Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: كتاب الظهار

كتاب الظهار (الذي كان طلاقاً في الجاهلية وموجباً للحرمة الأبدية، وقد غيّر شرع الإسلام حكمه وجعله موجباً لتحريم الزوجة المظاهرة ولزوم الكفارة بالعود كما ستعرف تفصيله).
الظهار مصدر «ظاهر» كالمظاهرة مأخوذ من الظهر لأنّ الاصل في الظهار قول الرجل لزوجته «انت علي كظهر امّي» والظاهر أنّه لا يمكن تعريف الظهار بما يوافق كلّ المباني الموجودة في المسألة لأنّ مختار بعضهم صحته في الام فقط وبعضهم الآخر الاختصاص بالمحارم النسبية وثالث بجريانه في كل المحارم وإن كانت رضاعية أو حاصلة بالمصاهرة، ومن ذلك يظهر أنّ ما ذكره الشهيد الثاني في تعريفه غير تام، قال: «وحقيقته الشرعية تشبيه الزوج زوجته ولو مطلقة رجعية في العدّة بمحرمه نسباً أو رضاعاً، قيل أو مصاهرة على ما سيأتي من الخلاف فيه»(1). هذا مع أنّه ليس له حقيقة شرعية وانّه ليس من مبدعات الشرع، فالمتّبع في حقيقته معناه العرفي. نعم القدر المتيقن من مصاديقه هو قوله لها: «انت عليّ كظهر
-------------------------------------------------------------------------
[1] ـ مسالك الافهام 9: 463.

(516)
امّي»، دون سائر التفاسير ولايخفى وجه المشابهة فيه، والاصل في الظهار قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ {*} الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)(1).
ودلالة الآية لمكان (ما هنّ امّهاتهم) على نفي الامومة من المظاهرة واضحة فاحكام الامّ وآثارها الواردة في سبب نزولها بكونه معصية منتفية عنها بلا اشكال ولاكلام، كما أنّه لا اشكال ولا كلام لاحد من الفقهاء من الخاصّة والعامّة في دلالتها على حرمة الظهار وكونه معصية لانّه منكر من القول وزور وهما محرّمان مع تصريح الرواية، وإنّما الكلام في كون هذه الحرمة موجبة لاستحقاق العقوبة الاخروية كبقية المحرمّات ام ليس فيها الا الكفّارة وهي العقوبة الدنيوية ؟ وفي الشرائع قال: «الظهار محرّم لاتّصافه بالمنكر وقيل لا عقاب فيه لتعقبه بالعفو»(2) وفيه: أنّه لا يلزم من وصفه تعالى بالعفو والغفران فعليّتهما بهذا النوع من المعصية، وذكره بعده لا يدل عليه، فانّه تعالى موصوف بذلك، عفى عن هذا الذنب الخاص أو لم يعف، نعم تعقّبه له لا يخلو من باعث على الرجاء والطمع في عفو الله تعالى، ونظائره في القرآن كثيرة، كقوله تعالى: (َلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)(1) وغيره.
هذا كلّه بالنسبة إلى نفس الآية الشريفة، وإلاّ فقد عرفت التصريح في الرواية
----------------------------------------------------------------------
[1] ـ المجادلة (58): 1 ـ 2.
[2] ـ شرائع الإسلام 3: 48.
[3] ـ الأحزاب (33): 5.

(517)

الواردة في سبب نزولها بكونه معصية موجبة للكفارة، وإنّما العفو كان لاوّل الفاعلين باعتبار جهله. هذا مع أنّ الحرمة على هذا النحو غير معقولة عادة لأنّ النهي لابدّ وأن يكون بداعي الزجر، والزجر للعامّة ليس إلاّ بالعذاب، نعم في الخواص يحصل الزجر بغيره ايضاً لكنه غير مربوط بالعامّة من الناس وهم المناط في التكاليف لا الخواص. ثم إنّ الكفارة وإن كانت عقوبة إلاّ أنّها ليست لنفس الظهار بل للوطئ، كما عليه الكتاب والسنّة والاجماع. أمّا الكتاب فقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(1) كما مرّ آنفاً.
وأمّا السنّة فمنها: صحيحة جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: سألناه «عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفّارة ؟ قال: إذا أراد أن يواقع امرأته ؟ قلت: فإن طلّقها قبل أن يواقعها أ عليه كفّارة ؟ قال: لا، سقطت عنه الكفّارة»(2). ومثلها ما يأتي في محلّه.
(مسألة 1 ـ صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة: «أنت عليّ كظهر امّي»).
نصاً وفتوىً وهو موضع وفاق بل عليه وفاق علماء الإسلام.
(أو يقول بدل انت «هذه» مشيراً إليها أو «زوجتي» أو «فلانة»).
فكل ما يكون معرّفاً للمراًة يكون كافياً في الصيغة ولا خصوصيـة لضمير
------------------------------------------------------------------
[1] ـ المجادلة (58): 3.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 318، كتاب الظهار، الباب10، الحديث4.

