Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: القول في الكفر

القول في الكفر

لايجوز للمسلمة أن تنكح الكافر دواماً وانقطاعاً ; سواء كان أصليّاً حربيّاً أو كتابيّاً ([1]) ، أو كان مرتدّاً عن فطرة أو عن ملّة . وكذا لايجوز للمسلم تزويج غير الكتابيّة من أصناف الكفّار ، ولا المرتدّة عن فطرة أو عن ملة . وأمّا الكتابيّة من اليهوديّة والنصرانيّة ففيه أقوال ، أشهرها المنع في النكاح الدائم والجواز في المنقطع ، وقيل بالمنع مطلقاً ، وقيل بالجواز كذلك([2]) . والأقوى الجواز في المنقطع ، وأمّا في الدائم فالأحوط المنع .

(مسألة 1) : الأقوى حرمة نكاح المجوسيّة ، وأمّا الصابئة ففيها إشكال ; حيث إنّه لم يتحقّق عندنا إلى الآن حقيقة دينهم ، فإن تحقّق أنّهم طائفة من النصارى ـ كما قيل ـ كانوا بحكمهم .

(مسألة 2) : العقد الواقع بين الكفّار لو وقع صحيحاً عندهم وعلى طبق مذهبهم ، يترتّب عليه آثار الصحيح عندنا ; سواء كان الزوجان كتابيّين أو وثنيّين أو مختلفين ، حتّى إنّه لو أسلما معاً دفعة اُقرّا على نكاحهما الأوّل ; ولم يحتج إلى عقد جديد ، بل وكذا لو أسلم أحدهما ـ أيضاً ـ في بعض الصور الآتية . نعم لو كان نكاحهم مشتملاً على ما يقتضي الفساد ابتداءً واستدامة ـ كنكاح إحدى المحرّمات عيناً أو جمعاً ـ جرى عليه ـ بعد الإسلام ـ حكم الإسلام .

(مسألة 3) : لو أسلم زوج الكتابيّة بقيا على نكاحهما الأوّل ; سواء كان كتابيّاً أو وثنياً ، وسواء كان إسلامه قبل الدخول أو بعده . وإذا أسلم زوج الوثنيّة ـ وثنيّاً كان أو كتابيّاً ـ فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده يفرّق بينهما وينتظر انقضاء العدّة ، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما ، وإلاّ انفسخ النكاح ; بمعنى أنّه يتبيّن انفساخه من حين إسلام الزوج([3]) .

(مسألة 4) : لو أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي ـ وثنيّة كانت أو كتابيّة ـ فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدّة لكن يفرّق بينهما ، فإن أسلم قبل انقضائها فهي امرأته ، وإلاّ بان أنّها بانت منه حين إسلامها([4]) .

(مسألة 5) : لو ارتدّ أحد الزوجين أو ارتدّا معاً دفعة قبل الدخول ، وقع الانفساخ في الحال ; سواء كان الارتداد عن فطرة أو ملّة . وكذا بعد الدخول إذا كان الارتداد من الزوج وكان عن فطرة . وأمّا إن كان ارتداده عن ملّة ، أو كان الارتداد من الزوجة مطلقاً ، وقف الفسخ على انقضاء العدّة ، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته ، وإلاّ انكشف أنّها بانت منه عند الارتداد .

(مسألة 6) : العدّة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة ، وفي غيره كالطلاق .

(مسألة 7) : لايجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت(عليهم السلام) ، ولا الغالي المعتقد باُلوهيّتهم أو نبوّتهم . وكذا لايجوز للمؤمن أن ينكح الناصبة والغالية ; لأنّهما بحكم الكفّار وإن انتحلا دين الإسلام .

(مسألة 8) : لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبة . وأمّا نكاح المؤمنة المخالف غير الناصب ففيه خلاف ، والجواز مع الكراهة لايخلو من قوّة([5]) ، لكن لاينبغي ترك الاحتياط مهما أمكن([6]) .

(مسألة 9) : لايشترط في صحّة النكاح تمكّن الزوج من النفقة . نعم لو زوّج الصغيرة وليّها بغير القادر عليها لم يلزم العقد عليها ، فلها الردّ([7]) ; لأنّ فيه المفسدة ، إلاّ إذا زوحمت بمصلحة غالبة عليها .

