Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في لقطة الحيوان

القول في لقطة الحيوان

وهي المسمّاة بالضالّة :

(مسألة 1) : إذا وجد الحيوان في العمران لايجوز أخذه ووضع اليد عليه أيّ حيوان كان ، فمن أخذه ضمنه، ويجب عليه حفظه من التلف والإنفاق عليه بما يلزم، وليس له الرجوع على صاحبه بما أنفق . نعم إن كان شاة حبسها ثلاثة أيّام ، فإن لم يأت صاحبها باعها وتصدّق بثمنها ، والظاهر ضمانها لو جاء صاحبها ولم يرض بالتصدّق ، ولايبعد جواز حفظها([1])لصاحبها أو دفعها إلى الحاكم أيضاً ([2]) . ولو كان الحيوان في معرض الخطر لمرض أو غيره جاز له أخذه من دون ضمان ، ويجب عليه الإنفاق عليه ، وجاز له الرجوع بما أنفقه على مالكه لو كان إنفاقه عليه بقصد الرجوع عليه ، وإن كان له منفعة من ركوب أو حمل عليه أو لبن ونحوه ، جاز له استيفاؤها واحتسابها بإزاء ما أنفق ، ويرجع إلى صاحبه إن كانت النفقة أكثر ، ويؤدّي إليه الزيادة إن زادت المنفعة عنها .

(مسألة 2) : بعد ما أخذ الحيوان في العمران وصار تحت يده ، يجب عليه الفحص عن صاحبه في صورتي جواز الأخذ وعدمه ، فإذا يئس من صاحبه تصدّق به أو بثمنه كغيره من مجهول المالك .

(مسألة 3) : ما يدخل في دار الإنسان من الحيوان ـ كالدجاج والحمام ممّا لم يعرف صاحبه ـ الظاهر خروجه عن عنوان اللقطة ، بل هو داخل في عنوان مجهول المالك ، فيتفحّص عن صاحبه وعند اليأس منه يتصدّق به . والفحص اللازم هو المتعارف في أمثال ذلك ; بأن يسأل من الجيران والقريبة من الدور والعمران ، ويجوز تملّك مثل الحمام إذا ملك جناحيه ولم يعلم أنّ له صاحباً ، ولايجب الفحص ، والأحوط فيما إذا علم أنّ له مالكاً ـ ولو من جهة آثار اليد ـ أن يعامل معه معاملة مجهول المالك([3]) .

(مسألة 4) : ما يوجد من الحيوان في غير العمران ـ من الطرق والشوارع والمفاوز والصحاري والبراري والجبال والآجام ونحوها ـ إن كان ممّا يحفظ نفسه بحسب العادة من صغار السباع مثل الثعالب وابن آوى والذئب والضبع ونحوها ـ إمّا لكبر جثّته كالبعير ، أو لسرعة عدوه كالفرس والغزال ، أو لقوّته وبطشه كالجاموس والثور ـ لايجوز أخذه ووضع اليد عليه إذا كان في كلأ وماء ، أو كان صحيحاً يقدر على تحصيل الماء والكلأ . وإن كان ممّا تغلب عليه صغار السباع كالشاة وأطفال البعير والدوابّ جاز أخذه([4]) ، فإذا أخذه عرّفه ـ على الأحوط ـ في المكان الذي أصابه وحواليه إن كان فيه أحد ، فإن عرف صاحبه ردّه إليه ، وإلاّ كان له تملّكه وبيعه وأكله مع الضمان لمالكه لو وجد([5]) ، كما أنّ له إبقاءه وحفظه لمالكه ، ولا ضمان عليه .

(مسألة 5) : لو أخذ البعير ونحوه في صورة لايجوز له أخذه ضمنه ، ويجب عليه الإنفاق عليه ، وليس له الرجوع بما أنفقه على صاحبه وإن كان من قصده الرجوع عليه ، كما مرّ فيما يُؤخذ من العمران .

