Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: الاستدلال على حرمة سبّ غير المؤمن

الاستدلال على حرمة سبّ غير المؤمن

وكيف كان، فالظاهر عدم اختصاص حرمة السبّ بسباب المؤمن، بل السبّ حرام ٌمطلقاً؛ سواء كان بالنسبة إلى المؤمن وغير المؤمن، وسواء كان بالنسبة إلى المسلم والكافر، وذلك لوجوهٍ:

منها: إطلاق بعض روايات الباب، مثل صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج المتقدّمة،([557]) فإنّ الصحيـحة مطلقة بـإطلاق ألفاظه في أربع مواضع: أحدها: کلمة: «رجلين يتسابّان»، وثانیها: کلمة «البادي منهما أظلم»، وثالثها: کلمة «ووزره ووزر صاحبه عليه»، ورابعها: کلمة «ما لم يعتذر إلى المظلوم»، فإنّ هذه الفقرات من الرواية مطلقة غير مقيّدة بالمؤمن.

ومثل رواية أبي ‌بصير، عن أبي ‌جعفر(علیه السلام)، المتقدّمة‌:([558]) فكان فيما أوصاه أن قال: «لا تسبّوا الناس...»‌، فإنّها مطلقة إن لم نقل بأنّ المفرد المعرّف بالألف واللام يفيد العموم، وإلّا لدلّت على التعميم بالعموم. هذا مـع أنّ تعلّق النهي بسبّ الناس دون خصوص المؤمن، ظاهر في تعميم الحكم لكلّ من كان مصداقاً لهذا العنوان.

وأمّا رواية أبي ‌بصير الأخرى: «سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه».([559])

وموثّقة السكوني: «سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة»،([560]) وإن كان فيهما قيد المؤمن إلّا أنّ هذا القيد لا تدلّ على تقييد الحكم؛ لأنّ القيد إمّا أتى به لبيان شدّة الحرمة بالنسبة إلى المؤمن، وإمّا لأنّ الرواية كانت في مقام بيان حرمة سبّ المؤمن،؛ لأنّـه هو المبتلی به في المجتمع الإسلامي، وهو الدائر بين المسلمين.

هذا مضافاً إلى أنّ هاتين الروايتين لا تدلّان على اختصاص الحرمة بسبّ المؤمن، بل على حرمة سبّ المؤمن فقط من دون أن يكون لهما دلالة على عدم حرمة سبّ غير المؤمن؛ إذ لا مفهوم للوصف، والمطلقات تدلّ على حرمة سبّ غير المؤمن أيضاً، ولا منافاة بين الحكمين حتّی نلتزم بالتقييد، فإنّ المثبتين لا منافاة بينهما حتّى نحتاج إلى حمل المطلق على المقيّد.

ومنها: أنّ العناوين العامّة المستدلّ بها على حرمة السبّ، مثل الظلم والإيذاء والإذلال لا تختصّ بالمؤمن،([561]) فإنّ الظلم قبيحٌ عقلاً ومحرّمٌ شرعاً؛ سواءٌ كان بالنسبة إلى المؤمن، أو بالنسبة إلى غير المؤمن والكافر.

ويؤيّد ذلك بقوله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّم لِلْعَبِيدِ﴾،([562])حيث إنّـه بعد ما لا يظلم أحد فلا يحكم لعبيده جواز ظلم بعض الأفراد.

وقـوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾،([563]) فـإنّ التكريم مـن الله تعالى لم تختصّ بالمؤمن فقط، بل عمّ وشمل لكلّ من كان من بني آدم، فتجويزه تعالى ظلمَ بعض بني آدم على بعض، مخالفٌ لتكريم الجميع.

ثمّ إنّـه كيف يجوز الحكم بجواز سبّ غير المؤمن مع أنّـه إيذاءٌ وإذلالٌ وظلمٌ عليهم ممّا لا يكون قبحهـا وحرمتها مختصّـاً بالإنسان، بل شـامل له وللحيوان أيضاً، بل هذه العناوين حرامٌ شرعاً بالنسبة إلى الحيوان، فضلاً عن الإنسان.