(518)

الخطاب كما لا يخفـى ولـذا نلاحـظ أنّ الشهيد الثانـي ذهب إلـى أنّ كفايـة غيـر «انت علىّ كظهر امي» ممّا في معناها وما شاكلها من الالفاظ الدالّة على تمييزها عن غيرها ايضاً محلّ وفاق(1).
(ويجوز تبديل «عليّ» بقوله «منّي» أو «عندي» أو «لديّ»).
لعدم خصوصية ما ذكر في النصوص وذلك لالغاء الخصوصية عرفاً. هذا مع ما استدل به صاحب الجواهر من أنّ اختلاف النصوص في الصيغ يدلّ على عدم خصوصية لفظ «عليّ»(2).
(بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة «عليّ» وأشباهه أصلا بأن يقول: «أنت كظهر امّي»).
لظهورها في الظهار، هذا وقد استشكل عليه العلاّمة في التحرير(3) ووجّه الاشكال في المسالك(4) بأنّ عدم الاتيان بلفظة «عليّ» يوجب احتمال الرجوع إلى نفسه وإلى غيره وهذا يختلف عن صيغة الطلاق، وفيه: أنّه ظاهر في الأول فقط.
(ولو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الأم غير الظهر كرأسها أو يدها أو بطنها).
أو غيرها مطلقاً.
[1] ـ مسالك الافهام 9: 464.
[2] ـ جواهر الكلام 33: 98.
[3] ـ تحرير الأحكام 2: 61.
[4] ـ مسالك الافهام 9: 464.

(519)

(ففي وقوع الظهار قولان).
اوّلهما للشيخ في الخلاف(1) بل فيه ادّعاء الاجماع على ذلك والثاني للسيد المرتضى، بل قيل: والمتأخرين، بل في انتصاره أنّه ممّا انفردت به الامامية(2). دليل الأول خبر سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: «الرجل يقول لامرأته: أنت علىّ كشعر امّي أو ككفّها أو كبطنها أو كرجلها، قال: ما عنى به ؟ إن أراد به الظهار فهو الظهار»(3). وضعف سنده منجبر بما عن الشيخ في الخلاف من الاجماع على ذلك، بل وبعمل الصدوق والقاضي وابن حمزة فإنّ ذلك مع روايتها في التهذيب الذي هو احد الكتب المعتبرة المبيّنة كاف في جواز العمل بها خصوصاً بعد اعتضاده بمرسلة يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته «عن رجل قال لامرأته: انت عليّ كظهر امّي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها، أيكون ذلك الظهار؟ وهل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر؟ قال: المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال: هي عليه كظهر امّه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشيء منها ينوي بذلك التحريم فقد لزمه الكفّارة في كلّ قليل منها أو كثير». الحديث(4).
ولا يخفى عليك أنّه مضافاً إلى أنّ اجماع الخلاف مع مصيرالسيّد بل والمتأخرين بل ومع ادّعائه أنّ عدم الوقوع ممّا انفردت به الامامية غير كاف في الانجبار، تعارضهما صحيحة زرارة وهي مقدّمة عليهما لوجوه كما لا يخفي ففي حديث عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه
----------------------------------------------------------------------
[1] ـ الخلاف 4: 530، مسألة 9.
[2] ـ الانتصار: 142.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 317، كتاب الظهار، الباب9، الحديث2.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 316، كتاب الظهار، الباب9، الحديث1.

(520)

سأله «كيف الظهار ؟ فقال: يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع: انت عليّ حرام مثل ظهر امّي، وهو يريد بذلك الظهار»(1). وكذا صحيحة جميل بن درّاج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): «الرجل يقول لأمرأته: انت عليّ كظهر عمّته أو خالته، قال: هو الظهار» الحديث(2). والاستدلال يكون بالحصر في مقام الجواب عن السؤال عن كيفية الظهار في الأولى وبتقديم المبتدأ على الخبر الظاهر في الحصر في الثانية، اللّهم إلاّ أن يقال: إنّ السؤال في الأولى يكون عن الكيفية من حيث الشرائط كما يظهر من الجواب وأمّا الصيغة فلم تكن مورداً له لمعلوميته وذكر المعصوم(عليه السلام) إنّما يكون لتكميل الجواب، وفي الثانية الحصر يكون مربوطاً بالمحارم النسبية وبالنسبة إليها لا بالنسبة إلى الاعضاء أو هي مع المحارم ; فتدبّر وتأمل.
ثمّ إنّ مقتضى الاصل بل الأُصول عدم حصوله.
(احوطهما ذلك).
لكن الاظهر غير ذلك وهو عدم الوقوع للاصل وغيره.
(ولو قال: انت كامّي أو أمّي قاصداً به التحريم لا علو المنزلة والتعظيم أو كبر السّن وغير ذلك لم يقع وإن كان الاحوط وقوعه، بل لا يترك الاحتياط).
فيه قولان ; الوقوع وعدمه، والاول لوجهين:
احدهما : أنّه اولى بالتحريم، لأنّ التشبيه بتمام اجزاء الام التي منها الظهر الذي هو محل النص والفتوى اولى في افادة الحرمة من التشبيه ببعض الاجزاء.
ثانيهما: أنّ الظهر إنّما اتى به بغرض الاشارة إلى
------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث2.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 310، كتاب الظهار، الباب4، الحديث2.

(521)

حرمة الام وهذا الغرض حاصل في التشبيه بنفس الام ايضاً فلا مدخلية له، وفي كليهما ما لايخفى، فإنّه مضافاً إلى أنّ الباب باب التعبّد يحتمل أن يكون تحريم الظهار ووجوب الكفارة ردعاً لسنة الجاهلية التي للظهر خصوصية فيها وأمّا غير المشتمل على الظهر لم يكن عند الجاهلية ظهاراً حتى تكون الادلّة ناظرة إليه فيقتصر على مورد الدليل وهو بعض الاجزاء فلا وجه للزوم الاحتياط.
(مسألة 2 ـ لو شبّهها باحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت والاخت فمع ذكر الظهـر بأن يقـول مثلا: «انت عليّ كظهر اختي» يقع الظهار على الاقوى).
كما هو الاشهر رواية وفتوىً ويدل عليه صحيحة زرارة، قال: سألت اباجعفر(عليه السلام) «عن الظهار، فقال: هو من كلّ ذي محرم من امّ أو اخت أو عمّة أو خالة، ولا يكون الظهار في يمين» الحديث(1). وكذا ما مرّ من صحيحة جميل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): «الرجل يقول لامرأته: انت عليّ كظهر عمّته أو خالته، قال: هو الظهار» الحديث(2).
وأمّا صحيحة سيف التمّار فاستدلّ بها الطرفان لما لا يخفى قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): «الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ ظهر اختي أو عمّتي أو خالتي قال: فقال: إنّما ذكر الله الامّهات وأنّ هذا لحرام»(3). فاستدلّ بها لقول المشهور بتقريب أنّ المشار إليه في الاخير هو الصدر فتدل على أنّ الأخت والعمّة والخالة كالام في الظهار وأنّ المحرم بالقرآن هو الامّهات وبالسنة غيرها من المحارم النسبية،
------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 309، كتاب الظهار، الباب4، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 310، كتاب الظهار، الباب4، الحديث2.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 310، كتاب الظهار، الباب4، الحديث3.
(522)