(مسألة 6) : إذا ترك الحيوان صاحبه وسرّحه في الطرق أو الصحاري والبراري ، فإن كان بقصد الإعراض عنه جاز لكلّ أحد أخذه وتملّكه ، كما هو الحال في كلّ مال أعرض عنه صاحبه . وإن لم يكن بقصد الإعراض ، بل كان من جهة العجز عن إنفاقه ، أو من جهة جهد الحيوان وكلاله ـ كما يتّفق كثيراً أنّ الإنسان إذا كلّت دابّته في الطرق والمفاوز ، ولم يتمكّن من الوقوف عندها ، يأخذ رحلها أو سرجها ويسرّحها ويذهب ـ فإن تركه في كلأ وماء وأمن ليس لأحد أن يأخذه ، فلو أخذه كان غاصباً ضامناً له ، وإن أرسله بعد ما أخذه لم يخرج من الضمان . وفي وجوب حفظه والإنفاق عليه وعدم الرجوع على صاحبه ، ما مرّ فيما يؤخذ في العمران . وإن تركه في خوف وعلى غير ماء وكلأ جاز أخذه . وهو للآخذ إذا تملّكه .

(مسألة 7) : إذا أصاب دابّة ، وعلم بالقرائن أنّ صاحبها قد تركها ، ولم يدر أنّه قد تركها بقصد الإعراض أو بسبب آخر ، كانت بحكم الثاني ، فليس له أخذها وتملّكها إلاّ إذا كانت في مكان خوف بلا ماء ولا كلأ .

(مسألة 8) : إذا أصاب حيواناً في غير العمران ، ولم يدر أنّ صاحبه قد تركه بأحد النحوين ، أو لم يتركه بل ضاعه أو شرد عنه ، كان بحكم الثاني من التفصيل المتقدّم ، فإن كان مثل البعير لم يجز أخذه وتملّكه ، إلاّ إذا كان غير صحيح ولم يكن في ماء وكلأ ، وإن كان مثل الشاة جاز أخذه مطلقاً ([6]) .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ بل يتعيّن عليه حفظه لصاحبه كالغاصب; لعدم جواز الأخذ له، كما هو الظاهر، بل المقطوع من الاستدراك بقوله: نعم، فعليه حفظ الشاة ليردّها إلى صاحبها. وما في المتن وغيره من استثناء الشاة واستدراكها المذكورة بقوله: نعم، ومن أنّ لها حكماً خاصّاً من الحبس ثلاثة أيّام، وغيره وإن كان عليه فتوى الأساطين، بل عن غير واحد نسبته إلى الشهرة، بل إلى الأصحاب مشعراً بالإجماع عليه، لكنّ الذهاب إليه والفتوى كذلك مع كونه مخالفاً لقواعد الغصب واليد على مال الغير من دون الإذن الشرعي ولا المالكي مشكل، بل ممنوع. وما استدلّ به لذلك من خبر ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبداللّه(عليه السلام): «جاء رجل من المدينة، فسألني عن رجل أصاب شاة، فأمرته أن يحبسها عنده ثلاثة أيّام، ويسأل عن صاحبها، فإن جاء صاحبها، وإلاّ باعها وتصدّق بثمنها». (وسائل الشيعة 25: 459 / 6)

ففيه: مضافاً إلى ضعفه بمحمّد بن موسى الهمداني، فإنّه إمّا مجهول أو ضعيف كان يضع الحديث، وبمنصور بن العبّاس المجهول أو الضعيف بأنّه مضطرب الأمر، وعدم انجبار سنده بفتوى الأصحاب وإن بالغ «الجواهر» فيه، أنّ الحكم بالبيع والتصدُّق بثمنه مخالف لقاعدة الغصب، ووجوب حفظ المغصوب والردّ إلى صاحبه، بعد ما كان الخبر محمولاً على الأخذ في العمران، ليتمّ الاستدلال به، كما نسبه «الرياض» إلى الأصحاب، أو مقيّداً إطلاقه بالنصوص المعتبرة المشتملة على حكمها في الفلاة، كما أنّه لظهوره في عدم الضمان مع التصدّق ـ لعدم ذكره المشعر، بل الظاهر في عدمه، كما لايخفى ـ مخالف لقاعدة اليد والضمان أيضاً. (جواهر الكلام 38: 251)

