Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: البحث في دلالة النبويّ

البحث في دلالة النبويّ

وأمّا بحسب الدلالة، فعلى فرض وجود كلمة الأكل، فالظاهر ـ بمناسبة الحكم والموضوع ـ حرمة الثمن فيما كان البيع بقصد الانتفاع بذلك الأكل المحرّم، لا حرمته مطلقاً وبقصد غيره من المنافع المحلّلة، كما لا يخفى. وكذلك الأمر على فرض عدم كلمة الأكل، فالظاهر منها ـ أيضاً ـ حرمة ثمن ما كان محرّماً في جهة من جهاته؛ من الأكل أو الشرب أو اللبس وأمثالها، إذا كان بيعه بقصد الانتفاع بتلك الجهة المحرّمة، فإنّ هذا هو المتفاهم عرفاً، بمناسبة الحكم والموضوع، لا الحكم بحرمة بيع ما كان لبسه محرّماً مطلقاً، وإن كان البيع بقصد الافتراش به ـ مثلاً ـ تعبّداً، كما لا يخفى. كما أنّ المتفاهم من حرمة الشيء ـ أيضاً ـ هو الحرمة في الجهة أو الجهات الخاصّة؛ أي حرمة الأكل أو الشرب أو اللبس وأمثالها، أو الإثنين والأزيد منه.

وذلك لأنّ جلّ المحرّمات ـ إن لم يكن كلّها ـ تكون الحرمة فيها كذلك، وحرمة الشيء بجميع منافعه نادرة جدّاً، بل الظاهر عدم المحرّم بهذا النحو، فحمل حرمة الشيء، الموضوع للحرمة في الرواية مستلزم لحمل المطلق على الفرد النادر، وهو كما ترى.

ثمّ إنّـه قد ظهر ممّا ذكرناه، عدم تماميّـة ما في مصباح الفقاهة من الإشكال في دلالة الرواية بقوله:

فبعد ما عرفت أنّ الثابت عند العامّة والخاصّة اشتمال الرواية على كلمة «أكل»، كان عمومه متروكاً عند الفريقين، فإنّ كثيراً من الأمور يحرم أكله ولا يحرم بيعه، ومن هنا قال في جوهر النقيّ حاشية البيهقي في ذيل الحديث المشتمل على كلمة «أكل»: قلت: عموم هذا الحديث متروك اتّفاقاً، بجواز بيع الآدمي والحمار والسنّور ونحوها ([100]).([101])

وجه الظهور ما عرفت من أنّ الظاهر من هذه الرواية ـ بقرينة مناسبة الحكم والموضوع ـ حرمة بيع ما يحرم أكله إذا كان معدّاً للأكل وبيع لذلك، لا مطلقاً.

وما عرفت من أنّـه على فرض كون الرواية فاقدة لكلمة «أكل»، لتدلّ أيضاً على حرمة بيع كلّ شيء كان البيع بقصد صرفه في منفعته المحرّمة، لا مطلقاً.

هذا تمام الكلام في الروايات الأربعة التي نقلها الشيخ الأعظم(قدس سرّه) ، تيمّناً ممّا يكون بعضاً من الأخبار الواردة على سبيل الضابطة للمكاسب، من حيث الحلّ والحرمة، وقد عرفت عدم تماميّـة شيء منها سنداً، وإن كان غير رواية تحف العقول منها تامّة من حيث الدلالة على الضابطة للمكاسب المحرّمة، من دلالته على الحرمة فيما كان القصد من معاملة الحرام، الانتفاع بالمنفعة المحرّمة، كبيع اللحم المحرّم أكله بقصده مثلاً.

وبعـد ذلك يقـع الكلام في أنواع الاكتسابات المحـرّمة، ونـذكر كلاً منهـا في مسائل.


--------------
[100]. الجوهر النقيّ ذيل «سنن البيهقي» 6: 13، باب تحريم بيع ما يكون نجساً... .
[101]. مصباح الفقاهة 1: 49.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org