Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: حكم الصورة الرابعة

حكم الصورة الرابعة

الصورة الرابعة، وهو أن يكون فعله من قبيل عدم المانع. قال الشيخ(قدس سرّه):

الرابع: أن يكون من قبيل عدم المانع، وهذا يكون تارة مع الحرمة الفعليّـة في حقّ الفاعل، كسكوت الشخص عن المنع من المنكر، ولا إشكال في الحرمة بشرائط النهي عن المنكر.

واُخرى مع عدم الحرمة الفعليّـة بالنسبة إلى الفاعل، كسكوت العالم عن إعلام الجاهل، كما في ما نحن فيه، فإنّ صدور الحرام منه مشروط بعدم إعلامه.

فهل يجب دفع الحرام بترك السكوت أم لا؟ فيه إشكال، إلّا إذا علمنا من الخارج وجوب دفع ذلك؛ لكونه فساداً قد أمر بدفعه كلّ من قدر عليه، كما لو اطّلع على عدم إباحة دم من يريد الجاهل قتله، أو عدم إباحة عرضه له، أو لزم من سكوته ضرر ماليّ قد أمرنا بدفعه عن كلّ أحد، فإنّـه يجب الإعلام والردع، لو لم يرتدع بالإعلام، بل الواجب هو الردع، ولو بدون الإعلام، ففي الحقيقة، الإعلام بنفسه غير واجب([887]).

المستفاد من هذه العبارة أنّ الشيخ(قدس سرّه) جعل مناط وجوب إعلام الجاهل كون الفعل فساداً قد أمر بدفعه كلّ من قدر عليه، ثمّ مثّل له بأمور ثلاثة: الدم والعرض والمال، لكنّ الأمثلة التي ذكرها(قدس سرّه) لا يكون مثالاً للمناط الكلّيّ المذكور، فإنّ قتل من لا يجوز قتله، أو التعرّض لعرض الغير، أو توجّه الضرر الماليّ إلى الغير، لا يكون بنفسه فساداً، فلا يجب دفعه بما أنّـه فساد قد أمر بدفعه كلّ من قدر عليه، بل كلّ واحد من هذه الموارد الثلاثة له خصوصيّـة ويجب دفعه بما هو هو، لا بما أنّـه فساد ومصداق للفتنة في قوله تعالى: Cوَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةًB([888]).

ويمكن أن يقال: إنّ المناط هو كون الفعل من الاُمور التي وجوده في الخارج، ولو لم يصدر من مكلّف، مبغوض للشارع الأقدس، وهو في موارد أربعة: الفساد، وقتل النفس المحرّمة، والاُمور العرضيّـة، والأمور الماليّـة.

ثمّ قال الشيخ(قدس سرّه):

وأمّا فيما تعلّق بغير الثلاثة من حقوق الله، فوجوب دفع مثل هذا الحرام مشكل؛ لأنّ الظاهر من أدلّة النهي عن المنكر وجوب الردع عن المعصية، فلا يدلّ على وجوب إعلام الجاهل بكون فعله معصية.

نعم، وجب ذلك فيما إذا كان الجهل بالحكم، لكنّـه من حيث وجوب تبليغ التكاليف، ليستمرّ التكليف إلى آخر الأبد بتبليغ الشاهد الغائب، فالعالم في الحقيقة مبلّغ عن الله، ليتمّ الحجّة على الجاهل، ويتحقّق فيه قابليّـة الإطاعة والمعصية ([889]).

ولايخفى عليك أنّ المستفاد من مجموع عبارات الشيخ(قدس سرّه) استدلاله على وجوب إعلام النجاسة في الدهن المتنجّس بأنّ تركه مشمول للعناوين الثلاثة التي تكون محرّماً، فاستدلّ عليه تارة بكون عدم الإعلام من مصاديق قاعدة التغرير، وأُخرى بكونه من باب التسبيب إلى الحرام، وثالثة بكونه من باب عدم المانع، واختار وجوب الإعلام بحسب العنوانين الأوّلين على الإطلاق، وفصّل في الثالث.

وفيه: أنّ التغرير إلى ما كان الغير جاهلاً بالحرمة لا دليل على حرمته كما مرّ([890])؛ لعدم كونه تغريراً على الحرام، فإنّ الحرمة قد ارتفع، للجهل بها، وكذا التسبيب إلى فعل، كان الفاعل جاهلاً بحرمته؛ لعدم حرمته حينئذٍ، وعدم كونه معصية، والمحرّم من التسبيب إنّما هو التسبيب إلى المعصية أو المبغوض للشارع، لا غير.

وعلى هذا، فاستدلاله بتلك القاعدتين في غير محلّه. وأمّا مسألة عدم المانع فاستشكل فيه ـ مضافاً إلى ما بيّنّاه ـ من عدم التماميّـة.

هذا، ولكنّـه مرّ ([891]) وجوبه للروايات الخاصّة في الباب.

ثمّ بعضهم ـ على ما حكاه الشيخ(قدس سرّه) ـ استدلّ على وجوب الإعلام بأنّ النجاسة عيب خفيّ، فيجب إظهارها.

وفيه: ـ مع أنّ وجوب الإعلام ـ على القول به ـ ليس مختصّاً بالمعاوضات، بل يشمل مثل الإباحة والهبة من المجّانيّات، ممّا لا يجب إعلام العيب الخفيّ فيها ـ أنّ كون النجاسة عيباً، ليس إلّا لكونه منكراً واقعيّاً وقبيحاً، فإن ثبت ذلك، حرم الإلقاء فيه، مع قطع النظر عن مسألة وجوب إظهار العيب، وإلّا لم يكن عيباً. فتأمّل.

---------------------
[887]. المكاسب 1: 76.
[888]. الأنفال (8): 25.
[889]. المكاسب 1: 77.
[890]. مرّ في الصفحة: 349 ـ 350.
[891]. مرّ في الصفحة: 351 ـ 353.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org