Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مصباح [ 11 ]

مصباح [ 11 ] [ في جواز سجود الشكر والتلاوة للمحدث ]



[ استحباب الطهارة لسجدة الشكر: ]

(يجوز سجود الشكر من المحدث)(1)، وهو محلّ وفاق.

ويستحبّ الطهارة له كما تقدّم ; لقول ألامام الصادق (عليه السلام): «من سجد سجدة الشكر وهو متوضّئ كتب الله له بها عشر صلوات ومحا عنه عشر خطايا عظام »( 2).

ويتأكّد إذا كانت في آخر التعقيب ; لما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «ما يضرّ بالصلاة يضرّ بالتعقيب»(3).



[ عدم اشتراط الطهارة في سجود التلاوة: ]

وكما لا يشترط الطهارة في سجود الشكر، فكذا لا يشترط في سجدات التلاوة غير العزائم، بلا خلاف.

وأمّا العزائم، فالأظهر فيها عدم الاشتراط أيضاً، وفاقاً للمبسوط (4)، والشرائع(5)، والجامع(6)، والقواعد(7)، والتحرير(8)، ونهاية الإحكام(9)، والمنتهى(10)، والتذكرة(11)، والذكرى(12)، والدروس(13)، والبيان(14)، والمهذّب البارع(15)، وفوائد الشرائع (16).

وفي غاية المرام، والبحار أنّه المشهور بين الأصحاب(17).

وفي التذكرة: «لا يشترط فيه ما يشترط في الصلاة عند علمائنا»، ثمّ حكى اشتراط الطهارة فيه عن بعض العامّة(18).

وقال في المنتهى: «يجوز أن يسجد وإن كان جنباً، أو محدثاً، أو كانت المرأة حائضاً » قال: « وعليه فتوى علمائنا »(19).

ويدلّ على ذلك مع الأصل(20)، والإجماع، وإطلاق الأمر بالسجود(21) المتناول للمتطهّر والمحدث: ما رواه الكليني والشيخ، عن أبي بصير، قال: قال: «إذا قرئ شيء من العزائم الأربع فسمعتَها فاسجد، وإن كنت على غير وضوء، وإن كنت جنباً، وإن كانت المرأة لا تصلّي... »(22)، الحديث.

وهو مضمر في الكتابين، لكن رواه ابن إدريس عن أبي بصير، عن ألامام الصادق (عليه السلام) (23).

وما رواه ابن إدريس نقلا من نوادر البزنطي، في الصحيح، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: فمن قرأ السجدة وعنده رجل على غير وضوء ؟ قال: «يسجد»(24).

وفي الصحيح، عن الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يقرأ الرجل السجدة وهو على غير وضوء ؟ قال: «يسجد إذا كانت من العزائم»(25).

وفي دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمّد (عليه السلام)، قال: «ومن قرأ السجدة أو سمعها سجد أيّ وقت كان ذلك، ممّـا يجوز الصلاة فيه أو لا يجوز، وعند طلوع الشمس وعند غروبها، ويسجد وإن كان على غير طهارة»(26).

وما رواه الكليني في الصحيح، والشيخ في الموثّق، عن أبي عبيدة الحذّاء، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الطامث تسمع السجدة ؟ قال: «إذا كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها»(27).

وما رواه في التهذيب، في الموثّق، عن أبي بصير، قال: «الحائض تسجد إذا سمعت السجدة»(28).



[ الأخبار المعارضة والجواب عنها: ]

فأمّا ما رواه الشيخ في الصحيح، أو الموثّق بأبان(29)، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة ؟ قال: «تقرأ ولا تسجد»(30).

وما رواه ابن إدريس، نقلا من كتاب محمّد بن عليّ بن محبوب، في الصحيح، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه ألامام عليّ (عليه السلام)، قال: «لا تقضي الحائض الصلاة، ولا تسجد إذا سمعت السجدة»(31).

فالوجه حملها(32) على غير العزائم، أو على السماع من دون استماع. ويمكن حمل الأوّل على الإنكار دون الإخبار(33).

وفي الجامع(34) والتهذيب(35) والاستبصار(36): الجمع باستحباب السجود.

واختاره في كشف الرموز، وحكاه عن شيخه المحقّق، وادّعى أنّ الوجوب ساقط بلا خلاف (37) ; وهو ممنوع.

ويمكن قصر الخبرين على موردهما، وهو الحائض; لعدم المعارض في غيرها.

والأصحّ: الجواز، والوجوب في الجميع(38).

وحكى الشهيد في الذكرى(39) عن ظاهر ابن الجنيد اعتبار الطهارة. وقال في البيان: أنّه أومأ إلى ذلك (40).


ومنع الشيخ في النهاية(41) من سجود الحائض، وظاهر ابن البرّاج منعها ومنع الجنب(42).

وقال المفيد في كتاب أحكام النساء: «من سمع تلاوة موضع السجود فإن لم يكن طاهراً فليؤم بالسجود إلى القبلة إيماءً»(43).

