Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: القول في الرجعة

القول في الرجعة

(439)


(وهي ردّ المطلقة في زمان عدّتها إلى نكاحها السابق، ولا رجعة في البائنة ولا في الرجعية بعد انقضاء عدّتها).

لا يخفى أنّ الرجعة لغة هي الرجوع مرّة، وفي الاصطلاح هي ردّ المطلّقة في زمان عدّتها إلى نكاحها السابق كما أفاده في المتن. وهي ثابتة بالكتاب والسنّة والإجماع ; أمّا الكتاب فقوله تعالى(والمطلّقات يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء ولا يحلّ لهنّ أن يكتمن ما خلق اللّهُ في أرحامهنّ إن كنّ يؤمنّ بالله واليوم الآخر وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك إن أرادوا إصلاحاً ولهنّ مثل الّذي عليهنّ بالمعروف وللرجال عليهنّ درجة والله عزيز حكيم)(1).

وكذا قوله تعالى (الطلاق مرّتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)الآية(2).وكذا قوله تعالى (وإذا طلّقتم النساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهنّ بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)

--------------------------------------------------------[1] ـ البقرة (2): 228.
[2] ـ البقرة (2): 229.

(440)

الآية(1). فإنّ المراد بالبلوغ هو قرب الوصول إلى انقضاء العدّة.

وأمّا الروايات فهي مستفيضة مذكورة في أبواب المسألة، وأمّا الإجماع فهو يعمّ علماء الإسلام بل ضرورة الفقه هي قائمة عليه.

وأمّا عدم الرجوع في البائنة وكذا بعد انقضاء العدّة في الرجعي فمن الكتاب ما جاء من التفسير في الآيات المذكورة آنفاً، والروايات في البائنة بأقسامها كثيرة مذكورة في أبوابها المختلفة. هذا مضافاً إلى أنّ عدم تحقق الرجوع في البائنة هو موافق للقاعدة أيضاً فإنّ الطلاق يفصل بينهما والرجوع يحتاج إلى الدليل.

(مسألة 1 ـ الرجعة إما بالقول، وهو كل لفظ دل على إنشاء الرجوع كقوله: «راجعتك إلى نكاحي» ونحوه، أو دل على التمسك بزوجيتها كقوله: «رددتك إلى نكاحي» أو «أمسكتك في نكاحي» ويجوز في الجميع إسقاط قوله «إلى نكاحي» و«في نكاحي» ولا يعتبر فيه العربية، بل يقع بكل لغة إذا أفاد المعنى المقصود، وإمّا بالفعل بأن يفعل بها ما لا يحلّ إلاّ للزوج بحليلته، كالوطئ والتقبيل واللمس بشهوة أو بدونها).

وسيأتي الكلام فيها في المسألة الثالثة.

(مسألة 2 ـ لا تتوقف حلّية الوطئ وما دونه من التقبيل واللمس على سبق الرجوع لفظاً ولا على قصد الرجوع به، لأنّ الرجعية بحكم الزوجة، وهل يعتبر في كونه رجوعاً أن يقصد به الرجوع ؟ قولان، أقواهما العدم، ولو قصد عدم الرجوع وعدم التمسك

--------------------------------------------------------[1] ـ البقرة (2): 231.

(441)


بالزوجية ففي كونه رجوعاً تأمل، نعم في خصوص الغشيان غير بعيد، ولا عبرة بفعل الغافل والساهي والنائم ممّا لا قصد فيه للفعل، كما لا عبرة بالفعل المقصود به غير المطلقة كما لو واقعها باعتقاد أنّها غيرها.
مسألة 3 ـ لو أنكر أصل الطلاق وهي في العدّة كان ذلك رجوعاً وإن علم كذبه).
وتفصيل الكلام في هذه المسائل الثلاث يتم ببيان أُمور:

