Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في مقادير الديات

القول في مقادير الديات

(مسألة 1) : في قتل العمد ـ حيث يتعيّن الدية ، أو يصالح عليها مطلقاً ([1]) ـ مائة إبل ، أو مائتا بقرة ، أو ألف شاة ، أو مائتا حلّة ، أو ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم .

(مسألة 2) : يعتبر في الإبل([2]) أن تكون مسنّة ، وهي التي كمّلت الخامسة ودخلت في السادسة ، وأمّا البقرة فلايعتبر فيها السنّ ولا الذكورة والاُنوثة ، وكذا الشاة ، فيكفي فيهما ما يسمّى البقرة أو الشاة ، والأحوط اعتبار الفحولة في الإبل وإن كان عدم الاعتبار لايخلو من قوّة .

(مسألة 3) : الحلّة ثوبان ، والأحوط أن تكون من برود اليمن . والدينار والدرهم هما المسكوكان ، ولايكفي ألف مثقال ذهب أو عشرة آلاف مثقال فضّة غير مسكوكين .

(مسألة 4) : الظاهر أنّ الستّة على سبيل التخيير ، والجاني مخيّر بينها ، وليس للوليّ الامتناع عن قبول بذله ، لا التنويع ; بأن يجب على أهل الإبل الإبل ، وعلى أهل الغنم الغنم وهكذا ، فلأهل البوادي أداء أيّ فرد منها ، وهكذا غيرهم وإن كان الأحوط التنويع .

(مسألة 5) : الظاهر أنّ الستّة اُصول في نفسها ، وليس بعضها بدلاً عن بعض ، ولابعضها مشروطاً بعدم بعض ، ولايعتبر التساوي في القيمة ولا التراضي ، فالجاني مخيّر في بذل أيّها شاء .

(مسألة 6) : يعتبر في الأنعام الثلاثة ـ هنا ، وفي قتل شبيه العمد ، والخطأ المحض ـ السلامة من العيب والصحّة من المرض ، ولايعتبر فيها السمن . نعم الأحوط أن لا تكون مهزولة جدّاً وعلى خلاف المتعارف ، بل لايخلو ذلك من قوّة ، وفي الثلاثة الاُخر السلامة من العيب ، فلا تجزي الحلّة المعيوبة ، ولا الدينار والدرهم المغشوشان أو المكسوران ، ويعتبر في الحلّة أن لا تقصر عن الثوب ، فلا تجزي الناقصة عنه ; بأن يكون كلّ من جزءيها بمقدار ستر العورة ، فإنّه لايكفي .

(مسألة 7) : تستأدى دية العمد في سنة واحدة ، ولايجوز له التأخير إلاّ مع التراضي ، وله الأداء في خلال السنة أو آخرها ، وليس للوليّ عدم القبول في خلالها ، فدية العمد مغلّظة بالنسبة إلى شبه العمد والخطأ المحض في السنّ في الإبل([3]) والاستيفاء ، كما يأتي الكلام فيهما .

(مسألة 8) : للجاني أن يبذل من إبل البلد أو غيرها ، أو يبذل من إبله ، أو يشتري أدون أو أعلى مع وجدان الشرائط من الصحّة والسلامة والسنّ ، فليس للوليّ مطالبة الأعلى أو مطالبة الإبل المملوك له فعلاً .

(مسألة 9) : لايجب على الوليّ قبول القيمة السوقيّة عن الأصناف لو بذلها الجاني مع وجود الاُصول ، ولا على الجاني أداؤها لو طالبها الوليّ مع وجودها . نعم لو تعذّر جميع الأصناف وطالب الوليّ القيمة تجب أداء قيمة واحدة منها ، والجاني مخيّر في ذلك ، وليس للوليّ مطالبة قيمة أحدها المعيّن .

(مسألة 10) : الظاهر عدم إجزاء التلفيق ; بأن يؤدّي ـ مثلاً ـ نصف المقدّر ديناراً ونصفه درهماً ، أو النصف من الإبل والنصف من غيرها .