حكاه في كشف اللثام(44)، وظاهره منع المحدث منه مطلقاً.

وقال في المقنعة: «فلا بأس أن يقرأ الجنب من سور القرآن أو آية ما شاء إلاّ أربع سور، فإنّه لا يقرأها حتّى يتطهّر; لأنّ في هذه السور سجوداً واجباً، ولا يجوز إلاّ لطاهر من النجاسات، بلا خلاف » (45)، على اختلاف النسخ في قوله: «بلا خلاف»(46).

وقال الشيخ في التهذيب: «فأمّا ما ذكره من قوله: إلاّ أربع سور، فإنّه لا يقرأها حتّى يتطهّر(47)، فالوجه فيه ما ذكره من قوله: لأنّ في هذه السور سجوداً واجباً، ولا يجوز السجود إلاّ لطاهر من النجاسات، بلا خلاف»(48).

وهذا يؤيّد النُسَخ التي فيها نفي الخلاف.

وقال السيّد في الانتصار: «يجوز قراءة القرآن للجنب والحائض إلاّ العزائم(49)، ويمكن أن يكون الفرق بين عزائم السجود وغيرها أنّ فيها سجوداً واجباً، والسجود لا يكون إلاّ على طهر»(50).

قال السروي(51) في متشابه القرآن: «والفرق بين عزائم السجود وغيرها أنّ فيها سجوداً واجباً، والسجود لا يكون إلاّ على طهر»(52).

ويستفاد من هذه العبارات اشتراط السجود الواجب مطلقاً بالطهارة من الحدثين، وتحريم قراءة العزائم للمحدث بالأكبر والأصغر، وفوريّة السجود، ومنعها من الفصل بمقدار الطهارة.

والمشهور بين الأصحاب، بل كاد أن يكون إجماعاً، اختصاص تحريم العزائم بالمحدث بالأكبر.

وظاهر بعض المتأخّرين(53) استحباب الطهارة لسجود العزائم، وبه قال الشهيدان في البيان(54) والنفليّة(55)، والفوائد المليّة(56)، بل في التذكرة: استحباب التجديد له، خلافاً للشافعي(57).

وقال في الذكرى: «الأقرب عدم استحباب التجديد لسجود التلاوة، ولما الوضوء شرط في كماله»(58).

وظاهره القول باستحباب الطهارة، وأنّ المنع من التجديد لمنع عموم أدلّته، لا منافاته الفوريّة.

والمسألة محلّ إشكال، وظاهر الفوريّة القضاء بالمنع.

ويؤيّده الإجماع الذي حكيناه عن الشيخين(59)، وخلوّ الأخبار عن ذلك، وكونه خلاف المعهود من العمل، وعدم تعرّض الأصحاب لسجود العزائم فيما يستحبّ له الوضوء، وتصريحهم بمنع الفوريّة من الفصل اليسير ولو بمقدار آية، فكيف بمثل الوضوء والغسل ؟ خصوصاً إذا استدعى زماناً طويلا.

وأيضاً، فالاستحباب حكم شرعيّ، فيتوقّف على دليل شرعيّ، والمقدّر عدمه، فينتفي بالأصل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1). مابين القوسين في « ل » و « د » وفي نسخة بدل « ش » ورد هكذا: « لايشترط في السجود للشكر الطهارة ».

(2). الفقيه 1: 332 / 972، باب سجدة الشكر، الحديث 6، وسائل الشيعة 7: 5، كتاب الصلاة، أبواب سجدتي الشكر، الباب 1، الحديث 1.

(3). مفتاح الفلاح: 66، وسائل الشيعة 6: 458، كتاب الصلاة، أبواب التعقيب، الباب 17، الحديث 4.

(4). المبسوط 1: 114.

(5). شرائع الإسلام 1: 77.

(6). الجامع للشرائع: 83.

(7). قواعد الأحكام 1: 278.

(8). تحرير الأحكام 1: 265.

(9). نهاية الإحكام 1: 496.

(10). منتهى المطلب 5: 260.

(11). تذكرة الفقهاء 3: 214.

(12). ذكرى الشيعة 3: 471.

(13). الدروس الشرعية 1: 185.

(14). البيان: 173.

(15). المهذّب البارع 1: 166.

(16). حاشية شرائع الإسلام ( المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 10 ): 166.

(17). غاية المرام 1: 71، بحار الأنوار 85: 177، أبواب مكان المصلّي و...، الباب 30، قال فيه: «ظاهر الأكثر».

(18). تذكرة الفقهاء 3: 214.

(19). منتهى المطلب 5: 260.

(20). أي: أصل براءة الذمّة عن الطهارة.

(21). كما في رواية سماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إذا قرأت السجدة فاسجد ولا تكبّر حتّى ترفع رأسك».

التهذيب 2: 316 / 1175، باب كيفيّة الصلاة من الزيادات، الحديث 31، وسائل الشيعة 6: 240،
كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن، الباب 42، الحديث 3.