(مسألة 10) : لو كان الزوج متمكّناً من النفقة حين العقد ، ثمّ تجدّد العجز عنها بعد ذلك ، لم يكن للزوجة المذكورة التسلّط على الفسخ ; لابنفسها ولابوسيلة الحاكم على الأقوى . نعم لو كان ممتنعاً عن الإنفاق مع اليسار ورفعت أمرها إلى الحاكم ألزمه بالإنفاق أو الطلاق ، فإذا امتنع عنهما ولم يمكن الإنفاق من ماله ولا إجباره بالطلاق ، فالظاهر أنّ للحاكم أن يطلّقها إن أرادت الطلاق .

(مسألة 11) : لا إشكال في جواز تزويج العربيّة بالعجمي والهاشميّة بغير الهاشمي وبالعكس ، وكذا ذوات البيوتات الشريفة بأرباب الصنائع الدنيّة كالكنّاس والحجّام ونحوهما ; لأنّ المسلم كفو المسلم ، والمؤمن كفو المؤمنة ، والمؤمنون بعضهم أكفاء بعض كما في الخبر . نعم يكره التزويج بالفاسق([8]) ، خصوصاً شارب الخمر والزاني كما مرّ .

(مسألة 12) : ممّا يوجب الحرمة الأبديّة التزويج حال الإحرام دواماً أو انقطاعاً ; سواء كانت المرأة محرمة أو محلّة ، وسواء كان إيقاع التزويج له بالمباشرة أو بالتوكيل ; محرماً كان الوكيل أو محلاّ ، كان التوكيل قبل الإحرام أو حاله . هذا مع العلم بالحرمة . وأمّا مع جهله بها وإن بطل النكاح في جميع الصور المذكورة ، لكن لايوجب الحرمة الأبديّة .

(مسألة 13) : لا فرق فيما ذكر ـ من التحريم مع العلم ، والبطلان مع الجهل ـ بين أن يكون الإحرام لحجّ واجب أو مندوب ، أو لعمرة واجبة أو مندوبة ، ولابين أن يكون حجّه وعمرته لنفسه أو نيابة عن غيره .

(مسألة 14) : لو كانت الزوجة محرمة عالمة بالحرمة ، وكان الزوج محلاّ ، فهل يوجب نكاحها الحرمة الأبديّة بينهما ؟ قولان ، أحوطهما ذلك ، بل لايخلو من قوّة .

(مسألة 15) : يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدّة الرجعيّة ; من غير فرق بين المطلّقة تبرّعاً أو المختلعة إذا رجعت في البذل ، وكذا يجوز أن يوكّل محلاّ في أن يزوّج له بعد إحلاله ، بل وكذا أن يوكّل محرماً في أن يزوّج له بعد إحلالهما .

(مسألة 16) : ومن أسباب التحريم اللّعان بشروطه المذكورة في بابه ; بأن يرميها بالزنا ويدّعي المشاهدة بلا بيّنة ، أو ينفي ولدها الجامع لشرائط الإلحاق به ، وتنكر ذلك ، ورفعا أمرهما إلى الحاكم ، فيأمرهما بالملاعنة بالكيفيّة الخاصّة ، فإذا تلاعنا سقط عنه حدّ القذف وعنها حدّ الزنا ، وانتفى الولد عنه ، وحرمت عليه مؤبّداً .