وللقول الآخر بأنّ المشاراليه هو الذيل، أي الامّهات، فتدلّ على عدم حرمة ما اشتمل على غير الام من المحارم النسبية، ففي الرواية احتمالان، فلا تعارض ما يدل على القول المشهور وإلاّ فالترجيح لهذه الصحيحة وذلك لموافقتها للكتاب ولكن العمدة أنّ التعارض غير ثابت.
ثم إنّ شمول الحكم للمحارم بالمصاهرة تحريماً مؤبّداً كام الزوجة وبنتها بعد الدخول بالام وزوجة الأب والابن أو المحارم بالعدد كالمطلقة تسعاً أو بالطلاق كالثالث أو المحارم بالرضاع موقوف على عموم المحارم وعدم اختصاصها بالنسبية في صحيحة زرارة المتقدمه، قال: سألت اباجعفر(عليه السلام)«عن الظهار، فقال: هو من كل ذى محرم من امّ أو أخت أو عمّة أو خالة» وذلك بأنّ ذكر الام والأخت والعمّة والخالة من باب المثال لا المصداق والانحصار فهي بعمومها شاملة لجميع المحارم. هذا مضافاً إلى عموم التنزيل في ادلة الرضاع كقوله(عليه السلام) «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»(1) بالنسبة إلى المحرّمات الرضاعية.
وفيهما ما لا يخفى، فإنّ المحرم في الصحيحة منصرفة إلى المحرم النسبي والقاعدة إنّما تكون في مقام بيان التحريم خاصّة وأنّ المحرم بالرضاع في حكم المحرم بالنسب في حرمة الزواج وجواز النظر دون بقية الآثار، وبعبارة أُخرى لاعموم في التنزيل حتى يترتب عليه كل الآثار المترتبة على المحارم النسبيّة من الارث وغيره، كما هو واضح.
(وبدونه كما إذا قال: كأختي أو كرأس أختي لم يقع).
قضاءً للاطلاق.
(على اشكال).
كما مرّ.
----------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 20: 371، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالرضاع، الباب1، الحديث1.


(523)

(مسألة 3 ـ الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة: انت عليّ كظهر أبي أو أخي لم يؤثر شيئاً).
اجماعاً ونصّاً وقاعدة، فإنّ الظهار هو بمنزلة الطلاق فلا يقع منها، وأمّا النصّ فيدلّ عليه ما رواه السكوني قال: قال أميرالمؤمنين(عليه السلام): «إذا قالت المرأة: زوجي عليّ كظهر امّي فلا كفارة عليهما»(1).
(مسألة 4 ـ يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق).
للاجماع ولصحيحة حمران في حديث قال: قال ابوجعفر(عليه السلام): «لا يكون ظهار في يمين ولا في اضرار ولا في غضب، ولا يكون ظهار إلاّ في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين»(2).
وفي دلالتها على شرطية العدالة تأمّل ظاهر لما فيها من اعتبار الإسلام في الشاهدين دون العدالة بل الظاهر من الوصف في مقام التحديد الإسلام دون العدالة، فالاستدلال بها على عدم شرطية العدالة اولى واحقّ من الاستدلال على الشرطية ; نعم الاستدلال تام على كون العدالة هو الإسلام كما عليه، فالعمدة هي الاجماع. اللهم إلاّ أن يقال: لمّا أنّ الظهار مشترك مع الطلاق في غير واحد من الاحكام بل في كلها إلاّ ذلك الشرط فالمتفاهم عرفاً من ادلّتها عدم الخصوصية في تلك الشرائط وأنّها ليست معتبرة بما هي بل المعتبر هو القدر الجامع بينها وهو مماثلة الظهار للطلاق في
-----------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 339، كتاب الظهار، الباب21، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث1.

(524)

الشرائط وخصوصية الشرائط وظهورها في الموضوعية منتفية عرفاً مع الكثرة كما لا يخفى.
لايقال: في ما دلّ على اعتبار العدالة في الشاهدين هنا كفاية، لأ نّا نقول: إنّ الشهادة هنا مختلفة عن الشهادة في غيره لانّها ليست من باب الاشهاد ومقام الاثبات بل شرط في الصحة والثبوت كالطلاق فتدبّر ولا تغفل. وقد مرّ منا بعض الكلام في الشهادة على الطلاق.
(وفي المظاهر البلوغ والعقل والاختيار والقصد، فلا يقع من الصبي ولا المجنون ولا المكره ولا الساهي والهازل والسكران).
وذلك قضاءاً للشرائط العامّة ولخصوص ما ورد في السكران في موثق عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «لاطلاق إلاّ ما اريد به الطلاق ولاظهار إلاّ ما اريد به الظهار»(1). نعم في السكران القاصد فعدم الصحة من باب الالحاق بالطلاق.
(ولا مع الغضب سواء كان سالبأ للقصد ام لا على الاقوى).
اجماعاً، ويدل عليه ما مرّ من صحيح حمران، وايضاً صحيح أحمد بن أبي نصر، عن الإمام الرضا(عليه السلام) قال: «الظهار لا يقع على الغضب»(2). ولا فرق بين كون الغضب سالباً للقصد ام لا وذلك لاطلاق الصحيحين ولظهور العنوان في الموضوعية وحمله على ما كان الغضب سالباً للقصد لكثرته مخالف لظهور العناوين في الموضوعية وموجب لصيرورة العنوان عنواناً مشيراً وهو كما ترى فتأمّل.
--------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 308، كتاب الظهار، الباب3، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 315، كتاب الظهار، الباب7، الحديث1.


