Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: الإشهاد في الطلاق

الإشهاد في الطلاق

(167)


(مسألة 9 ـ يشترط في صحة الطلاق زائداً على ما مرّ الاشهاد بمعنى إيقاعه بحضور شاهدين عدلين ذكرين).



اجماعاً محصّلا ومنقولا بل في الجواهر أنّ المحكي منهما مستفيض بل متواتر، وعليه الكتاب والسنّة:

أمّا الكتاب فقوله تعالى (فإذا بلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله). الآية(1).

فإنّ الظاهر منه بدواً بمعونة الأخبار هو تعلّق الأمر بالاقامة بصدر الآية لا الإمساك والمفارقة، فإنّ الظاهر اللفظي أنّ العناية في الكلام إلى الصدر، وهذا مضافاً إلى القرينة الحالية لأنّ عدم تعلقه بالمفارقة واضح، فلابدّ من تعلّقه إمّا بالإمساك أو بالطلاق وتعلّقه بالأوّل خلاف الظاهر لأنّه بعض جواب الجملة الشرطية فيبقى تعلّقه بأصل الطلاق ومقتضى الأخبار ذلك أيضاً ; ففي خبر محمّد بن مسلم قال: «قدم رجل إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)بالكوفة فقال: إنّي طلّقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل
------------------------------------------------------------
[1] ـ الطلاق (65): 2.


(168)


أن اُجامعها، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمرك الله ؟ فقال: لا. فقال: اذهب فإنّ طلاقك ليس بشيء»(1). وفي صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: سألت اباالحسن(عليه السلام) «عن رجل طلّق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين، قال: ليس هذا طلاقاً، قلت: فكيف طلاق السنّة ؟ فقال: يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين كما قال الله عزّوجلّ في كتابه.

فإن خالف ذلك ردّ إلى كتاب الله. قلت: فإن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد وامرأتين، قال: لاتجوز شهادة النساء في الطلاق، وقد تجوز شهادتهنّ مع غيرهنّ في الدم إذا حضرنه، قلت: فإن أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقاً ؟ فقال: من ولد على الفطرة اُجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير»(2).


وأمّا السنّة فمستفيض بل متواترة:


منها: الأخبار المقرونة بالاستدلال بالكتاب كالمذكورين آنفاً.

ومنها: ما عن أبي جعفر(عليه السلام) في حديث قال: «إن طلّقها للعدّة أكثر من واحدة فليس الفضل على الواحدة بطلاق، وإن طلّقها للعدّة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه بطلاق، ولايجوز فيه شهادة النساء»(3).

ومنها: ما عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من طلّق بغير
------------------------------------------------------------

[1] ـ وسائل الشيعة 22: 27، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث7.

[2] ـ وسائل الشيعة 22: 26، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث4.

[3] ـ وسائل الشيعة 22: 26، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث2.



(169)

شهود فليس بشيء»(1).

ومنها: صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ومن معهما من الرواة وهم بكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمّر بن يحيى، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في حديث أنّه قال: «وإن طلّقها في استقبال عدّتها طاهراً من غير جماع ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه ايّاها بطلاق»(2). إلى غيرها من الروايات.

ولا كلام فيه أصلا عند الإمامية بل هو من ضروريات فقه المذهب بل نفسه، وإنّما الكلام في كيفية الإشهاد. ففيها احتمالات أربعة :


أحدها: حضور العدلين عند الصيغة وإن لم يعلما المطلّق والمطلّقة فضلا عن معرفتهما، مثل ما إذا قال شخص عند جماعة من المؤمنين مع العلم بأنّ فيهما العدلين: «هي طالق». فالسامع لايدري أنّ المجري للصيغة هو المطلّق أو الوكيل منه أو الحاكم عليه فضلا عن المعرفة به وبالزوجة. فلا يشترط فيهما العلم فضلا عن المعرفة.

ثانيها: اشتراط حضورهما ومعرفتهما لهما بحيث يمكن لهما الشهادة فيما بعد وقبول شهادتهما، فيعتبر تحقق بقية الشرائط فيهما مضافة إلى العدالة.

ثالثها: كفاية العلم في الجملة، مثل العلم بأنّ المطلّق عمرو مثلا والمطلّقة هند وإن لم يكونا معروفين لهما من حيث الأب والطائفة، فضلا عن غيرهما من الخصوصيات.

رابعها: اشتراط المعرفة وعدم اعتبار غير العدالة من سائر شرائط الشهادة من الشرائط.
----------------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 27، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث6.

[2] ـ وسائل الشيعة 22: 26، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث3.