الأول: لا اعتبار باللفظ الخاص في الرجوع والإمساك، والاعتبار إنّما هو باللفظ الدال عليه مطلقا حتى إنكار الطلاق بقصد بقاء الزوجية، وهو الموافق لإطلاق الفتاوى بل للصراحة في بعضها، والدليل عليه إطلاق الكتاب والسنّة.
الثاني: لا أشكال في كون وطئها وتقبيلها ولمسها وغيرها ممّا لا يجوز إلاّ للزوج رجوعاً في الجملة فيما إذا كانت تلك الأُمور مع قصد الرجوع وذلك لصدق الرجوع. هذا مع ما ورد في الوطئ وهو صحيحة محمّد بن القاسم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول: «من غشي امرأته بعد انقضاء العدّة جلد الحدّ وإن غشيها قبل انقضاء العدّة كان غشيانه إيّاها رجعة لها»(1)، وإنّما الاشكال في بعض الصور كما سيأتي.الثالث: إنكار الزوج الطلاق في العدّة رجوع في الجملة كما مرّ لما مرّ ولصحيحة أبي ولآد الحنّاط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته «عن امرأة ادّعت على زوجها أنّه طلّقها تطليقة طلاق العدّة طلاقاً صحيحاً، يعني على طهر من غير جماع وأشهد لها شهوداً على ذلك، ثم أنكر الزوج بعد ذلك، فقال: إن كان إنكار الطلاق قبل انقضاء

--------------------------------------------------------[1] ـ وسائل الشيعة 28: 131، كتاب الحدود، أبواب حدّ الزنا، الباب29، الحديث1.

(442)

العدّة فإنّ إنكاره الطلاق رجعة لها، وإن كان أنكر الطلاق بعد انقضاء العدّة فإنّ على الإمام أن يفرّق بينهما بعد شهادة الشهود بعد أن تستحلف أنّ إنكاره للطلاق بعد انقضاء العدّة وهو خاطب من الخطّاب»(1).

الرابع: هل الرجعة إيقاع معتبر فيها ما في بقية الإيقاعات إلاّ ما دل الدليل على خلافه أو هي شبه حق للزوج فالمناط فيها كل المناط تحقق الاستيفاء فلا اعتبار فيها بشيء من الأُمور المعتبرة في الإيقاعات من خصوصية اللفظ أو الفعل وغيرها، احتمالان بل وجهان أقواهما الثاني قضاءً لإطلاق أدلّة الرجوع من الكتاب والسنة المؤيد بإجماع الأصحاب على عدم الاعتبار باللفظ الخاص بل الظاهر عدم الأشكال والكلام فيه أصلاً وإنّما الاشكال والكلام في اعتبار قصد مثل الرجوع والإمساك وغيرهما ممّا يكون رجوعاً أو اعتبار عدم قصد خلافه أو عدم اعتبارهما من رأس فالرجوع ثابت فيما يتحقق به الرجوع مثل ما لا يجوز لغير الزوج ولو مع قصد عدم الرجوع احتمالات ووجوه ثلاثة، ووجه الثالث أمران:

احدهما: أنّه مع كون الرجعية زوجة نصاً وفتوىً وأنّه لا فرق بينها وبين المنكوحـة في الاحكام والآثار أصلاً إلاّ أنّها تنفصل عنه بعد انقضاء العدة فلا وجه لاعتبار مثل قصد الرجوع أو الإمساك أو البقاء على الزوجية في الرجوع بل لا وجه لاشتراط عدم قصد الخلاف فيه أيضاً فإنّ التمسك بها عملاً كالتمسك بالمنكوحة في الجواز والإباحة وفي كونها زوجة ولذلك لا يكون حلية مثل الوطئ واللّمس والتقبيل منوطة بالرجوع قبل ذلك بل تلك الأُمور جائزة من دون الاشتراط بسبق الرجوع وهل هذا إلاّ لكونها زوجة فكما أنّ قصد عدم الزوجية غير مضرة في المنكوحـة
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 136، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب14، الحديث1.

(443)


