Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: فرع حكم العدّة في الزنا

فرع حكم العدّة في الزنا

(265)


وما في الحدائق من ادّعاء الانصراف عن الصغير من «أنّ الطلاق في الأخبار إنّما تحمل على الافراد الشائعة المتعارفة المتكررة، وهي هنا البالغ دون الصغيرة فإنّه نادر بل مجرد فرض»(1) ممنوع أوّلا: بأنّ كثرة الوجود لا توجب الانصراف فإنّ الحكم متعلق بالطبيعة والقضايا الشرعية طبيعيّة ثابتة على الافراد، نادرة كانت أو شائعة، بل ومعدومة، كما حقق في الأُصول، وثانياً: العجب من صاحب الحدائق(قدس سره) الخبير بالروايات كيف يدّعي ذلك مع أنّ طلاق الصغير كان مورداً للسؤال والجواب.
واعلم أيضاً أنّه لا فرق فيها بين كونهما نائمين أو يقظين أو المختلفين، قضاءً لإطلاق الأدلة مثل ما مرّ بأنّ التقاء الختانين يوجب الغسل والمهر والعدّة.

فرع


حكم العدّة في الزنا


لا عدّة للحامل من الزنا بلا خلاف للأصل، ووضع الحمل عدّة لذات العدّة من الحامل كما مرّ من الجواهر وللمطلّقات كما عليها نصّ الآية فيجوز لها التزويج قبل الوضع وأمّا مع عدمه فالمشهور أنّه كذلك وأثبتها العلاّمة في التحرير(2) ونفى البأس عنها في المسالك حذراً من اختلاط المياه وتشويش الأنساب وجعلها المفاتيح أحوط وهو مختار الحدائق وظاهر عنوان الوسائل، والمشهور منصور لأنّ المستفاد من الآية أنّ العدّة حق للزوج ففي الآية الشريفة (فما لكم عليهنّ من عدّة)(3) بل يشعر به
-------------------------------------------------------------
[1] ـ الحدائق الناضرة 25: 394.
[2] ـ تحرير الأحكام 2: 71.
[3] ـ الأحزاب (33): 49.

(266)


إن لم يكن ظاهراً فيه قوله تعالى (وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ)(1) كما مرّ، ولأنّ الزاني لا حرمة له وللعاهر الحجر، فلا حقّ له.
هذا مع أنّ الأصل البراءة عن العدّة وضعاً وتكليفاً وهي مقدّمة على أصالة الفساد في العقود كما لا يخفى.
واستدل للقول الآخر بإطلاق أخبار العدة من أنّ العدّة من الماء أو إنّما العدّة من الماء ومن أنّ التقاء الختانين سبب للعدّة وبأنّ الحكمة في العدّة هي التحفظ عن اختلاط المياه، وهي موجودة في المزني بها الحائل، وبالأخبار، منها: ما عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: «الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها، هل يحلُّ له ذلك ؟ قال: نعم إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوّجها، وإنّما يجوز له تزويجها بعد أن يقف على توبتها»(2).
ومنها: ما رواه الحسن بن علىّ بن شعبة، عن أبي جعفر محمّد بن على الجواد(عليه السلام)أنّه سئل «عن رجل نكح امرأة على زنا، أيحلّ له أن يتزوّجها ؟ فقال: يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره إذا لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثاً كما أحدثت معه ثم يتزوّج بها إن أراد فإنّما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراماً ثم اشتراها فأكل منها حلالا»(3).
وفي الأول: أنّ الحصر إضافي، والاطلاقات منصرفة عن الزنا فإنّ الأسئلة والأجوبة ناظرة إلى النكاح المشروع كما لا يخفى، بل ويشهد للانصراف سببيّة الالتقاء
-------------------------------------------------
[1] ـ البقرة (2): 228.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 265، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب44، الحديث1.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 265، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب44، الحديث2.

للمهر، مضافاً إلى العدّة إلاّ أن يقال: إنّ المسبّب هو الجميع لا المجموع وإن أبيت وقلت أنّه على الانصراف فالإلحاق ثابت لإلغاء الخصوصية وأنّه لأفرق بين الدخول بالنكاح المشروع أو الزنا فإنّ المناط التقاء الختانين والدخول الحاصل في الزنا فنقول: إنّ الخصوصية موجودة ولا أقلّ من احتمالها لمكان قوله «وللعاهر الحجر» بل لك أن تقول إنّه على عدم الانصراف والإطلاق في أخبار العدّة لا جدوى له لتقييده بتلك الجملة حيث إنّ العدّة حقّ للزوج على الزوجة والحديث دالّ على عدم الحرمة وعدم الحق للعاهر من رأس وأنّ حقّه الحجر فتدبّر ولا تغفل.

والثاني:أي الحكمة المذكورة ففيها: أنّها راجعة إلى الماء المحترم، قضاءً لذلك الحديث، مضافاً إلى عدم إتيان اختلاط المياه هنا لأنّها إن كانت مزوّجة فمع إمكان لحوق الولد بالزوج ملحق به ومع عدمه يلحق بالزاني.

وفي الثالث: أنّ العدّة في خبر إسحاق بن جرير ليست عدة اصطلاحية والحكم فيه استحبابي حيث إنّ الاعتداد عند الطلاق بالنسبة إلى الزوج ليس بواجب مع الطلاق الذي هـو الأصل فيها فكيف في الزنا وهـو الفرع في المسألة(1)، ويشهد لـه ذيله الأمر بالتوبة، وأنّ رواية ابن شعبة مضافاً إلى ضعف سندها أنّ الموضوع فيها هـو الاستبراء بأي طريق حصل لا الاستبراء مـن طريق العدّة، مضافاً إلى أنّه اخصّ مـن المدّعى لأنّ المستفاد منها عدم وجـوب العدّة مـع العلم بعدم الحمل وعـدم دلالته
-----------------------------------------------
[1] ـ وأنت ترى أنّ هناك فرقاً واضحاً بين الموردين ولا مورد للأولوية المذكورة في كلام الأستاذ فإنّه لا منافاة بين عدم العدة لأن يتزوّج بها الزوج ثانياً وبين لزومها إن أراد الزاني أن ينكحها فإنّ الولد في الأول لا فرق فيه بين أن يكون من النكاح الأول أو الثاني وهذا بخلاف المورد الثاني فإنّ انعقاد النطفة يختلف حكمه في الزنا والنكاح فإيجاب الاعتداد في الثاني لا يوجب مزية الفرع على الأصل، وهذا واضح. «المقرر»

(268)

على أزيد من الندب كما لا يخفى. هذا مضافاً إلى ما أورد على الأولى من لزوم مزية الفرع على الأصل.
(مسألة 3 ـ يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية وخمسين في غيرها والأحوط مراعاة الستين مطلقا بالنسبة إلى التزويج بالغير وخمسين كذلك بالنسبة إلى الرجوع إليها).

قد مرّ الكلام فيها ومنشأ الاحتياط العمل بالروايات المختلفة.

(مسألة 4 ـ لو طلّقت ذات الأقراء قبل بلوغ سنّ اليأس ورأت الدم مرة أو مرتين ثم يئست أكملت العدة بشهرين أو شهر، وكذلك ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرين ثم يئست أتمت ثلاثة).

اعلم أنّ في المسألة جهتين من البحث ; من ناحية القواعد ومن جهة الرواية الخاصة. أمّا الأولى فمقتضى القواعد هو عدم العدّة فيها، وذلك لأنّ الروايات الدالة على لزوم العدّة منصرفة إلى من تتمكن العدّة بل ظاهرة فيها لأنّه المنسبق منها إلى الذهن، ومقتضى الأصل أيضاً البرائة منها، ومع عدم العدّة لها من رأس لا محلّ لقاعدة الميسور كما هو ظاهر، ومنه أنقدح ضعف ما في المسالك حيث إنّ المستفاد منه الاستدلال على العدّة بالاستصحاب وذلك لعدم اليقين السابق واعتدادها جهلاً مربوط بمقام الإثبات لا الثبوت، نعم ما أورده الجواهر عليه باختلاف الموضوع وتعدّده فغير وارد، لما قلنا غير مرّة تبعاً لسيّدنا الأستاذ (سلام الله عليه) إنّ المستصحب في أمثال المورد ليس كليّاً بل شخصي وجزئي وهو واحد.

وأمّا الثانية فمقتضاها لزوم إتمام العدّة كما في المتن، والرواية واحدة وهي خبر هارون بن حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في امرأة طلّقت وقد طعنت في السنّ فحاضت

(269)


حيضة واحدة ثمّ ارتفع حيضها، فقال: تعتدّ بالحيضة وشهرين مستقبلين فإنّها قد يئست من المحيض»(1). والدلالة تامّة والسند لا كلام فيه لوثاقة الكل إلاّ يزيد بن إسحاق فلم يوثّق في كلام الشيخ والنجاشي لكن في توثيق العلاّمة والشهيد الثاني كفاية لا سيّما مع أنّ الثاني قائل بلزوم البيّنة في الوثاقة، هذا مضافاً إلى ورود المدح فيه، وإلى عمل الأصحاب بها فلا اقلّ من كونها حسنة ومعتبرة إن لم تكن صحيحة ومورد الرواية وإن كانت ذات الاقراء لكنّ ذات الشهور ملحقة بها فحوىً وإلغاءً بل وعلّة حيث إنّ اليأس شامل عرفاً لليأس عن الحيض بالفعل وهي ذات الاقراء أو بالقوّة وهى ذات الشهور كما لا يخفى. وبذلك يظهر أيضاً حكم فروع المسألة ممّا هو مذكور في المتن وغيره.

(مسألة 5 ـ المطلقة ومن ألحقت بها ان كانت حاملا فعدّتها مدّة حملها، وتنقضي بأن تضع ولو بعد الطلاق بلا فصل).

وعليه الإجماع بقسميه بل ضرورة الفقه، والأصل في ذلك، الكتاب والسنّة. أمّا الكتاب فقوله تعالى (واولات الأحمال اجلهنّ أن يضعن حملهنّ) كما مرّ.
وأمّا السنة فهي كثيرة يأتي في إثناء البحث بعضها(2). فلا اشكال ولا خلاف في أنّ العدّة بالوضع في الجملة وإنّما الخلاف والاشكال في أنّه العدّة مطلقاً وإن بلغ إلى ما دون سنة أو أنّه عدّة فيما كان اقرب الأجلين منه ومن مضيّ الإقراء أو الأشهر ؟ المشهور هو الأول وعن الصدوق وابن حمزة هو الثاني بل يظهر من السيّد وابن إدريس وجود مخالف غيرهما أيضاً وإن كنّا لم نتحققه.
---------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 191، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب6، الحديث1.

[2] ـ وسائل الشيعة 22: 193، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب9.

(270)


والحق هو الأول لظاهر المقابلة الموجودة في الكتاب في آية واحدة (واللاّئي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهر واللاّئي لم يحضن واولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ)(1) وفي الطائفتين من الروايات في عدة الحبلى وعدة المطلقة. فمن الأولى صحيحة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «طلاق الحامل واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه»(2).
ومن الثانية صحيحة داود بن سرحان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «عدّة المطلّقة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض»(3).
والتعدّد غير مضرّ بفهم العرف، بل في قوله تعالى (ولا يحلّ لهنّ أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن)(4) بعد الحكم بالتربّص ثلاثة قروء اشعار بذلك فتدبّر.
هذا وتدلّ على الثاني أخبار ; منها: صحيحة أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «طلاق الحامل الحبلى واحدة وأجلها أن تضع حملها وهو أقرب الأجلين»(5).

ومنها: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «طلاق الحبلى واحدة وأجلها أن تضع حملها وهو اقرب الأجلين»(6).

ومنها: خبر أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «طلاق الحامل واحدة
وعدّتها اقرب الأجلين»(7).
--------------------------------------------------------
[1] ـ الطلاق (65): 4.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 193، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب9، الحديث1.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 198، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب12، الحديث3.
[4] ـ البقرة (2): 228.
[5] ـ وسائل الشيعة 22: 193، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب9، الحديث2.
[6] ـ وسائل الشيعة 22: 195، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب9، الحديث6.
[7] ـ وسائل الشيعة 22: 194، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب9، الحديث3.