(170)
الظاهر من المدارك(قدس سره) اعتبار المعرفة على نحو يمكن لهما الشهادة وهو الاحتمال الثاني، وظاهر الرياض والحدائق من إيرادهما على المدارك، كفاية العلم في الجملة، والظاهر من الجواهر بل صريحه الأول وهو كفاية حضور العدلين(1)، وهو الظاهر من تفسير الاشهاد بحضور العدلين وسماعهما. وأمّا الأدلة فالظاهر منها الثاني ; أمّا الكتاب فبالقرينة الداخلية والشهادة الخارجية. أمّا الداخلية، قال الله تعالى: (وأقيموا الشهادة لله) بعد قوله تعالى (وأشهدوا ذوى عدل منكم) فإنّ الظاهر من أمره تعالى بالإقامة لله بعد إيجاب الإشهاد أنّه يكون للإقامة وإلاّ فإن كان الإشهاد واجباً لا لذلك فلا يحصل الارتباط بينهما كما لايخفى. وأمّا الخارجية فإنّ الشهادة المأمور بها هناك كسائر الشهادات تكون للأداء حين الحاجة إليها بمناسبة الحكم والموضوع ; فلابدّ من المعرفة على التفصيل. فكونها لمحض الخصوصية والموضوعية في التحمّل من دون الطريقية للأداء مخالف للظاهر جدّاً بل لا نظير له في الفقه. هذا مع أنّ أمثال ذلك في الشرع والقانون محتاجة إلى الصراحة والنصوصية في الأدلّة وإلى الكثرة فيها كما لايخفى. ألاترى أنّ حرمة العمل بالقياس التي ترجع إلى محض تعبّد خاصّ كيف بيّنها الشارع وأظهرها بحيث إنّ الشيعة تعرف بتركها العمل بالقياس.

أمّا السنّة الدالّة فكذلك على الشرطية أيضاً قضاءً للشرطية وعدم التعبّد كما عرفت. ولصاحب المدارك كلام يكون قريباً ممّا ذكرناه ; قال:

«واعلم أنّ الظاهر من اشتراط الإشهاد أنّه لابدّ من حضور شاهدين يسمعان الطلاق بحيث يتحقّق معه الشهادة بوقوعه، وإنّما يحصل ذلك مع العلم بالمطلّقة على وجه يشهد العدلان بوقوع طلاقها. فما اشتهر بين أهل زماننا من الاكتفاء بمجرّد سماع العدلين صيغة الطلاق، وإن لم يعلما المطلّق والمطلّقة بوجه، بعيد جداً، بل الظاهر أنّه لا
----------------------------------------------------------------

[1] ـ جواهر الكلام 32: 103-107




(171)

أصل له في المذهب، فإنّ النصّ والفتوى متطابقان على اعتبار الإشهاد ومجرد سماع صيغة لايعرف قائلها لايسمّى إشهاداً قطعاً. وممّن صرّح باعتبار علم الشهود بالمطلّقة، الشيخ(رحمه الله) في النهاية ; فإنّه قال: ومتى طلّق ولم يشهد شاهدين ممّن ظاهره الإسلام كان طلاقه غير واقع، ثم قال: وإذا أراد الطلاق فينبغي أن يقول: فلانة طالق أو يشير إلى المرأة بعد أن يكون العلم قد سبق بها من الشهود فيقول: هذه طالق. ويدلّ على ذلك، مضافاً إلى ما ذكرناه من عدم تحقق الإشهاد بدون العلم بالمطلّقة، ما رواه الكليني، عن محمّد بن مطهّر، قال كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر(عليه السلام): «إنّي تزوّجت أربع نسوة لم أسأل عن أسمائهن، ثم إنّي أردت طلاق إحداهنّ وتزويج امرأة أُخرى. فكتب(عليه السلام): اُنظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنّ فتقول: اشهدوا أنّ فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ثمّ تزوّج الأُخرى إذا انقضت العدّة(1) »(2).

ولايخفى أنّه ليس في أصل كلام الشيخ بأزيد ممّا في الأدلّة من لزوم الإشهاد فكيف يكون صريحاً فيما ذكره، وأمّا قوله(رحمه الله) «وإذا أراد الطلاق» إلى قوله «من الشهود» الموجب لنسبة السيد(رحمه الله) الصراحة إليه ففيه أنّه(رحمه الله) في مقام بيان شرائط الطلاق واعتبار علم المطلّق وكذلك علم الشاهدين في الجملة لا على التفصيل بحيث تتحقّق الشهادة به، فإنّ صحة «فلانة طالق» لاتقتضي أزيد من العلم في الجملة، فتأمّل.

وأمّا الرواية المستدلّ بها فهي ناظرة إلى لزوم تعيين المطلّقة في مقابل الإبهام لا معرفتها بعينها تفصيلا المعتبرة في الشهادة للأداء.

هذا كلّه مع ما في بعض الأخبار من الإشعار والشهادة لذلك الظهور ويكون مؤيّداً ،
-----------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 20: 520، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد، الباب3، الحديث3.

[2] ـ نهاية المرام 2: 37.



(172)

له فمنها: صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر، وفيها: «فإن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد وامرأتين ؟ قال: لاتجوز شهادة النساء في الطلاق، وقد تجوز شهادتهنّ مع غيرهنّ في الدم إذا حضرنه...» الحديث(1) ; فإنّ جواز الشهادة بمعنى نفوذها مربوط بمقام الأداء. هذا مضافاً إلى أنّ جواز التحمّل هو بمعنى الإباحة لهنّ مطلقاً ولا تفصيل فيه أصلا كما هو ظاهر.