فضلاً عن قصد الزوجية والبقاء عليها فكذلك الرجعية.
وما في المسالك والحدائق من أنّ اللمس والتقبيل والوطئ مع عدم قصد الرجوع كانت حراماً في غير صورة السهو والغفلة لانفساخ النكاح بالطلاق وإن كان رجعياً ولو لا ذلك لم تبن بانقضاء العدة لكن لأحد عليه وإن كان عالماً بالتحريم لعدم خروجها عن حكم الزوجية رأساً فغاية ما يلزم هو التعزير على فعل المحرم الامع الجهل بالتحريم(1)
ففيه ما لا يخفى لأنّها إن كانت زوجة له كما عليه النص والفتوى فلا حد ولا تعزير وإن لم تكن زوجة له يكون فعله زناً موجباً للحد ولا وجه للتعزير أصلاً ودفع ذلك بأنّ المعتدة الرجعية بما أنّها زوجة للمطلق ببعض المراتب فلا يكون عليه الحد وبما أنّها غير زوجة ببعض المراتب فعليه التعزير، غير تمام لكونه مخالفاً لإطلاق النص والفتوى وعدم الدليل على التبعيض والاستدلال على حصول البينونة وانتفاء الزوجية بالطلاق بأنه لو لا ذلك لم تبن بانقضاء العدة مردود بأنه ليس بازيد من الاستبعاد في مقابل الدليل فإن الدليل قائم على أنّ الشارع جعل البينونة في العدة الرجعية بعد انقضاء العدة مع حكمه بكونها زوجة في العدة وعلى هذا فتقبيل المطلّق ولمسه ووطيه المعتدة بالعدة الرجعية يكون تمسكاً بالزوجية تعبداً مطلقا ولو مع نية الخلاف.
ثانيهما: إطلاق صحيحة محمّد بن القاسم الواردة في غشيان المعتدة قال سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: «من غشي امرأته بعد انقضاء العدة جلد الحد وإن غشيها قبل انقضاء العدة كان غشيانه إياها رجعة»(2).
--------------------------------------------------------
[1] ـ الحدائق الناضرة 25: 358، مسالك الأفهام 9: 185.
[2] ـ وسائل الشيعة 28: 131، كتاب الحدود، أبواب حد الزنا، الباب29، الحديث1.

(444)


فإنّها بإطلاقها دالة على أنّ غشيانه معتدته الرجعية رجعة منه سواء قصد الرجوع أم قصد العدم أو فعل غفلة والرواية وإن كانت خاصة بالغشيان لكنها بضميمة إلغاء الخصوصية من الوطئ الحكم كذلك في مثل التقبيل واللمس أيضاً.
وأمّا الاستدلال بإطلاق صحيحة أبي ولآد حيث حكم الإمام(عليه السلام) فيها بأنّ إنكار الطلاق قبل انقضاء العدة رجعة لها من دون التقييد بقصد الرجوع مدفوع بأنّ الإنكار وإن يشمل ما لو نسي الطلاق كما يشمل مورد اليقين والشك لكنه ملازم لقصد التمسك بالزوجية لعدم معقولية الإنكار من دون قصد التمسك بالزوجية فلا تكون دليلاً على عدم اعتبار قصد الرجوع.
وفي الوجهين ما لا يخفى، أمّا الأول: فلان عموم التنزيل إنّما يقتضي ترتب جميع الآثار الشرعية لا العقلية والعادية والشرعيّة المترتبة عليهما فلا يكون حجة فيه كعدم حجية الأُصول في المثبتات فإنّ الشارع الأقدس نزّل المطلقة الرجعية منزلة الزوجة ويترتب عليه الاحكام الشرعية للزوجة فيكون التقبيل واللمس والوطئ تقبيل الزوجة ولمسها ووطيها وأمّا كون هذه الأُمور من دون قصد الرجوع تمسكاً بالزوجية فمن الآثار العقلية فلا يثبت حتى يترتب عليه حكم الشارع بأنّ التمسك بالزوجية رجعة(1).
--------------------------------------------------------
[1] ـ لا يفهم ما هو مراد الأستاذ من واقع الاستنتاج ؟ فإن أراد أنّ مثل التقبيل حيث إنّه ليس من الآثار الشرعية بل هو فعل المكلف فالتمسك بالزوجية لصدور هذا الفعل ليس من الآثار الشرعية فكيف يتحقق الرجوع به، ففيه: انّه ينتقض بمثل قوله «راجعتك» أيضاً حيث إنّه أيضاً من أفعاله فالتمسك بقوله هذا لتحقق الزوجية وترتب الرجوع أيضاً يأتي الاشكال فيه لأنّ قوله أيضاً من فعله، وهو كما ترى، وإن أراد غير ذلك فالأحسن أن نكرّر انّنا لا نفهم ذلك كلّه كما استفهمنا ذلك، على ما يخطر بالبال في مجلس الدرس أيضاً ولم نقتنع بما أفاده الأستاذ، وعلى كل حال لا اشكال ولا كلام في أنّ كل فعل من أفعال المكلف له حكمه، فكما أنّ لقوله «أنت طالق» مع شرائطه، حكم خاص وهو انفصال الزوجية إجمالا وهو حكم شرعي، فكذلك لقوله «راجعتك» أو لتقبيله زوجته المطلقة الرجعية أيضاً حكم شرعي خاص. كما انّه لا يمكننا أن نتعقّل الملازمة بين إيراد هذه الخدشة في كلام الأستاذ وبين قادحية قصد عدم الرجوع التي استنتجها منه. «المقرر»