وفي الحدائق: إنّ السيّد السند في شرح النافع استدلّ لهذا القول برواية الصباح ثم ردّها بضعف السند لاشتماله على محمّد بن الفضيل وهو مشترك واعترض عليه بورود صحيحتين أخريين بذلك. وفيه أنّ من البعيد عدم اطّلاع السيّد السند على الصحيحتين بعد ما كانتا في الكافي والتهذيب، بل لعلّه كان الوجه في عدم التعرّض لهما احتمال إرادة أنّ وضع الحمل اقرب العدّتين امكاناً باعتبار امكان حصوله بعد الطلاق بلحظة والجملة صفة وبيان لخصوصية ثابتة في الوضع ; فالواو استينافية، فالوضع له هذه الخصوصية الإمكانية دون الثلاثة كما هو واضح فإنّها ابعد الاجلين دائماً ومع الاحتمال لا يصحّ الاستدلال، وخبر أبي الصباح لابدّ من كون المراد من الجملة والأقربية فيه اقربية فعلية ممكنة الثبوت لكلّ من الوضع والثلاثة ولا موصوف حتى تكون الجملة صفة ومحمولة على القوّة والإمكان، فالاستدلال به تامّ ; فالدليل على قول الصدوق منحصر في الخبر وهو غير قابل للاعتماد لما ذكره السيّد(رحمه الله) من الضعف في السند والصحيحتان تدلاّن على القول المشهور كما عرفت.

وبما ذكرناه كلّه إلى هنا ظهر ضعف قول الصدوق لكنّه في الجواهر مع ذلك كلّه تقوية قوله وأنّ الإنصاف عدم خلوّ قوله من قوّة ودونك عبارته ; قال:

«هذا ولكنّ الإنصاف عدم خلوّ قوله من قوّة، ضرورة كونه مقتضى الجمع بين الأدلّة كتاباً وسنّة، إذ منها ما دلّ على اعتداد المطلّقة بالثلاثة، ومنها ما دلّ على اعتداد الحامل مطلّقة كانت أو غيرها بالوضع، فيكون أيّهما سبق يحصل به الاعتداد، نحو ما سمعته في الثلاثة أشهر والإقراء، بعد القطع بعدم احتمال كون كلّ منهما عدّة في الطلاق كي يتوجه الاعتداد حينئذ بأبعدهما. وأمّا الصحيحان فالمراد منهما الاعتداد بالوضع حال كونه أقرب الأجلين، فالجملة حالية، فيوافقان الخبر الأول بل جعلها مستأنفة لا حاصل له، ضرورة كون الموجود في الخارج منه كلاًّ من الأقرب والأبعد، إذ كما

(272)


يمكن الوضع بعد لحظة يمكن تأخّره تسعة، بل يمكن القطع بفساد إرادة ذلك منهما، وكانّ هذا هو الّذي دعا المتأخرين إلى الاطناب بفساد قول الصدوق(رحمه الله) وانّه في غاية الضعف، إلاّ أنّ الانصاف خلافه، بل ان كان منشأ الشهرة هذا التوهم الفاسد من الصحيحين كان قولهم بمكانة من الضعف، ضرورة عدم المعارض إلاّ اطلاقات لا تصلح مقابلة للتصريح المصرّح به في المعتبر من النصوص المتعدّدة، فتأمل جيداً».(1)


وفيه أوّلاً أنّ الأخبار الواردة في العدّة، من العدّة للحامل أو لذات الإقراء والأشهر كلّها في المطلّقة بلا فرق بينهما في ذلك أصلاً كما يظهر للمراجع إليها وإنّي على عجب من قوله(رحمه الله) «منها ما دلّ على اعتداد الحامل مطلّقة كانت أو غيرها بالوضع» فتأمّل. واحتمال إرادته العمومية في الكتاب فقط ففيه مضافاً إلى أنّ الظاهر منه المطّلقة هي المرويّة عن أئمّتنا(عليهم السلام) أيضاً، ففي مرسلة فضل بن الحسن الطبرسي في قوله تعالى (واولات الأحمال اجلهنّ أن يضعن حملهنّ) قال: هي في المطلّقات خاصّة وهو المرويّ عن أئمتنا(عليهم السلام)(2).
وثانيـاً، أنّ الظاهر من الكتاب والسنّة المقابلة الدالّة على كون كل منهما عدّة خاصّة لطائفة من المطلّقات لا أنّهما عدّة لجميع المطلّقات فأيّهما سبق يحصل به الاعتداد.
وثالثاً، أنّ الجملة وإن سلّمنا ظهورها في الحالية ولكن الأقربية بالإضافة إلى الإقراء التي هي الأصل في العدّة لا الشهور التي هي عدّة بدليّة وعليه فإن قلنا أنّ الحامل حصول العدّة لها ممكن فالاقربية غالبية والاستدلال غير تمام أيضاً حيث إنّ من المحتمل كون التقييد للاستيناس والتثبيت في ذهن المخاطب بأنّ العدّة بما هو الغالب
[1] ـ جواهر الكلام 32: 253 ـ 254.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 195، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب9، الحديث9.

(273)


والمفهوم في القيد منوط بإحراز الدخالة والقيدية فمع احتمال التثبيت وأنّ الحكم للغائب دائماً لا مفهوم له والجملة صفة وبيان لخصوصية ثابتة في الوضع، فالواو استينافية، وإلا فهي دائمية وعدم الدلالة عليها على قول الصدوق واضحة.

نعم ما ذكره(رحمه الله) من أنّ الجملة حاليّة والمراد من الصحيحين الاعتداد بالوضع حال كونه اقرب الأجلين لا الاستينافية والوصفية بالخاصة الثابتة ففي محلّه، قضاءً لظهور الألفاظ في الفعلية وما ذكره من عدم الحاصل فإنّما هو بالنسبة إلى الفعلية لا الإمكانية كما لا يخفى، وعلى ذلك فالعمدة في عدم الاستدلال بهما اعراض الأصحاب والمخالفة لظاهر المقابلة في الكتاب والسنّة، بل ولظاهرهما من حيث الدلالة على أنّ الوضع عدّة فإنّه على الصحيحين ليس الوضع عدّة بل العدّة اقرب الاجلين كما هو صريح خبر أبي الصباح، فتأمّل حتى تقضي بأنّ الإنصاف هو انصاف الجواهر بالنسبة إلى دلالة الروايتين وضعف قولهم إن كان منشأ الشهرة حمل الجملة على غير الحالية.
لا يقال: لعلّ قيد الاقربية لرفع الاستعجاب من قلّة العدّة حيث إنّها تحصل بالحمل ولو ساعة بعد الطلاق والعجب في كونه عدّة مع الأقليّة من الثلاثة فالتقييد ناظر إلى رفع ذلك الاستعجاب من جهة القلّة وليس ناظراً إلى جهة الكثرة فلا دلالة في الأحاديث إلاّ على قول الصدوق(رحمه الله) ويؤيدّه التأكيد في خبر إسماعيل بذكر كلمة «قد» و«الفاء» و«الماضي»، وبحصول البينونة وان وضعت من ساعتها وما رواه زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: «إذا طلقّت المرأة وهي حامل فأجلها أن تضع حملها وإن وضعت من ساعتها(1).
لأنّا نقول: أنّه لا وجه للاستعجاب لا فتوىً ولا اعتباراً ; أمّا الأولى فلقيام إجماع الفقهاء عامة وخاصة على كون عدّة الحبلى هي وضع الحمل، وأمّا الثانية فلأنّ الحكمة
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 195، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب9، الحديث7.

(274)

استبراء الرحم وأيّ استبراء أكمل من الوضع، والتأييد بالخبرين ففيه أنّهما ناظران إلى ما عن بعض العامّة من أنّ العدّة بالوضع والطهارة من النفاس فالتأكيد ناظر إلى بطلان ذلك الرأي.
وما حكي عن الصدوق وابن حمزة من التفصيل بأنّ العدّة تتمّ بالوضع من حيث رجوع الزوج دون الزوجة فلا يجوز لها التزوّج إلاّ بعد ثلاثة أشهر، تفصيل بلا دليل.

(سواء كان تامّاً أو غيره ولو كان مضغة أو علقة ان تحقق انه حمل).

قضاءً لإطلاق الأدلة، ولموثقة عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: سألته «عن الحبلى إذا طلّقها زوجها فوضعت سقطاً تمّ أو لم يتمّ أو وضعته مضغة فقال: كل شيء يستبين أنّه حمل تمّ أو لم يتمّ فقد انقضت عدّتها وإن كان مضغة»(1).

لا ينبغي الكلام في مورد النص وهو المضغة وأمّا العلقة والنطفة ففيهما الكلام وإن كان في الأخير أكثر لكن مع كونه مستقرّاً ومنشأ لا دمي وموجباً للدّية في إسقاطه وإلاّ فمع عدم المنشأيّة فلا عبرة به إجماعاً بقسميه وغير مشمول للأدّلة قطعاً، ففي المسالك: فيه وجهان، من الشكّ في كونه قد صار حملاً(2). لكن من المعلوم عدم العبرة به مع الشكّ في كونه حملاً، ضرورة عدم تحقق الاندراج في اولات الأحمال. وفي الجواهر عن ظاهر الشيخ الحكم بانقضاء العدّة بها مطلقاً، وفي الحدائق الاشكال عليه للشكّ في كونه قد صار حملاً ويأتي مثل ذلك في العلقة من الدم التي لا تخطيط فيها ووافق الشيخ هنا جماعة من الأصحاب، منهم المحقّق.
--------------------------------------------------------

[1] ـ وسائل الشيعة 22: 197، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب11، الحديث1.

[2] ـ مسالك الافهام 9: 255.

(275)

ولا يخفى أنّ المستفاد من كلماتهم ان النزاع لفظي والاختلاف في صدق الحمل عليها وعدمه، فإنّه الموضوع في الأدلّة، والظاهر هو الصدق، كما أنّه على تسليم عدم الصدق فحكمه كذلك أيضاً لإلغاء الخصوصية من الحمل إلى منشأه والعلقة مثلها كلاماً وحكماً ودليلاً وإلغاءً كما لا يخفى على المتأمّل.
لا يقال: إنّ النزاع فقهي وذلك لدلالة الموثقة على ان المقدّر الأقلّ فيها المضغة.
لأنّه يقال: إنّ هنا تعارضاً بين الكلي والمثال أي الممثل والمثال، فظاهر المثال أنّه الأقلّ وليس دونه الحمل وظاهر الممثّل الاعميّة وأنّ المعيار هو الحمل فالتعارض كالتعارض بين الصدر والذيل واظهريّة الصدر غير بعيدة. هذا مضافاً إلى النقض بالمذكور في كلام الأصحاب وهو العلقة، مع أنّ ذكر المضعة في جوابه(عليه السلام) لذكرها في السؤال فلا مفهوم له.

(مسألة 6 ـ إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج منها به، بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل، فوضع الحمل لا أثر له أصلا، نعم إذا حملت من وطئ الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه سبب لانقضاء العدّة بالنسبة إليه لا الزوج المطلّق).
وذلك لانصراف الأدلة من الكتاب والسنة، إلى وضع الحمل من المطلّق ومن الحق به، وهو مؤيّد بعدم تداخل عدة الوطئ بالشبهة والنكاح فإنّه ظاهر في الاختصاص. هذا مضافاً إلى عدم العدّة للزنا لعدم الحرمة للبغي كما مرّ فلا تنقضي عدّة الطلاق به.

(276)


ثم في كشف اللثام والجواهر الاستدلال بعدم كفاية الوضع من الزنا بأنّ العدّة لاستبراء الرحم ووضع الحمل من الزنا غير كاف فيه، ومرادهما غير معلوم، لوضوح حصول الاستبراء بالوضع إلاّ أن يقال: أنّه من الممكن انعقاد نطفة بالزنا ونطفة بالنكاح فبوضع الأول لا تنقضى العدّة.

