Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مصباح [ 25 ]

مصباح [ 25 ] [ في حكم كتابة القرآن للمحدث ]

لا يحرم على المحدث كتابة القرآن، كما هو المعروف من مذهب الأصحاب; فإنّهم ضبطوا أحكام المحدث وحصروا الغايات التي يجب لها الوضوء والغسل، ولم يذكر أحد منهم تحريم كتابة القرآن على المحدث، ولا وجوب الوضوء أو الغسل لها، بل صرّح جماعة منهم بخلاف ذلك، من غير تردّد ولا إشعار بوجود خلاف.

ففي التحرير(1)، ونهاية الإحكام(2)، والمنتهى(3)، والتذكرة(4): القطع بالجواز، مع حكاية الخلاف فيه عن الشافعي في الأخير، وهو مؤذن باتّفاق الأصحاب.

وفي الذكرى كراهة الكتابة له، كالحمل والتعليق; للنهي عن ذلك (5).

وفي المهذّب(6) والنزهة(7) وكشف اللثام(8) استحباب الوضوء لها للرواية(9).

وممّـا يكشف عن الإجماع سيرة الناس، وتتبّع أحوال السلف، وعدم التزامهم بالطهارة في كتابة المصاحف، والتعاويذ، والأحراز، والتفاسير، وكتب القراءة، والتجويد، وغريب القرآن، وكتب الحديث والاستدلال، وغيرها من الكتب الإسلاميّة المشتملة على كثير من الآيات القرآنيّة في المطالب المتكثّرة من الفنون المتشعّبة،
ولا أقلّ من البسملة في أوائل الكتب. ومن المعلوم مسيس الحاجة إلى كتابة ذلك كلّه وضبطه وتصحيحه. فلو كانت مشروطة بالطهارة، لاشتهر المنع واتّضح الأمر وعرفه الخاصّ والعامّ، بل كان معلوماً من دين الإسلام. وفي انتفاء ذلك وما يقرب منه دليل قاطع على انتفاء التحريم.

ويدلّ على الجواز، مضافاً إلى الأصل، والإجماع، ولزوم العسر والحرج: ما رواه الكليني (رحمه الله) في الحسن بإبراهيم بن هاشم، عن داود بن فرقد، عن ألامام الصادق (عليه السلام)، قال: سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض؟ قال: «نعم، لا بأس». قال: وقال: «تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها»(10).


وفي رواية أُخرى: «تقرؤه وتكتبه ولا تمسّه»(11).

والروايتان بقرينة اشتمالهما على تجويز القراءة، والمنع عن المسّ والإصابة، كالنصّ في كون التعويذ قرآناً أو مشتملا عليه، كما هو الغالب، وجواز كتابة القرآن للحائض يقتضي الجواز للمحدث بالأولويّة، وعدم انفكاك الحائض عن الحدث.



[الخبر المعارض:]

وأمّا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام) أنّه سأله عن الرجل يحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال: «لا»(12).

ففي الذخيرة إنّه «غير معمول بظاهره عند الأصحاب»(13).


وفي البحار: «ولم يقل به أحد وإنّما اختلفوا في المسّ»(14).

وفي الرياض الزهريّة: «ولا قائل بظاهره، ولا بظاهر رواية عبد الحميد»(15).

وفي شرح المفاتيح: إجماع جميع الفقهاء النقّاد[ين] على ترك العمل بهذا الظاهر(16).

ومال القاسانيان(رحمه الله) في المفاتيح(17) وشرحه(18)، وقبلهما الشيخ البهائي في مشرق الشمسين(19) وغيره(20) إلى الأخذ بظاهر الحديث; لصحّته، مع اعترافهم بعدم ظهور القائل به.

وضعفه ظاهر ممّـا قلناه، مع عدم وضوح صحّة السند أيضاً; فإنّ للمتأخّرين في تصحيحه نوع تمريض(21).

واختلفوا في تنزيل الحديث. فقيل: إنّه محمول على كراهة الكتابة لنفسها، أو لظنّ الإصابة معها(22). ومرجع الثاني إلى قصد الإرشاد; لصعوبة التحفّظ عن المسّ في تلك الحال.