(445)


وأمّا الثانى: فلان الغاء الخصوصية من الوطئ إلى التقبيل واللمس مشكل إذ لعل الشارع لأجل أهمية الوطئ حكم بأنها رجعة لها رغماً لانف المطلق والاهمية بهذه الدرجة مفقودة في مثل التقبيل واللمس فلا وجه لإلغاء الخصوصية.
فتلخص مما ذكرنا أنّ قصد الرجوع معتبر في الأفعال في غير الوطئ لأنّها من العناوين القصدية فتكون الغفلة ونية الخلاف قادحتين(1).
(مسألة 4 ـ لا يعتبر الأشهاد في الرجعة وإن استحبّ دفعاً لوقوع التخاصم والنزاع).
أجمعت الإماميّة على عدم وجوب الأشهاد في الرجعة وهو مطابق للأصل ويدل عليه الروايات المستفيضة، كما أنّ فيها الدلالة على استحبابه أيضاً:
منها: صحيحة محمّد بن مسلم، عن احدهما(عليهما السلام) قال: سألته «عن رجل طلّق امرأته واحدة، قال: هو أملك برجعتها ما لم تنقض العدّة، قلت: فإن لم يشهد على رجعتها، قال: فليشهد، قلت: فإن غفل عن ذلك ؟ قال: فليشهد حين يذكر وإنّما
--------------------------------------------------------
[1] ـ هذا، ويمكن أن يقال إنّ الوطئ أيضاً يعتبر فيه القصد ليكون رجوعاً ولا إطلاق لصحيحة محمّد بن القاسم وذلك بقرينة اتّحاد السياق فيها بين الغشيان بعد انقضاء العدّة وقبلها فإنّ الحدّ لا يأتي إذا وقع الغشيان غفلة أو شبهة ولا اقلّ من أنّ الصحيحة لا تشمل الغشيان غفلة وفي قصد العدم بطريق أولى، فتأمل. «المقرر»

(446)


جعل ذلك لمكان الميراث»(1). فإنّ الرواية جعلت الأشهاد مطلوباً لمكان الميراث فلا يكون شرطاً في الرجعة.
ومنها: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في الّذي يراجع ولم يشهد، قال: يشهد أحبّ إليّ ولا أرى بالّذي صنع بأساً»(2).
ومنها: صحيحة زرارة وابن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «إنّ الطلاق لا يكون بغير شهود، وإنّ الرجعة بغير شهود رجعة، ولكن ليشهد بعد فهو أفضل»(3). إلى غيرها من الروايات، والأمر بالأشهاد في قوله تعالى: (فإذا بلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً)(4)، إمّا يرجع إلى الأخير وهو الطلاق فلا يكون قيداً للرجعة وإمّا يرجع إلى الطلاق والرجعة كليهما وعليه فقد استعمل (وأشهدوا ذوي عدل منكم)في القدر الجامع بين الوجوب والاستحباب لتطابق النصوص والفتاوى على الاستحباب وعدم الشرطية.
(وكذا لا يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها، فإن راجعها من دون اطلاع أحد صحّت واقعاً).
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 134، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب13، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 134، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب13، الحديث2.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 134، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب13، الحديث3.
[4] ـ الطلاق (65): 2.

(447)


وذلك، مضافاً إلى أنّه مطابق لأصالة عدم الاشتراط وعدم الجدوى في اطلاعها بعد عدم اعتبار رضاها فيها لأنّها إمّا إيقاع وإمّا تمسك بالزوجية، يدل عليه إطلاق أدلة الرجعة من الكتاب والسنة كقوله تعالى (وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ) وقوله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).

