Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: التمسّك بأصالة الصحّة لجواز الاستماع

التمسّك بأصالة الصحّة لجواز الاستماع

وقد يتمسّك بأصالة الصحّة للحكم بجواز الاستماع في الموارد المشكوكة؛ بأنّ مقتضى أصالة الصحّة في قول المغتاب عدم جواز ردّه وردعه، بل مقتضى أماريّتها الكشف عن جوازها واقعاً، فيجوز للسامع استماعها؛ لأنّ من آثار جوازها واقعاً جواز الاستماع، أو من آثار عدم حرمتها واقعاً عدم حرمة استماعها.

هذا على فرض الترتّب بين الحكمين الواقعيّين، وعلى فرض عدم إحرازه تجري أصالة الصحّة ومعه لا تجري الاستصحابات الموضوعيّـة أو الحكميّـة الحاكمة بعدم جواز الاستماع على فرض جريان أصالة الصحّة؛ لحكومتها عليها، ومعه لا مانع من جريان أصل البراءة عن الاستماع.

ويرد عليه أوّلاً: أنّ أصالة الصحّة إنّما تجري في الأفعال التي لها وجهان: وجه صحّة وضعيّـة ووجه فساد كذلك، مثل العقود والإيقاعات والعبادات كالصلاة والصوم وتجهيز الموتى وغيرها؛ إذ الدليل على الأصل المذكور ليس إلّا بناء العُقلاء والسيرة المتشرّعة، واختلال النظام مع عدم جريانها، والقدر المتيقّن منها ليس إلّا جريانها فيما ذكرنا.

وأمّا في مطلق الأفعال، كما لو دار الأمر بين كون الفعل أو القول الصادر مباحاً أو لا، أو قبيحاً أو لا، فلم يثبت بناء العُقلاء أو المتشرّعة على الحمل على المباح الواقعي وترتيب آثاره عليه، ولم يلزم من عدم الحمل على المباح الواقعي اختلالٌ في نظام المعيشة، سيّما في مثل المقام الذي قد يستلزم من الحمل على المباح الواقعي حمل فعل مسلم آخر على الفساد والحرمة، كما إذا قال: ظلمني زيد أو جاهر بالفسق، يكون حمل قوله على الصحّة واقعاً مستلزماً للبناء على ظلمه أو جهره بالفسق.

إلّا أن يقـال: إنّ الحمل على الصحّة في مثل المقام حملٌ عليها باعتقاده، لا على الصحّة الواقعيّـة، وهو لا ينافي البناء على صحّة عمل المغتاب (بالفتح)؛ لجواز التفكيك بين اللوازم في الظاهر.

وهذا كما ترى مخالفٌ لحجّيّـة أصالة الصحّة ببناء العُقلاء؛ لعدم التفكيك في بنائهم.

ولا شبهة في أنّ بناءهم في العقود والإيقاعات ونحوهما ممّا لها وجه صحّة وفساد وضعاً على الحمل على الصحّة الواقعيّـة وترتيب الآثار الواقعيّـة لا الاعتقاديّـة، وتوهّم الحمل على الصحّة الاعتقاديّـة في مورد والواقعيّـة في مورد آخر تفكيك في بنائهم بلا دليل.

وثانياً: لو سلّمنا جريان أصالة الصحّة في الأقوال والأفعال مطلقاً، فإنّما تجري بالنسبة إلی آثارها الشرعيّـة، لا الآثار العاديـة أو العقليّـة، الملازمة معها، فإذا شكّ في صحّة الصلاة وفسادها ـ مثلاً ـ تحمل على الصحّة واقعاً ويترتّب عليها آثارها الشرعيّـة دون ما كانت صحّتها ملازمة لعنوان آخر فلا يثبت بها، فلو صلّى وشكّ في صحّتها من أجل دخول الوقت وعدمه تحمل على الصحّة الواقعيّـة، لكن لا يثبت بها دخوله ولا كون المصلّي على طهر أو لباسه من محلّل اللحم لو شكّ فيها.

فعليه، لا يترتّب على صحّة قول المغتاب جواز الاستماع؛ لأنّ جريان أصالة الصحّة في قوله بحمله على المباح لا يثبت بها لوازمه، من كون مقوله موافقٌ للواقع وأنّ المغتاب (بالفتح) ظالم أو متجاهر بالفسق مثلاً. فلا يثبت بها جواز استماع غيبته، فإنّ جواز الاستماع مترتّبٌ على كون المغتاب (بالفتح) ظالماً أو متجاهراً بالفسق مثلاً، لا على صحّة فعل المغتاب، وليس جواز الاستماع من آثار صحّة فعل المغتاب (بالكسر) وإباحته.