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَتَعْبُدُونَ إلّا اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾،([564]) فإنّها آمرة بالقول الحسن للناس، لا لخصوص المؤمن، والسبّ ضدّ للقول الحسن، فيكون حراماً.

ومنها: كون سبّ غير المؤمن كسبّ المؤمن، منكراً عرفاً قطعاً، فيكون حراماً شرعاً بدلالة قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الاُْمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّورَاةِ وَالاِْنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾،([565]) فإنّ الآية مصرّحة بأنّ النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم)يأمر المؤمنين بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ونهيه عنه دليلٌ على حرمته، والمنكر ما يقبحه العقل والعقلاء.

ومنها: الروايـات الآمرة بمـداراة الناس، مثل ما رواه عبـد‌الله بن سنان، عن أبي ‌عبـد‌الله(علیه السلام)، قـال: قـال رسـول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): «أمرني ربّي بمداراة النـاس، كما أمـرني بـأداء الفرائض»،([566]) فإنّ السبّ ينافي مداراة الناس، فلا يجوز.

ومنها: الآيات والروايات الواردة في العدل والإنصاف.

أمّا الآيات، فمثل قوله تعالى‌: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالـْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾،([567]) فإنّ السبّ بغيٌ وظلمٌ وإيذاءٌ، فلا يجوز فعله، والآية غير مختصّة بالمؤمن.

وأمّا الروايات، فمثل ما رواه عمرو بن أبي ‌المقدام، عن أبي ‌جعفر(علیه السلام)، عن أمير‌المؤمنين(علیه السلام)، في وصيّته للحسن‌(علیه السلام)، قال‌: «‌يا بُنيّ؛ فتفهّم وصيّتي، واجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، وأحبّ لغيرك ما تحبّ لنفسك، وأكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم، وأحسن كما تحبّ أن يحسن إليك، واستقبح لنفسك ما تستقبحه من غيرك، وإرض من الناس ما ترضى لهم منك».([568])

ومثل ما رواه يعقوب بن شعيب، عن أبي ‌عبدالله(علیه السلام)، قال: «أوحى الله عزّ وجلّ إلى آدم(علیه السلام) إنّي سأجمع لك الكلام في أربع كلمات، قال: يا ربّ وما هنّ؟ قال: واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين الناس، قال: يا ربّ بيّنهنّ لي حتّى أعلمهنّ، قال: أمّا التي لي، فتعبدني لا تشرك بي شيئاً، وأمّا التي لك، فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه، وأمّا التي بيني وبينك، فعليك الدعاء وعليّ الإجابة، وأمّا التي بينك وبين الناس، فترضى للناس ما ترضى لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك».([569])

فإنّ الروايتين عامّ غير مختصّ بالمؤمن؛ حيث جعل موضوع الحكم في الأولى منهما «غيرك»، و«غيره» أعمّ من المؤمن وغير المؤمن، وفي الرواية الثانية جعل موضوع الحكم، الناس.

------------------
[557]. تقدّمت في الصفحة 195 مع تخريجها.
[558]. تقدّمت في الصفحة 198 مع تخريجها.
[559]. تقدّمت في الصفحة 199 مع تخريجها.
[560]. تقدّمت في الصفحة 199 مع تخريجها.
[561]. اُنظر: المكاسب 1: 253.
[562]. فصّلت (41): 46.
[563]. الإسراء (17): 70.
[564]. البقرة (2): 83.
[565]. الأعراف (7): 157.
[566]. الكافي 2: 117، باب المداراة، الحديث 4؛ وسائل الشيعة 12: 200، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 121، الحديث 1.
[567]. النحل (16): 90.
[568]. كشف المحجّة: 226، الفصل الرابع والخمسون والمائة؛ مستدرك الوسائل 11: 311، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 35، الحديث 1، مع التفاوت.
[569]. الكافي 2: 146، باب الإنصاف والعدل، الحديث 13؛ وسائل الشيعة 15: 287، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 35، الحديث 2.

عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org