Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: حلق اللحیة في کلام الفقهاء

حلق اللحیة في کلام الفقهاء

کان من المناسب التعرّض في المقام لمسألة حلق اللحیة؛ لأنّـه ربمّا یکتسب به وکونه من المسائل المبتلی بها في عصرنا، فإن قیل بحرمته، کان الاکتساب به من المکاسب المحرّمة.

والعجب أنّ الفقهاء المتقدّمین من أصحابنا أهملوا المسألة ولم یتعـرّضوا لها، وعلی فرض کون المنع فیها واضحاً عنـدهم بلحاظ استقرار سیرة المتشـرّعة في تلك الأعصار علی عدم الحلق کان المترقّب منهم أیضاً التعـرّض لها، کما کانوا یتعـرّضون لکثیر من الأحکام الواضحة. نعم، فقهـائنا المتأخّرین کالعلّامـة ومن بعده تعرّضوا لها. قال العلّامـة في التذکرة:

الفصل الثالث: في أمور تتعـلّق بالفطرة...، وقـال(صلی الله علیه و آله و سلم): «حفّوا الشوارب وأعفوا اللحی، ولا تشبّهوا بالیهود».([340])ونظر(صلی الله علیه و آله و سلم)إلی رجل طویل اللحیة، فقـال: «مـا کان علی هذا لو هیّأ من لحیته»؟ فبلغ الرجل ذلك فهیّأ لحیته بین لحیتین، ثمّ دخل علی النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم)، فلمّا رآه قال: «هکذا فافعلوا»([341]).([342])

وقال ابن سعید في جامع الشرائع:

ویکره القزع، وقال(صلی الله علیه و آله و سلم): «أعفوا اللحی وحُفّوا الشوارب».([343]) وینبغي أن یؤخذ من اللحیة ما جاوز القُبضة، ویکره نتف الشیب.([344])

أقول: القزع ـ بفتحتین ـ والواحدة قزعة: أخذ بعض الشعر وترك بعضه. ودلالة العبارتین علی افتائهما بالحرمة غیر واضحة، وسیأتي البحث في الأخبار المنقولة.

وفي کتاب «المنیة في حکم الشارب واللحیة» للمرحوم آیة الله الطبسي نقلاً عن کتاب «الاعتقادات» للشیخ البهائي أنّـه قال:

إنّ حلق اللحیة کبقیّـة المآثم الکبیرة من قبیل القمار والسحر والرشوة، ولم یخدش واحد من العلماء الأعلام في حرمته.([345])

وفیه أیضاً عن السیّد الداماد في رسالة شارع النجاة:

إنّ حلق اللحیة حرامٌ بالإجماع.([346])

أقول: قد ظهر ممّا مرّ منّا المناقشة في دعوی الإجماع([347]) مع عدم تعرّض القدماء للمسألة، بل ولا جمیع المتأخّرین.

وفي الجزء السادس من الوافي بعد نقل أخبار الباب، قال:

وقد أفتی جماعة من فقهائنا بتحریم حلق اللحیة، وربّما یستشهد لهم بقوله سبحانه حکایة عن إبلیس اللعین: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾([348]).([349])

وفي المفتاح الخامس والستّین والأربعمأة من مفاتیح الشرائع في عدّ المعاصي، قال:

وحلق اللحیة؛ لأنّـه خلاف السنّـة التي هي إعفاؤها، ولمسخ طائفة بسببه.([350])

وفي الحدائق:

الظاهر ـ کما استظهره جملة من الأصحاب کما عرفت ـ تحریم حلق اللحیة؛ لخبر المسخ المرويّ عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)،([351]) فإنّـه لایقع إلّا علی ارتکاب أمر محرّم بالغ في التحریم.

وأمّا الاستدلال بآیة: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾،([352]) فیه: أنّـه قد ورد عنهم(علیهم السلام): أنّ المراد دین الله،([353]) فیشکل الاستدلال بها علی ذلك، وإن کان ظاهر اللفظ یساعده.([354])

والمجلسي الأوّل(رحمه الله) في روضة المتّقین في ذیل ما یأتي عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) من قوله:

«إنّ أقواماً حلقوا اللحی، وفتلوا الشوارب، فمسخوا».([355]) ـ قال: ـ ویظهر من الأوامر بإعفاء اللحی. وهذا الخبر، ومن أنّـه زيّ الیهود وجزّه زيّ المجوس، الحرمة، ولم یذکره فیما رأینا منهم غیر الشهید(رحمه الله)، فإنّـه ذکر حرمة الحلق بلا ذکر خلاف، والمسموع من المشایخ أیضاً حرمته. ویؤیّده أنّـه لم ینقل تجویزه من النبيّ والأئمّة (صلوات الله علیهم)، ولو کان جائزاً لفعلوه مرّة لبیان الجواز، کما في کثیر من المکروهات، أو وقع منهم الرخصة لأحدٍ... .([356])

وقال المجلسي الثاني(رحمه الله) في مرآة العقول في ذیل هذا الخبر:([357])

واستدلّ به علی حرمة حلق اللحیة، بل تطویل الشارب.([358])

وفي آداب الحمّام من کشف الغطاء:

ویحرم حلقها، ویستحبّ توفیرها قدر قبضة من ید صاحبها.([359])

أقول: ظاهره کون حرمة حلق اللحیة للرجال مشتهرة بین الأصحاب، بحیث یجبر بها ضعف روایاتها لو فرض ضعفها.

