفعه لا موقع للتأجيل، وبالجملة، التأجيل طريقي لا موضوعي، فتدبّر جيّداً.

[12] ـ بما يكون كاشفاً من أنّ عدم مواقعته لزوجته لخصوصية فيها لا لعننه.

[13] ـ أو بغيره من السببين الآخرين.

[14] ـ فيما اُريد حكمه بالفسخ.

[15] ـ لكونه حاكماً بالفسخ حسب المفروض، وإلاّ ففيما أرادا الفسخ بأنفسهما فيكفي ضربهما الأجل; لأنّ الأجل طريق اختبار للعلم بالعنن المحقّق في الفصول الأربعة.

[16] ـ لايبعد عدم اختصاص ما له من تنقيص المهر بالبقاء، بل له ذلك مع الفسخ أيضاً; قضاءً لترك التفصيل في صحيحة محمّد بن جزك. (وسائل الشيعة 21: 223 / 2)

مسألة ـ الظاهر، بل المعلوم عدم الفرق في التدليس بين كونه من قبل الزوجة أو الزوج; لقاعدة الغرور والتدليس; ولإلغاء الخصوصية من تدليس الزوجة بل الأولوية; لعدم كون الطلاق بيدها عكس الزوج، ولبعض الأخبار، كصحيح ابن مسلم قال: سألت أبا عبداللّه(عليه السلام)عن امرأة حرّة تزوّجت مملوكاً على أنّه حرّ، فعلمت بعد أنّه مملوك؟ فقال: «هي أملك بنفسها، إن شاءت قرّت معه وإن شاءت فلا»، (وسائل الشيعة 21: 224 / 1) ومن الواضح عدم الفرق بين مورد الصحيح وبقية الموارد، والظاهر أنّ ما في المتن من تخصيص المسائل بتدليس المرأة من باب التعارف، وأنّ الابتلاء به أكثر من الابتلاء بتدليس الرجل، لا لخصوصية في تدليسها، كما لايخفى; لعدم الوجه له، وكونه مخالفاً للقواعد والعمومات، كما مرّ.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org