(مسألة 17) : نكاح الشغار باطل ، وهو أن تتزوّج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كلّ واحد منهما نكاح الاُخرى ، ولايكون بينهما مهر غير النكاحين ، مثل أن يقول أحد الرجلين للآخر : «زوّجتك بنتي أو اُختي على أن تزوّجني بنتك أو اُختك» ، ويكون صداق كلّ منهما نكاح الاُخرى، ويقول الآخر: «قبلت وزوّجتك بنتي أو اُختي هكذا». وأمّا لو زوّج إحداهما الآخر بمهر معلوم ، وشرط عليه أن يزوّجه الاُخرى بمهر معلوم ، فيصحّ العقدان ، وكذا لو شرط أن يزوّجه الاُخرى ولم يذكر المهر أصلاً، مثل أن يقول: «زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك» ، فقال : «قبلت وزوّجتك بنتي» ، فإنّه يصحّ العقدان ويستحقّ كلّ منهما مهر المثل .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ لأنّ الكافر بكفره وستره الحقّ من العقائد وغيرها وعناده فيها يدعو كالمشركين إلى النار، واللّه يدعو إلى الجنّة والمغفرة بإذنه، فتزوّجها به حرام بالنهي في الآية (البقرة (2): 221) وبالعلّة فيها، وهذا بخلاف تزوّجها بغير المسلم ممّن لايكون كافراً كذلك بأن كان قاصراً وغير معاند وفي ذمّة الإسلام وائتمانه وكان بينه وبين المسلمين ميثاق الائتمان والاحترام المتقابل، كجلّ غير المسلمين اليوم إن لم يكن كلّهم ممّن لايكونون في حال الحرب مع المسلمين أو معيناً لهم في ذلك ، فحرمته محلّ تأمّل وإشكال، فالعلّة غير شاملة لتزوّجها به، بل مخصّصة بموردها ، فإنّها تخصِّص كما أنّها تعمّم، بل لو لم يكن الخوف من أصحاب الظاهر القاصر ومن أتباع الهوى الفاسد والحاسدين الذين يحسدون ـ كيف وكان الأستاذ الإمام(سلام اللّه عليه) خائفاً منهم، كما مرّ نقله ـ لكتبت ما هو الحقّ في المسألة، وبيّنت من حيث الأدلّة صراح أحكام الإسلام، وأنّ نظره في مثل المسألة وغيرها من المسائل الاجتماعية والمعاملات العقلائية إلى ما هو الحقّ وما فيه المصلحة للعباد من دون النظر إلى قصور الأفراد والتمييز بين أفراد البشر بما هو إنسان وأنّه تعالى يراعي العدل وعدم الظلم في أحكامه: (وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وعَدْلاً) (الأنعام (6) : 115) (وَمَا رَبُّكَ بظَـلاّم لِلْعَبِيِدِ)، (فصّلت (41) : 46) ويستحيل عليه تعالى الظلم، كما يستحيل عليه العذاب من دون بعث الرسل وجعله القصور سبباً لتضييع حقّ القاصرين أو التمييز بينهم في الحقوق ممّا يكون عقوبة بلا حجّة، فإنّ العقاب مطلقاً دنيويّاً كان أو اُخرويّاً من دون البيان قبيح.

وفي آخر الكلام في ذلك نسأل اللّه التوفيق، وللصالحين شرح الصدر وللعلماء العاملين والفقهاء الراشدين الوصول إلى ما كتمته من كيد المفسدين والمتحجِّرين وإنّ كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي.

[2] ـ وهو الأقوى فيهما وفي غير المسلمة مطلقاً حتّى المجوسية والصائبة، وأمّا الكافرة الساترة للحقّ المعاندة له فمنع تزويجها مطلقاً في محلّه.

[3] ـ ما في المسألة من التفصيل بين زوج الكتابية والوثنية مبنيّ على جواز تزويج المسلم ابتداءً الكتابية دون الوثنية وغيرها من غير المسلمات الكتابيات، فالاستدامة تابعة للابتداء، وأمّا على ما قوّيناه من جواز تزويج المسلم بغير المسلمة مطلقاً فلاتفصيل بينهما، والوثنية كالكتابية في بقاء الزوج المسلم معها على النكاح الأوّل.

[4] ـ ما في المسألة من حكم الاستدامة تكون من جهة تبعيّتها للابتداء، فتدبّر وارجع إلى ما ذكرناه بالنسبة إلى الابتداء في التعليقة على عبارة (أو كتابيّاً).

[5] ـ بل هو الأقوى.

[6] ـ الظاهر أنّ الاحتياط في المسألة ليس على ذلك الحدّ، فراجع أخبار المسألة وما فيها من علّة النهي.

[7] ـ بل مرّ أنّ لها الردّ مطلقاً فإنّ نكاح الوليّ ولو مع المصلحة غير لازم وإن كان
صحيحاً.

[8] ـ إذ لايؤمن معه من الإضرار بها ومن قهرها عليه، ففي إطلاقه إشكال.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org