ومنها ما عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا يكون خلع ولا تخيير ولا مباراة إلاّ على طهر من المرأة من غير جماع وشاهدين يعرفان الرجل ويريان المرأة ويحضران التخيير وإقرار المرأة أنّها على طهر من غير جماع يوم خيّرها، قال: فقال له محمّد بن مسلم: ما إقرار المرأة ههنا ؟ قال: يشهد الشاهدان عليها بذلك للرجل حذار حذار أن يأتي بعد فيدّعي أنّه خيّرها وهي طامث فيشهدان عليها بما سمعا منها» الحديث(2).

نعم يمكن أن يكون اعتبار الشاهد في صدر الحديث كما هو صريح الذيل لاجل الشهادة على الاقرار، بل وفي صدره إشعار بذلك حيث خصّ الحكم ببعض أقسام الطلاق كالخلع والمباراة مع أنّ شهادة العدلين شرط في مطلق الطلاق، فلعلّ اعتبار المعرفة في خصوص تلك الأقسام يكون لذلك حيث إنّ الطلاق فيها يكون شبيهاً بالعقد ومرتبطاً بالزوجين كما لايخفى، دون الطلاق الساذج فإنّ المعتبر فيه فعلا وقولا الزوج ولا دخالة للزوجة فيه، فلا حذر إلاّ من حيث الطهر المبيّن حكمه في الذيل.
-----------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 26، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث4.

[2] ـ وسائل الشيعة 22: 52، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب23، الحديث2.





(173)
هذا مضافاً إلى عدم كون الخبر معمولا به عند الأصحاب ويكون معرضاً عنه من حيث عدم اختصاص الشرطية عندهم بالأقسام المذكورة فيه بل الشهادة شرط عندهم في مطلق الطلاق، ومن حيث عدم صحة التخيير عندهم أيضاً كما مرّ.

لايقال: إنّ الإعراض من حيث التخيير إعراض عن بعض الرواية وهو غير موجب لسقوطها عن الحجّية رأساً حتى فيما لا إعراض فيه.

لأ نّا نقول: هذا تمام، لكنّه في مورد يمكن التفكيك في الرواية بين الحكمين وهذا بخلاف ما نحن فيه ممّا يكون الاستثناء واحداً مثل ما كان الخبر واحداً والمبتدأ متعدّداً(1).

ومنها ما عن اليسع، عن أبي جعفر(عليه السلام) في حديث قال: «لا طلاق على سنّة وعلى طهر من غير جماع إلاّ ببيّنة، ولو أنّ رجلا طلّق على سنّة وعلى طهر من غير جماع ولم يشهد لم يكن طلاقه طلاقاً»(2). ومثله ما مرّ عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام)(3)، حيث عبّر فيهما بالبيّنة.

وقد ظهر ممّا ذكرناه أنّه لاينبغي الإشكال بحسب الأدلّة في لزوم المعرفة على نحو من المعرفة التفصيلية والإيراد على مثل السّيد السند بأنّ اعتبار المعرفة خلاف الإطلاق فقد ظهر بطلانه ولا يفيده ما مرّ، ثم على تسليم عدم الدلالة فلا دليل على ما ذهب إليه صاحب الحدائق(قدس سره) من لزوم العلم في الجملة لعدم الدليل عليه بعد ظهور
---------------------------------------------------------------------
[1] ـ لا يخفى أنّ الإيراد والإشكال علمي وإلاّ فعلى التمامية فالحديث غير حجّة بعد الإعراض بالنسبة إلى أصل الشهادة، فتدبّر وكن على دقّة. منه «دام ظلّه».

[2] ـ وسائل الشيعة 22: 28، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث8.

[3] ـ وسائل الشيعة 22: 25، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث1.





(173)

شرطية الشهادة في غيره، نعم يعتبر أن يكون الطلاق على المعيّنة في مقابل المبهمة، وعليه يصـحّ الطلاق بقول المطلّق في مقابل العدلين المعينين أو الموجـودين في الجماعـة «هي طالق» لتمامية شرائط الطلاق مع أنّه لا علم للشاهدين بالمطلّقة أصلا وهذا هو مختار الجواهر، فالمعتبر عليه أصل الحضور والاستماع وهو الحقّ المعروف وإن كان مخالفاً للقاعدة ولظاهر الأدلّة كما عرفت، وذلك للدلالة عليه في أخبار فروع المسألة.

واستُدِلّ على عدم اللزوم بروايات ; منها: صحيحة أبي بصير قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) «عن رجل تزوّج أربع نسوة في عقدة واحدة أو قال في مجلس واحد ومهورهنّ مختلفة، قال: جائز له ولهنّ، قلت: أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع وأشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد وهم لايعرفون المرأة، ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة المطلّقة، ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه ؟

قال: إن كان له ولد، فإنّ للمرأة التي تزوّجها أخيراً من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك، وإن عرفت التي طلّقت من الأربع بعينها ونسبها فلا شيء لها من الميراث وعليها العدّة، قال: ويقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك وعليهنّ العدّة، وإن لم تعرف التي طلّقت من الأربع قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهنّ جميعاً، وعليهنّ جميعاً العدّة»(1).

ودلالتها واضحة بل صريحة في صحّة طلاق من لم يعرفها الشهود لشخصها والصحة كذلك غير منافية لاعتبار التعيين المقابل للإبهام، كما هو واضح. وما في
-------------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 51، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب23، الحديث1.