هذا کلّه کلمات فقهائنا المتأخّرین في حلق اللحیة، ولننقل بعض کلمات علماء العامّة فیه للتوجّه إلیها في الاستدلال بالکتاب والسنّـة لما قیل أو یقال: فقه الشیعة حاشیة علی فقه العامّة. في کتاب «الحظر والإباحة من الفقه علی المذاهب الأربعة» عن الشافعیّـة:

أمّا اللحیة، فإنّـه یکره حلقها والمبالغة في قصّها، فإذا زادت علی القبضة، فإنّ الأمر فیه سهلٌ، خصوصاً إذا ترتّب علیه تسوّیه للخلقة أو تعریض به ونحو ذلك... . ([360])

وعن الحنفیّـة:

یحرم حلق لحیة الرجل، ویُسنّ أن لا تزید في طولها علی القبضة، فما زاد علی القبضة یُقصّ، ولا بأس بأخذ أطراف اللحیة وحلق الشعر الذي تحت الإبطین، ونتف الشیب، وتُسنّ المبالغة في قصّ الشارب... .([361])

وعن المالکیّـة:

یحرم حلق اللحیة، ویُسنّ قصّ الشارب... .([362])

وعن الحنابلة:

یحرم حلق اللحیة، ولا بأس بأخذ ما زاد علی القبضة، فلا یکره قصّه کما لا یکره ترکه. وکذا لا یکره أخذ ما تحت حلقة الدبر من الشعر، ویکره نتف الشیب، وتُسنّ المبالغة في قصّ الشارب... .([363])

أقول: ظاهر مقابلة کلام الشافعیّـة لما عن غیرهم، إرادة الشافعیّـة الکراهة المصطلحة، وإن استعمل لفظ الکراهة في الکتاب والسنّـة کثیراً في الحرمة أیضاً.

------------------
[340]. من لا يحضره الفقيه 1: 76/332، باب تقليم الأظفار وأخذ الشارب والمشط، الحديث 108؛ وسائل الشيعة 2: 116، کتاب الطهارة، أبواب آداب الحمّام، الباب 67، الحديث 1.
[341]. الكافي 6: 488، باب اللحية والشارب، الحديث 12؛ من لا يحضره الفقيه 1: 76/333، باب تقليم الأظفار وأخذ الشارب والمشط، الحديث 109؛ وسائل الشيعة 2: 111، کتاب الطهارة، أبواب آداب الحمّام، الباب 63، الحديث 3.
[342]. تذکرة الفقهاء 2: 253.
[343]. من لا يحضره الفقيه 1: 76/332، باب تقليم الأظفار وأخذ الشارب والمشط، الحديث 108؛ وسائل الشيعة 2: 116، کتاب الطهارة، أبواب آداب الحمّام، الباب 67، الحديث 1.
[344]. الجامع للشرائع: 30.
[345]. المنية في حکم الشارب واللحية: 55.
[346]. نفس المصدر.
[347]. مرّ آنفاً.
[348]. النساء (4): 119.
[349]. الوافي ‏‏6: 658، کتاب الطهارة والتزيّن، أبواب قضاء التفث والتزيّن، باب جزّ اللحية والشارب وشعر الأنف، ذيل الحديث 9.
[350]. مفاتيح الشرائع 2: 20.
[351]. الكافي 1: 346، باب ما يفصل به بين دعوي المحقّ والمبطل في أمر الإمامة، الحديث 3؛ وسائل الشيعة 2: 116، کتاب الطهارة، أبواب آداب الحمّام، الباب 67، الحديث 4.
[352]. النساء (4) : 119.
[353]. لاحظ: التبيان في تفسير القرآن 3: 334.
[354]. الحدائق الناضرة ‏ 5: 561.
[355]. مرّ تخريجه آنفاً.
[356]. روضة المتّقين ‏1: 333، کتاب الطهارة، باب غسل يوم الجمعة و...، ذيل الحديث 331.
[357]. أي: خبر المسخ المرويّ عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) الذي مرّ تخريجه آنفاً.
[358]. مرآة العقول 4: 79، باب ما يفصل به بين دعوي المحق و...، ذيل الحديث 3.
[359]. کشف الغطاء 2: 418.
[360]. الفقه علي المذاهب الأربعة 2: 44، کتاب الحظر والإباحة، حکم إزالة الشعر وقصّ الأظافر.
[361]. نفس المصدر: 45.
[362]. نفس المصدر.
[363]. نفس المصدر: 46.

عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org