(مسألة 11) : الظاهر جواز النقل إلى القيمة مع تراضيهما ، كما أنّ الظاهر جواز التلفيق ; بأن يؤدّي نصف المقدّر أصلاً ، وعن نصفه الآخر من المقدّر الآخر قيمة عنه لا أصلاً .

(مسألة 12) : هذه الدية على الجاني ; لا على العاقلة ولا على بيت المال ; سواء تصالحا على الدية وتراضيا بها ، أو وجبت ابتداءً ، كما في قتل الوالد ولده ونحوه ممّا تعيّنت الدية .

(مسألة 13) : دية شبيه العمد هي الأصناف المتقدّمة ، وكذا دية الخطأ . ويختصّ العمد بالتغليظ في السنّ([4]) في الإبل والاستيفاء كما تقدّم .

(مسألة 14) : اختلفت الأخبار والآراء في دية شبيه العمد : ففي رواية : أربعون خلفة ; أي الحامل ، وثنيّة ، وهي الداخلة في السنة السادسة ، وثلاثون حقّة ، وهي الداخلة في السنة الرابعة ، وثلاثون بنت لبون ، وهي الداخلة في السنة الثالثة . وفي اُخرى : ثلاث وثلاثون حقّة وثلاث وثلاثون جذعة ، وهي الداخلة في السنة الخامسة ، وأربع وثلاثون ثنيّة ; كلّها طروقة ; أي البالغة ضراب الفحل ، أو ما طرقها الفحل فحملت . وفي ثالثة : بدل «كلّها طروقة» «كلّها خلفة» . وفي رابعة : جمع بينهما فقال : كلّها خلفة من طروقة الفحل ، إلى غير ذلك . فالقول بالتخيير للجاني بينها غير بعيد([5]) ، لكن لايخلو من إشكال ، فالأحوط التصالح ، وللجاني الأخذ بأحوطها .

(مسألة 15) : هذه الدية ـ أيضاً ـ من مال الجاني لا العاقلة ، فلو لم يكن له مال استسعى ، أو اُمهل إلى الميسرة كما في سائر الديون ، ولو لم يقدر عليها ففي كونها على بيت المال احتمال([6]) .

(مسألة 16) : الأحوط للجاني أن لايؤخّر هذه الدية عن سنتين ، والأحوط للوليّ أن يمهله إلى سنتين ، وإن لايبعد أن يقال : تُستأدى في سنتين .

(مسألة 17) : لو قلنا بلزوم إعطاء الحوامل لو اختلف الوليّ ومن عليه الدية في الحمل ، فالمرجع أهل الخبرة ، ولايعتبر فيه العدالة ، وتكفي الوثاقة واعتبار التعدّد أحوط وأولى ، ولو تبيّن الخطأ لزم الاستدراك ، ولو سقط الحمل ، أو وضع الحامل ، أو تعيّب ما يجب أداؤه ، فإن كان قبل الإقباض يجب الإبدال ، وإلاّ فلا .

(مسألة 18) : في دية الخطأ روايتان : اُولاهما : ثلاثون حقّة وثلاثون بنت لبون وعشرون بنت مخاض ـ وهي الداخلة في السنة الثانية ـ وعشرون ابن لبون . والاُخرى : خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقّة وخمس وعشرون جذعة . ولايبعد([7]) ترجيح الاُولى ويحتمل التخيير ، والأحوط التصالح .

(مسألة 19) : دية الخطأ المحض مخفّفة عن العمد وشبيهه في سنّ الإبل وصفتها([8]) لو اعتبرنا الحمل في شبهه ، وفي الاستيفاء فإنّها تستأدى في ثلاث سنين في كلّ سنة ثلثها ، وفي غير الإبل من الأصناف الاُخر المتقدّمة لا فرق بينها وبين غيرها .

(مسألة 20) : تستأدى الدية في سنة أو سنتين أو ثلاث سنين على اختلاف أقسام القتل ; سواء كانت الدية تامّة كدية الحرّ المسلم ، أو ناقصة كدية المرأة والذمّي([9]) والجنين أو دية الأطراف .