(175)


الحدائق والجواهر من عدم منافاة الاشتباه المذكور في الذيل لشرطية اعتبار التعيين، لجواز أن يكون القوم الذين طلّق بحضورهم قد نسوا الإسم الّذي سماها به، فلا وجه له لأنّ عدم المعرفة والاشتباه في الذيل يكون في بلد الإرث وأهله غير أهل بلد القسمة ; فلا منافاة من رأس لا أنّها مدفوعة بموضوع النسيان.

ومنها: صحيحة أحمد بن أبي نصر قال: سألت اباالحسن(عليه السلام) «عن رجل كانت له امرأة طهرت من محيضها فجاء إلى جماعة فقال: فلانة طالق يقع عليها الطلاق ولم يقل: اشهدوا ؟ قال: نعم»(1). مع أنّ الظاهر من طبع الجماعة عدم معرفتهم لها وإن أبيت من الظهور ففي ترك الاستفصال كفاية.

ومنها: صحيحة صفوان، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال: سئل «عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال: فلانة طالق، وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم: اشهدوا أيقع الطلاق عليها ؟ قال: نعم هذه شهادة»(2).

ومنها: خبر علي بن أحمد بن أشيم قال: سألته وذكر مثله وزاد: «أفتترك معلّقة ؟»(3).

فعلى هذا لايشترط المعرفة بما مرّ.
----------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 50، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب21، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22 : 50 كتاب الطلاق ، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب21، الحديث2.
[3] ـ وسائل الشيعة 22 : 50 كتاب الطلاق ، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب21، الحديث3.وفيه أن السؤال في الصحيحة وكذا خبر ابن أشيم هو عن تصريح المطلق للشهود والجماعه بالشهاد واجراء ((اشهدوا)) لاعن عدم اشتراط المعرفة وعدمه .فالخبران من هذه الناحية ساكتان كما لا يخفى ((المقرر))


(176)


(يسمعان الإنشاء).

لايخفى أنّ قيد السماع محمول على الغالب وإلاّ فيكفي الرؤية في مثل إشارة الأخرس وكتابة العاجز أو الغائب، لأنّ المعتبر في الطلاق هو الاشهاد عليه يختلف باختلاف الطلاق فإن كان بالقول فالإشهاد عليه بالإستماع وإن كان بمثل الكتابة فالإشهاد عليه بالرؤية وهكذا.



( سواء قال لهما: اشهدا، أم لا).



لعدم اعتبار القول بـ«اشهدا» كما هو مقتضى الأصل لصدق الشهادة والإشهاد بمحض الاستماع وإن لم يعرف الشاهد بذلك بل وإن لم يلتفت الفاعل باستماع الشاهد وشهادته، كما لايخفى، ولصحيحتي أحمد بن أبي نصر وصفوان، ولمضمرة ابن أشيم وقد مرّت كلّها آنفاً. ثم إنّ الظاهر عدم كفاية السماع من وراء مثل الجدار مع غفلة المطلّق وجهله لأن الظاهر من الإشهاد قصد إيقاع الطلاق عند حضورهما. ثم إنّ هذا غير مختصّ بالسماع هكذا بل يشمل كل مورد لم يلتفت المطلّق إلى حضورهما أو زعم عدمه، وغير خفي أنّ هناك فرق بين الإشهاد وشهادة الشاهد.



(ويعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء، فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ثم كرّر اللفظ وسمع الآخر بانفراده لم يقع).



كما هو صريح الفتاوى بل الظاهر اتّفاقهم عليه لظاهر الكتاب والسنّة، فإنّ الظاهر من مثل قوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) حضورهما عند الطلاق وشهادتهما له، ولمّا أنّ الطلاق واحد فحضورها ليس إلاّ بالاجتماع وإلاّ فيكون حضور أحدهما عنده دون الآخر. ولصحيح أحمد بن محمّد بن أبي نصر الصريح في ذلك،


(177)


قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام) «عن رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر ؟ فقال: إنّما أمر أن يشهدا جميعاً»(1). ولا تعارضه صحيحة ابن بزيع، عن الرضا(عليه السلام) قال: سألته «عن تفريق الشاهدين في الطلاق فقال: نعم وتعتدّ من أوّل الشاهدين، وقال: لا يجوز حتّى يشهدا جميعاً»(2). لأنه المحمول بقرينة ما في آخره على إرادة التفريق في الأداء لا في حضور الإنشاء، فالمراد من الاعتداد من أوّل الشاهدين هو الاعتداد من أوّل شهادة الشاهدين لأنّه يكون قد وقع بهما فإذا شهد أوّلهما بوقت كان الآخر شاهداً به كذلك وإن تأخّر في الأداء(3).

لا يقال: بعد ما كان شهادتهما على أمر واحد فلابدّ إلاّ من اعتداد المرأة بما شهد به الأول من الزمان لأنّه زمانهما فذكره وبيانه توضيح لأمر واضح.

