Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في الكفالة

القول في الكفالة

وهي التعهّد والالتزام لشخص بإحضار نفس له عليها حقّ . وهي عقد واقع بين الكفيل والمكفول له ، وهو صاحب الحقّ . والإيجاب من الأوّل ، ويكفي فيه كلّ لفظ([1]) دالّ على المقصود ، نحو «كفلتُ لك نفس فلان» أو «أنا كفيل لك بإحضاره» ونحو ذلك ، والقبول من الثاني بما دلّ على الرضا بذلك .

(مسألة 1) : يعتبر في الكفيل : البلوغ والعقل والاختيار والتمكّن من الإحضار . ولايشترط في المكفول له البلوغ والعقل ، فيصحّ الكفالة للصبيّ والمجنون إذا قبلها الوليّ .

(مسألة 2) : لا إشكال في اعتبار رضا الكفيل والمكفول له ، والأقوى عدم اعتبار رضا المكفول ، وعدم كونه طرفاً للعقد . نعم مع رضاه يلحق بها بعض الأحكام زائداً على المجرّدة منه . والأحوط اعتبار رضاه([2]) وأن يكون طرفاً للعقد ; بأن يكون عقدها مركّباً من إيجاب وقبولين من المكفول له والمكفول .

(مسألة 3) : كلّ من عليه حقّ ماليّ صحّت الكفالة ببدنه ، ولايشترط العلم بمبلغ ذلك المال . نعم يشترط([3]) أن يكون المال ثابتاً في الذمة بحيث يصحّ ضمانه ، فلو تكفّل بإحضار من لا مال عليه وإن وجد سببه ـ كمن جعل الجعالة قبل أن يعمل العامل ـ لم تصحّ . وكذا تصحّ كفالة كلّ من يستحقّ عليه الحضور إلى مجلس الشرع ; بأن تكون عليه دعوى مسموعة وإن لم تقم البيّنة عليه بالحقّ . وكذا تصحّ كفالة من عليه عقوبة من حقوق الخلق كعقوبة القصاص ، دون من عليه عقوبة من حقوق الله تعالى كالحدّ والتعزير ، فإنّها لا تصحّ .

(مسألة 4) : يصحّ إيقاع الكفالة حالّة لو كان الحقّ ثابتاً على المكفول كذلك ومؤجّلة ، ومع الإطلاق تكون حالّة مع ثبوت الحقّ كذلك ، ولو كانت مؤجّلة تلزم تعيين الأجل بنحو لايختلف زيادة ونقصاً .

(مسألة 5) : عقد الكفالة لازم لايجوز فسخه إلاّ بالإقالة ، ويجوز جعل الخيار فيه لكلّ من الكفيل والمكفول له مدّة معيّنة .

(مسألة 6) : إذا تحقّقت الكفالة جامعة للشرائط ، جاز مطالبة المكفول له الكفيلَ بالمكفول عاجلاً إذا كانت الكفالة مطلقة ـ على ما مرّ ـ أو معجّلة ، وبعد الأجل إذا كانت مؤجّلة ، فإن كان المكفول حاضراً وجب على الكفيل تسليمه إلى المكفول له ، فإن سلّمه له بحيث يتمكّن منه فقد برأ ممّا عليه ، وإن امتنع عن ذلك يرفع الأمر إلى الحاكم ، فيحبسه حتّى يُحضره أو يؤدّي ما عليه في مثل الدين . وأمّا في مثل حقّ القصاص والكفالة عن الزوجة فيلزم بالإحضار ، ويحبس حتّى يحضره ويسلّمه . وإن كان غائباً فإن علم موضعه ويمكن للكفيل إحضاره ، أمهل بقدر ذهابه ومجيئه ، فإذا مضى ولم يأت به من غير عذر حبس كما مرّ ، وإن كان غائباً غيبة منقطعة لايعرف موضعه وانقطع خبره ، فمع رجاء الظفر به مع الفحص لايبعد أن يكلّف بإحضاره وحبسه لذلك ، خصوصاً إذا كان ذلك بتفريط منه . وأمّا إلزامه بأداء الدين في هذه الصورة فمحلّ تأمّل . نعم لو أدّى تخلّصاً من الحبس يطلق ، ومع عدم الرجاء لم يكلّف بإحضاره ، والأقرب إلزامه بأداء الدين ، خصوصاً إذا كان ذلك بتفريط منه ; بأن طالبه المكفول له ، وكان متمكّناً منه ، ولم يحضره حتّى هرب . نعم لو كان عدم الرجاء للظفر به ـ بحسب العادة ـ حال عقد الكفالة يشكل صحّتها ، وأمّا لو عرض ذلك فالظاهر عدم عروض البطلان ، خصوصاً إذا كان بتفريط من الكفيل ، فلايبعد ـ حينئذ ـ إلزامه بالأداء أو حبسه حتّى يتخلّص به ، خصوصاً في هذه الصورة .

(مسألة 7) : لو لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ منه المال ، فإن لم يأذن له المكفول لا في الكفالة ولا في الأداء ، ليس له الرجوع عليه بما أدّاه ، وإن أذن له في الأداء كان له الرجوع ; سواء أذن له في الكفالة أيضاً أم لا . وإن أذن له في الكفالة دون الأداء فهل يرجع عليه أم لا ؟ لايبعد أن يفصّل بين ما إذا أمكن له إرجاعه وإحضاره فالثاني ، وما إذا تعذّر فالأوّل .