(مسألة 21) : قيل : إن كان دية الطرف قدر الثلث اُخذ في سنة واحدة في الخطأ ، وإن كان أكثر حلّ الثلث بانسلاخ الحول ، وحلّ الزائد عند انسلاخ الثاني إن كان ثلثاً آخر فمادون ، وإن كان أكثر حلّ الثلث عند انسلاخ الثاني والزائد عند انسلاخ الثالث . وفيه تأمّل وإشكال ، بل الأقرب التوزيع إلى ثلاث سنين .

(مسألة 22) : دية قتل الخطأ على العاقلة بتفصيل يأتي ـ إن شاء الله تعالى([10]) ـ ولايضمن الجاني منها شيئاً ، ولا ترجع العاقلة على القاتل .

(مسألة 23) : لو ارتكب القتل في أشهر الحرم ـ رجب وذي القعدة وذي الحجّة والمحرّم ـ فعليه الدية وثلث من أي الأجناس كان تغليظاً ([11]) ، وكذا لو ارتكبه في حرم مكّة المعظّمة . ولايلحق بها حرم المدينة المنورة ولا سائر المشاهد المشرّفة . ولا تغليظ في الأطراف ، ولا في قتل الأقارب .

(مسألة 24) : لو رمى وهو في الحلّ ـ بسهم ونحوه ـ إلى من هو في الحرم فقتله فيه لزمه التغليظ ، ولو رمى وهو في الحرم إلى من كان في الحلّ فقتله فيه ، فالظاهر أنّه لم يلزمه . وكذا لو رماه في الحلّ فذهب إلى الحرم ومات فيه أو العكس لم يلزمه ; كان الرامي في الحلّ أو الحرم .

(مسألة 25) : لو قتل خارج الحرم والتجأ إليه لايقتصّ منه فيه ، لكن ضيّق عليه في المأكل والمشرب إلى أن يخرج منه ، فيُقاد منه . ولو جنى في الحرم اقتصّ منه فيه ، ويلحق به المشاهد المشرّفة على رأي .

(مسألة 26) : ما ذكر من التقادير دية الرجل الحرّ المسلم ، وأمّا دية المرأة الحرّة المسلمة فعلى النصف([12]) من جميع التقادير المتقدّمة، فمن الإبل خمسون ومن الدنانير خمسمائة وهكذا.

(مسألة 27) : تتساوى المرأة والرجل في الجراح قصاصاً ودية حتّى تبلغ ثلث دية الحرّ ، فينتصف([13]) بعد ذلك ديتها ، فما لم تبلغ الثلث يقتصّ كلّ من الآخر بلا ردّ ، فإذا بلغته يقتصّ للرجل منها بلا ردّ ، ولها من الرجل مع الردّ ، ولايلحق بها الخُنثى المشكل .

(مسألة 28) : جميع فرق المسلمين المحقّة والمبطلة متساوية في الدية إلاّ المحكوم منهم([14]) بالكفر ، كالنواصب والخوارج والغلاة مع بلوغ غلوّهم الكفر .

(مسألة 29) : دية ولد الزنا إذا أظهر الإسلام بعد بلوغه ـ بل بعد بلوغه حدّ التميّز ـ دية سائر المسلمين ، وفي ديته قبل ذلك تردّد([15]) .

(مسألة 30) : دية الذمي الحرّ ثمانمائة درهم([16]) ; يهوديّاً كان أو نصرانيّاً أو مجوسيّاً ، ودية المرأة الحرّة منهم نصف دية الرجل ، بل الظاهر أنّ دية أعضائهما وجراحاتهما من ديتهما ، كدية أعضاء المسلم وجراحاته من ديته . كما أنّ الظاهر أنّ دية الرجل والمرأة منهم تتساوى حتّى تبلغ الثلث مثل المسلم ، بل لايبعد الحكم بالتغليظ عليهم بما يُغلّظ به على المسلم .

(مسألة 31) : لا دية لغير أهل الذمّة([17]) من الكفّار ; سواء كانوا ذوي عهد أم لا ، وسواء بلغتهم الدعوة أم لا ، بل الظاهر أن لا دية للذمّي لو خرج عن الذمّة ، وكذا لا دية له لو ارتدّ عن دينه إلى غير أهل الذمّة ، ولو خرج ذمّي من دينه إلى دين ذمّي آخر ففي ثبوتها إشكال ; وإن لايبعد ذلك .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ أو اختار الوليّ الدية على القول بتخيير الوليّ، كما هو المختار.