اللهمّ إلاّ أن يقال: عدم الضمان إنّما يكون لأمره وإذنه(عليه السلام)، فإنّ المناسب بل اللازم من الأمر والإذن في الصدقة التي ترجع نفعها إلى المالك دون المصيب عدم الضمان، لكن ذلك أيضاً مورد للتأمُّل، فتأمّل.

لايقال: كونه مخالفاً للقواعد غير مضرّ، فإنّ باب التخصيص والتقييد واسع، ومعهما لا مخالفة حقيقية مضرّة، بل الأخبار المخالفة معهما كذلك كثيرة.

لأنّه يقال: ـ مضافاً إلى ما بدأ لي أخيراً من الشبهة في تخصيص العمومات، وتقييد المطلقات بالمخصِّص والمقيِّد المنفصل المستقلّ، كما في الباب ـ ، أنّ قواعد الغصب والضمان به غير قابلة للتخصيص، كما لايخفى، فإنّه كيف يحصل الإرفاق للغاصب الناقض للقانون والمتعدّي على حقوق الناس؟ ومن يؤخذ بأشقّ الأحوال؟ وهل لايكون الإرفاق به خلافاً للعدل أو الحكمة؟ وهل لايرى العرف ذلك الخبر مناقضاً ومنافياً؟ وكيف كان، فاللازم حمل الخبر على القضيّة الشخصية أو على ما يقتضيه ظاهر الإصابة، وهو الإدراك، فإنّ إصابة الشيء إدراكه، كما يظهر من اللغة، بل ومن موارد الاستعمال في أخبار اللقطة، والإدراك أعمّ من الأخذ، أو على كون تلك الإصابة إصابة جائزة، مثل خوف التلف، مع حمل ثلاثة أيّام فيه أيضاً على كون الإعلام كذلك موجباً لليأس عن وجدان الصاحب، كالإعلام المتعارف في القرى والرساتيق لقلّة أهلها، وإن أبيت عن ذلك كلّه فعلمه راجع إلى أهله، كما أنّه لابدّ إلاّ من العمل بالقواعد في أخذ الشاة وغيره من العمران من دون تفاوت بينهما أصلاً، كما لاتفاوت بينهما في الأخذ عن الفلاة.

[2] ـ جواز دفع الغاصب المال المغصوب كالمورد إلى الحاكم، وجعل كلفة حفظه عليه، ووجوب قبوله محلّ إشكال، بل منع; لأنّ ولاية الحاكم على الغائب غير مقتضية لقبول كلفة حفظ ماله الذي صار مغصوباً، وجعله في يد الغائب، بل لايجوز له القبول أيضاً من باب الولاية; لعدم الولاية الموجبة لسقوط الضمان عن الغاصب للحاكم، فإنّ ولايته لرعاية مصلحة الغائب ولحفظ حقّه، وقبول المغصوب الموجب لعدم ضمانه مناف لمصلحة المالك الغائب.

[3] ـ وأمّا إذا عرف صاحبه فلم يكن مجهول المالك، فيجب ردّه إلى صاحبه ، كما في مرسلة الصدوق، (وسائل الشيعة 23: 389 / 3) وهو مقتضى القواعد أيضاً.

[4] ـ بل يستحبّ; لكونه برّاً وإحساناً إلى صاحبه.

[5] ـ بالضمان لثمن البيع وقيمة يوم أكله.

[6] ـ تقدّم التفصيل فيه في المسألة الاُولى من مسائل الباب.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org