(مسألة 8) : لو عيّن الكفيل في الكفالة مكان التسليم تعيّن ، فلايجب عليه تسليمه في غيره ولو طلب ذلك المكفول له ، كما أنّه لو سلّمه في غيره لم يجب على المكفول له تسلّمه . ولو أطلق ولم يعيّن مكانه ، فإن أوقعا العقد في بلد المكفول له أو بلد قراره انصرف إليه ، وإن أوقعاه في برّيّة أو بلد غُربة ـ لم يكن من قصده القرار والاستقرار فيه ـ فإن كانت قرينة على التعيين فهو ، وإلاّ بطلت الكفالة من أصلها ; وإن كان في إطلاقه إشكال .

(مسألة 9) : يجب على الكفيل التوسّل بكلّ وسيلة مشروعة لإحضار المكفول ; حتّى أنّه لو احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر ـ لم تكن فيها مفسدة أو مضرّة دينيّة أو دنيويّة ـ لم يبعد وجوبها . ولو كان غائباً واحتاج حمله إلى مؤونة ، فإن كانت الكفالة بإذن المكفول فهي عليه ، ولو صرفها الكفيل لابعنوان التبرّع ، فله أن يرجع بها عليه على إشكال في بعضها ، وإن لم تكن بإذنه فعلى الكفيل .

(مسألة 10) : تبرأ ذمّة الكفيل بإحضار المكفول أو حضوره وتسليمه نفسه تامّاً عن قبل الكفيل . وأمّا حضوره وتسليم نفسه لا عن قبله فالظاهر([4]) عدم براءة ذمّته . وكذا لو أخذه المكفول له طوعاً أو كرهاً ; بحيث تمكّن من استيفاء حقّه ، أو إحضاره مجلس الحكم . نعم لو اُبرئ المكفول عن الحقّ الذي عليه أو الكفيل من الكفالة تبرأ ذمّته .

(مسألة 11) : لو نقل المكفول له الحقّ الذي له على المكفول إلى غيره ـ ببيع أو صلح أو حوالة ـ بطلت الكفالة .

(مسألة 12) : لو مات الكفيل أو المكفول بطلت الكفالة ، بخلاف ما لو مات المكفول له ، فإنّ حقّه منها ينتقل إلى ورثته .

(مسألة 13) : من خلّى غريماً ([5]) من يد صاحبه قهراً وإجباراً ضمن إحضاره ، ولو أدّى ما عليه سقط ضمانه . هذا في مثل الدين . وأمّا في مثل حقّ القصاص([6]) فيضمن إحضاره ، ومع تعذّره فمحلّ إشكال . ولو خلّى قاتلا من يد وليّ الدم ضمن إحضاره ، ومع تعذّره بموت ونحوه تؤخذ منه الدية . هذا في القتل العمدي . وأمّا ما يوجب الدية فلايبعد جريان حكم الدين عليه من ضمان إحضاره ، ولو أدّى ما عليه سقط ضمانه .

(مسألة 14) : يجوز ترامي الكفالات ; بأن يكفل الكفيل آخر ، ويكفل هذا آخر وهكذا ، وحيث إنّ الكلّ فروع الكفالة الاُولى ، وكلّ لاحق فرع سابقه ، فلو أبرأ المستحقّ الكفيل الأوّل ، أو أحضر الأوّل المكفول الأوّل ، أو مات أحدهما ، برئوا أجمع ، ولو أبرأ المستحقّ بعض من توسّط برئ هو ومن بعده دون من قبله ، وكذا لو مات برئ من كان فرعاً له .

(مسألة 15) : يكره التعرّض للكفالات([7]) ، فعن الصادق(عليه السلام) : «الكفالة: خسارة غرامة ندامة» .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ بل كلّ ما يدلّ على المقصود، كبقيّة العقود الـلازمة.

[2] ـ بل لايخلو عن وجه على التفصيل الذي مرّ منّا في الضمان; فإنّ الكفالة أشبه شيء بالضمان.

[3] ـ بل لايشترط; لما مرّ من الوجه في مثله في كتاب الضمان.

[4] ـ بل الأجود الذي لايخلو عن قوّة براءة ذمّته، وكذلك الأمر في الفرع التالي.

[5] ـ هذه المسألة ليست من مسائل الكفالة المصطلحة; لعدم العقد فيها، وإنّما البحث عنها يكون من جهة ما فيها من لازم الكفالة، كما لايخفى.

[6] ـ في العبارة مسامحة; لأنّها ليست بأزيد ممّا ذكره(قدس سره) بقوله : «ولو خلّى قاتلاً من يد ...»، كما أنّ ما في «الشرائع» من تخيير المطلق (بالكسر) بين إحضاره القاتل أو دفع الدية غير تامّ، والحقّ فيه ما في المتن من أخذ الدية منه في صورة تعذُّر الإحضار. (شرائع الإسلام 1: 364)

[7] ـ الكراهة غير مستفادة من مثل ما في المتن وغيره من الأخبار المنقولة في «الوسائل» في الباب المعنون بـ«كراهة التعرّض للكفالات والضمان» ولا دلالة فيها على أزيد من الإرشاد بالعواقب المذكورة فيها. (وسائل الشيعة 18: 428 / 7)

ومن المعلوم تبعية الإرشاد للمرشد إليه، واختلاف الموارد باختلاف العواقب، ومزاحمة العواقب غير المطلوبة باُمور راجحة مطلوبة. وبالجملة، الكراهة غير ثابتة، والعواقب مختلفة، وبعض الكفالات راجحة.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org