ثم أنّه قد استدل صاحب الحدائق(قدس سره) لعدم الاشتراط بروايات:

منها: ما رواه في الكافي بسند صحيح إلى المرزبان قال: سألت أبا الحسن الإمام الرضا(عليه السلام)«عن رجل قال لامرأته: اعتدّي فقد خلّيت سبيلك ثمّ أشهد على رجعتها بعد ذلك بأيّام ثم غاب عنها قبل أن يجامعها حتى مضت لذلك أشهر بعد العدّة أو أكثر، فكيف تأمره ؟ فقال: إذا أشهد على رجعته فهي زوجته»(1) وقال في تقريب الاستدلال بها «ظاهر هذه الرواية كما ترى واضحة الدلالة على أنّه بمجرد الأشهاد على الرجعة في العدة تثبت الزوجية كما هو المشهور بلغها الخبر أو لم يبلغها، تزوجت بعد العدة لعدم بلوغ الخبر أو لم تتزوج»(2).
وفيه أوّلا: أنّ الأخذ باعتبار الأشهاد فيه مخالف للمذهب فإنّ الرواية تدلّ بالمفهوم على عدم كفاية الرجوع مع عدم الأشهاد.
وثانياً: أنّ من المحتمل أن يكون السؤال والجواب راجعين إلى أنّ الأشهاد على الرجعة مع عدم العلم بالرجعة هل هذا رجوع أم لا ؟ فإنّ السائل لم يقل أنّه رجع وأشهد بل قال: أشهد على رجعتها ولم يتحقق الجماع حتى يكون رجوعاً.
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 137، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب15، الحديث1.
[2] ـ الحدائق الناضرة 25: 369.

(448)


وثالثاً: أنّ صدر الرواية مخالف للمذهب أيضاً، فإنّ الطلاق لا يصح بالأمر بالاعتداد، فكيف الرجوع عن ذلك الطلاق والدلالة الشرطية من حيث الإطلاق على عدم شرطيته(1).
ومنها: ما في الصحيح أيضاً عن الحسن بن صالح فإنّه لم يوثـق، قال: سألت جعفر بن محمّد(عليهما السلام) «عن رجل طلّق امرأته وهو غائب في بلدة أُخرى وأشهد على طلاقها رجلين ثم أنّه راجعها قبل انقضاء العدّة ولم يشهد على الرجعة، ثم أنّه قدم عليها بعد انقضاء العدّة وقد تزوّجت فأرسل إليها إنّي قد كنت راجعتك قبل انقضاء العدّة ولم أشهد.
قال: لا سبيل له عليها لأنّه قد أقّر بالطلاق وادّعى الرجعة بغير بيّنة فلا سبيل له عليها، ولذلك ينبغي لمن طلّق أن يشهد ولمن راجع أن يشهد على الرجعة كما أشهد على الطلاق، وإن كان أدركها قبل أن تزوّج كان خاطباً من الخطّاب»(2).
وقال في تقريب الاستدلال بها «أنّ قوله «وادعى الرجعة بغير بيّنة
--------------------------------------------------------
[1] ـ وفى كلّها ما لا يخفى ; أمّا الأول فإنّ الكلام ظاهراً في مقام الإثبات لا الثبوت فإنّ ادّعاء الرجعة بعد انقضاء العدّة وبعد مضّي أشهر أو أكثر بعد العدّة على حدّ التعبير في الصحيحة لا سبيل إليه إلاّ بالإشهاد عليها قبل ذلك كما يدلّ عليه خبر الحسن بن الصالح المذكور بعده بل وخبر عمرو بن خالد.
وأمّا الثاني فإنّ الإشهاد على الرجعة يلازم الرجعة.
وأمّا الثالث فإنّ الظاهر من الأمر بالاعتداد هو الأخبار عن إيقاع الطلاق قبل ذلك من جانب الزوج لا وقوعه به ويؤيده إدخال «قد» على «خلّيت» الذي يعبر عنه في الاصطلاح بالماضي النقلي. «المقرر»
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 137، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب15، الحديث3.