(525)

(وفي المظاهرة خلوّها عن الحيض والنفاس، وكونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق).
اجماعاً، ويدل عليه صحيحة حمران كما رأيت وكذا صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) في حديث أنّه سأله «كيف الظهار ؟ فقال: يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع: «أنت عليّ حرام مثل ظهر امّي»، وهو يريد بذلك الظهار»(1). وكذا مرسلة ابن فضال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا يكون الظهار إلاّ على مثل موضع الطلاق»(2). فإنّها تدل على اعتبار كل ما اعتبر في الطلاق وهي وإن كانت مرسلة ولكنّها كما في الجواهر معتضدة بفتاوى الأصحاب(3).
هذا وفي صحيح حمران دلالة على شرطية عدم الاضرار كعدم الغضب ففيها «لا يكون ظهار في يمين ولا في اضرار ولا في غضب» وعدم ذكره في الشرائط في اكثر العبارات كالمتن وإن كان دليلاً على عدم الشرطية عندهم كما لا يخفى لكنّ المتبع هو النص.
والاستدلال لعدم الشرطية بعموم الكتاب والسنّة وأنّ خبر الواحد الخاصّ غير قابل لكونه مخصّصاً لعموم الكتاب ; ففيه: إنّما يتمّ على ذلك المبنى وأمّا على جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد الّذي عليه مدار الفقه وسيرة الاستنباط ففي الاستدلال ما ترى.
لايقال: لابدّ من تخصيص الكتاب بصحيح حمران حتى على القول بعدم جواز
----------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث2.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث3.
[3] ـ جواهر الكلام 33: 123.

(526)

تخصيصه بالخبر وذلك لاعتضاده بالشهرة وبقاعدة نفي الضرر والضرار فيكون الصحيح خبراً واحداً محفوفاً بالقرينة القطعية خارجاً عن كونه خبراً واحداً ظنياً، لانّا نقول: بلوغ الشهرة إلى حدّ القطع بحيث يجعلها قرينة قطعية غير ثابت. هذا مع أنّ الشهرة لعلّها مستندة إلى تخصيص الكتاب بالخبر الواحد الّذي عليه مدار الفقه فليست الشهرة زائدة على الخبر، وأمّا قرينية قاعدة نفي الضرر ففيه: أنّ تلك القاعدة غير شاملة لمثل الظهار المبني على الضرار من جهة استلزام الشمول كون الضرار مقتضياً لحكمين متنافيين وكونه موضوعاً لهما وهو كما ترى. وبالجملة كما أنّ القاعدة منصرفة عن الأُمور المهمّة وعن الضرر المقدم فكذا عن مثل الظهار المبنىّ على الضرار، ومع الانصراف وعدم الشمول فاين الاعتضاد والقرينية، ولقائل أن يقول: إنّ الظهار في الجاهلية كان على قسمين، قسم للاضرار وقسم لازالة عقد النكاح كالطلاق، فالقاعدة مؤيّدة للصحيح بالنسبة إلى الأول كما لا يخفى.
(وفي اشتراط كونها مدخولا بها قولان، أصحهما ذلك).
ونكتفي في ذلك بما في الجواهر ممزوجاً بما في الشرائع:
«وفي اشتراط الدخول تردّد وخلاف والمروي صحيحاً عن الصادقين(عليهما السلام)اشتراطه ففى صحيح ابن مسلم، عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليهما السلام) قال: «في المرأة التي لم يدخل بها زوجها، قال: لا يقع عليها ايلاء ولاظهار»(1) وفي صحيح الفضيل بن يسار عن الإمام الصادق(عليه السلام) «سألته عن رجل مملك ظاهر من امرأته قال: لا يلزم، ثم قال: وقال لي: لا يكون ظهار ولا ايلاء حتّى يدخل بها»(2) إلى غير ذلك من النصوص المعتضدة
------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 316، كتاب الظهار، الباب8، الحديث2.
[2] ـ تهذيب الأحكام 8: 21 / 66، وسائل الشيعة 22: 316، كتاب الظهار، الباب8، الحديث1.

(527)