(مسألة 7 ـ لو كانت حاملا باثنين فالأقوى عدم البينونة إلاّ بوضعهما فللزوج الرجوع بعد وضع الأول، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط، ولا تنكح زوجاً إلاّ بعد وضعهما).

وفي المسألة خلاف، فعن غير واحد من الأصحاب بل المعروف بينهم انقضائها بوضعهما، وعن بعضهم حصول البينونة بالأوّل وأمّا تزويجها بالآخر فبوضع الثاني، وهو مختار الشيخ في النهاية وكذا ابن حمزة وصاحبي الحدائق والوسائل.
استدلّ للمشهور بظاهر الأدلة وبالاستصحاب والاحتياط، وللثاني برواية عبد الرحمن بن البصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته «عن رجل طلّق امرأته وهي حبلى وكان في بطنها اثنان فوضعت واحداً وبقي واحد، قال: تبين بالأوّل ولا تحّل للأزواج حتى تضع ما في بطنها»(1).
وهي كالنص بل نصّ في المسألة لكن في سندها الضعف بجعفر بن سماعة. ومنه قد ظهر حكم فروع أُخرى كخروج بعض الولد وموتها وعدم انقضائها، وممّا استدلّ به للمشهور يظهر حكم خروج بعض الولد فالعدّة غير منقضية وأحكام الزوجية مع رجعية الطلاق مترتبة فإن مات الزوجة في تلك الحال يرثه الزوج ويكون محرماً لها وأولى بغسلها ودفنها من الغير ; نعم إن كان الباقي جزءً غير معتدّ به كأصبع مقطوع
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 196، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب10، الحديث1.

(277)


من الطفل مثلاً فلا اعتداد به والانقضاء بصدق الوضع محقّق.
ثمّ إنّ الإخراج بالعلاج من غير المجرى الطبيعي في الأنابيب الطبيّة كالوضع الطبيعي والعادي، قضاءً للفحوى وإلغاء الخصوصية فإنّ المناط خروج الولد واستبراء الرحم وذلك حاصل بالإخراج كالوضع من دون فرق بينهما.


(مسألة 8 ـ لو وطئت شبهة فحملت وألحق الولد بالواطئ لبُعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثمّ طلّقها أو وطئت شبهة بعد الطلاق على نحو ألحق الولد بالواطئ كانت عليها عدّتان: عدة لوطئ الشبهة تنقضي بالوضع وعدة للطلاق تستأنفها فيما بعده).

والكلام في هذه المسألة في تداخل عدتي الطلاق والشبهة وعدمه، والثاني هو المشهور بل عن الخلاف الإجماع عليه، لكن عن أبي علي والصدوق والمحكىّ عن موضع من مقنعه الأول أي التداخل، فعلى المشهور لو وطئت المرأة شبهة والحق الولد بالواطي لبعد الزوج عنها ونحوه ممّا يعلم به عدم كونه له ثم طلّقها الزوج اعتدّت بالوضع من الواطي ثم استأنفت عدّة الطلاق بعد الوضع. فلو فرض تأخر دم النفاس عنه لحظة حسب قرءً من العدّة الثانية وإلاّ كان ابتداء العدّة بعده، بل لو فرض تأخر الوطىء المزبور عن الطلاق كان الحكم كذلك أيضاً لعدم إمكان تأخير عدّته التي هي وضع الحمل فليس حينئذ إلاّ تأخير إكمال عدّة الطلاق على المفروض.
وكيف كان فاستدلّ له مضافاً إلى القاعدة، فإنّ تعدّد السبب موجب لتعدّد المسبّب والتداخل محتاج إلى الدليل، بأخبار أربعة اثنان منها عن السيّد المرتضى في الطبريات «أن امرأة نكحت في العدّة ففرّق بينهما أمير المؤمنين(عليه السلام) وقال: «أيما امرأة نكحت في عدّتها فإن لم يدخل بها زوجها الّذي تزوّجها فإنّها تعتد من الأول، ولا عدّة عليها

(278)


للثاني، وكان خاطباً من الخطّاب، وإن كان دخل بها فرّق بينهما، وتأتي ببقية العدّة عن الأول ثم تأتي عن الثاني بثلاثة أقراء مستقبلة» وروى مثل ذلك بعينه عن عمر(1) وأنّ طليحة كانت تحت رشيد الثقفي فطلّقها، فنكحت في العدّة، فضربها عمر، وضرب زوجها بمخفقة وفرّق بينهما، ثم قال: أيّما امرأة نكحت في عدّتها فإن لم يدخل بها زوجها الذي تزوّجها فإنّها تعتدّ عن الأول، ولا عدّة عليها للثاني، وكان خاطباً من الخُطّاب، وإن كان دخل بها فرّق بينهما، وأتت ببقية عدّة الأول، ثم تعتدّ عن الثاني، ولا تحلّ له أبداً» ولم يظهر خلاف لما فعل فصار إجماعاً»(2).
ثالثها صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته «عن المرأة الحبلى يموت زوجها فتضع وتزوّج قبل أن تمضي لها أربعة أشهر وعشراً فقال: إن كان دخل بها فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً واعتدّت بما بقي عليها من الأول واستقبلت عدة أُخرى من الآخر ثلاثة قروء وإن لم يكن دخل بها فرّق بينهما واعتدّت بما بقي عليها من الأول وهو خاطب من الخطّاب»(3).

رابعها ما عن عبد الكريم عن محمّد بن مسلم وهو مثل الصحيحة ولا يخفى عليك أنّ السيّد(قدس سره) استدلّ بإجماع الأصحاب أيضاً وعلى الآخر أي التداخل مضافاً إلى أصالة البراءة المقطوعة بما عرفت وإلى حصول العلم بالبراءة بالاعتداد بأطولهما المردود بأنّها حكمة لا علّة، بالأخبار الثلاثة: احدها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)«في امرأة
--------------------------------------------------------
[1] ـ سنن البيهقي 7: 441.
[2] ـ ذكره صاحب الجواهر، 32: 264 ـ 265، ولكن لم نجده في المسائل الطبرية ولا في غيرها من رسائله(قدس سره). المقرر.
[3] ـ وسائل الشيعة 20: 451، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، الباب17، الحديث6.

(279)

تزوّجت قبل أن تنقضي عدّتها قال: يفرّق بينهما وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً»(1).
ثانيها: موثقة أبي العباس البقباق، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في امرأة تزوّج في عدّتها قال: يفرّق بينهما وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً»(2).
ثالثها: صحيحة زرارة الثانية، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: سألته «عن امرأة نعي إليها زوجها فاعتدّت وتزوّجت فجاء زوجها الأول ففارقها الآخر كم تعتدّ للثاني ؟ قال: ثلاثة قروء وإنمّا يستبرء رحمها بثلاثة قروء وتحلّ للناس كلهم. قال زرارة: وذلك أنّ ناساً قالوا تعتدّ عدّتين، من كل واحد عدّة، فأبى ذلك أبو جعفر(عليه السلام) وقال: تعتدّ ثلاثة قروء وتحلّ للرجال»(3).
وهذه الروايات وإن كانت دلالتها كسندها تامّة لكنها لاعراض الأصحاب عنها غير قابلة للاعتماد فإنّ أعراضهم عنها مع كونها بمرأى ومنظر منهم ومع ما في الصحيحة الثانية من أنّ التعدّد مذهب العامة المقرِّب للحمل على التقية كاشف عن خلل فيها وكيف لا يكون كاشفاً مع أنّهم عمد الفقه وفيهم أئمّة الحديث والفقه، وبذلك يظهر لك عدم الدقّة والتحقيق للحدائق وإن كان محيطاً بالأخبار والآثار ومطّلعاً عليها، ففيه قال في آخر المسألة: وبالجملة فإنّهم لقصور تتبّعهم للأخبار يقعون في مثل هذا وأمثاله. انتهى. نعوذ بالله من أمثال هذه الكلمات ونسأل الله الهداية إلى الطيّب من القول وإلى صراط مستقيم.
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 20: 453، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، الباب17، الحديث11.
[2] ـ وسائل الشيعة 20: 453، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، الباب17، الحديث12.
[3] ـ وسائل الشيعة 20: 448، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، الباب16، الحديث7.

(280)


(وكان مدّتها بعد انقضاء نفاسها إذا اتصل بالوضع).
لأنّ العدة هي الطهر ثلاثاً والنفاس ليس بطهر.
(ولو تأخر دم النفاس يحسب النقاء المتخلل بين الوضع والدم قرءً من العدّة الثانية ولو كان بلحظة).
بلا خلاف ولا اشكال كما هو مقتضى القواعد وهو واضح.
(مسألة 9 ـ لو ادّعت المطلقة الحامل أنّها وضعت فانقضت عدّتها وأنكر الزوج أو انعكس فادّعى الوضع وانقضاء العدة وأنكرت هي أو ادّعت الحمل وأنكر أو ادّعت الحمل والوضع معاً وأنكرهما يقدّم قولها بيمينها بالنسبة إلى بقاء العدّة والخروج منها لا بالنسبة إلى آثار الحمل غير ما ذكر على الظاهر).
عدم السماع بالنسبة إلى سائر آثار الحمل موافق للقواعد حيث إنّ اليمين على المنكر فلابدّ من انطباقه على احدهما بالموازين المذكورة في القضاء كالمطابقة للأصل أو الظاهر وغيرهما وأمّا السماع بالنسبة إلى بقاء العدّة والخروج منها لأنّها المؤتمنة على فعلها حيث إنّها ذات يد فيصدّق قولها فيها، وعليه ظاهر الأصحاب والأخبار، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «العدّة والحيض للنساء إذا ادّعت صدّقت»(1).
وعن مجمع البيان عن الإمام الصادق(عليه السلام) في قوله تعالى (ولا يحلّ لهنّ أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهنَّ) قال: قد فوّض الله إلى النساء ثلاثة أشياء: الحيض والطهر والحمل»(2).
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 222، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب24، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 222، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب24، الحديث2.

(281)


وجملة من الأصحاب قد استدلّوا بالآية المذكورة بتقريب أنّه لولا قبول قولهنّ في ذلك لم يؤتمن في الكتمان، والأخبار وإن قلنا بأنّها راجعة إلى عدم المنازع لكنّ الظاهر عدم الفرق بينه وبين وجود المنازع إلاّ في اليمين.
(مسألة 10 ـ لو اتفق الزوجان على ايقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا في المتقدم والمتأخر ; فقال الزوج: «وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتك» وقالت: «وضعت قبله وأنا في العدّة» أو انعكس، لا يبعد تقديم قولها في بقاء العدّة والخروج منها مطلقا من غير فرق بين ما لم يتفقا على زمان أحدهما أو اتفقا عليه).
عدم الفرق لعدم حجيّة أصالة تأخرّ الحادث وأمّا أصل القبول فمرّ وجهه في المسألة السابقة.
(مسألة 11 ـ لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها).

والمسألة متعرّضة لبيان العدّة في ثلاثة أصناف من النساء:

احدها: مستقيمة الحيض المفسّرة بقوله «وبالجملة إنّ الطهر الفاصل بين حيضتين اقلّ من ثلاثة أشهر»
ثانيها: من كانت في سنّ من تحيض ولا تحيض إمّا لعدم بلوغها سنّ المتعارف في الحيض وإمّا لانقطاعها بجهة من الجهات المذكورة في المتن.