لأ نّا نقول: البيان يكون لدفع توهّم أنّ زمان الاعتداد بعد أداء الثاني حيث إنّ الحجّة تتمّ به. فكما أنّ عدّة الوفاة من أول زمان العلم بها أو الحجّة عليها لا من نفس زمان الفوت فكذلك الطلاق. فقوله(عليه السلام) «وتعتدّ من أوّل الشاهدين» يكون دفعاً لذلك التوهم وأنّ عدّة الطلاق من زمان وقوعه لا من زمان العلم، خلافاً لعدّة الوفاة.

ثم المعتبر حضورهما حين الطلاق ولا اعتناء بشهادتهما قبله أو بعده بلا إشكال ولا خلاف، فإنّ الإشهاد الواقع على الطلاق السابق إشهاد على الأخبار به ; كما أنّ
---------------------------------------------------------------------
[1] - وسائل الشيعة 22: 49، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب20، الحديث1.
[2] ـ وسائل الشيعة 22: 50، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب20، الحديث2.
[3] ـ جواهر الكلام 32: 113.




(178)

الشهادة على الطلاق المستقبل إشهاد على الوعد به. فليس شيء منهما إشهاداً على الطلاق المعتبر كتاباً وسنّة وإجماعاً، وبذلك يظهر أنّ ما في مضمر أحمد بن محمّد، قال: «سألته عن الطلاق، فقال: على طهر وكان علي(عليه السلام) يقول: لا يكون طلاق إلاّ بالشهود، فقال له رجل: إن طلّقها ولم يشهد ثم أشهد بعـد ذلك بأيام فمتى تعتدّ ؟ فقال: من اليوم الذي أشهد فيه على الطلاق»(1) من الإشهاد بعد الطلاق بأيّام، محمول على الإشهاد مع الطلاق ثانياً وإلاّ فهو مطروح بالمخالفة للكتاب والسنّة مع أنّه معرض عنه.

(نعم لو شهدا باقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما، لا في تحمّل الشهادة ولا في أدائها).



وذلك واضح لاطلاق أدلة الشهادة والبيّنة ولعدم الدليل على اعتباره(2).



(ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهنّ لا منفردات ولا منضمات بالرجال).

وظاهر الكتاب والسنّة والفتاوى اعتبار كونهما ذكرين، كما في الجواهر، فلا عبرة بحضور النساء بل ولا الخناثى في إنشاء الطلاق، لا منفردات ولا منضمات إلى الرجال، ويدلّ عليه صريح صحيح ابن أبي نصر، وفيه: «لا تجوز شهادة النساء في الطلاق،
----------------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 28، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث10.

[2] ـ ولأنّ هذه الشهادة ليست شهادة على الطلاق بل على الإقرار بالطلاق الواقع صحيحاً والواجد للشرائط، قضاءً لظاهر كلام الرجل عند اقراره بطلاقها ومن تلك الشرائط وقوعه عند حضور شاهدين عدلين، وهو واضح. «المقرر»





(179)

وقد تجوز شهادتهنّ مع غيرهنّ في الدم إذا حضرنه». الحديث(1). وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح، فقال: تجوز إذا كان معهنّ رجل، وكان علي(عليه السلام)يقول: لا اُجيزها في الطلاق. قلت: تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين ؟ قال: نعم، وسألته عن شهادة القابلة في الولادة، قال: تجوز شهادة الواحدة، وقال: تجوز شهادة النساء في المنفوس، والعذرة»(2).

وخبر داود بن الحصين(3). إلى غيرها من الروايات(4).

وفي الجواهر بعد ذلك: «بل الظاهر الاتفاق عليه، وما عن ابني أبي عقيل والجنيد بل والشيخ في المبسوط من قبول شهادتهن مع الرجال محمول على ثبوته بذلك بعد إيقاعه بشهادة الذكرين، فلا خلاف حينئذ في المسألة»(5).

ثم لايخفى عليك المناقشة في مثل ظاهر الكتاب على الشرطية، لإشعار الوصف بالعدل بل الظهور على أنّه المناط والمعيار من دون فرق بين الرجل والمرأة كالوصف الواقع في غير واحد من الآيات والأخبار، ومع عدم الظهور فلا أقلّ من إلغاء الخصوصية المعتبرة في أمثال المقام بل وفي الروايات الدالّة على الشرطية من حيث السؤال ومن حيث عدم الإشارة إلى دلالة الكتاب لشهادة على ذلك كما لايخفى، والأمر سهل بعد النصوص الصريحة.
--------------------------------------------------------------------------
[1] ـ وسائل الشيعة 22: 26، كتاب الطلاق، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه، الباب10، الحديث4.

[2] ـ وسائل الشيعة 27: 351، كتاب الشهادات، الباب24، الحديث2.

[3] ـ وسائل الشيعة 27: 360، كتاب الشهادات، الباب24، الحديث35.

[4] ـ راجع وسائل الشيعة 27: 351، كتاب الشهادات، الباب24، الحديث4 و5 و7.

[5] ـ جواهر الكلام 32: 115.






(180)

ولايعتبر الشياع في الطلاق أيضاً ولا العلم به وإن توهّم بعض الناس الاكتفاء بالعلم معلّلا بأنّه ليس بعد العلم من شيء إلاّ أنّه كما ترى ; ضرورة عدم مدخلية العلم بوقوعه في صحّته وإنّما المعتبر حضور الشاهدين وسماعهما بل ومثلهما الطلاق عند معصوم واحد(عليه السلام) فإنّ الباب غير باب الشهادة والإمامة.