مع ذلك بعمل الشيخ والصدوق واكثر المتأخرين كما في المسالك. خلافاً للمفيد والمرتضى وسلاّر وابني ادريس وزهرة وهو القول الآخر الذي مستنده التمسك بما في الكتاب من العموم القابل للتخصيص بالسنّة عندنا كما حرّر ذلك في محلّه، ولا ينافي ذلك ما دلّ على أنّه «لا يكون ظهار إلاّ على مثل موضع الطلاق» من الخبر المزبور(1) ومن المعلوم عدم اعتبار الدخول في صحة الطلاق، فليكن الظهار كذلك، ضرورة عدم اقتضاء الخبر المزبور إلاّ أنّ الظهار لا يقع إلاّ حيث يقع الطلاق، لا أنّه حيث ما يقع الطلاق يقع الظهار، كما هو واضح»(2).
ثم إنّ العلاّمة(قدس سره) قد ذهب في القواعد إلى بطلان ظهار الخنثى ان اشتُرط الدخول وهو واضح البطلان لأنّ الخنثى لا يجوز تزويجه(3).
(مسألة 5 ـ الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية بل يـقع على المتمـتع بها).
على المشهور لاطلاق الادلة، خلافاً للمحكي عن الحلّي وظاهر الاسكافي والصدوق، للأصل المقطوع بالاطلاق المزبور، ولانتفاء لازم الظهار الذي هو الالزام بأحد الامرين: الفئة أو الطلاق المعلوم امتناعه فيها، وتنزيل هبة المدّة منزلته قياس، على أن أجل المستمتع بها قد يكون قليلاً لا يحتمل الأمر بالصبر إلى المدّة.
---------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث3.
[2] ـ جواهر الكلام 33: 124.
[3] ـ وفي النسبة سهو ظاهر فإنّ العلاّمة(قدس سره) قد ذهب إلى صحة الظهار من مثل الخنثى إن حرّمنا بالظهار ضروب الاستمتاع وإلا فهو لا يقع من مثله ; فلا يرتبط بالبحث، فراجع إن شئت. «المقرر»

(528)

وفيه: منع كون ذلك لازم اصل الظهار، وإنّما هو حكم ما تعلّق منه بالزوجة التي يمكن ذلك في حقّها، خصوصاً بعد كون وقوعه بالمملوكة المروىّ صحيحاً وغيره في النصوص المستفيضة(1) التي لا يجري فيها ذلك، والمرسل عن الإمام الصادق(عليه السلام) «لا يكون الظهار إلاّ على مثل موضع الطلاق»(2) لا جابر له في المقام، بل يمكن دعوى انصرافه إلى ارادة اعتبار شرائط الطلاق من الخلوّ عن الحيض ونحوه منه لا نحو المقام، كما أنّه يمكن دعوى اندراج المتمتع بها في المثل.
(مسألة 6 ـ الظهار على قسمين: مشروط ومطلق، فالأوّل ما علّق على شيء دون الثاني، ويجوز التعليق على الوطئ بأن يقول: «أنت عليّ كظهر امّي إن واقعتك»).
اعلم أنّ مذهب العامّة صحة الظهار باليمين، ومذهب الخاصّة عدم الصحة وعليه اخبارنا ونصوصنا، منها: صحيحة حمران في حديث قال: قال ابوجعفر(عليه السلام): «لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب، ولا يكون ظهار إلاّ في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين»(3).
ومنها: صحيحة زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) «عن الظهار فقال: هو من كل ذي محرم من أمّ أو أخت أو عمة أو خالة، ولا يكون الظهار في يمين» الحديث(4). ومنها غيرها ممّا مضى نقل بعضها.
والمراد منه تعليق الظهار على امر بعثاً أو زجراً مثل قوله «إن خرجت من بيتي
-------------------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 321، كتاب الظهار، الباب11.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث3.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث1.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 309، كتاب الظهار، الباب4، الحديث1.

(529)

فانت علىّ كظهر امّي» ومثل قوله «إن لم تأكلي الطعام فانت علىّ كظهر امّي» فالاول من الزجر والثاني من البعث، من غير فرق بين أن يكون المعلق عليه فعله أو فعلها، والفرق بينه وبين التعليق في الظهار إنّما يكون في كون الأول بداعي البعث والزجر بخلاف الثاني فإن كان التعليق بداعي البعث أو الزجر فهو الظهار في اليمين وباطل اجماعاً ونصاً وإن كان من دون ذلك الداعي فهو التعليق في الظهار الموضوع في مسألة المتن وهو المحلّ للخلاف بين الأصحاب.
والحق صحته، قضاءً لعموم «المؤمنون عند شروطهم»(1) ولصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الظهار ضربان: أحدهما فيه الكفّارة قبل المواقعة، والآخر بعده، فالّذي يكفّر قبل المواقعة الّذي يقول: انت عليّ كظهر امّي، ولا يقول: إن فعلت بك كذا وكذا، والّذي يكفّر بعد المواقعة الّذي يقول: انت عليّ كظهر امّي إن قربتك»(2). والتعليق المذكور فيها هو على سبيل المثال، وكذا صحيحته الأُخرى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: «إن كان منه الظهار في غير يمين فإنّما عليه الكفّارة بعد ما يواقع»(3).
وكذا صحيحة حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الظهار ظهاران، فأحدهما أن يقول: انت عليّ كظهر امّي، ثمّ يسكت، فذلك الّذي يكفّر، فإذا قال: أنت علىّ كظهر امّي إن فعلت كذا وكذا، ففعل وحنث فعليه الكفّارة حين يحنث»(4).
وكذا مضمرة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: «الظهار على ضربين ; في احدهما
--------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 21: 276، كتاب النكاح، أبواب المهور، الباب20، الحديث4.
[2] ـ وسائل الشيعة 332:22، كتاب الظهار، الباب16، الحديث1.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 334، كتاب الظهار، الباب16، الحديث6.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 334، كتاب الظهار، الباب16، الحديث7.