[2] ـ ما في المسألة وما بعدها إلى مسألة الثاني عشر من الشرائط والاُمور المربوطة بالأعيان الستّة كلّها، غير ما في المسألة السابعة من أداء دية العمد في سنة، مبنيّة ومنوطة بموضوعية الأعيان الستّة واعتبارها بخصوصها، كما هو الظاهر المعروف من عبارات الأصحاب، وأمّا بناءً على عدم الموضوعية لها، فإنّها تكون من باب المصداق المتعارف الغالب في زمان صدور الأخبار ومكانها في جبران الخسارة الواردة بالنفس وضمانها، فلا موضع ولا محلّ لها، وهذا هو الأقوى; لأنّه الظاهر المتعارف عرفاً، لعدم الخصوصية والتعبّد عندهم للأعيان في جبران الخسارة وفي الضمان في النفس; حيث إنّ المناط فيه بنظرهم وبنظر العقلاء وحكم العقل أصل الجبران بالمال، وجعل التالف كأن لم يكن من حيث المالية ومن حيث اعتبار السوقية من الاُمور المُمكنة في تلف النفس، من دون دخالة لنوع من المال وخصوصية لها فيه، كما لايخفى، واعتبار الأعيان الستّة وموضوعيّتها وإن كان ممكناً بحسب الثبوت، إلاّ أنّه لكونه تعبّداً محضاً على خلاف العرف والقواعد والأبنية العقلائية، إثباته محتاج إلى أدلّة واضحة ظاهرة قويّة جدّاً، ودون إثباته ـ من روايات الباب مع ما فيها من الاختلاف في عدد الأنواع من تخصيص الإبل والغنم بالذكر في بعضها، والغنم في اُخرى، والنقدين أو غيرهما في ثالثة، بل في بعضها التصريح بنفي الدنانير والدراهم في الدية، ففي صحيح محمّد بن مسلم وزرارة وغيرهما عن أحدهما(عليهما السلام) في الدية قال: «هي مائة من الإبل، وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك...» (وسائل الشيعة 29: 201/7) وفي مقدار الدرهم من أنّه اثنا عشر ألف درهم أو عشرون ألف درهم أو عشرة آلاف درهم، والشاة من أنّه ألف أو ألفان، وفي كون البقر والشاة والحلل لأهلها أو للأرض التي هي فيها أو أنّها للكلّ، ومع ماذكره المدقّق المحقّق المتتبّع المقدّس الأردبيلي في شرحه «الإرشاد»، «مجمع الفائدة والبرهان» بعد بيان ما في الأخبار من الاختلاف، ونقل ما بيّنه الشيخ(رحمه الله) في الجمع بين الأخبار من المحامل من قوله(رحمه الله): «وبالجملة، ما نعرف دليل هذه الأحكام كأنّه إجماع أو نصّ ما اطّلعنا عليه، اللّه يعلم وهو المستعان» (مجمع الفائدة والبرهان 14: 312) ـ خرط القتاد.

هذا مع ما في صحيح ابن سنان عن الصادق(عليه السلام): «وقيمة كلّ بعير من الورق مائة وعشرون درهماً، أو عشرة دنانير، ومن الغنم قيمة كلّ ناب من الإبل عشرون شاة» (وسائل الشيعة 29: 194 / 3) وصحيح ابن الحجّاج من قول أميرالمؤمنين(عليه السلام): «وقيمة الدنانير عشرة آلاف درهم...» (الاستبصار 4: 259 / 3) من الإشعار أو الدلالة على عدم الموضوعية.

ثمّ إنّ الظاهر تساوي الأعيان الستّة في المالية، وذلك مضافاً إلى بُعد تشريع الاختلاف في المالية في دية الإنسان مع عدم الاختلاف في الإنسان المضمون له، أنّ الاختلاف كاللغو بعد ما يكون الاختيار بيد الجاني، ومختاره الغالب، بل الدائم هو الأقّل قيمة ومالية.