ثالثها: من تحيض ولكنّ الفصل بين حيضتين يكون أزيد من ثلاثة أشهر وقبل الخوض في البحث ينبغي التعرض لبعض الأُمور:


الأول: المشهور بل الظاهر أنّ القرء بالفتح والضمّ لفظ مشترك بين الطهر والحيض. وهو يجمع على «قروء» و«اقراء» و«أقرء» لكون الاستعمال فيهما بلا رعاية العلاقة وبالسوية، كقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة بنت أبي حبيش: «دعي الصلاة أيام

(282)


اقرائك»(1) وقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لابن عمر وقد طلّق امرأته في الحيض: «إنمّا السنة أن تستقبل بها الطهر ثم يطلقّها في كل قرء طلقة» ويقال: «أقرأت المرأة فهي مقرء» إذا حاضت وإذا طهرت، وعن المصباح المنير: والقرء فيه لغتان، الفتح وجمعه قروء وأقرؤ مثل فلس وافلاس وأفلس، والضمّ ويجمع على أقراء. قال أئمة اللغة: ويطلق على الطهر والحيض وحكاه ابن فارس أيضاً.
أقول: كلامه إن لم يكن دليلا على قول المشهور فلا اقل من كونه مؤيداً له.
لا يقال: إنّ أهل اللغة ليسوا بأهل لبيان الحقيقة والمجاز بل أهل لبيان مورد الاستعمال فقط، لأنّه يقال: هذا صحيح ولكن الظاهر من تعبيره بالإطلاق عليهما هو كونه حقيقة فيهما وإلاّ فلا اختصاص له، فتأمّل.
وعن بعض أهل اللغة أنّ القَرء بالفتح الطهر ويجمع على «فعول» كحرب وحروب، وضرب وضروب، وبالضمّ الحيض وجمعه اقراء كقفل وأقفال، لكن الشهرة على خلافه، هذا مع ما في عبارة المصباح المنير من خلافه.
وقد ظهر ممّا ذكرنا ضعف الاستدلال، في كونه مجازاً في الطهر، بكون المجاز خيراً من الاشتراك اللفظي لأنّه لا اعتبار بهذه الاعتبارات في نفسها فضلا عن مورد ذكر الدليل على خلافه. وأمّا كونه مشتركاً معنوياً فهو اضعف من الاشتراك اللفظي لبعد الجامع بينهما وغربته في الأذهان وإن ذكره المسالك، فراجعه إن شئت(2).
هذا مع أنّ البحث ليس بأزيد من بحث أدبي لعدم ترتب ثمرة فقهية عليه لتصريح النص والفتوى بكون المراد من القروء في العدّة الأطهار فلا فرق بين كون القرء مشتركاً لفظياً أو معنوياً أو حقيقة ومجازاً، كما لا فرق بين القول باختلاف معنى القرء
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 2: 276، كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب3، الحديث4.
[2] ـ مسالك الافهام 9: 217.

(283)

بالفتح والضمّ وأنّ الأول للحيض ويجمع على اقراء والثاني للطهر ويجمع على قروء والقول باتحادهما.
الثاني: المراد من استقامة الحيض هو الحيض في كل شهر مرّة كغالب النسوان، نعم من كان طهرها بين الحيضتين اقلّ من ثلاثة أشهر فهي في حكم مستقيمة الحيض وإن لم يصدق عليها عنوان «المستقيمة» لما سيأتي من أنّ أيّ الأمرين سبق إليها فقد انقضت عدّتها.

هذا وللشهيد الثاني(قدس سره) تفسير آخر في مستقيمة الحيض ; قال:
«المراد بمستقيمة الحيض معتادته وقتاً وعدداً وإن استحيضت بعد ذلك فإنّها ترجع في الحيض إلى عادتها المستقرة ويجعل ما سواها طهراً وفي حكمها معتادته وقتاً خاصة لأنّها بحسب أوّله مستقيمة العادة وإنّما تلحق بالمضطربة في آخره، وحيث كان القرء هو الطهر فالمعتبر الدخول في حيض متيقّن يعلم انقضاء الطهر الثالث وهو يحصل في معتادة أوّله بحصوله فيه، أمّا معتادته عدداً خاصة فكالمضطربة بالنسبة إلى الحكم به ابتداءً»(1).
وفيه أنّ معتادة الحيض فيما زاد على ثلاثة أشهر لا تعتدّ بالأقراء وان كان لها فيه عادة وقتاً وعدداً لما مضى ويأتي، اللّهم إلاّ أن يقال: إنّ مراده التفسير اللغوي لا الموضوعي الحكمي لكنّه كما ترى فإنّه في كتاب الفقه وفي ذيل الشرائع.
الثالث: لا فرق في الاعتداد بالأقراء، بين كون الحيض طبيعياً أو غيره، فلو استعجلته بالدواء اُحتسب لها، ففي الجواهر:
«ولا فرق في ذلك بين الحيض الطبيعي وبين ما جاء بعلاج، وكذا الطهر، لتحقق
--------------------------------------------------------
[1] ـ مسالك الافهام 9: 222.

(284)

الصدق عرفاً مع احتمال جعل المدار على المعتاد، لكن لم أجد لأحد من أصحابنا»(1).
أقول: والحقّ عدم الفرق بين المعتاد وغيره لتحقق الصدق عرفاً أيضاً بالمعالجة ولعموم الأدلة(2).
الرابع: ما ذكر من العدد في الكتاب ثلاثة: احديها ثلاثة قروء وهي في قوله تعالى: (والمطلقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء) الآية(3). وثانيتها وضع الحمل، وثالتها ثلاثة أشهر كما جاءت كلتاهما في قوله تعالى: (واللائى يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن واولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً)(4).
واعلم أنّ الشهور الثلاثة بدل والأصل القروء وذلك لتعليق الثلاثة على اليأس من الحيض أو عدم الحيض، ومن المعلوم أنّ الحيض محقق للقرء، إمّا على كون المراد من القرء طهراً كما عليه الخاصة، قضاءً للضدّية، وإمّا على كونه نفس الحيض كما عليه العامّة فواضح قضاءً للعينية ومورد الثاني واضح كما مرّ، والأوّل شامل لكل مستقيمة الحيض وإن كان الفصل بين الطهرين أكثر من شهر ولو سنة، والثالث وهو غير مستقيمة الحيض فواضح أنّ المراد من اليأس ليس هو القطع عادة باليأس عن الحيض لكبر السنّ أو المرض وإلاّ لا يناسب الارتياب، ولذلك قال في مجمع البيان في تفسير (ان ارتبتم): فلا تدرون لكبر ارتفع حيضهنّ ام لعارض «ثلاثة أشهر»
--------------------------------------------------------
[1] ـ جواهر الكلام 32: 224.
[2] ـ إلاّ أن يقال إنّ عمومها منصرفة إلى ما هو الطبيعي والمعتاد كما في غيره من الحدود والموازين العرفية والطبيعية، في العبادات والمعاملات. «المقرر»
[3] ـ البقرة (2): 226.
[4] ـ الطلاق (65): 4.

(285)


وهن اللواتي أمثالهنّ يحضن لأنّهن لو كنّ في سنّ من لا تحيض لم يكن للارتياب معنى وهذا هو المروي عن أئمتنا(عليه السلام). انتهى كلامه، رفع مقامه.
لكن لا يخفى أنّ الارتياب لا يختصّ بما ذكره ممّا كان الشكّ في اليأس أنّه من جهة الكبر الموجب للدوام وانقطاع الحيض أو من جهة خاصّة أُخرى غير موجبة للدوام بل يشمل غيره أيضاً مثل ما لو شكّ في استمرار السبب الموجب لانقطاع الحيض بأن يكون السبب المرض والحادثة قبل بلوغ سنّ اليأس فمنشأ الشك الشكّ في الاستمرار وعدمه لا في البلوغ إلى سنّ اليأس من حيث الكبر وعدمه، وكيف كان فمقتضى عموم آية القروء التربّص بها ولو مع الفصل بينها بأكثر من ثلاثة أشهر، وإن كان سنة بأن تحيض في كل سنة مرّة واحدة فإنّها مستقيمة الحيض ومقتضى الكتاب الاعتداد بثلاثة قروء إلاّ أنّه خلاف الإجماع والسنّة فيخصّص عموم الآية لقيام الإجماع ودلالة السنّة على أنّ ثلاثة أشهر من دون الزيادة بدل عن القروء مطلقاً فالمستقيمة الزائدة عليها خارجة عن الآية بهما.

هذا ولكنّ الحق أنّ في السنّة والإجماع تأكيداً للآية لا تخصيص وذلك لفحوى آية اليأس والارتياب حيث إنّ مع انقضاء الثلاثة في المرتابة العدّة منقضية وإن حاضت بعدها، فالملاك هو عدم رؤية الدم ثلاثة أشهر مطلقاً حتى فيما رأت الدم بعدها فالحيض بعد الثلاثة كما أنّه غير موجب لتجديد العدّة فكذلك في المستقيمة فإنّ الشك والقطع غير دخيلين في الثبوت وفي مسألة الرحم والبراءة، ولك أن تقول إنّ إلغاء الخصوصية محكّمة عرفا.
الخامس: الاعتداد بالثلاثة قرءاً أو شهراً مختصّ بالحرّة وإن كانت تحت عبد وهو موضع وفاق، وفي الجواهر أشار إلى عدم وجدان الخلاف، لما عرفت، فإنّ المستفاد من الأدّلة كون المدار في العدّة هو النساء لا الرجال نصّاً وفتوىً وعليه صراحة

(286)


صحيحة حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «إذا كانت الحرّة تحت العبد فالطلاق والعدّة بالنساء يعني يطلّقها ثلاثاً وتعتدّ ثلاث حيض»(1). وصحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: سألته «عن حرّ تحته أمة أو عبد تحته حرّة كم طلاقها وكم عدّتها ؟ فقال: السنة في النساء في الطلاق، فإن كانت حرّة فطلاقها ثلاثاً وعدّتها ثلاثة أقراء، وإن كان حرّ تحته أمة فطلاقه تطليقتان وعدّتها قرئان»(2).
والأمة وإن كانت تحت حرّ فعدّتها قرئان أو شهر ونصف لأنّ المدار في العدّة هو النساء كما مرّ قبيل ذلك والصحيحة الثانية دالّة على حكم المسألة أيضاً والمبعضة فيها وجهان، من تغليب الحرّية عليها واستصحاب بقاء العدّة واستصحاب بقاء التحريم إلى بعد العدّة فتعتدّ عدّة الحرّة، ومن أصالة البرائة من الزائد، ومن استصحاب عدم التحريم إلى أن يثبت الناقل لحريّتها اجمع، والأقوى الأول لحكومة الاستصحاب وعدم حجية الاستصحاب الأزلي، وعن الشافعي الثاني.
السادس: لا فرق في العدة بالأقراء والشهور بين المطلقة، أو المفسوخة بسبب منها أو منه، أو الموطوئة بالشبهة، بلا خلاف بين الأصحاب بل عليه الاتفاق ظاهراً، وذلك لأنّ المستفاد من الكتاب والسنّة حصر العدّة فيهما أي الإقراء والشهور وليست هنا عدّة أُخرى فلابدّ في غير المطلّقة ممّن ثبت لهم العدّة، الاعتداد باحديهما أيضاً، قضاءً للحصر والجمع بين دليله ودليل الاعتداد، ولك أن تقول: إنّ أصل العدّة في المطلقة، وأنّ غيرها ملحق بها فيها فيلحقه حكمها; هذا مع أنّ العرف لا يرى الفرق بينهما وانّه لا خصوصية في المعتدّة بل الخصوصية والمناط للاعتداد وإن كان في غير المطلقّة فأدلّة مقدار عدّة الطلاق دليل على الاعتداد في الفسخ وغيره بالفحوى وإلغاء

--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 258، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب41، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 256، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب40، الحديث1.