(449)


فلا سبيل له عليها» يدل بمفهومه على أنّه لو كان له بينة على الرجعة كان له سبيل له عليها مؤكّداً ذلك بالأمر لمن راجع أن يشهد على الرجعة كما يشهد على الطلاق حتى يثبت الزوجية في الأول كما ينبغي في الثاني»(1).
وفيه: أنّها تدل بالمفهوم ولكن إطلاق المفهوم محلّ منع فلعلّ البيّنة هي سبيل إذا كانت وسيلة إلى الاطلاع، مضافاً إلى أنّه لا يعلم أنّ المراد من البيّنة هنا هو الشاهدان فلعلّها بمعنى الوضوح(2) فالرواية على خلاف مطلوب صاحب الحدائق أدلّ.
لا يقال: إنّ المذكور في الصدر والذيل هو الأشهاد، لأنّه يقال: إنّ تبديل التعبير إن لم يكن مخالفاً للمدّعى فليس دالاً عليه.
ومن ذلك خبر عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ، عن آبائه، عن الإمام عليّ(عليهم السلام): «في رجل أظهر طلاق امرأته وأشهد عليه وأسرّ رجعتها ثم خرج فلمّا رجع وجدها قد تزوّجت، قال: لا حقّ له عليها من أجل أنّه أسرّ رجعتها وأظهر طلاقها»(3). فإنّ عدم السبيل هو لعدم إمكان الإثبات وإلاّ فله عليها السبيل.
وفيه: أنّه كما ترى، فإنّه اضعف ممّا مرّ لأنّ تمام الموضوع هو الإسرار ولا يرتبط بمقام الإثبات، فهو على الخلاف أدلّ(4).
--------------------------------------------------------
[1] ـ الحدائق الناضرة 25: 370.
[2] ـ وأنت ترى ما في هذا الاحتمال فإنّ كون المراد هو البينة الشرعية أوضح من أن يخفى وخاصة بقرينة ذكر الإشهاد، وما أفاده الأستاذ هو احتمال لا يعبأ به. «المقرر»
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 138، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب15، الحديث5.
[4] ـ وفيه ما ترى فإنّ للإسرار في الرجعة بسياق الإشهاد على الطلاق هو عدم الإشهاد ومن لم يشهد فلا سبيل له على الإثبات، وهذا واضح. «المقرر»


(450)


ثم استشهد صاحب الحدائق(قدس سره) ببعض روايات باب الأشهاد حيث إنّها لم تشترط الأشهاد في الرجوع مطلقاً، مع اطلاعها وعدمه، كصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إنّ الطلاق لا يكون بغير شهود، وإنّ الرجعة بغير شهود رجعة، ولكن ليشهد بعد فهو أفضل»(1). ثم قال: «إلى غير ذلك ممّا هو على هذا المنوال، فهي كما ترى شاملة بإطلاقها لما لو علمت المرأة أو لم تعلم، تزوّجت أو لم تزوّج، فإنّها بمجرد الرجعة في العدّة تكون زوجته شرعاً واقعاً، وإنّما الأشهاد على ذلك لدفع النزاع وثبوت الزوجية في الظاهر، فلو فرضت أنّ الزوجة صدّقته ووافقته على دعواه قبل التزويج بغيره صحّ نكاحه لها»(2).
أقول: وفيه أنّ هذه الأخبار هي في مقام بيان عدم اشتراط الأشهاد في صحة الرجوع خلافاً للعامة، فليس لها إطلاق من هذه الجهة، فلا نصّ ولا دليل على عدم اشتراط اطلاع الزوجة.
ثم أنّه بعد عدم اشتراط الاطلاع مقارناً فهل يشترط في صحة الرجوع بلوغ الخبر إليها قبل انقضاء العدة وإن لم تكن عالمة به حين الرجوع أم لا ؟ ظاهر بعض الأصحاب وصريح غير واحد منهم الثاني وعليك بالرجوع إلى فروع كثيرة في اختلافهما المبنيّة على عدم اشتراط اطلاعها بالرجوع ولكن مع ذلك كله، الحقّ هو عدم اشتراط اطلاعها عند الرجوع ولكن يشترط ذلك قبل الانقضاء فإن لم تطلع عليه إلى انقضاء العدّة فهي مطلّقة، وذلك بدليل الكتاب والسنّة:
--------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 134، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب13، الحديث3.
[2] ـ الحدائق الناضرة 25: 371.