هذا، مضافاً إلى ما في خبر أبي بصير قال: «دية الرجل مائة من الإبل، فإن لم يكن فمن البقر بقيمة ذلك، فإن لم يكن فألف كبش...». (وسائل الشيعة 29: 197 / 12) وما في صحيح ابن عيينة عن الباقر(عليه السلام)في حديث بكون مدار الدية في كلّ أرض على ما يوجد فيها غالباً، قال: قلت له: إنّ الديات إنّما كانت تؤخذ قبل اليوم من الإبل والبقر والغنم، قال: فقال: «إنّما كان ذلك في البوادي قبل الإسلام، فلمّا ظهر الإسلام وكثرت الورق في الناس قسّمها أمير المؤمنين(عليه السلام)على الورق» قال الحكم: قلت: أرأيت من كان اليوم من أهل البوادي، ما الذي يؤخذ منهم في الدية اليوم؟ إبل ؟ أو ورق؟ فقال: «الإبل اليوم مثل الورق...». (وسائل الشيعة 29: 202 / 8)

بل وما في خبري معاوية بن وهب والشحّام (وسائل الشيعة 29: 200 / 2 و5) وغيرهما من أنّه إن لم يكن إبل فمكان جمل عشرون من فحولة الغنم، من الدلالة على التساوي، كما لايخفى.

ومضافاً إلى ما عليه صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج (وسائل الشيعة 29: 193 / 1) وغيرها من أنّ الدية كانت في الجاهلية مائة من الإبل، فأقرّها رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث إنّ الاختلاف في المالية مناف للتقرير، كما لايخفى.

وعلى هذا فأداء مالية كلّ من الستّة كافية; لعدم الفرق بينها في المالية، لكنّه لمّا يكون في مالية الستّة من الاختلاف الفاحش في زماننا ومكاننا، ولايعلم بعدُ أنّ أيّاً من الماليات كانت في زمن الصدور لها كـلاًّ، بل لعلّه ليس شيء من ماليّتها الفعلية بموجود في الزمان السابق وفي زمان الصدور ومكانه، ولمّا ثبت أنّ مالياتها كانت متساوية، فلابدّ في زماننا من الأخذ بالأقلّ قيمة منها; قضاءً للبراءة عن الزائد.

ثمّ لايخفى عدم دخالة الضرب في قيمة الدرهم ولا الدينار، وذلك مضافاً إلى عدم الدخالة في زمان الصدور، بل كان الضرب علامة لعدم القلب في فضّة الدرهم وذهب الدينار، وهذا بخلاف الضرب في زماننا وماشابهه، فإنّه إنّما يكون لاعتبار الضرب ومالية المضروب، بل كلّ المالية المضروبة في النقود الرائجة يكون للضرب، وليس لنفس المضروب تلك المالية، يدلّ عليه ما في موثّق أبي بصير عن أبي عبداللّه(عليه السلام)ـ في حديث ـ قال: «دية المسلم عشرة آلاف من الفضّة أو ألف مثقال من الذهب أو ألف من الشاة على أسنانها...». (الكافي 7: 281 / 2) وقد ظهر وتلخّص ممّا ذكرناه أنّ على الجاني قيمة الدراهم أو الدنانير من حيث المثقال من الفضّة والذهب بالنقد الرائج، لاعينهما ولا عين غيرهما، ولا قيمة المسكوك منهما، وليس على وليّ الدم إلاّ قبول القيمة أيضاً، فإنّ المتعارف في جبران الخسارة النقد الرائج، فلاخيار للجاني في الستّة، وعلى وليّ الدم قبول مختار الجاني من القيمة على النحو الذي مرّ بيانه من كفاية الأقلّ قيمة، كما أنّ على وليّ الدم قبوله أيضاً. وبذلك يظهر حقّ ما في المسائل، وما هو المطابق للقواعد فيها، فتدبّر جيّداً.

[3] ـ التغليظ في السنّ مع ما اخترناه من عدم الخصوصية للأعيان، وأنّ المناط القيمة، وهي متساوية في الكلّ محلّ إشكال، بل منع، مع ما فيما استدلّ به على ذلك من المناقشة في السند، بل في الدلالة، فراجع. (مجمع الفائدة والبرهان 14: 314)

[4] ـ مرّ ما فيه.