(مسألة 10 ـ لو طلّق الوكيل عن الزوج لايكتفي به مع عدل آخر في الشاهدين، كما لايكتفي بالموكّل مع عدل آخر).



لأنّ الظاهر كون المخاطب للإشهاد هو المطلّق فلابدّ من خروج العدلين عن المطلّق، والوكيل وإن لم يكن مطلّقاً بالحقيقة لكنّه مطلّق بالنيابة وكأنّ النائب والوكيل هو المنوب عنه والموكّل، والظاهر المنساق من الأدلّة الأعمّ من الزوج والوكيل كأعميّته منه ومن الوليّ لكن في المسالك بعد اعترافه بخروجهما عنه ; قال:

«ثم إن كان هو الزوج فواضح. وإن كان وكيله ففي الاكتفاء به عن أحدهما وجهان، من تحقّق اثنين خارجين عن المطلّق، ومن أنّ الوكيل نائب عن الزوج، فهو بحكم المطلّق، فلابدّ من اثنين خارجين عنهما. وفيه: أنّ أحدهما، أعني: الزوج والوكيل، خارج، لأنّ اللفظ لايقوم باثنين، فأيّهما اعتبر اعتبرت شهادة الآخر»(1).

وفيه أنّ اللفظ قائم بهما بالاعتبارين فلابدّ من شهادة غيرهما، ومن ذلك يعلم عدم الاكتفاء بالموكّل مع عدل آخر، ويعلم منه ما في القواعد: «ولو كان أحدهما الزوج ففي صحّة ايقاع الوكيل إشكال، فإن قلنا به لم يثبت».

فرع :لو طلق الوكيل وكان الزوج أحد الشاهين فالظاهر عدم كفايته لأنه هو المطلق واقعا.
--------------------------------------------------------------------

[1] ـ مسالك الأفهام 9: 115.



(181)


(مسألة 11 ـ المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غيره ممّا رتّب عليه بعض الأحكام كما مرّ في كتاب الصلاة).

كون المراد به هنا ما في غيره هو الأشهر بل المشهور بل يظهر من الجواهر في المقام عدم الخلاف في ذلك والاقتصار هنا على الإسلام منسوب إلى الشيخ في النهاية وتابعه جماعة منهم القطب الراوندي والمشهور هو المنصور حيث إنّ العدالة المعتبرة هنا هي المعتبرة في غيره، فالمراد منهما واحد ولا وجه للفرق بينهما. هذا مع ما يظهر من دلالة الصحيحين المستدلّ بهما على الخلاف.

وفي نهاية المرام للسيّد السند: «والقول بالاكتفاء بالإسلام للشيخ في النهاية، فإنّه قال: ومتى طلّق ولم يشهد شاهدين ممّن ظاهره الإسلام كان طلاقه غير واقع. ثم قال: فإن طلّق بمحضر من رجلين مسلمين ولم يقل لهما: إشهدا وقع طلاقه وجاز لهما أن يشهدا بذلك، وتبعـه على ذلك جماعة، منهم القطب الراوندي. ولعلّ مستندهم في ذلك إطلاق الأمر بإشهاد رجلين في كثير مـن الروايات لكـن المطلق يحمل على المقيّد.

وما رواه ابن بابويـه في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة، قال: قلت للرضا(عليه السلام): «رجل طلّق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيين قال: كلّ من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته»(1).

وما رواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: سألت اباالحسن(عليه السلام) «عن رجل طلّق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين، قال: ليس هذا طلاقاً، فقلت: جعلت فداك كيف طلاق السنّة ؟ قال: يطلقّها إذا
--------------------------------------------------------------

[1] ـ وسائل الشيعة 27: 393، كتاب الشهادات، الباب41، الحديث5.




(182)

طهرت من حيضها قبل أن يغشاها بشهادة عدلين كما قال الله عزّوجلّ في كتابه، فإن خالف ذلك ردّ إلى كتاب الله. فقلت له: فإن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد وامرأتين ؟ فقال: لاتجوز شهادة النساء في الطلاق، وقد تجوز شهادتهنّ مع غيرهنّ في الدم إذا حضرنه. فقلت: فإن أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقاً ؟ فقال: من ولد على الفطرة اُجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خيراً»(1).

قال جدّي(قدس سره) في المسالك بعد أن أورد هذه الرواية: وهذه الرواية واضحة الإسناد والدلالة على الاكتفاء بشهادة المسلم في الطلاق، ولايرد: أنّ قوله «بعد أن تعرف منه خيراً» ينافي ذلك، لأنّ الخير قد يعرف من المؤمن وغيره، وهو نكرة في سياق الإثبات لاتقتضي العموم، فلا ينافيه مع معرفة الخير منه بالذي أظهر من الشهادتين والصلاة والصيام وغيرهما من أركان الإسلام، أن يعلم منه ما يخالف الاعتقاد الصحيح، لصدق معرفة الخير منه معه وفي الخبر مع تصديره باشتراط شهادة عدلين ثم الاكتفاء فيه بما ذكره تنبيه على أنّ العدالة هي الإسلام، فإذا اُضيف إلى ذلك أن لايظهر فسق كان أولى. هذا كلامه(رحمه الله)»(2). انتهى كلامه.