(451)


فمن الكتاب قوله تعالى (فإذا بلغن أجلهنّ فامسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف)(1) فإنّ الرجوع بغير الإعلام لها حتى تنقضي العدّة هو إمساك بغير معروف فإنّها تُجعل كالمطلّقة لأنّها ربما تريد الزواج بعد الانقضاء ولا تتمكن لأنّه، على ما قالوا، ينفسخ بذلك زواجها بالزوج الآخر ولو بعد سنوات طويلة بإشهاد الزوج الأول على الرجوع في العدّة، مضافاً إلى لوازم أُخرى تتبع احتمالها الرجوع وعدم اطلاعها عليه، فالكتاب دالّ على اشتراط اطلاعها قبل انقضاء العدّة، ولك أن تقول: إنّ في نفس احتمالها الرجوع إلى سنوات طويلة حرج.
وأمّا السنّة، فمنها: صحيحة محمّد بن قيس، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه قال «في رجل طلّق امرأته وأشهد شاهدين ثم أشهد على رجعتها سرّاً منها واستكتم ذلك الشهود فلم تعلم المرأة بالرجعة حتى انقضت عدّتها.
قال: تخيّر المرأة فإن شاءت زوجها وإن شاءت غير ذلك وإن تزوّجت قبل أن تعلم بالرجعة التي أشهد عليها زوجها فليس للّذي طلّقها عليها سبيل وزوجها الأخير أحقّ بها»(2).
ويؤيّدها خبر عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ، عن آبائه، عن الإمام عليّ(عليهم السلام)
كما مرّ(3).
لا يقال: إنّ هذه الأخبار كانت بمرأى ومنظر من الأصحاب ومع ذلك ذهبوا إلى
--------------------------------------------------------
[1] ـ الطلاق (65):2.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 137، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب15، الحديث2.
[3] ـ وسائل الشيعة 22: 138، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب15، الحديث5.


(452)


خلاف ما قلتم هنا، بل ادّعى الإجماع على أنّه متى أثبت الرجوع بالبيّنة فهو الرجوع ; لأنّه يقال: إنّ المسألة اجتهادية، فانّهم قد استفادوا من أخبار الأشهاد وغيرها كفاية الشاهدين في الرجوع مطلقاً سواء علم الزوجة به أم لا وأمّا صحيحة محمّد بن قيس الخاصة بالمقام والدالة على خلاف المشهور فلعلهم تركوها لزعمهم الترجيح بالكثرة وأنّ الرواية الواحدة غير مكافئة لتلك الروايات الكثيرة فالأعراض عنها غير ثابت.
(لكن لو ادّعاها بعد انقضاء العدّة ولم تصدّقه الزوجة لم تسمع دعواه).
وذلك لأنّه مدّع لنفسه بعد انقضاء العدة فعليه إثبات دعواه نعم لو ادعى الرجوع قبل الانقضاء يمكن القول بأنّ ادعاء الرجوع رجوع وتمسك بالزوجية مثل إنشاء الرجوع.
(غاية الأمر له عليها يمين نفي العلم لو ادّعى عليها العلم).
وذلك وفقاً للقواعد، لكن على ما اخترناه من تقييد صحة الرجوع ببلوغ الخبر إلى الزوجة في زمان العدة ففيه تفصيل بين ادّعاء علمها قبل الانقضاء فله عليها اليمين وبين ادعاء علمها بعد الانقضاء فدعواه غير مسموعة.
(كما أنّه لو ادّعى الرجوع الفعلي كالوطئ وأنكرته كان القول قولها بيمينها لكن على البتّ لا على نفي العلم).
وفقاً لقواعد باب القضاء وهو واضح.