(287)


الخصوصية، فهذه وجوه ثلاثة، وفي الجواهر «إلاّ أنّ الظاهر ثبوتها لمن عرفت ولو لكونها الأصل في العدّة، أو لتوقف اليقين على الخروج منها عليها بعد فرض حصول السبب»(1).
ولا يخفى أنّ العدّة ليست سبباً لليقين بالخروج لاحتمال أكثرية عدّة غير المطلّقة منها بل مقتضى الاستصحاب عدم الخروج نعم لا يوجد اليقين فيما يقل عن القروء والثلاثة. فاليقين بالخروج من حيث القلّة موقوف عليهما لا من حيث الكثرة ومع إضافة حصر العدّة وإلغاء الخصوصية فذلك الدليل لا التوقف المذكور كما هو واضح ولا حاجة إلى التوقف أصلاً.
السابع: لا فرق في العدّة بين الحيض والنفاس الّذي بحكمه، فيحسب الطهر الفاصل بين وضع الحمل ودم النفاس قرءاً، وإرسال المسألة في المسالك والجواهر إرسال المسلّمات عند الأصحاب، فيه الكفاية ولا حاجة إلى الاستدلال بأمر آخر; لكن مع ذلك فالدليل عليه إلغاء الخصوصية أيضاً حيث إنّ جريان جلّ أحكام الحيض بل كلّها غير المبحوث عنه على النفاس واشتراكه معه موجب للحكم بعدم الخصوصية لتلك الأحكام بل العدّة مثلها أيضاً فإنّ المناط الحدث المشترك بينهما وأنّ احتمال الخصوصية لكل حكم من الأحكام المشتركة في الدمين وكون كل منها لخصوصية الموضوع لا لاعتبار الجامع بين الموضوعات منفي ويأباه العرف والعقلاء كما لا يخفى فإنّ قضاء العرف في ترتب الأحكام المختلفة على العنوان الواحد أنّ الموضوع هو نفس العنوان فالإلغاء في محلّه لا أنّ لكل حكم خصوصية خاصّة لذلك العنوان في ذلك الحكم فالخصوصية ثابتة والإلغاء منتف.
--------------------------------------------------------
[1] ـ جواهر الكلام 32: 224.

(588)


الثامن: الظاهر من الكتاب وجوب تمامية مدّة الطهر في كل القروء فالقروء ثلاثة أطهار تامّة حيث قال تعالى: (والمطلقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء) بل هو الظاهر أيضاً من تفسير قوله (فطلّقوهن لعدّتهنّ) بالطلاق قبل العدّة.
فعلى هذا لو طلّقت في أواخر طهر غير المواقعة فانقضاء العدّة برؤية أوّل الدم الرابع، مع أنّ صريح الفتاوى وظاهر أخبار الباب بل صريحها الاكتفاء بالناقص منها، لأنّهم صرّحوا بانقضائها برؤية الدم الثالث كما هو مفاد الأخبار، ضرورة اكتفائها في خروج المطلّقة في الطهر من العدّة برؤية الدم الثالث، سواء كان طلاقها في ابتدائه أو وسطه أو آخره.
وحينئذ فلو طلّقها وحاضت بعد الطلاق بلحظة احتسبت تلك اللحظة قرءاً ثم أكملت قرأين آخرين، فإذا رأت الدم الثالث فقد قضت العدّة لما عرفت، لا لأن بعض القرء مع قرأين تامّين يسمّى الجميع ثلاثة قروء، نحو قول القائل «خرجت لثلاث مضين» مع أن خروجه في بعض الثالث، ونحو قوله تعالى: (الحج أشهر معلومات) والمراد شوّال وذو القعدة وبعض ذي الحجّة، ضرورة كون ذلك مجازاً محتاجاً إلى القرينة.
على أنّه منقوض بما لو تمّ الأوّلان وأضيف إليهما بعض الثالث، بأن طلّقها قبل الحيض بلا فصل واتصل بآخره، فإنّ القرء الأول إنّما يحسب بعد الحيض مع اعتبار كمال الثالث إجماعاً، ولا يكفى دخولها فيه، وآية الحج قد عرفت في محلّه أنّ المراد منها تمام ذي الحجة، ولو لصحة استدراك بعض الأفعال فيه، كما عرفته في محلّه. فبان حينئذ بذلك أنّ احتساب بعض القرء الأول وإن قلّ قرءٌ في العدّة، للأدلّة الخاصّة، وهي ظاهر النصوص السابقة وغيره، خصوصاً بعد معلومية عدم اشتراط صحة الطلاق بوقوعه في آخر الجزء الأول على وجه يكون ابتداء العدّة الطهر الذي هو بعد

(289)


الحيض، ولا بوقوعه في ابتداء الطهر الأول على وجه لا يمضي منه إلاّ مقدار زمان وقوع الطلاق كما هو واضح(1).
(فإن كانت مستقيمة الحيض بأن تحيض في كل شهر مرّة كانت عدّتها ثلاثة قروء، وكذا إذا تحيض في كل شهر أزيد من مرّة أو ترى الدم في كل شهرين مرة، وبالجملة كان الطهر الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر).
فإنّ مقتضى عموم الكتاب والسنة شموله لمن تحيض في كل شهر مرّة بل هو القدر المتيقن منه، ويدل عليه نصوص:
منها: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلاّ بإذن زوجها حتّى تنقضي عدّتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تحض»(2).
ومنها: ما عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «المطلّقة تعتدّ في بيتها ولا ينبغي لها أن تخرج حتّى تنقضي عدّتها، وعدّتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إلاّ أن تكون تحيض»(3).
ومنها: ما عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «عدّة المطلّقة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض»(4).
ومنها: ما رواه الحلبي أيضاً، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «عدّة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، وعدّة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة
--------------------------------------------------------
[1] ـ جواهر الكلام 32: 225 ـ 226.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 198، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب12، الحديث1.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 198، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب12، الحديث2.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 198، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب12، الحديث3.


(290)

قروء». قال: وسألته «عن قول الله عزّ وجلّ: (إن ارتبتم) ما الريبة ؟ فقال: ما زاد على شهر فهو ريبة، فلتعتدّ ثلاثة أشهر، ولتترك الحيض، وما كان في الشهر لم يزد في الحيض على ثلاث حيض فعدّتها ثلاث حيض»(1).
ومنها: ما عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «عدّة التي لم تحض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، وعدّة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء والقروء جمع الدم بين الحيضتين»(2).
والحكم يجرى فيما يقلّ عن ثلاثة أشهر، قضاءاً لعموم الأدلة وإطلاقها.
(وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض، إمّا لكونها لم تبلغ الحدّ الذي ترى الحيض غالب النساء وإمّا لانقطاعه لمرض أو حمل أو رضاع، كانت عدّتها ثلاثة أشهر).
وكذا إذا كانت ممّن بلغت ولكن لا تحيض خلقة خلافاً لغالب النساء. وذلك قضاءاً لإطلاق الكتاب والأخبار ; منها: مثل ما مرّ عن الحلبي وأبي بصير في أصل المسألة. أو كانت ممّن لا تطمع في الولد لإخراج رحمها أو غيره من أنواع العلاج الرائجة في زماننا الموجب للعقم والاطمئنان بعدم الولد وانقطاع طمعها منه فلها العدّة، قضاءً لإطلاق الدليل على أنّ العدّة من الإيلاج والدخول وليست العلّة للعدّة استبراء الرحم بل هي الحكمة كما يظهر من مراجعة موارد العدّة واختلافها. هذا مع عدم الدليل على العلّيّة بل كونها حكمة درائية أيضاً لا روائية وعدّتها ثلاثة أشهر لصحيح ابن مسلم ففيه «والتي لا تطمع في الولد» وإطلاقه شامل لجميع أنواع عدم الطمع بأيّ
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 186، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث7.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 187، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث9.

نحو وأيّ وسيلة كانت في الأزمنة السابقة أو الحاليّة أو الآتية فتدبّر وكن على ذكر من الصحيح.
ثمّ أنّه قد ظهر ممّا ذكر وجوب العدّة للمرأة وإن كان الرجل عقيماً خلقة أو عرضاً وعلاجاً لدورانها مدار الإيلاج والدخول على ما عليه الأخبار بل ويدلّ عليه إطلاق كلّ ما دلّ على اعتداد النساء فإنّ المدار عليهنّ.
(ويلحق بها من تحيض لكن الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد).
والدليل عليه، مضافاً إلى ما مرّ من الاستفادة من الكتاب وإلغاء الخصوصية، الأخبار، منها: صحيحة محمّد بن مسلم، عن احدهما(عليهما السلام) أنّه قال: «في التي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر مرّة أو في ستة أو في سبعة أشهر، والمستحاضة التي لم تبلغ الحيض والتي تحيض مرّة ويرتفع مرّة، والتي لا تطمع في الولد، والتي قد ارتفع حيضها وزعمت أنّها لم تيأس، والتي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم فذكر أنّ عدّة هؤلاء كلّهنّ ثلاثة أشهر»(1).
ومنها: موثقة زرارة، عن احدهما(عليهما السلام) قال: «أىّ الأمرين سبق إليها فقد انقضت عدّتها: إن مرّت بها ثلاثة أشهر لا ترى فيها دماً فقد انقضت عدّتها، وإن مرّت ثلاثة أقراء فقد انقضت عدّتها»(2).
ومنها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «أمران أيّهما سبق بانت منه المطلّقة: المسترابة إن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه، وإن مرّت
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 183، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 184، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث3.

(292)


بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض. قال ابن أبي عمير: قال جميل: وتفسير ذلك: إن مرّت بها ثلاثة أشهر إلاّ يوماً فحاضت، ثمّ مرّت بها ثلاثة أشهر إلاّ يوماً فحاضت، ثم مرّت بها ثلاثة أشهر إلاّ يوماً فحاضت فهذه تعتدّ بالحيض على هذا الوجه، ولا تعتدّ بالشهور، وإن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها فقد بانت»(1).
وفي المسالك قال: «ويشكل على هذا ما لو كانت عادتها أن تحيض في كل أربعة أشهر مثلا مرّة فإنّه على تقدير طلاقها في أوّل الطهر أو ما قاربه بحيث يبقى لها منه ثلاثة أشهر بعد الطلاق ينقضي عدّتها بالأشهر كما تقرر لكن لو فرض طلاقها في وقت لا يبقى من الطهر ثلاثة أشهر تامة كان اللازم من ذلك اعتدادها بالإقراء فربما صارت عدّتها سنة وأكثر على تقدير وقوع الطلاق في وقت لا يتم بعده ثلاثة أشهر بيضاً والاجتزاء بالثلاثة بل على تقدير سلامتها فيختلف العدّة باختلاف وقت الطلاق الواقع بمجرد الاختيار مع كون المرأة من ذوات العادة المستقرة في الحيض ; ويقوى الاشكال لو كانت لا ترى الدم إلاّ في كل سنة أو أزيد مرّة فإنّ عدّتها بالأشهر على المعروف في النص والفتوى، ومع هذا فيلزم ممّا ذكروه هنا من القاعدة أنّه لو طلّقها في وقت لا يسلم بعد الطلاق لها ثلاثة أشهر طهراً أن تعتدّ بالإقراء وإن طال زمانها وهذا بعيد ومناف لما قالوه من أن أطول عدة تفرض عدّة المسترابة وهي سنة أو تزيد ثلاثة أشهر كما سيأتي ولو قيل بالاكتفاء بثلاثة أشهر إمّا مطلقاً أو بيضاً هنا كما لو خلت من الحيض ابتداء كان حسناً.
وقد ذكر المصنف والعلامة في كتبه أنّ من كانت لا تحيض إلاّ في كل خمسة أشهر أو ستة أشهر عدّتها بالأشهر وأطلق وزاد في التحرير أنّها متى كانت لا تحيض في كل
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 185، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث5.

(293)


ثلاثة أشهر فصاعداً تعتدّ بالأشهر، ولم تعتدّ بعروض الحيض في أثنائها كما فرضناه». ثم ذكر (قدس سره) صحيحة محمّد بن مسلم التي مرّت آنفا. ثم قال: «وهي تؤيّد ما ذكرناه». انتهى كلامه(1).
أقول: وفيه أنّه لا اشكال مع وجود النص في مورده وهو صحيحة محمد بن مسلم ففيها التصريح بعدم الفرق بين الموردين بل وصحيحة زرارة أيضاً وبهما يتصرّف في ظاهر موثقته(2).
وهنا اشكال آخر: وهو أنّ ظاهر بعض الروايات جعل الأشهر ملاكاً مع الفصل بأقلّ من ثلاثة أشهر أيضاً:
منها: ما عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «في الرجل كيف يطلّق امرأته وهي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر حيضة واحدة ؟ قال: يطلّقها تطليقة واحدة في غرّة الشهر إذا انقضت ثلاثة أشهر من يوم طلّقها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطّاب»(3).
ومنها: ما عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «في المرأة يطلّقها زوجها وهي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر حيضة، فقال: إذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدّتها يحسب لها لكلّ شهر حيضة»(4).
ومنها: ما مرّ عن ابن مسلم في صحيحته.
وقد أجاب عنه صاحب المدارك(قدس سره) بأنّ المراد هو بعد ثلاثة أشهر.
وفيه: أنّه خلاف الظاهر من معنا «في » فإنّه للظرفية. وأجاب عنه الشيخ(قدس سره)بأنّ
--------------------------------------------------------
[1] ـ مسالك الافهام 9: 238.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 183، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث1 و5 و3.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 200، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب13، الحديث3.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 184، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث2.

