Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: حرمة الأثمان المأخوذة في مقابل الأعيان النجسة

حرمة الأثمان المأخوذة في مقابل الأعيان النجسة

ثمّ إنّ الأثمان المأخوذة في مقابل الأعيان النجسة هل هي سحت ومحرّم بعنوان أنّها ثمن النجس والحرام، أو بما أنّها تصرّف في مال الغير؟ فإن كان بعنوان أنّها تصرّف في مال الغير فيدلّ على الحكم الوضعيّ، وهو بطلان المعاملة، وإن كان بعنوان أنّها ثمن النجس والحرام، فيقع البحث في أنّـه هل يدلّ على حرمة المعاملات تكليفاً أو وضعاً، أم لا؟

قال سيّدنا الاُستاذ (سلام الله علیه):

الجهة الثانية، وهي أيضاً مهمّة أصيلة في المقام: هي أنّ الأثمان المأخوذة في مقابل الأعيان النجسة، هل هي محرّمة بعنوان ثمن النجس أو الحرام، أو ثمن الخمر والخنزير وغيرهما؟

وبعبارة اُخرى: أنّ المكسب ـ بمعنى ما يكتسب ـ حرام، وهذا غير حرمة التصرّف في مال الغير. ويدلّ عليه النبويّ المعروف: «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه»([248]).

وقريب منه ما عن عوالي اللئالي، عن النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم): «إنّ الله تعالى إذا حرّم على قوم أكل شيء حرّم عليهم ثمنه»([249]).

وعن نوادر الراوندي، عن موسى بن جعفر(علیه السلام)، عن آبائه، قال: «قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم): إنّ أخوف ما أخاف على اُمّتي من بعدي، هذه المكاسب المحرّمة والشهوة الخفيّـة والربا»([250]).

وفي الكافي عن البرقي مرسلة نحوها([251]).

بناءً على أنّ المكاسب جمع المكسب، بمعنى ما يكتسب، وهو ثمن المحرّمات، تأمّل.

وفي صحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، قال: «إنّ رجلاً من ثقيف أهدى إلى رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) راويتين من خمر، فأمر بهما رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) فأهريقتا، وقال: إنّ الذي حرّم شربها حرّم ثمنها»([252]).

وهي تشعر أو تدلّ على ملازمة حرمة الشيء شرباً أو أكلاً أو انتفاعاً؛ لحرمة ثمنه.

وفي رواية أبي بصير، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، قال: سألته عن ثمن الخمر؟ قال: «أهدي إلى رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) رواية خمر بعد ما حرّمت الخمر، فأمر بها أن تباع، فلمّا أن مرّ بها الذي يبيعها ناداه رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) من خلفه: يا صاحب الرواية إنّ الذي حرّم شربها فقد حرّم ثمنها، فأمر بها فصبّت في الصعيد، فقال: ثمن الخمر ومهر البغي وثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت»([253]).

ولعلّها أوضح في التعميم؛ لمكان إرداف الخمر بمهر البغي وثمن الكلب، تأمّل.

ويمكن استفادة العموم من الموارد الخاصّة الواردة فيها الروايات، كثمن الخمر والنبيذ والمسكر والميتة والكلب والعذرة ومهر البغي وأجر الكاهن وأجر الزانية واُجور الفواحش والرشوة وغيرها ([254])، المستفاد من مجموعها، ولو بالمناسبات وإلغاء الخصوصيّـة، أنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه.

والظاهر منها أنّ الثمن محرّم بعنوان ثمن الحرام أو ثمن النجس؛ لأنّ الظاهر من تعلّق حكم على عنوان موضوعيّته، فالحمل على حرمته باعتبار التصرّف في مال الغير بلا إذنه، خلاف ظواهر الأدلّة، ويشهد له: أنّ الظاهر أنّ ذلك التعبير لم يرد في شيء من المعاملات الباطلة من جهة فقد ما يعتبر فيها ([255]).

أقول: أضف إلى ذلك أنّـه ليس تصرّفاً في مال الغير بلا إذن منه؛ لأنّ المشتري رضي بإعطاء الثمن في مقابل أخذ العين النجس كالخنزير، فالثمن في اعتقاد البائع والمشتري لم يكن مالاً للغير؛ حيث إنّهما رضيا بالمعاملة واعتقدا صحّتها.

نعم، إنّ سحتيّـة الثمن وحرمته غير ملازم لحرمة البيع تكليفاً، وقد مرّ([256]) البحث عنه.

-----------------------
[247]. راجع: وسائل الشيعة 17: 175، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 40، الحديث 2 و 3.
[248]. عوالي اللئالي2: 110، الحديث 301؛ مستدرك الوسائل 13: 73، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 6، الحديث 8؛ مسند أحمد 1: 690/2964.
[249]. عوالي اللئالي 1: 181، الحديث 240؛ مستدرك الوسائل 13: 73، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الحديث 8؛ سنن أبي داوود 3: 280، كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة، الحديث 3488؛ مسند أحمد 1: 532/2221؛ و ص 629/2678.
[250]. النوادر: 69/160، وفيه: «إنّ أخوف ما أتخوّف...».؛ مستدرك الوسائل 13: 67، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 3، الحديث 3.
[251]. الكافي 5: 124، باب المكاسب الحرام، الحديث 1؛ وسائل الشيعة 17: 81، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 1، الحديث 1.
[252]. الكافي 5: 230، باب بيع العصير والخمر، الحديث 2؛ التهذيب 7: 136/601، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما يجوز من ذلك وما لا يجوز، الحديث 72؛ وسائل الشيعة 17: 223، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 55، الحديث 1.
[253]. التهذيب 7: 135/599، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما يجوز من ذلك وما لا يجوز، الحديث 70؛ وسائل الشيعة 17: 225، كتاب التجاره، أبواب ما يكتسب به، الباب 55، الحديث 6.
[254]. راجع: وسائل الشيعة 17: 92، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5.
[255]. المكاسب المحرّمة 1: 20 ـ 22.
[256]. مرّ في الصفحة: 122 ـ 124.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org