(مسألة 5 ـ لو اتفقا على الرجوع وانقضاء العدّة واختلفا في المتقدم منهما فادّعى الزوج أن المتقدم الرجوع، وادّعت هي أنّه


(453)


انقضاؤها فإن تعيّن زمان الانقضاء وادّعى الزوج أن رجوعه كان قبله وادّعت هي أنّه بعده فالأقرب أنّ القول قولها بيمينها، وإن كان بالعكس بأن تعيّن زمان الرجوع دون الانقضاء فالقول قوله بيمينه).
وذلك وفق لقاعدة أنّ البينة على المدعـي واليمين على مـن أنكر فإن الزوج مـدّع في الفرض الأول لمخالفة قوله لاستصحاب عدم الرجوع في زمان العدة بخلاف الفرض الثاني فإنّ المنكر هو الزوج لموافقة قوله لاستصحاب عدم الانقضاء إلى بعد زمان الرجوع.
وأمّا التعبير بـ«فالأقرب» فلعل منشأه توهم أنّ المنكر هو الزوج لموافقة قوله لأصالة صحة الرجوع وهي مقدمة على استصحاب عدم الرجوع في زمان العدة الموجب لكونـه مدّعياً لمخالفـة قوله للأصل كما مرّ ولكنه مدفـوع بأنّ أصالة الصحـة في فعل الإنسان الراجع إلى غيره في غير زمان الاختيار حجيّتها ليست ثابتة عندنا.
(مسألة 6 ـ لو طلّق وراجع فأنكرت الدخول بها قبل الطلاق لئلاّ تكون عليها العدّة ولا تكون له الرجعة وادّعى الدخول فالقول قولها بيمينها).
وذلك وفقاً لاستصحاب العدم ولكونها مأمونة على نفسها وجوارحها.

(مسألة 7 ـ الظاهر أنّ جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط، وليس حقّاً قابلا له كالخيار في البيع


(454)

الخياري، فلو أسقط لم يسقط، وله الرجوع، وكذلك إذا صالح عنه بعوض أو بغير عوض
).

لكن لا يبعد كونه حقاً قضاءً لظاهر قوله تعالى (وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ) فالتأويل بغيره هو خلاف الظاهر(1). والحمد لله رب العالمين(2).
--------------------------------------------------------
[1] ـ هذا وللعلاّمة الطباطبائى(قدس سره) كلام لطيف يعجبني أن أذكره ثم استنتج منه النقاش فيما أفاده الأستاذ. قال(قدس سره): «ولفظ أحقّ اسم تفضيل حقّه أن يتحقق معناه دائماً مع مفضّل عليه كأن يكون للزوج الأول حقّ في المطلّقة ولسائر الخطّاب حق، والزوج الأول أحق بها لسبق الزوجية، غير أنّ المذكور لا يتحقق معناه إلاّ مع الزوج الأول. ومن هنا يظهر أنّ في الآية تقديراً لطيفاً بحسب المعنى، والمعنى: وبعولتهنّ أحقّ بهنّ من غيرهم، ويحصل ذلك بالردّ والرجوع في أيام العدّة» انتهى كلامه(قدس سره). «الميزان 2: 231».
وأنت ترى أنّ الأحقية المذكورة التي كانت ثابتة من قبل الطلاق أيضاً، هي في الواقع ترجع إلى الزوجة نفسها لا إلى ردّها، فالزوج المطلّق بالطلاق الرجعي أحقّ بنفس الزوجة من غيره لا انّه أحقّ بردّها، نعم إذا كان هو أحقّ بها فيجوز له الرجوع إليها شرعاً، كما كان يجوز له ذلك قبل طلاقها ; فلا يدل التعبير المذكور على كون الرجوع حقّا، له إسقاطه، إن لم نقل انّه دال على خلافه، وهذا التقدير، المذكور في كلامه(قدس سره)، تأويل لطيف بل لابدّ منه وإلاّ لا معنى للمفاضلة هنا لانتفاء موضوع الرد لغير الزوج وهذا بخلاف نفس الزوجة عند عقد النكاح الّذي يجوز لغيره أيضاً التزوّج بها لكن زوجه هذا، صار أحق بها بذلك العقد. وعلى كل حال إنّ جواز إسقاط حق الرجوع ممنوع كما أنّ إسقاطه ذلك مخالف لإمكان الرجوع وإصلاح ذات البين الّذي يعتبر حكمةً لتشريع جواز الرجوع في العدّة. «المقرر»
[2] ـ قد انتهى ما أفاده الأستاذ (دام ظله) من كتاب الطلاق في سادس جمادى الأولى، عام 1416 هـ.ق وذلك في 10/7/1374 هـ. ش ; والحمد لله انّه وليّ التوفيق. «المقرر»



عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org