(294)

المراد من ثلاثة أشهر هي ثلاثة قروء وهي للمضطربة، وفيه: أنّه أيضاً خلاف الظاهر ولا شاهد له، والحق أنّها غير معمول بها عند الأصحاب.

وهنا اشكال ثالث: أيضاً وهو أنّ ظاهر بعض الأخبار ان الملاك هو القرء ولا غير ; منها: ما عن أبي الصباح، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام): «عن التي لا تحيض في كلّ ثلاث سنين إلاّ مرّة واحدة كيف تعتدّ ؟ قال: تنتظر مثل قرئها التي كانت تحيض في استقامتها ولتعتدّ ثلاثة قروء ثم تزوّج إن شاءت»(1).
ومنها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «في التي لا تحيض إلاّ في كل ثلاث سنين أو أكثر من ذلك، قال: فقال: مثل قرئها الذي كانت تحيض في استقامتها ولتعتدّ ثلاثة قروء وتتزوّج إن شاءت»(2).
ومنها: ما عن هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في المرأة التي تحيض إلاّ في كلّ ثلاث سنين أو أربع سنين أو خمس سنين، قال: تنتظر مثل قروئها التي كانت تحيض فلتعتدّ ثمّ تزوج إن شاءت»(3).
أقول: وتلك الأخبار ليست بحجة، لعدم العمل بها عند الأصحاب(4).
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 189، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث15.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 188، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث14.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 190، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب4، الحديث19.
[4] ـ وأنت ترى ما في هذا الأشكال والطرح فإنّ الظاهر أنّ المراد من هذه الطائفة هو الاعتداد بمقدار كانت تعتدّ في زمان استقامتها لا ثلاثة قروء عند عروض تلك الحالة أيضاً وإلاّ لا يكون هناك وجه للتنظير والتمثيل فكان له(عليه السلام) أن يقول: «تعتدّ ثلاثة قروء» ويؤيّده ما زاده(عليه السلام) بقوله «ثمّ تزوّج إن شاءت» فإنّ الظاهر منه دفع شبهة الزواج بعد هذه المدّة لا بعد ما يقرب عشر سنين مثلا. فهذه الطائفة هي مؤيدة للروايات الدالة على العدّة في مضطربة الحيض هي ثلاثة أشهر ومفيدة لما أفادته. «المقرر»

(295)

(مسألة 12 ـ المراد بالقروء الأطهار).

إجماعاً كما في الخلاف وعن الانتصار ولكن في الشرائع: على أشهر الروايتين، وقال في الجواهر أنّه ليس في المسألة مخالف معروف، ومع هذا ذهب المفيد(قدس سره) إلى التفصيل، وأورد عليه في الجواهر بأنه مسبوق وملحوق بالإجماع على خلافه.
أقول: والعمدة هي روايات المسألة، وأكثرها وهي تبلغ إلى أربعة وعشرين رواية، أنّ القروء هي الأطهار، وطائفة منها وهي تبلغ إلى ستّ، أنّ المراد منه هو الحيض، ومع التمسك بالأخبار من الجانبين فلا ثمرة للبحث عن كون القرء مشتركاً لفظياً أو معنوياً، حقيقة أو مجازاً، أو التفصيل بين القرء بالفتح وهو الحيض، وبالضم وهو الطهر كما مرّ، حيث إنّ المتبع النص لا اللغة، نعم للبحث ثمرة بالنسبة إلى الكتاب كما لا يخفى.

وكيف كان ممّا استدلّ به من الأخبار على أنّ القرء هو الطهر:

صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «القرء ما بين الحيضتين»(1).
ومنها: صحيحة محمّد بن مسلم، عنه(عليه السلام) أيضاً، مثله(2).
ومنها: خبر زرارة، عنه(عليه السلام) أيضاً قال: «الأقراء هي الأطهار»(3).
ومنها: صحيحته الأُخرى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): «سمعت ربيعة الرأي يقول: من رأيي أنّ الأقراء التي سمّى الله عزّ وجلّ في القرآن إنّما هو الطهر فيما بين الحيضتين، فقال: كذب، لم يقل برأيه ولكنّه إنّما بلغه عن الإمام علي(عليه السلام) فقلت: أكان الإمام علي(عليه السلام) يقول ذلك ؟ فقال: نعم، إنّما القرء الطهر الّذي يقرأ فيه الدم فيجمعه فإذا جاء
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 201، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 201، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث2.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 201، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث3.

(296)


المحيض دفعه (دفقه خ. ل)»(1). ونحوها ما رواه موسى بن بكر، عن زراره، عنه(عليه السلام)، بنفس السؤال وباختلاف(2).
ومنها: صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: «عدّة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء والقرء جمع الدم بين الحيضتين»(3).

ومنها: موثقة موسى بن بكر، عن أبي جعفر(عليه السلام) «في حديث أن عليا(عليه السلام) قال: إنّما القرء ما بين الحيضتين»(4). ومثلها ما رواه العياشى، عن محمّد بن مسلم، وزرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)(5).
ومنها: صحيحة زرارة الثالثة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قلت له: أصلحك الله، رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين، فقال: إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها، وحلّت للأزواج. قلت له: أصلحك الله، إنّ أهل العراق يروون عن الإمام على(عليه السلام) أنّه قال: هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة. فقال: فقد كذبوا»(6). والدلالة لا تخفى.
ومنها: ما رواه إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قلت له: «رجل طلّق امرأته، قال: هو أحقّ برجعتها ما لم تقع في الدم من الحيضة الثالثة»(7).
ومنها: صحيحة زرارة الرابعة، عن أحدهما(عليهما السلام) قال: «المطلّقة ترث وتورث
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 201، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث4.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 204، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث4.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 202، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث5.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 202، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث6.
[5] ـ وسائل الشيعة 22: 203، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث9.
[6] ـ وسائل الشيعة 22: 203، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث1.
[7] ـ وسائل الشيعة 22: 204، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث2.

(297)


حتى ترى الدم الثالث، فإذا رأته فقد انقطع»(1).
ومنها: موثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) «عن المرأة إذا طلّقها زوجها متى تكون أملك بنفسها؟ قال: إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فهي أملك بنفسها». الحديث(2). إلى غيرها من الأخبار الواردة(3) والغالب منها عن الإمام الباقر(عليه السلام).

وأمّا الطائفة الثانية وهي المستدلّ بها على أنّ القرء هو الحيض:

فمنها صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «عدّة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء، وهي ثلاث حيض»(4).
لكن لا يخفى أنّها قابلة للحمل على أن المراد من الثالث هو الورود فيه. فتأمل، ويؤيده الاتيان بالمذكر في «ثلاث قروء» حيث انه(عليه السلام) قد أجرى حكم التأنيث على القروء هنا فهي الطهر فإنّ الحيض مؤنث(5).
ومنها: مرسلة إسحاق بن عمّار، عمّن حدّثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاءت امرأة إلى عمر تسأله عن طلاقها، فقال: اذهبي إلى هذا فاسأليه ـ يعنى علياً(عليه السلام)ـ فقالت لعلىّ(عليه السلام): إنّ زوجي طلّقني، قال: غسلت فرجك ؟ فرجع إلى عمر فقالت:
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 204، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث3.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 205، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث5.
[3] ـ راجع وسائل الشيعة 22: 205، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث6 ـ 12 و19 و20.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 202، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب14، الحديث7.
[5] ـ هذا وأنت ترى ما فيه من المنع الواضح ; فإنّه لا فرق في ذلك بين «الطهر» و«الحيض» وإنّما الفرق هو بين «الطاهر» و«الحائض» حيث ان الثاني مختص بالنساء فالتأييد بما ذكره ليس في محله. «المقرر»

(298)


أرسلتني إلى رجل يلعب، فردّها إليه مرّتين كل ذلك ترجع فتقول: يلعب. قال: فقال لها: انطلقي إليه، فإنّه أعلمنا، قال: فقال لها الإمام علي(عليه السلام): غسلت فرجك ؟ قال: لا. قال: فزوجك أحقّ ببضعك ما لم تغسلي فرجك»(1).
ويمكن حملها على إرادة أوّل الحيضة الثالثة لا آخرها لأنّ غسل الفرج غير غسل الحيض، فكأنّه(عليه السلام) قال لها: هل رأيت دماً من الحيضة الثالثة تحتاجين معه إلى غسل الفرج منه للتنظيف أو حال الاستنجاء. وهذا ما احتمله الشيخ الحرّ(قدس سره) في الوسائل.
ومنها: ما رواه رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته «عن المطلّقة حين تحيض، لصاحبها عليها رجعة ؟ قال: نعم حتى تطهر»(2).
ومنها: صحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) «في الرجل يطلّق امرأته تطليقة على طهر من غير جماع يدعها حتّى تدخل في قرئها الثالث ويحضر غسلها ثم يراجعها ويشهد على رجعتها، قال: هو أملك بها ما لم تحلّ لها الصلاة»(3).
ومنها: ما عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «هي ترث وتورث ما كان له الرجعة بين التطليقتين الأوّلتين حتى تغتسل»(4).
أقول: وهذه الطائفة معرض عنها عند الأصحاب فليست بحجة فلا يأتي دور التعارض ولو سلّم التعارض فالأولى أكثر عدداً وأصحّ سنداً وأقوى متناً فترجح عليها، مضافاً إلى أنّه يمكن أن يقال: إنّ الأولى هي موافقة للكتاب على وجه وهو ما ذكر تأييداً في حمل صحيحة الحلبى(5).
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 207، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث13.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 207، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث14.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 208، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث15.
[4] ـ وسائل الشيعة 22: 208، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب15، الحديث16.
[5] ـ وقد مرّ ما فيه. المقرر.

(ويكفي في الطهر الأول مسماه ولو قليلا، فلو طلّقها وقد بقيت منه لحظة يحسب ذلك طهراً، فإذا رأت طهرين آخرين تامّين بتخلل حيضة بينهما انقضت العدّة، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث).
ولا يخفى: أنّ الاكتفاء بالطهر الناقص في الأول قد مرّ أنّه ليس موافقاً لظاهر الكتاب لكنّه مستفاد من النصوص والفتاوى، وفي عبارة سيّدنا المصنّف(قدس سره) بانقضائها برؤية الدم الثالث إشارة إلى الخلاف المنسوب إلى الشيخ(قدس سره) بأنّه ذهب إلى أنّ اللحظة الأولى من الدم الثالث داخل في العدّة وتظهر الثمرة على القولين في التوارث لو فرض موتها أو موته في هذه اللحظة، وفي الرجوع بها فيها وفي العقد عليها فيها واستدلّ له بتوقف تحقق الانقضاء عليها.
ولا يخفى ما فيه فإنّـه على الخلاف أدلّ، ضرورة عـدم مدخلية ما توقف عليه الحكم بالانقضاء فيما اعتبر انقضاؤه بل الظاهر من التعليل المذكور كون النزاع لفظياً وذلك لعدم التحقق الخارجي في الزمان الحكمي الكائـن بين الطهر والحيض على وجـه تترتب عليه الثمرات المزبورة، لعدم إمكان تصرّف آخر زمان الطهر المتصل بأوّل زمان الحيض، نحو ما قلناه فـي آخر جـزء النهار المتّصل بأوّل جـزء الليل، فمراد الشيخ بكونها من العدّة هذا المعنى أو ما يقرب منه، ضرورة كون المراد من اللحظة الجزء الزماني من حصول الدم المتصل بالجزء الزماني قبله، ولا يكاد يتحقق في الخارج على وجه تترتب عليه الثمرات.
هذا مع أنّ الشأن في النسبة ; فإنّها غير تامّة والأصل فيها ابن إدريس وتبعه المحقق وغيره وعليك بالرجوع إلى الخلاف والمبسوط وفي المختلف عنهما ما هذه عبارته:
«قال الشيخ في الخلاف والمبسوط: أقلّ ما تنقضي به عدّة الحرّة في الطلاق ستة