[5] ـ بل بعيد جدّاً، كما يظهر من التأمّل فيما بيّناه في دية العمد، والأقرب الأقوى في هذه الدية ودية الخطأ أيضاً عدم الفرق بينهما وبين دية العمد من هذه الجهة، وأنّهما متساويان معها، ولاتغليظ للعمد عليهما في ذلك أصلاً، بل لا محلّ له; فإنّ الدية جبران الخسارة، ولا وجه للاختلاف فيه مع وحدة المضمون له، ومع أنّ المعيار هو المالية والقيمة.

[6] ـ بل لايخلو من قوّة.

[7] ـ مرّ الحقّ وما هو الأقرب الأقوى في التعليقة على المسألة الرابعة عشرة، فراجعها.

[8] ـ لاتخفيف لها عنهما في السنّ والصفة، كما يظهر ممّا مرّ في التعليقة على المسألة الرابعة عشرة، فراجعها. والحقّ تساوي الأقسام الثلاثة في الدية من حيث المالية، والاختلاف في السن والصفة على فرض ثبوته محمول على الاختلاف في المالية والقيمة بحسب الأزمنة والأمكنة.

[9] ـ على القول باختلاف ديتهما مع دية الرجل المسلم، لا على المختار من تساوي ديتهما مع دية الرجل المسلم.

[10] ـ ويأتي التفصيل فيه إن شاء اللّه تعالى.

[11] ـ اختصاص التغليظ لأشهر الحرم والحرم بالعمد هو الأحوط; للأصل الموافق الذي لايخلو من قوّة. ثمّ لايخفى عليك اختصاص التغليظ بالعِلم بالموضوع، أي أنّ الأشهر أشهر الحرم، وأنّ المكان حرم، وبالحكم، أي بالاحترام زماناً أو مكاناً، وإلاّ فمع الجهل بأحدهما التغليظ والحكم بزيادة الثلث بحديث الرفع مرفوع. هذا، مع عدم تحقّق التغليظ مع الجهل، كما لايخفى.

[12] ـ بل على المساوي من دية الرجل; لعدم النصّ الواجد لشرائط الحجّية عليه من حيث السند والدلالة وعدم المخالفة للكتاب والسنّة، فإنّ الروايات التي يمكن أن يستدلّ بها على ثلاث طوائف: الاُولى: ما يدلّ بدلالة مطابقية، وهي ترجع إلى خمس أحاديث:

1 ـ محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبداللّه بن مسكان، عن أبي عبداللّه(عليه السلام) في حديث قال: «دية المرأة نصف دية الرجل»، (وسائل الشيعة 29: 205 / 1) وهذه الرواية وإن كانت تامّة من ناحية الدلالة ولا خدشة فيها، إلاّ أنّ الشأن في سندها، فإنّه ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنّه قال: ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لايعتمد عليه، وأيضاً وقع الخلاف في وثاقة محمّد بن عيسى بن عبيد، وذلك أنّ الشيخ الطوسي وسيّد بن طاووس والشهيد الثاني والمحقّق الحلّي وجمع آخر قد ضعفوه وإن وثّقه النجاشي، (الفهرست: 216; تنقيح المقال 3: 167; المعتبر: 81; رجال النجاشي: 333) فالأقوى الأحوط ترك العمل بهذه الرواية بعد تعارض الجرح والتعديل، لاسيّما مع مخالفتها للقواعد.

2 ـ ما في حديث ابن مسكان أيضاً، عن أبي عبداللّه(عليه السلام) ففيه قال: «فإذا أنشئ فيه الروح فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكراً، وإن كان اُنثى فخمسمأة دينار، وإن قتلت المرأة وهي حبلى فلم يدرأ ذكراً كان ولدها أم اُنثى فدية الولد نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى، وديتها كاملة». (وسائل الشيعة 29: 229 / 1) ففيها من حيث السند ما قلنا في روايته الاُولى، إلاّ أنّ فيها احتمال الإرسال أيضاً; لأنّ محمّد بن عيسى قد روى عن يونس أو غيره ممّن لايعرف اسمه.