ولك تقريب الاستدلال بصحيحي البزنطي وابن مغيرة بأنّ السؤال فيهما عن الناصبي وخروج المورد مستهجن والمورد من المسلمين ولو من ناصبيهم ولايقال: إنّ الناصبي كافر، لأنّه كافر حكماً. هذا ولكن لايخفى عليك ما في الاستدلال بهما.

ففيه: أوّلا: ما في نهاية المرام حيث قال بعد ذلك النقل: «ولايخلو من نظر، إذ المتبادر من قولنا «عرف من هذا الشخص خيراً» أنّه عرف منه الخير خاصة، وكذا
------------------------------------------------------------------

[1] ـ الكافي 6: 67 / 6، وسائل الشيعة 22: 26، كتاب الطلاق، أبواب مقدماته وشرائطه، الباب10، الحديث4.

[2] ـ نهاية المرام 2: 39.



(183)


من قولنا «عرف منه الصلاح» كونه معروفاً بهذا الوصف ممتازاً به، فيكون في الروايتين دلالة على تحقق العدالة المعتبرة في الشهادة، بأن يظهر من حال الشخص، الخير والصلاح دون الفسق والعصيان، ومن أعظم أنواع الفسق الخروج عن الإيمان كما هو واضح»(1).

وثانياً: أنّ الظاهر أنّ المراد من معرفة الخير فيه والصلاح في نفسه هو المؤمن العدل، حيث أنّه إن كان المراد منه الإسلام والاكتفاء به لاينبغي بل لايصحّ التعبير عنه بتلك الجملات بل يكتفي بقوله: «نعم، لأنّهما مسلمان» وعدم التعبير بما يدلّ على العدالة يكون للتقيّة في الجواب بالتعبير الجامع بينها وبين بيان الحقّ الذي لازال كانوا يستعملونه، حتى قال أبوالحسن(عليه السلام) في الصحيح لأحمد بن أبي نصر الناقل للصحيح الأول معلّماً له في تركه الجواب بمثله الجامع لبيان الواقع بلسان التقية: «يا فلان ! لاتحسن أن تقول مثل هذا»(2). لأنّ جوابه(عليه السلام) في الحقيقة ردّ السائل إلى ضابطة كليّة غير شاملة للمورد بحسب الواقع وإن كانت قابلة للتطبيق عليه أيضاً، فهو(عليه السلام)لم يُجب بالبطلان صريحاً بل أجاب تعبداً.

وثالثاً: كيف يشمل الذيل الدال على لزوم كونه ذي صلاح وخير، الناصبي الذي أنجس وأخبث من الكلب ولا خير فيه أصلا ومثل الإسلام والشهادتين والصلاة والصيام منه شرّ محض، كيف ويكون سبباً لترويج أنّ النصب من الإسلام وهل يصحّ أن يقال انه(عليه السلام) جعلهم من أهل الخير والصلاح لاسيّما الصلاح في نفسه، فإنّه لايعرف الصلاح ولا الخير من الناصبي أصلا.
-----------------------------------------------------------------------

[1] ـ نهاية المرام 2: 40.

[2] ـ وسائل الشيعة 22: 112، كتاب الطلاق، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، الباب3، الحديث6.


(184)


ولقد أجاد صاحب الجواهر حيث قال: «فيراد حينئذ (أي على كون الجملات من الكلمات الجامعة بين التقية وبيان الواقع) بمعرفة الخير فيه والصلاح في نفسه المؤمن العدل الذي قد يقال: أنّه مقتضى الفطرة أيضاً، لا الناصب الذي هو كافر إجماعاً، بل ولا مطلق المخالف الذي هو الشرّ نفسه. فما في المسالك من الميل إلى القول المزبور واضح الفساد، ونحوه قد وقع له في كتاب الشهادات، وقد ذكرنا هناك ما عليه، ومن العجيب موافقة سبطه له هنا على ذلك في المحكي عن شرحه على النافع، ولعلّه لقرب مزاجه من مزاجه باعتبار تولّده منه.

نعم لا عذر للكاشاني في مفاتيحه، سواء قالوا بعدم اعتبار العدالة في شاهدي الطلاق أو قالوا بأنّها فيه مجرد الإسلام، فإنّ الأمرين كما ترى»(1).

نعم حكاية موافقة السبط لجدّه الشهيد الذي اعتذر عنه غير صحيحة وظاهر عبارته بل صراحته في الموافقة للمشهور فإنّه بعد الإيراد على جدّه بما نقلناه قال: «وهاتان الروايتان مع صحّتهما سالمتان من المعارض فيتّجه العمل بهما»(2).

ومن المعلوم كون مراده عدم المعارض لهما في الدلالة على اعتبار العدالة المشهورة، كيف لا يكون كذلك وقد أورد على جدّه ! نعم مشابهة عبارته هذه لعبارة جدّه أوقعت الحاكي في السهو وعذر الجواهر واضح بعد الحكاية.