(300)


وعشرون يوماً ولحظتان، بأن يبقى الطهر بعد الطلاق لحظة، ثم ترى الحيض ثلاثة أيّام، ثم الطهر عشرة، ثم الحيض ثلاثة، ثم الطهر عشرة، ثم الحيض لحظة، وأقل ما تنقضي به عدّة الأمة ثلاثة عشر يوماً ولحظتان. وقال ابن الجنيد: اقلّ ما يجوز اَن تنقضي به العدّة ما زاد على ستة وعشرين يوماً بساعة أو ما دونها، وذلك أن تكون ممّن طلّقها زوجها وهي طاهر فحاضت بعد طلاقه إيّاها، والشهادة عليه بذلك بساعة، فتلك الساعة قد حصلت لها كالطهر، ثم وقع بها حيض ثلاثة أيام، وطهر بعده عشرة أيام، وحيض ثلاثة أيام، وطهر بعده عشرة أيام، ثم حيض، فعند أوّل ما ترى الدم فقد بانت من الزوج المطلّق. وكذا قال السيد المرتضى. وقال ابن إدريس: والّذي يجب تحصيله وتحقيقه أن يقال: أقّل ما تنقضي به عدّة المطلّقة في ستة وعشرين يوماً ولحظة في الحرّة، فأمّا الأمة المطلقة والحرّة المتمتّع بها فثلاثة عشر يوماً ولحظة، وما بنا حاجة إلى اللحظتين، لأنّ اللحظة التي رأت فيها الدم غير داخلة في جملة العدّة، فلا حاجة بنا إلى دخولها. قال: وإلى هذا ذهب السيد المرتضى في انتصاره. وقوله لا بأس به، ولا مشاحّة كثيرة فيه وإن كان لا يخلو من فائدة»(1).
وهذه العبارة هي العبارة المشهورة في بيان اقل مدّة يمكن أن تنقضي فيها العدّة للحرّة والأمة في ذات الحيض، والتعليل مع ما مرّ فيه فليس في كلامه منه اثر أصلاً. هذا مضافاً إلى أنّ الشيخ(قدس سره) قال ذلك في قبال قول العامّة القائلين بأكثر من ذلك.
ثم أنّه قد يتصوّر انقضاء العدّة بالأقل من ذلك في ذات النفاس، بأن يطلقّها بعد الوضع قبل رؤية الدم بلحظة، ثم ترى النفاس لحظة، لأنّه لأحـدّ لأقلّه عندنا، ثم ترى الطهر عشرة، ثم ترى الدم ثلاثاً، ثم ترى الطهر عشراً، ثم ترى الدم، فيكون مجموع ذلك ثلاثة وعشرين يوماً وثلاث لحظات، لحظة بعد الطلاق، ولحظـة
--------------------------------------------------------
[1] ـ مختلف الشيعة 7: 489 ـ 490.

(301)


النفاس، ولحظة الدم الثالث التي فيها ما عرفت، والله العالم.
( نعم لو اتصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض صحّ الطلاق، لكن لابدّ في انقضاء العدّة من أطهار تامّة، فتنقضي برؤية الدم الرابع، كلّ ذلك في الحرّة).
قضاءاً للقواعد. لا يقال: أنّه لا يصح لمخالفته للكتاب حيث قال: (فطلّقوهن لعدّتهنّ) واللام في الزمان ظاهرة في الظرفية، لأنّه لإخلاف بين علماء الإسلام في صحته، هذا أوّلاً، وثانياً أنّ الأخبار قد فسّرت الآية بأن المراد هو الطلاق العدّي في مقابل البدعي أي الطلاق في الطهر الغير المواقعة، مضافاً إلى أنّ إطلاق الأحاديث الدالّة على شرطية الطهر شامل له كغيره.

(مسألة 13(1) ـ عدّة المتعة في الحامل وضع حملها).
وذلك لإطلاق الآية وعمومها، وعلى القول باختصاصها بالمطلقة أو بها والتي تعتدّ مثلها كالمفسوخة والموطوئة بالشبهة بثلاثة قروء دون من تعتدّ بقُرأَيْن، فبالاولوية القطعية حيث إنّ المطلّقة عدّتها أكثر وهي مع ذلك تنقضي بالحمل فضلا عن المتمتع بها، وبعبارة أُخرى، إنّ الأصل في العدّة هي المطلقة فمع انقضاء عدّتها بالحمل فالمتمتع بها هي الأولى. والمصنف(قدس سره) قد استشكل في الحكم واحتاط برعاية ابعد الأجلين(2). والظاهر كون اشكاله هو احتمال الاختصاص للانصراف وقد عرفت أنّ الحكم كذلك ولو معه من باب الأولوية نعم الاحتياط حسن على كلّ حال.
--------------------------------------------------------
[1] ـ وهنا خطأ مطبعي أو سهو القلم في الرقم المذكور في المتن الموجود عندنا وقد كتبناه وفقاً لما فيه. المقرر.
[2] ـ راجع المتن، القول في النكاح المنقطع، مسألة 16.

(302)


(وفي الحائل إذا كانت تحيض قرءان، والمراد بهما هنا حيضتان على الأقوى).

وفي المسألة أقوال: فمذهب الشيخ ومن تبعه على ما في كشف اللثام، أنّ العدّة فيها هي حيضتان. ثانيها ما عن ابن عقيل وعن ابن اذينة أنّه مذهب زرارة وهو حيضة واحدة. ثالثها حيضة ونصف، كما عن الصدوق في المقنع. رابعها طهران وهو المعروف بين الأصحاب والمحكي عن ابنى زهرة وإدريس والعلامة في المختلف بل هو المحكي عن ظاهر ثاني الشهيدين، بل عن ابن زهرة الإجماع عليه.
ولا يخفى أنّ مقتضى الأصل أي الاستصحاب، هو ما يكون أكثر، والظاهر أنّ الطهرين هو أكثر أياماً دائماً وهو الاحوط. هذا والروايات على طوائف:


الأولى: ما تدل على أنّها حيضتان: منها صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) «عن المتعة، فقال: الق عبد الملك ابن جريح فسله عنها فإنّ عنده منها علماً، فلقيته فأملى عليّ شيئاً كثيراً في استحلالها، وكان فيما روى لي فيها ابن جريح أنه ليس فيها وقت ولا عدد، إنّما هي بمنزلة الإماء يتزوّج منهنّ كم شاء، وصاحب الأربع نسوة يتزوّج منهنّ ما شاء بغير وليّ ولا شهود، فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق، ويعطيها الشيء اليسير، وعدّتها حيضتان وإن كانت لا تحيض فخمسة وأربعون يوماً، قال: فأتيت بالكتاب أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: صدق وأقرّ به. قال ابن اذينة: وكان زرارة يقول هذا ويحلف أنّه الحقّ إلاّ أنّه كان يقول: إن كانت تحيض فحيضة، وإن كانت لا تحيض فشهر ونصف»(1).

--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 21: 19، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب4، الحديث8.

(303)


وما في ذيلها من الحلف وما بعده ففيه احتمالان: احدهما: استقلال زرارة بقول مخالف للرواية المنقولة وهو بعيد جدّاً لاستلزامه الفتوى في مقابل النصّ لاسيّما النص المحلوف له بأنّه الحق وهو كما ترى. ثانيهما: تخطئة زرارة الراوي في خصوص حمله وعدّتها حيضتان بأنّها كانت كما نقله بقول «إن كانت» الخ والاختلاف بين النقلين في الحيض والعدد ظاهر والحلف على هذا مربوط بغير تلك الجملة من الرواية، وهذا هو الأقرب بل هو الحق الحقيق القابل للتصديق.
ومنها: رواية أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام) في المتعة قال: «نزلت هذه الآية (فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) قال: لا بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الأجل بينكما، فتقول: استحللتك بأمر آخر برضاً منها، ولا يحلّ لغيرك حتى تنقضي عدّتها، وعدّتها حيضتان»(1).
ولا يخفى أنّ الحيضتين ظاهرتان في الكاملتين بعد أن صارت معتدّة كما مرّ.
الثانية: ما تدلّ على أنّها حيضة، منها: صحيحة زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إن كانت تحيض فحيضة، وإن كانت لا تحيض فشهر ونصف». على ما في الكافي لكن الشيخ نقل عنه بسنده بزيادة قوله(عليه السلام) «عدة المتعة» وذكر الحديث وأنّ الظاهر وقوع السقط فيه لمكان نقل الشيخ(ره) عنه ولشهادة عنوان الباب فيه، فعنوانه «عدّة لمتعة» فكيف يذكر فيه أمراً مطلقاً بل مبهماً غير مربوط بالعنوان الخاص. لكن يخطر بالبال أنّ نقل الكافي صحيح(2) لكنّها ليست برواية مستقلة بل هي نفس ما قاله
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 21: 56، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب23، الحديث6.
[2] ـ وسائل الشيعة 21: 51، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب22، الحديث1. ورواها الشيخ في التهذيب بإسناده عن الكليني إلاّ أنّ فيه: عدّة المتعة ان كانت تحيض. الحديث.

(304)


زرارة تتمةً لرواية إسماعيل بن فضل الهاشمي فنقله الكافي مستقلاً ويشهد له اتحاد السند فتذكّر والأمر سهل.

ومنها: خبر عبد الله بن عمرو، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ في المتعة، قال: «قلت: فكم عدّتها ؟ فقال: خمسة وأربعون يوماً أو حيضة مستقيمة»(1).
ومنها: خبر أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الإمام الرضا(عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال أبو جعفر (عليه السلام): « عدّة المتعة حيضة، وقال: خمسة وأربعون يوماً لبعض أصحابه»(2).
والثالثة: ما تدّل على أنّها حيضة ونصف، مثل ما عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)«عن المرأة يتزوّجها الرجل متعة ثم يتوفّى عنها هل عليها العدّة ؟ فقال: تعتدّ أربعة أشهر وعشراً وإذا انقضت أيامها وهو حيّ فحيضة ونصف، مثل ما يجب على الأمة». الحديث(3).
والرابعة: ما تدلّ على أنّها حيضة وطهر مثل ما رواه الطبرسي عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن صاحب الزمان(عليه السلام) «أنّه كتب إليه في رجل تزوّج امرأة بشيء معلوم إلى وقت معلوم، وبقي له عليها وقت، فجعلها في حلّ ممّا بقي له عليها، وقد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حلّ من أيّامها بثلاثة أيّام، أيجوز أن يتزوّجها رجل آخر بشيء معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة، أو يستقبل بها حيضة أُخرى ؟ فأجاب(عليه السلام): يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة، لأنّ اقلّ العدّة حيضة وطهرة تامة»(4).
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 21: 52، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب22، الحديث4.
[2] ـ وسائل الشيعة 21: 53، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب22، الحديث6.
[3] ـ وسائل الشيعة 21: 52، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب22، الحديث5.
[4] ـ وسائل الشيعة 21: 53، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب22، الحديث7.