3 ـ وبالإسناد عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن الحلبي، وأبي عبيدة، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال: سئل عن رجل قتل امرأة خطأً وهي على رأس الولد تمخض، قال: «عليه الدية خمسة آلاف درهم، وعليه للذي في بطنها غرّة وصيف أو وصيفة أو أربعون ديناراً»، (وسائل الشيعة 29: 206 / 3) ففيها، مضافاً إلى احتمال أن تكون قضيّة شخصية اتّفق وقوعها في الخارج فبيّن الإمام حكمها، ومن الواضح أنّه لايمكن التمسّك بإطلاق الرواية التي تكون قضيّة شخصية. هذا، مع أنّه على تسليم عدم كونها شخصية فهي مختصّة بمثل مورد السؤال لايمكن تعميمها لتمام حالات دية النساء; لعدم العموم في الجواب بعد ما في الجواب من الاقتصار على مورد السؤال بقوله: «عليه...»، أنّ دية الجنين هي دية الإنسان الكامل، وما لم يبلغ الجنين هذا الحدّ تكون ديته مائة دينار وأقلّ من ذلك أيضاً، فبناءً عليه فالتخيير بين عبد أو أمة وأربعين ديناراً في دية الجنين مخالف لفتوى الأصحاب، بل هو ممّا أعرضوا عنه، ومع سقوط حجّيّة هذه الفقرة من الحديث تسقط بالتالي حجّيّة الفقرة الاُولى أيضاً; لِما بينهما من الارتباط وعدم كونهما حُكمين مستقلّين حتّى يمكن القول بتبعيض الحجّيّة فيهما.

4 ـ ما عن كتاب ظريف عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكراً، وإن كان اُنثى فخمسمائة دينار، وإن قتلت امرأة وهي حبلى متّم فلم يسقط ولدها ولم يعلم أ ذكر هو أو اُنثى ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها فديته نصفان نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى...». (وسائل الشيعة 29: 312 / 1)

5 ـ ما عن محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن موسى الورّاق، عن يونس بن عبدالرحمن، عن أبي جرير القمّي، قال: سألت العبد الصالح(عليه السلام) عن النطفة ما فيها من الدية؟ وما في العلقة؟ و(ما في المضغة؟ وما في المخلّقة؟) وما يقرّ في الأرحام؟ فقال: «فإن كان ذكراً ففيه الدية، وإن كانت اُنثى ففيها ديتها». (وسائل الشيعة 29: 317 / 9)

وهاتان الروايتان لا مشكلة فيهما من حيث السند والدلالة إلاّ أنّ الإيراد عليهما بمخالفة الكتاب والسنة إيراد تامّ وجار، كما حقّقناه في كتاب القصاص من «فقه الثقلين». (فقه الثقلين في شرح تحرير الوسيلة، كتاب القصاص: 164)

الثانية: رواية عبداللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبداللّه(عليه السلام) يقول: في رجل قتل امرأته متعمّداً قال: «إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه، ويؤدُّوا إلى أهله نصف الدية، وإن شاؤوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم...»، ورواية عبداللّه بن مسكان، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)قال: «إذا قتلت المرأة رجلاً قتلت به، وإذا قتل الرجل المرأة فإن أرادوا القود أدُّوا فضل دية الرجل (على دية المرأة) وأقادوه بها، وإن لم يفعلوا قبلوا الدية، دية المرأة كاملة، ودية المرأة نصف دية الرجل»، (وسائل الشيعة 29: 80 / 1 و2) وغيرهما ممّا تبلغ إلى خمسة عشرة رواية التي استدلّ بها على لزوم أداء نصف الدية في قصاص الرجل بالمرأة، وفيها مناقشات بيّنّاها في كتاب القصاص، (فقه الثقلين في شرح تحرير الوسيلة، كتاب القصاص: 163) وعمدتها المخالفة للكتاب ممّا صارت سبباً لعدم حجّيّتها في مضمونها المطابقي، فضلاً عن مضمونها الالتزامي المستدلّ به على ما نحن فيه.