(530)

الكفّارة، إذا قال: انت عليّ كظهر امّي ولا يقول: انت عليّ كظهر امّي إن قربتك»(1) وايضاً خبر محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «الظهار لا يقع إلاّ على الحنث، فإذا حنث فليس له أن يواقعها حتّى يكفّر، فإن جهل وفعل كان عليه كفّارة واحدة»(2).
هذا واستدلّ على عدم الصحة بالاصل وبعموم التنزيل في مرسل ابن فضّال عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا يكون الظهار إلاّ على موضع الطلاق»(3) وببعض النصوص ; منها: خبر القاسم بن محمّد الزيّات قال: قلت لأبي الحسن(عليه السلام) «إنّي ظاهرت من امرأتي، فقال: كيف قلت ؟ قال: قلت: أنت علىّ كظهر امّي إن فعلت كذا وكذا، فقال لي: لا شيء عليك ولا تعد»(4).
ومنها: مرسلة ابن بكير، عن رجل قال: قلت لأبي الحسن(عليه السلام): «إنّي قلت لامرأتي: أنت عليّ كظهر امّي إن خرجت من باب الحجرة، فخرجت، فقال: ليس عليك شيء، فقلت: إنّي أقوى على أن اكفّر، فقال: ليس عليك شيء، فقلت: إنّي أقوى على أن اكفّر رقبة ورقبتين، فقال: ليس عليك شيء قويت أو لم تقو»(5).
وفي جميع الوجوه ما لا يخفى عليك، أمّا الاصل فمقطع بالدليل وأمّا عموم التنزيل فمع عدم الدليل عليه إلاّ المرسلة، إنّما ظاهره في التنزيل من حيث المحلّ كما لا يخفى، فالمراد من الموضع فيها المرأة. هذا مع أنّه ليس باقوى من العموم المخصّص بالنصوص
----------------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 334، كتاب الظهار، الباب16، الحديث8.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 335، كتاب الظهار، الباب16، الحديث9.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 307، كتاب الظهار، الباب2، الحديث3.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 333، كتاب الظهار، الباب16، الحديث4.
[5] ـ وسائل الشيعة 22: 333، كتاب الظهار، الباب16، الحديث3.

(531)

المخالفة المستدلّ بها على الصحة، وأمّا الخبران مع الضعف فيهما بالجهالة أو الاشتراك في قاسم بن محمّد وبالارسال في الثاني المانع من اصل القبول فضلاً عن المعارضة، أنّ فيهما احتمال نفي الشيء عليه قبل حصول الشرط أو لعدم حضور الشاهدين أو لكونه من باب الظهار في اليمين أو غير ذلك ممّا يوجب البطلان، فاثبات البطلان بهما مستنداً إلى مانعية التعليق والاشتراط مع ذلك الاحتمال كما ترى وكون الظهار ايقاعاً غير مانع من صحة الاشتراط فيه، لعدم الدليل على المنع فيه اوّلاً ولوقوعه في مثل اليمين والعهد والنذر ثانياً.
واستدِلّ على العدم في التعليق بانّه راجع إلى التعليق في الانشاء وهو غير معقول لأنّ الانشاء امره بين العدم والوجود، خلافاً للاشتراط حيث إنّ التعليق في المعلّق عليه دون اصل الانشاء، واستدلّ على الصحة في الأول بانّه معلق على امر معلوم الحصول فهو صحيح بالاولوية من الشرط لكون التعليق في الشرط على المشكوك وفي التعليق على المعلوم، واجيب بأنّ النصوص خاصّة بالاشتراط فاسراء الحكم إلى غيره من القياس. وفي الشرائع قال: «ولا يقع إلاّ منجزاً فلو علّقه بانقضاء الشهر أو دخول الجمعة لم يقع على الاظهر، وقيل: يقع وهو نادر ـ إلى أن قال: ـ وفي وقوعه موقوفاً على الشرط تردد، اظهره الجواز»(1).
وفيه: أنّ الاستدلال لم يقع في محلّه وذلك لأنّ مصبّ مسألة التعليق هو التعليق في الانشاء الراجع إلى عدم الانشاء من دون فرق بين المعلوم حصوله كالجمعة أو المشكوك كمجىء زيد، فالانشاء في كليهما باطل وغير معقول من تلك الجهة ولا ارتباط له بمعلومية المعلّق عليه فاين الاولوية ; نعم الشأن في بطلان التعليق كذلك وعدمه، فإنّ دوران امر الانشاء بين الوجود والعدم مربوط بالانشاء الحقيقي التكويني
------------------------------------------------------------------------
[1] ـ شرائع الإسلام 3: 46.

(532)

لا الاعتباري الانشائي الموضوع للبحث في العقود والايقاعات ; فالظاهر امكانه، والقول بأنّ محض الامكان غير مفيد بل اللازم اعتباره العقلائي وهو غير معلوم غير تامّ. هذا كلّه في الانشاء وأمّا التعليق في المنشأ لا اشكال فيه إن كان الشرط معلوم الحصول كما هو مورد النصوص بل وإن لم يكن معلوم الحصول فهو ايضاً كذلك لالغاء الخصوصية.
وبما ذكرناه يظهر ما وقع من الخلط في الاستدلال على ما في مثل الشرائع في المسألتين وعليك بالرجوع إلى الجواهر فقد افاد بما لا مزيد عليه(1).
ثم أنّه لو اشترط الظهار بوطئ الزوجة كقوله لزوجته «أنت علىّ كظهر امّي إن جامعتك» جاز وطيها اوّل مرّة لعدم حصول شرطه بعدُ فإذا وَطِىء تحقق الظهار بتحقق شرطه فوجوب الكفارة منوط بالعزم على وطيها مرّة أُخرى خلافاً لما عن الشيخ(قدس سره) حيث ذهب إلى حرمة الوطىء الأول ايضاً مستدلاً له بأنّ الشرط هو مسمّى الوقاع لا الاستمرار.
وفيه: أنّ الظاهر من الشرط الاستمرار فيه فالشرط الوطىء مرّة واحدة من اوله إلى آخره.