(22). الكافي 3: 318، باب عزائم السجود، الحديث 2، التهذيب 2: 315 / 1171، الزيادات في كيفيّة
الصلاة...، الحديث 27، وسائل الشيعة 2: 341، كتاب الصلاة، أبواب الحيض، الباب 36، الحديث 2.

(23). السرائر 1: 226.

(24). السرائر 3: 557، وسائل الشيعة 6: 241، كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن، الباب 42، الحديث 5.

(25). السرائر 3: 555 ـ 556، وسائل الشيعة 6: 241، كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن، الباب 42، الحديث 6.

(26). دعائم الإسلام 1: 215، وفيه: « تجوز الصلاة فيه أو لا تجوز »، مستدرك الوسائل 4: 318، كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن، الباب 35، الحديث 2.

(27). الكافي 3: 106، باب الحائض والنفساء تقرءان القرآن، الحديث 3، التهذيب 1: 136 / 353، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، الحديث 44، الاستبصار1: 115 / 385، باب الجنب والحائض يقرءان القرآن، الحديث 7، وسائل الشيعة 2: 340، كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب 36، الحديث 1.

(28). التهذيب 2: 314 / 1168، الزيادات في كيفيّة الصلاة...، الحديث 24، وسائل الشيعة 2: 341،
كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب 36، الحديث 3.

(29). لأنّ فيه قولاً بكونه ناووسيّاً، راجع: استقصاء الاعتبار 2: 177.

(30). التهذيب 2: 315 / 1172، الزيادات في كيفيّة الصلاة...، الحديث 28، الاستبصار 1: 320 / 1193، باب الحائض تسمع سجدة العزائم، الحديث 2، وسائل الشيعة 2: 341، كتاب الطهارة، أبواب الحيض،
الباب 36، الحديث 4.

(31). السرائر 3: 610، وسائل الشيعة 2: 342، كتاب الطهارة، أبواب الحيض، الباب 36، الحديث 5.

(32). كذا في النسخ، والظاهر أنّ الصحيح: « حملهما ».

(33). كما فعله الشيخ البهائي في مشرق الشمسين: 265، بقوله: « ويمكن الجمع بينهما بحمل قوله (عليه السلام): « تقرأ ولا تسجد » على التعجّب، أي: كيف تقرأ العزيمة ولا تسجد عند قراءتها ؟ ».

(34).
الجامع للشرائع: 83، وفيه: « ويجوز لها تركه ».

(35). التهذيب 2: 316، الزيادات في كيفيّة الصلاة... ، ذيل الحديث 28 / 1172.

(36). الاستبصار 1: 320، باب الحائض تسمع سجدة العزائم، ذيل الحديث 2 / 1193.

(37). كشف الرموز 1: 80. وفيه: « والوجوب ساقط بلا خيار ».

(38). أي: وجوب السجدة للحائض وغيرها، ممّن هو محدث بالأصغر والأكبر.

(39). ذكرى الشيعة 3: 471.

(40). البيان: 173.

(41). النهاية: 25.

(42). المهذّب 1: 35، حيث قال: «وإذا كانت المرأة حائضاً فكلّ ما ذكرناه ممّا يتعلّق بالجنب من الأحكام يتعلّق بها». وقال في الصفحة: 34 عند بيان أحكام الجنب: «ولا يسجد إذا سمع من يقرأ السجدة».

(43). أحكام النساء ( المطبوع ضمن مجموعة مصنّفات الشيخ المفيد 9 ): 21.

(44). كشف اللثام 4: 115.

(45). المقنعة: 52، بتفاوت يسير.

(46). «بلا خلاف» لم يرد في النسخة المحقّقة المعتمدة عليها.

(47). زاد في المصدر: «وهي سورة سجدة لقمان، وحم سجدة، والنجم إذا هوى، وإقرأ باسم ربّك».

(48). التهذيب 1: 135، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، ذيل الحديث 42 / 351.

(49). هذه العبارة وردت في المصدر هكذا: «الجنب والحائض يجوز أن يقرءا من القرآن ما شاءا إلاّ عزائم السجود »، ووقع بينها وما بعدها فصل.

(50). الانتصار: 121 ـ 122، بتفاوت يسير.

(51). هو رشيد الدين محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني ( م 588 ).

(52). متشابه القرآن 2: 159.

(53). انظر: مشارق الشموس: 39، عند قوله: « قال المصنّف: الأقرب أنّه لا يستحبّ... »، إلى آخره.

(54). البيان: 173.

(55). النفليّة (المطبوعة مع الألفيّة): 121.

(56). الفوائد المليّة: 218.

(57). تذكرة الفقهاء 1: 203 ـ 204.

(58). ذكرى الشيعة 2: 196، وفيه: «الأقرب أنّه لا يستحب تجديده لسجود التلاوة والشكر ولما الوضوء...».

(59). أي: الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي ـ قدّس سرّهما ـ وقد تقدّم كلامهما في الصفحة 55.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org