(مسألة 12 ـ لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلق، أصيلا كان أو وكيلا وفاسقين في الواقع يشكل ترتيب آثار الطلاق الصحيح لمن يطلع على فسقهما، وكذلك إذا كانا عادلين في

----------------------------------------------------------------------

[1] ـ جواهر الكلام 32: 110.

[2] ـ نهاية المرام 2: 41.



(185)



اعتقاد الوكيل دون الموكّل، فإنّه يشكل جواز ترتيب آثار الصحة عليه، بل الأمر فيه أشكل من سابقه).

وقبل البحث عن هذه المسألة ينبغي الكلام في مسألة أُخرى معروفة بين أهل الفضل وهي أنّ العدالة المشترطة في الطلاق هل تكون شرطاً واقعياً ملازماً لبطلان الطلاق عند انكشاف عدمها كما هو ظاهر الألفاظ، فإنّها موضوعة للمعاني الواقعية ونفس الأمر لاالمحرزة منها خلافاً للمحكي عن صاحب القوانين(قدس سره) ؟ أو شرطاً ظاهرياً كباب الجماعة ; فاحراز العدالة شرط لا نفسها المستلزم لعدم البطلان مع إنكشاف العدم، حيث إنّ عدمها غير موجب لعدم الشرط فإنّ الشرط كان موجوداً من جهة أنّ العدالة بعد ما كانت بمعنى ملكة التقوى والمروّة فلابدّ من شرطيّة الإحراز وإلاّ فلا يطّلع عليه إلاّ الله تعالى وفي الشاهدين لو اعتبر الواقع في حقّ غيرهما لزم التكليف بما لايطاق ؟

فيه وجهان، أقواهما الأول وما في الثاني من الجهة فغير تامّة وإن استدلّ بها المسالك واختاره لكفاية الأمارة الشرعية للإطّلاع كغيرها من الأوصاف والموضوعات الباطنية، والأمارة والإحراز طريق إثبات الشرط لا نفس الشرط. نعم إنكشاف الخلاف في الأمارة غير موجب للبطلان على المختار من الإجزاء في الأمارات كبعض الأُصول الشرعية كما حقّقناه في محلّه، فإنّ الظاهر من الأمر باتباع الأمارات وعدم الإلزام بالاحتياط هو الإجزاء تبعاً للمحقّق البروجردي(قدس سره) وخلافاً لسيّدنا الاُستاذ(قدس سره) ; كيف مع أنّ عدم الإجزاء والحكم بالبطلان مستلزم لمحاذير لاتناسب الشريعة السمحة السهلة كما أنّه مستلزم لمحاذير خاصّة في الطلاق لأنّ الأمارة غير رافعة للاحتمال، فالمرأة المطلّقة تكون متردّدة ومتزلزلة في صحّة طلاقها دائماً فلا تكون مطمئنة بصحّة تزويجها ثانياً لأنّه مع انكشاف الخلاف تكون محرّمة


(186)


أبديّة على الثاني مع الدخول وأولادها أولاد شبهة ولاترث منه وعليها الرجوع إلى الأول ومثلها الزوج أيضاً بالنسبة إلى الخامسة وأولادها وبالنسبة إلى مسألة الإرث. ظهر ممّا ذكرناه عدم الثمرة العملية بين مختار المسالك في المسألة ومختارنا فيها بضميمة المختار في مسألة الإجزاء وإنّما الثمرة هي علمية مبنائيّة.

هذا كلّه في تلك المسألة ولنرجع إلى مسألة المتن فنقول: أنّه بناءً على أنّ العدالة إنّما هي حسن الظاهر فقط فلا محلّ لفروع المسألة لعدم معقولية كشف الخلاف حينئذ، لا للوكيل ولا للموكّل ولا للآخر إلاّ على بعض فروضه، وأمّا إن قلنا: إنّها الملكة الرادعة عن المعاصي فمنشأ الإشكال أنّ عدالة الشاهدين شرط للمطّلق أو الطلاق ؟ فعلى الأول يصحّ للمطلع على فسقهما ترتيب آثار الصحة بعد ما كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلّق لتحقق الشرط واطّلاع غيره على الفسق غير مرتبط بالشرط، وعلى الثاني فلا يصحّ ذلك لعدم تحقّق الشرط عند المطلع لا واقعاً ولا ظاهراً. فما نحن فيه مثل العدالة في الجماعة من أنّها شرط الاقتداء للمأمومين أو شرط الجماعة ؟ فعلى الأول يجوز لمن لايرى لنفسه العدالة، الإمامة دون الثاني. لكن القول بالصحّة للمطّلع أيضاً وأنّ الشرط شرط للمطلّق غير بعيد، بل وجيه، قضاءً لظاهر مثل الكتاب والسنّة فإنّ المأمور باشهاد العدلين هو المطلّق، فهو المكلّف بالاحراز وبإشهادهما دون غيره.

هذا بالنسبة إلى الفرع الأول، نعم بالنسبة إلى الفرع الثاني وهو ما إذا كانا عادلين في اعتقاد الوكيل دون الموكّل فعدم جواز ترتيب الموكّل آثار الصحّة لايخلو من قوّة، لكون المطلّق حقيقةً المأمور بالإشهاد هو الموكّل وإلاّ فالوكيل ليس بمطلّق بل هو مجر لصيغة الطلاق خاصّة.


عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org