|
في حكم المبيع إذا اشترط عليه الانتفاع بالمحرّم
المسألة الثانية: ثمّ إنّ سيّدنا الاُستاذ (سلام الله علیه) قد تعرّض لفرع وإليك نصّ كلامه، قال (سلام الله علیه): ومنها: أن يشترط عليه الانتفاع بالمحرّم من غير الحصر فيه. فحينئذٍ قد يكون الشرط بحيث لا يعتبر بلحاظه شيء وفي مقابله ولو لُبّاً، فيكون من قبيل التزام في التزام محضاً، فلا شبهة في أنّـه من صغريّات أنّ الشرط الفاسد مفسدٌ أم لا. وقد يعتبر بلحاظه شيء، كما لو باع ما قيمته مائة بخمسين وشرط عليه أن يستفيد منه المنفعة المحرّمة لغرض منه فيه، كأن يكون بيته في جوار المشتري وأراد الاستفادة المحرّمة منه. ففي مثله يمكن أن يقال: إنّـه أيضاً من صغريات كون الشرط الفاسد مفسداً؛ لأنّ الميزان في باب المعاملات ملاحظة محطّ الإنشاءات لا اللبّيّات، والمفروض أنّ إنشاء المعاملة وقع بين العينين، والشرط خارج عن محطّها، ولهذا لا يقسط عليه الثمن أو المثمن، ومجرّد كون زيادة ونقيصة فيهما بلحاظه، لا يوجب دخوله في ماهيّـة المعاوضة، ومع عدم الدخول تكون المبادلة بين العينين، والشرط زائد وباطل، فيأتي فيه ما يأتي في الشروط الفاسدة. ويمكن أن يقال: إنّ الماليّـة الملحوظة من قبل الشرط، إذا لم تحصل للطرف مع خروج شيء بلحاظها من كيسه، يكون أخذه بلاعوض لبّاً ومن قبيل أكل المال بالباطل حقيقة. فإذا باع ما قيمته مائة بخمسين وشرط عليه شيئاً يوازي خمسين ولم يحصل له ذلك، يكون مقدار الماليّـة الواردة في كيس الطرف بلاحصول ما بلحاظه له من أكل المال بلاعوض وبباطل، ولاشبهة في أنّ البائع في المعاملة المفروضة لم يسقط ماليّـة ماله ولم يجعله للمشتري مجّاناً، بل جعله بلحاظ الشرط الذي بنظره مال وذو قيمة. وبعبارة اُخرى: إنّ العقلاء لا ينظرون إلى ألفاظ المعاملات، بل عمدة نظرهم إلى واقعها، وفي اللبّ تكون المقابلة بين العين مع لحاظ الشرط، ومع عدم حصول الشرط له يكون ما بلحاظه بلاعوض واقعاً، وهذا من أكل المال بالباطل. لايقـال: يأتي ما ذكر في الشروط الصحيحة أيضاً في صورة تخلّفها، كما لو شرط عربيّـة فرس خارجيّ فبان عدمها، مع أنّ في تخلّفه، الخيار بلاإشكال. فإنّـه يقال: لو قام دليل من إجماع أو غيره على الصحّة في موارد تخلّف الشرط والوصف نقول بمقتضاهما في مواردهما على خلاف القواعد دون غيره، فمورد النقض نظير ما نحن فيه. والأقرب في النظر العاجل هو الوجه الأوّل، وإن لا يخلو من كلام([1004]). ولكن يمكن أن يناقش فيما أفاده (سلام الله علیه) بأنّ بيع العنب بشرط أن يعمل خمراً، وبيع شيء أو إجارته بشرط أن يصرفه في المنفعة المحرّمة لا دليل على حرمته وبطلانه، فإنّ المحرّم والباطل هو الشرط، وكون فساد الشرط وبطلانه موجباً لفساد البيع والإجارة مبنائيّ. ----------------- [1004]. المكاسب المحرّمة 1: 182 ـ 183.
|