(305)


والخامسة: وهي الأخيرة من الطوائف ما تدل على أنّ عدّتها عدّة الأمة. منها ما عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) «ما عدّة المتعة إذا مات عنها الّذي تمتّع بها ؟ قال: أربعة أشهر وعشراً، قال: ثم قال: يا زرارة ! كلّ النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرّة كانت أو أمة وعلى أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجاً أو ملك يمين فالعدّة أربعة أشهر وعشراً، وعدّة المطلّقة ثلاثة أشهر والأمة المطلّقة عليها نصف ما على الحرّة، وكذلك المتعة عليها مثل ما على الأمة»(1).
فهذه طوائف خمس وهي المنشأ لاختلاف الأقوال وصيرورتها أربعة وقد جمع في الجواهر بينها بأنّ المراد من الحيض الثاني في الطائفة الأولى الدالّة على أنّها حيضتان هو الدخول في الحيضة الثانية فتصير العدّة حيضة وطهر كما لا يخفى، والمراد من الحيضة في الطائفة الثانية، حيضة وطهر، ومن النصف المضاف إليها في الثالثة رؤية الثانية فإنّ بها شرع النصف الأول، والمراد من الحيضتين في التنظير بالأمة أيضاً ذلك لكونه عدّة للأمة(2).
وفيه أوّلا: أنّ الجمع كذلك موجب للحمل على خلاف الظاهر في موارد عديدة من حمل «الحيضتين» الظاهرة في الكاملتين على الكاملة والناقصة ومن حمل الحيضة الظاهرة في التامة منها فقط على حيضة وطهر تام ومن حمل النصف على محض الرؤية المقابل له مفهوماً، بل لا يبعد أن يكون الحملان الأخيران لاسيّما المورد الثالث غلطاً فإنّه لا مناسبة بين النصف والرؤية أصلاً ولا خصوصية له في المناسبة على تسليمها بل ثابتة للسدس والثمن وغيرهما من الكسور، وبالجملة كلمة النصف كالنصّ في معناه وحمله على الرؤية ليس مجازاً كما أنّه ليس حقيقة.
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 275، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب52، الحديث2.
[2] ـ جواهر الكلام 30: 196 ـ 199.

(306)


وثانياً: أنّ حمل الحيضة في رواية الطبرسي على الحيض والطهر التامّ لئلاّ يلزم تغاير المعلول عن العلّة حيث قال يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة لأنّ اقلّ العدّة حيضة وطهرة تامّة، غير تمام لعدم انحصار رفع التغاير به بل كما يصحّ بما ذكره يصحّ بحمل الطهر على معناه المصدري من النقاء من الحيض والنظافة منه لا أيّامه والتمامية تكون بحصول النقاء الكامل بل الحمل كذلك متعيّن، قضاءً لظاهر المصدر ولما في اختلاف النسخ من التعبير بالطهارة ولكون التعبير بالطهرة في الأخبار قليل جداً. هذا كلّه مضافاً إلى أنّه إن كان المراد ما ذكر في كلامه فكان أجدر أن لا يقيّده لأنّ الطهر ظاهر في التمامية كما صرّح به في بيان حقيقة القرء.
وثالثاً: على تسليم الحمل في رواية الطبرسي لما ذكره ففيه أنّه لا ملازمة بين تحقق حيضة وطهر تام وبين مدّعاه وهو تحقق حيضتين كما إذا انقضى الأجل زمان الحيض ثم طهرت ثم حاضت فعند دخولها في الطهر الثاني قد تحقق الانقضاء برؤية الطهر الثاني لا الحيض الثاني، هذا ولأنّه قد فرض في نفس الرواية تحقق الطهر أوّلا والحيض ثانياً.
وأمّا روايات التنظير بالأمة فهي أيضاً لا تدل على المسألة لأنّ نفس الروايات أيضاً مختلفة. هذا أوّلا. وثانياً: لا يبعد أن يكون التنظير في خصوص الأيام فقط.
وعلى كل حال فالحق وجود التعارض بين الأخبار وعدم إمكان الجمع بينها، ويظهر من صاحب الجواهر ترجيح روايات الاعتداد بالحيضتين على الحيضة، ودليله الاعراض. وفيه: أنّه ليس بتمام أيضاً لأنّ الأقوال كالأخبار مختلفة والظاهر أنّ كل واحد منها مستند إلى قسم منها ترجيحاً أو تخييراً وعلى كل تقدير فالأخذ بأخبار الحيضتين تخييراً أولى لأنّه أحوط بل ظاهر البعض الأخذ به ترجيحاً بالاحوطية وإن كان هو كما ترى.

(307)


هذا واستدلّ لقول المفيد(قدس سره) بوجهين:
احدهما: الروايات الدالة على كونها حيضة لاحتياجها في التحقق إلى طهرين، قبلها وبعدها. وفيه: أنّه لا ملازمة بينهما هنا لإمكان تحققها مع عدم الطهر قبلها ورؤية الطهر بعدها مثل ما إذا اتفقت مدّة المتعة مقارنة لآخر زمان الطهر فكيف الحكم بلزوم الطهرين ؟
ثانيهما: ما دل على أنّ عدّة الأمة قرءان وهي صحيحة زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: سألته «عن حرّ تحته أمة أو عبد تحته حرّة كم طلاقها ؟ وكم عدّتها ؟ قال: السنّة في النساء في الطلاق، فإن كانت حرّة فطلاقها ثلاثاً وعدّتها ثلاثة أقراء، وإن كان حرّ تحته أمة فطلاقها تطليقتان، وعدّتها قرءان»(1). منضمّةً إلى صحيحته الأُخرى التي قد مرّت آنفاً الدالّة على أنّ عدّة المتعة عدّة الأمة(2).
وفيه أوّلا: أنّ روايات عدّة الأمة أيضاً متعارضة كما أشير إليه بل فيها روايات مستفيضة بأنّ عدّتها حيضتان.
وثانياً: حمل القرأين على الطهرين من دون القرينة كما ترى لعدم ثبوت كون الطهر معناً حقيقياً للقرء بعدُ بل الحمل عليه كالحمل على الحيض في مقابله وهو محتاج إلى القرينة، وما ذكر في معنى القرء في عدة الطلاق فهو مختص ببابه وكان بقرينة النصّ والفتوى. اللهم إلاّ أن يقال: إنّ صحيحة زرارة في المشبه به ظاهرة في الطهرين كما لا يخفى، لوحدة السياق في الحرة والأمة.
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 20: 530، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد، الباب12، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 275، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب52، الحديث2.

(308)


وثالثاً: أنّه لا عموم في التنزيل في الصحيحة بل التنزيل فيها في الأشهر فقط بقرينة الصدر.
ورابعاً: أنّ المذكور فيها حيضة ونصف لا الحيضتان، وبالجملة فالذهاب إلى هذا المذهب موجب لطرح عمدة أخبار الباب.
(وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فخمسة وأربعون يوماً).
بلا خلاف فيه بل عليه الإجماع بقسميه، وتدل عليه موثقة زرارة قال: «عدّة المتعة خمسة وأربعون يوماً ـ كأنّي أنظر إلى أبي جعفر(عليه السلام) يعقده بيده خمسة وأربعين ـ فإذا جاز الأجل كانت فرقة بغير طلاق»(1).
وخبري عبد الله بن عمرو وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ممّا مرّ نقلهما(2).
وصحيحة ابن أبي نصر أيضاً عن أبي الحسن الإمام الرضا(عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «عدّة المتمتعة خمسة وأربعون يوماً، والاحتياط خمسة وأربعون ليلة»(3).
وفي الاحتياط المذكور، احتمالان، كونه من الإمام(عليه السلام)، أو من ابن أبي نصر الراوي، وكيف كان فيخطر بالبال أنّ الغرض منه الاحتياط في استبراء الرحم بأكثر الأمرين فيما كان مبدء العدّة من اليوم وإلاّ ففي ما كان من الليل فالأكثرية وكون العدد منهما قهريّة كما لا يخفى والاحتياط ليس في الحكم حتّى يستحيل من الإمام المعصوم(عليه السلام)على احتمال كونه منه(عليه السلام) بل الاحتياط في حكمة العدّة وهي الاستبراء ويكون في
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 21: 52، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب22، الحديث3.
[2] ـ وسائل الشيعة 21: 52، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب22، الحديث4 و6.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 277، كتاب النكاح، أبواب العدد، الباب53، الحديث1.

(309)


الموضوع المشتبه فلا بأس به بل هو مطلوب لحسنه كما لا يخفى، وعلى مثل ذلك تحمل الليلة في صحيحة ابن مسلم ففيها أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) «عن المتعة، فقال: إن أراد أن يستقبل أمراً جديداً فعل، وليس عليها العدّة منه، وعليها من غيره خمسة وأربعون ليلة»(1).
(والمراد من الحيضتين، الكاملتان، فلو وهبت مدّتها أو انقضت في إثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين).
وقد مرّ الكلام في المسألة فلا نعيده.
(مسألة 15 ـ المدار في الشهور هو الهلالي، فإن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال فلا اشكال).
بلا خلاف ولا اشكال، لانصراف الشهر إلى الهلالي في عرف الشرع بل وفي العرف العام، والحمل على غيره محتاج إلى القرينة الحاليّة والمقاليّة، والمعيار في وقوع الطلاق في أوّل الشهر وغرّته العرفيّ منه المتسامح فيه مقدار زمان وقوع صيغة الطلاق ونحوه لا العقليّ منه بأن انطبق آخر لفظ الطلاق على الغروب ليلة الهلال لعدم الاعتبار به في فهم الألفاظ والظواهر (وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه)(2).
(وإن وقع في إثناء الشهر ففيه خلاف واشكال، ولعلّ الأقوى في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين وإكمال الأول من الرابع بمقدار ما فات منه).
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 21: 54، كتاب النكاح، أبواب المتعة، الباب23، الحديث1.
[2] ـ إبراهيم (14): 4.

(310)


ما جعل في المتن الأقوى هو احد الاحتمالات الأربع في المسألـة، وقيل تكمل الأول ثلاثين لإمكان الهلالية في الشهرين وتعذّره في الباقي، فينصرف إلى العددي، وفي الشرائع «وهو الأشبه» وفيه أنّ الانصراف إلى العددي مع تعذّر الهلالي ممنوع وليس بازيد من الادّعاء.
ومثله في الضعف بل اضعف منه القول باعتبار العددي في الجميع لأنّه يكمل الأول من الثاني فينكسر ويكمل من الثالث فينكسر، فيكمل من الرابع ومثلهما في الضعف أيضاً احتمال تلفيق ما نقص من الأول بمقداره من الآخر، بمعنى أنّه لو فرض وقوعه في النصف من الأول لوحظ النصف من الآخر، ومقتضاه حينئذ تلفيق شهر تكون ايّامه ثلاثين يوماً إلاّ نصف يوم، وهو خارج عن الهلالي والعددي.
فالأقوى ما في المتن وذلك لأنّ الشهر حقيقة فيما بين الهلالين مجاز في غيره، ولا يقدح اختلاف مصداقه بالتسعة وعشرين تارة والثلاثين أُخرى عرفاً في جميع الآجال من غير فرق بين البيع وغيره، ومع تعذّر الحقيقة فأقرب المجازات إليها التلفيق بما ذكرناه.
وبذلك يعرف الحال في جميع أفراد المسألة، إذ هي غير خاصّة في المقام، بل لعلّ السنّة كذلك أيضاً، فإنّها حقيقة في الإثنى عشر شهراً هلالياً، وتلفيقها بما ذكرنا إلاّ أن تقوم القرينة على إرادة غير ذلك.

(مسألة 16 ـ لو اختلفا في انقضاء العدّة وعدمه قدّم قولها بيمينها، سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه، وسواء كانت عدّتها بالأقراء أو الأشهر).

للأخبار الدالة على أنّ أمر الحيض والعدّة بيدها. ومن هذه الأخبار صحيحة

(311)


زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «العدّة والحيض للنساء إذا ادّعت صدّقت»(1).
ومنها: ما ذكره الطبرسي في التفسير عن الإمام الصادق(عليه السلام) «في قوله تعالى: (ولا يحلّ لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهنّ) قال: قد فوّض الله إلى النساء ثلاثة أشياء: الحيض والطهر والحمل»(2).
ومنها: صحيحة زرارة الثانية، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «العدّة والحيض إلى النساء»(3).
ومقتضى إطلاق الأخبار عدم الفرق بين قولها الموافق للأصل كعدم الانقضاء أو المخالف له كالانقضاء وبين العدّة بالشهور والاقراء.
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 222، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب24، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 222، كتاب الطلاق، أبواب العدد، الباب24، الحديث2.
[3] ـ وسائل الشيعة 2: 358، كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب47، الحديث2.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org