فروع

الأولى: إن علّق الظهار على مشية الله تعالى فإن كان من باب التبرك فهو صحيح وإن كان من باب الاشتراط فلا يقع الظهار لعدم تحقق شرطه، فإنّه تعالى لم يشأ المحرّم.
الثانية: إن علّق الظهار على المشيّة وعدم المشية فقال: إن شاء الله وإن لم يشأ، فإن
----------------------------------------------------------------------
[1] ـ جواهر الكلام 33: 106 ـ 107.

(كان كلاهما شرطاً واحداً كما هو الظاهر من العطف فلا يصح لما مرّ، وإن كان الأول من باب التبرّك والثاني من باب الاشتراط فيصح من الآن لتحقق الشرط.
الثالثة: إن علّق الظهار على وجود شيء وعدمه، كما قال: إن خرجتِ من البيت أو لم تخرج فالظاهر أنّه ليس باشتراط.
الرابعة: قال في الجواهر: «ولو علّقه على مخالفتها الأمر فقال: «إن خالفت أمري» ثم قال لها: «لاتكلّمي زيداً» مثلاً فكلّمته ففي المسالك «لم يقع الظهار، لأنّها ما خالفت أمره، وإنّما خالفت نهيه، ويحتمل الوقوع نظراً إلى أنّه يسمّى في العرف مخالفة امره، ويقوي ذلك ان استقرّ العرف عليه، وإلاّ فالعبرة بالمعنى المصطلح عليه». قلت: قد ذكروا أن للفظ الأمر معاني متعددة، منها القول، فمع قيام القرينة على واحد منها يكون هو المتبع، وإلاّ كان المرجع العرف لا الاصطلاح الخاص، إلاّ أن يكون المظاهر من أهله وقصد بالامر الاصطلاح المزبور.
ولو علّقه على مخالفة النهي ثم قال لها: «قومي» فقعدت ففي المسالك «في وقوعه أوجه مبنية على أن الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضدّه مطلقا أو ضدّه العام أوليس نهياً عنهما ؟ فعلى الأول يقع الظهار بفعلها ما يخالف أمره دون الأخيرين، هذا كلّه إذا لم يدلّ العرف على شيء، وإلاّ عمل بمقتضاه مقدّماً على القاعدة الأصولية، لأنّ التعليقات تحمل على الأُمور العرفية لاعلى القواعد الأصولية، هذا إن انضبط العرف، وإلاّ رجع إلى الاصطلاح». وفيه ما عرفت من أنّه مع فرض عدم دلالة العرف يتجه الحكم بعدم الوقوع لا الرجوع إلى الاصطلاح إلاّ على الوجه المزبور، على أنّه كما أنّ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه فكذا النهي عن الشيء أمر بضدّه، فكان عليه بناء المسألة الأولى على ذلك أيضاً، والجميع كما ترى»(1). انتهى كلامه(قدس سره).
------------------------------------------------------------------
[1] ـ جواهر الكلام 33: 152.

(534)

هـل الظهار بالمـدّة الموقتة كشهر ويوم مثلاً صحيح ام لابدّ في صحته مـن عدم التوقيت، ففيه قولان(1)، ويستدلّ لعدم الصحة بالاصل وبانّه كالتشبيه بالمحـرّمات غير الأبدية وبصحيح سعيد الأعرج على نسخـة فيها «يوماً» بدل « فوفي » كما في المسالك، عن موسى بن جعفر(عليهما السلام) «في رجل ظاهر من امرأته فوفي [يوماً خ. ل] قال: ليس عليه شيء»(2).
وردّ كلها بأنّ الاصل مندفع بالاطلاق وبأنّ التشبيه ليس بازيد من القياس وبأنّ الاختلاف في النسخة في الصحيح مانع عن الاستدلال. هذا ولكن الحق أنّ الاصل محكّم لأنّ الاطلاق منصرف عن مثل المورد من الظهار الموقت ممّا لم يكن في الجاهلية، فتأمّل.
ثم إنّه استدلّ ايضاً بخبر عامي روي عن سلمة بن صخر الصحابي وانّه كان قد ظاهر من امرأته حتى ينسلخ رمضان ثم وطأها في المدّة، فأمره النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بتحرير رقبة(3).
وفيه: مضافاً إلى ضعف سنده كونه ظهاراً موقتاً ليس بمعلوم فانّه قضية شخصية خارجية بل المعلوم إنّه كان دائمياً بقرينة ما كان مرسوماً في الجاهلية.
-----------------------------------------------------------
[1] ـ بل أقوال، ثالثها التفصيل بين زيادة المدّة عن مدّة التربّص على تقدير المرافعة فيقع وإلاّ فلا، لأنّ الظهار يلزمه التربص مدّة ثلاثة أشهر من حين الترافع وعدم الطلاق، وهو يدلّ بالاقتضاء على أنّ مدّته تزيد عن ذلك وإلاّ لانتفى اللازم الدال على انتفاء الملزوم وإلى هذا التفصيل ذهب في المختلف ونفى عنه البأس في المسالك وإن رأى أنّ الجواز مطلقاً لا يخلو من قوّة. «المقرر»
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 335، كتاب الظهار، الباب16، الحديث10، وانظر مسالك الافهام 9: 481.
[3] ـ مستدرك الوسائل 15: 388، كتاب الظهار، الباب1، الحديث4.