وقيل: إنّه منزل على تحقّق المسّ، كما هو الغالب من حال الكاتب(23). وهو ظاهر الشيخ في التهذيب(24)، حيث سلك الرواية في جملة روايات تحريم المسّ. وكذا العلاّمة في المنتهى(25); فإنّه احتجّ بها على ذلك مع تصريحه فيه بحلّ الكتابة; تمسّكاً بالأصل السالم عن معارضة تناول النهي.

وفي المختلف بعد الاستدلال بها على تحريم المسّ، قال: «والظاهر أنّه نفى الحلّ مع المباشرة للكتابة»(26).

وهو صريح في ذلك.

ولو كتب شيئاً من القرآن بإصبعه، ففي التحريم وجهان: من تحقّق المسّ بالكتابة، وعدمه; لتوقّف مسّ الكتابة على سبق وجود المكتوب.

وفي التحرير والمنتهى: جواز أن يكتب المصحف بيده(27).

وربما كان فيه إشارة إلى ذلك، ولعلّه الأقرب.

--------------------------------------------------------------------------------

(1). تحرير الأحكام 1: 85.

(2). نهاية الإحكام 1: 20.

(3). منتهى المطلب 2: 155.

(4). تذكرة الفقهاء 1: 136.

(5). ذكرى الشيعة 1: 265. والنهي ورد في ما رواه الشيخ عن أبي الحسن (عليه السلام)، أ نّه قال: « المصحف لا تَمَسّه على غير طُهر ولا جنباً ولا تمسَّ خطّه (خيطه) ولا تُعَلّقه، إنّ الله تعالى يقول: (لا يَمَسُّهُ إلاَّ الْمُطَهَّرُون) ».

التهذيب 1: 133 / 344، باب حكم الجنابة، الحديث 35، الاستبصار 1: 113 / 378، باب الجنب لايمسّ المصحف، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 384، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 12، الحديث 3.

(6). المهذّب 1: 32.

(7). نزهة الناظر: 12.

(8). كشف اللثام 1: 124.

(9). وهي ما رواها الشيخ عن عليّ بن جعفر، سأل أخاه موسى بن جعفر(عليهما السلام)، عن الرجل، أيحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء ؟ قال: « لا ».

التهذيب 1: 133 / 345، باب حكم الجنابة...، الحديث 36، وسائل الشيعة 1: 384، كتاب الطهارة،

أبواب الوضوء، الباب 12، الحديث 4.

(10). الكافي 3: 106، باب الحائض والنفساء تقرءان القرآن، الحديث 5، وسائل الشيعة 2: 342،

كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب 37، الحديث 1.

(11). التهذيب 1: 192 / 526، باب التيمّم وأحكامه، الحديث 98، وسائل الشيعة 2: 343، كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب 37، الحديث 4.

(12). التهذيب 1: 133 / 345، باب حكم الجنابة...، الحديث 36، وفيه: « أيحلّ »، وسائل الشيعة 1: 384، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 12، الحديث 4.

(13). ذخيرة المعاد: 53، السطر 17.

(14). بحار الأنوار 80: 309، أبواب الوضوء، الباب 4، ذيل الحديث 19.

(15). الرياض الزهرية في شرح الفخريّة (مخطوط)، لا يوجد لدينا.

(16). مصابيح الظلام (للوحيد البهبهاني) 3: 59، قال فيه: « قيل: إجماع جميع الفقهاء النقّادين للخبر، العارفين الماهرين... يورث الريبة، وصيرورته الشاذّ الذي أمرونا بترك العمل به ».

(17). مفاتيح الشرائع 1: 38.

(18). شرح مفاتيح الشرائع، لنور الدين محمّد هادي بن مرتضى الكاشاني (مخطوط): 34، السطر 1 و 2.

(19). مشرق الشمسين: 172.

(20). كما في الحبل المتين (المطبوع ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين): 36.

(21). ذكره بالتفصيل المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 13، السطر 12 وما بعده.

(22). القائل هو الوحيد البهبهاني في مصابيح الظلام 3: 59.

(23). القائل هو السبزواري في ذخيرة المعاد: 3، السطر 36، والبحراني في الحدائق الناضرة 2: 124.

(24). راجع: التهذيب 1: 134 ـ 135، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها.

(25). منتهى المطلب 2: 155.

(26). مختلف الشيعة 1: 139، المسألة 89.

(27). تحرير الأحكام 1: 85 (الفرع: 185)، منتهى المطلب 2: 155.

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org