إن قلت: إنّ جواز الاستماع مترتّب على جواز الاغتياب واقعاً، وأصالة الصحّة في قـول المغتاب تثبت إباحة اغتيابـه؛ لأنّ مقتضى أصالـة الصحّة فرضاً إباحة الاغتياب واقعاً، فيترتّب عليه جواز الاستماع.

قلت: لا دليل على ترتّب جواز الاستماع على عنوان جواز الغيبة وإباحتها، بل الثابت أنّ في موارد استثناء الغيبة يستثنى الاستماع؛ بناء على أنّ المستمع بمنزلة المغتاب، ومفاد التنزيل: أنّ كلّ مورد جازت الغيبة للمغتاب جاز استماعها، لا أنّ جواز الاستماع مترتّبٌ على عنوان الإباحة، ولا تصلح أصالة الصحّة لإثبات كون المورد من موارد الاستثناء.

إن قلت: إنّ المستفاد من الروايات الكثيرة وجوب حمل فعل أخيك على أحسنه، كرواية الحسين بن مختار، عن أبي ‌عبدالله(علیه السلام)، قال: قال أمير‌المؤمنين(علیه السلام) في كلام له «ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظننّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخیر محملاً».([1684])

قلت أوّلاً: إنّ الروايات في تلك المسألـة كثـيرة إلّا أنّ المسـتفاد من مجموعهـا ـ كما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) ـ([1685]) عدم دلالة هذه الأخبار، إلّا على أنّـه لابدّ من أن يحمل ما يصدر من الفاعل على الوجه الحسن عند الفاعل، ولا يحمل على الوجه القبيح عنده، وهذا غير ما نحن بصدده من حسن فعله وإباحته.

ويؤيّد ما ذكرناه، رواية محمّد بن الفضيل، عن أبي ‌الحسن الأوّل(علیه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك؛ الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه، فأسأله عن ذلك فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات، فقال لي: «يا محمّد؛ كذب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم، ولا تذيعنّ عليه شيئاً تشينه به، وتهدم به مروءته، فتكون من الذين قال الله تعالى في كتابه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾»([1686]).([1687])

حيث جمع الإمام(علیه السلام) في روايـة محمّـد بن الـفضیل، بين تكذيب خمسين قسامة ـ أعني البيّـنة العادلة ـ وتصديق الأخ المؤمن، فإنّـه ممّا لا يمكن إلّا بحمل تصديق المؤمن من حيث الحسن الفاعلي وتصديق القسامة على القبح الفعلي؛ إذ لايمكن حمله على الصحّة بمعنى الحكم بمطابقة قوله للواقع، فإنّـه مستلزمٌ لتكذيب القسامة بمعنى مخالفة قولهم للواقع؛ لأنّهم أولى بحسن الظنّ بهم من المؤمن الواحد.

فالمراد من تكذيب السمع والبصر تكذيبهما فيما يفهمان من ظواهر بعض الأفعال من القبح، فلابدّ من الحمل على الحسن الفاعلي لا الحسن الفعلي.

وثانياً: إنّ قاعدة حمل فعل الأخ على أحسنه، غير أصالة الصحّة؛ فإنّ أصالة الصحّة عامٌّ تشمل جميع أبناء البشر، وقاعدة حمل فعل الأخ على أحسنه خاصّ بالمسلم.

وثالثاً: إنّ قاعدة حمل فعل المسلم على أحسنه يختلف باختلاف الأزمنة، فإنّـه تابعٌ للمجتمع حُسناً وسوءاً، فإنّ المجتمع صالحاً يحمل فعل الأشخاص على أحسنه، وإن كان فاسداً يحمل أفعال أفراده على الفساد.

------------------------
[1683]. أي بحرمته استقلالاً.
[1684]. الكافي 2: 362، باب التهمة وسوء الظنّ، الحديث 3؛ وسائل الشيعة 12: 302، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 161، الحديث 3.
[1685]. راجع: فرائد الأصول 2: 718، قاعدة لاضرار.
[1686]. النور (24): 19.
[1687]. الكافي 8: 147، حديث محاسبة النفس، الحديث 125؛ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: 293، عقاب الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، مع تفاوتٍ يسير؛ وسائل الشيعة 12: 295، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 157، الحديث 4.

عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org