(535)

(مسألة 7 ـ إن تحقق الظهار بشرائطه فإن كان مطلقاً حرم على المظاهر وطئ المظاهرة، ولا يحلّ له حتى يكفّر، فإذا كفّر حلّ له وطؤها ولا يلزم كفّارة أُخرى بعد وطئها، ولو وطأها قبل أن يكفّر فعليه كفّارتان، والأشبه عدم حرمة سائر الاستمتاعات قبل التكفير).
خلافاً للشيخ والعلاّمة كالمحرم، لكن الحقّ حرمة خصوص الوطئ كالحائض، فإنّ التماس في كتاب الله هو كناية عن الوطئ بل قيل: إنّ التفسير به اجماعي، كما أنّه مقتضى البرائة واستصحاب بقاء سائر الاحكام بعد العلم بخروج الوطئ.
(وإن كان مشروطاً حرم عليه الوطئ بعد حصول شرطه، فلو علّقه على الوطئ لم يحرم عليه الوطئ المعلّق عليه، ولاتتعلّق به الكفّارة).
كما هو واضح ومرّ بحثه.
(مسألة 8 ـ إذا طلّقها رجعياً ثم راجعها لم يحلّ له وطؤها حتى يكفّر).
بلا خلاف بين الأصحاب، ووجهه ظاهر لأنّ المطلّقة ترجع إلى الحالة السابقة بالرجوع.
(بخلاف ما إذا تزوّجها بعد انقضاء عدّتها أو كان بائناً، ولو تزوّجها في العدّة يسقط حكم الظهار).
للأصل ولأنّ المنسبق من الادلة هو غير هذا المورد كما هو المشهور بل لم ينقل

(536)

خلافه، وأمّا مرسلة النميري عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في رجل ظاهر ثمّ طلّق، قال: سقطت عنه الكفّارة إذا طلّق قبل أن يعاود المجامعة، قيل: فإنّه راجعها قال: إن كان إنّما طلّقها لاسقاط الكفّارة عنه ثم راجعها فالكفّارة لازمة له أبداً إذا عاود المجامعة، وإن كان طلّقها وهو لا ينوي شيئاً من ذلك فلا بأس أن يراجع ولا كفّارة عليه»(1) فمع ضعف سندها مخالفة للشهرة والقواعد فلا يكون حجة، مضافاً إلى معارضتها للروايات الكثيرة الدالّة على أنّ الطلاق هادم للظهار، منها رواية يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) «عن رجل ظاهر من إمرأته ثم طلّقها تطليقة، فقال إذا طلّقها تطليقة فقد بطل الظهار، وهدم الطلاق الظهار.
قلت: فله أن يراجعها ؟ قال: نعم، هي إمرأته، فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسا، قلت: فإن تركها حتى يخلو (يحل ـ خ. فقيه) أجلها وتملك نفسها ثم تزوّجها بعد، هل يلزمه الظهار قبل أن يمسّها ؟ قال: لا، قد بانت منه وملكت نفسها»(2).
(مسألة 9 ـ كفارة الظهار أحد أُمور ثلاثة مرتبة: عتق رقبة، فإن عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، وإن عجز عنه فاطعام ستّين مسكينا).
كما نصّ عليه الكتاب وهو قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ
--------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 319، كتاب الظهار، الباب10، الحديث6.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 318، كتاب الظهار، الباب10، الحديث2.

يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(1).

(537)

(مسألة 10 ـ لو صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض).

وذلك لانحصار الحق فيها.
(وإن لم تصبر رفعت امرها إلى الحاكم الشرعي فيحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها، فإن اختار أحدهما وإلاّ أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فإن انقضت المدّة ولم يختر أحدهما حبسه وضيّق عليه في المأكل والمشرب حتى يختار أحدهما، ولا يجبره على أحدهما ولا يطلّق عنه).
بلا خلاف وعليه ادّعي الاجماع وهو العمدة، ويدلّ على بعض الحكم ما في موثقة يزيد الكناسي، عن أبي جعفر(عليه السلام) في حديث قال: قلت له: «فإن ظاهر منها ثم تركها لا يمسّها إلاّ أنّه يراها متجرّدة من غير أن يمسّها هل عليه في ذلك شيء ؟ قال: هي امرأته وليس يحرم عليه مجامعتها، ولكن يجب عليه ما يجب على المظاهر قبل أن يجامع وهي امرأته، قلت: فإن رفعته إلى السلطان وقال: هذا زوجي وقد ظاهر منّي وقد أمسكني لا يمسّني مخافة أن يجب عليه ما يجب على المظاهر، فقال: ليس عليه أن يجبر على العتق والصيام والاطعام إذا لم يكن له ما يعتق ولم يقو على الصيام ولم يجد ما يتصدّق به، قال: فإن كان يقدر على أن يعتق فإنّ على الإمام أن يجبره على العتق أو الصدقة من قبل أن يمسّها ومن بعد ما يمسّها»(2).
------------------------------------------------------------------
[1] ـ المجادلة (58): 3 ـ 4.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 336، كتاب الظهار، الباب17، الحديث1.

(538)

ولايخفى أنّها غير ما عليه الاجماع، حيث إنّها تدلّ على أنّ الإمام يجبره على الكفارة مع قدرته عليها ومورد الاجماع جبر الحاكم المظاهر بين الطلاق والكفارة. ثم أنّه بعد التضييق إن لم يختر احدهما فمع قدرته على التكفير فللحاكم أن يكفّر عنه بماله أو الطلاق وذلك من باب الولاية على الممتنع ومن باب نفي الضرر، ومع عدم قدرته فيطلّق عنه، نعم إن قلنا إنّه مع عدم القدرة على الكفّارة يكفي الاستغفار وان لم يظهر الندم فيكفي الاستغفار، فإن لم يفعل فيطلّق عنه. ثم إنّه إن اختار الحاكم الكفّارة عنه ومع ذلك لا يرجع الزوج إليها فيطلّق الحاكم عنه معيّناً. والحمد لله رب العالمين(1).
--------------------------------------------------------------
[1] ـ وقد انتهى البحث في الظهار في الحادي والعشرين من أبان، عام 1374 ش وكانت بدايته في الثالث عشر من هذا الشهر فللّه الشكر والمنّة. «المقرر»

عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org