الثالثة: الروايات المستدلّة بها على تساوي دية قطع أعضاء المرأة مع الرجل إلى أن تبلغ ثلث الدية وعندما تبلغ الثلث تنقلب دية المرأة إلى النصف من دية الرجل، وفيها من المناقشات الموجبة لعدم حجّيّتها، كما حقّقناه في كتاب القصاص عن «فقه الثقلين»، (فقه الثقلين في شرح تحرير الوسيلة، كتاب القصاص: 208) وستأتي الإشارة إليها.

[13] ـ بل لاينتصف ديتها بعد ذلك كقبله أيضاً، كما مرّ البحث عنه في وجهه والدليل عليه في التعليقة على المسألة الثانية من شرط الأوّل من الشرائط المعتبرة في القصاص، فكما يقتصّ للرجل من المرأة بلا ردّ بعد بلوغ الثلث، فكذلك يقتصّ للمرأة من الرجل بلا ردّ فيه أيضاً.

[14] ـ يأتي التفصيل فيه في التعليقة على المسألة الواحدة والثلاثين.

[15] ـ وفي «الشرائع» بعد نقله أنّ دية ولد الزنا إذا أظهر الإسلام دية المسلم وقيل دية الذمّي، قال: «وفي مستند ذلك ضعف»، (شرائع الإسلام 4: 1018) فالأقوى عدم الفرق بينه وبين بقيّة الأولاد في الدية; قضاءً للقواعد، كما لافرق بينهما في القصاص، ولايخفى عليك أنّ إحراز كون الولد ولد الزنا مع أنّ الولد للفراش على الإطلاق، وأنّ ولد الشبهة في حكم ولد الحلال مشكل متعسّر إن لم نقل بأنّه متعذّر، وبيان أحكامه في الفقه هنا وفي غيره من الكتب الفقهية إنّما يكون لعدم خلوّ الموضوع عن الحكم وإن كان نادراً جدّاً، فإنّ الإسلام دينٌ كامل أكمله النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في الغدير بإمامة أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلّين; إطاعةً لأمر اللّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الرّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ) وقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِْسْلاَمَ ديناً). (المائدة (5) : 67 و3)

[16] ـ على ما في بعض الأخبار، لكنّ الأقوى مساواة ديته، بل مساواة دية مطلق غير المسلم المحترم ذمّة أو استيماناً وعهداً مع المسلم في الدية; تمسّكاً بتنقيح المناط، وإلقاء الخصوصية من الأخبار الدالّة على كون دية أهل الذمّة مساوية مع دية المسلم، وأخبار ثمانمأة درهم محمولة على من لم يكن له عهد ولا استيمان ولا ذمّة، ويشهد له رواية زرارة عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «من أعطاه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ذمّةً فديته كاملة»، قال زرارة: فهؤلاء؟ قال أبو عبداللّه(عليه السلام): «وهؤلاء من أعطاهم ذمّة». (وسائل الشيعة 29: 221 / 3)

ولما يأتي في التعليقة على المسألة اللاحقة.

[17] ـ بل للمحترمين منهم الدية، كما مرّ. وبالجملة، فكما أنّ أموالهم وأعراضهم محترمة، فكذلك أنفسهم; فإنّ الدية عند العقلاء الممضاة شرعاً عوض الدم المحترم، ويكون جبراناً للخسارة بالنفس والدم من دون فرق وتفاوت من حيث الدين وعدمه، ومن حيث أنواع الأديان، وعدم التعرّض لديتهم في الأخبار إنّما يكون لعدم الابتلاء. وكيف كان فإثبات الشيء لاينفي ما عداه، ولا مفهوم لللقب والموضوع، كما هو الواضح، وبذلك تظهر بقيّة فروع المسألة، فكلّ من كان من الكفّار وغير المسلمين أموالهم وأعراضهم محترمة فأنفسهم أيضاً محترمة، وفيها الضمان وجبران الخسارة، وكيف يصحّ أن يقال بالضمان في أموالهم، كالضمان في أموال المسلمين دون أنفسهم؟ فإنّ الضمان ومساواته معهم في القدر فيها أولى، كما لايخفى.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org