Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة عامة
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: سائر المستحبات بمنى

سائر المستحبات بمنى والمقام بمنى أيّام التشريق بعد انقضاء زمن الرمي أفضل(5) من المجيء إلى مكّة للطواف المستحبّ مثلاً ونحوه، وقد عرفت في ما مضي استحباب الوقوف عند كلّ جمرة داعياً بالمأثور، ورميها عن يسارها مستقبل القبلة عدا جمرة العقبة، فإنّه يستدبر القبلة ويرميها عن يمينه،

(1) فعن التذكرة[1]: أنّه مستحبّ.

(2) يعني بيد المنوب.

(3) كما عن المنتهي[2].

(4) كما عن المبسوط[3] وغيره[4]، وفي المتن رتّب فيما بينهما كما رتّبهما على الرمي بيد المنوب عنه ولا بأس به.

(5) بلا خلاف ظاهر[5]، وفي خبر ليث: «المقام بمنى أفضل وأحبّ إلى»[6]. وفي صحيح العيص النهي[7] عنه، وظاهره كراهة الزيارة، لكنّه يحمل على ما سبق، ولا سيّما بملاحظة ما في الصحيح:

--------------------------------------------------
[1]. التذكرة 8: 369.
[2]. المنتهي 2: 774.
[3]. المبسوط 1: 380.
[4]. السرائر 1: 610.
[5]. النهاية: 268، الشرائع 1: 251، المدارك 8: 240، كشف اللثام 6: 258، الرياض 7: 164، المستند 13: 69.
[6]. الكافي 4: 515، باب إتيان مكّة بعد الزيارة للطواف، الحديث 1، الفقيه 2: 287، الحديث 1413، التهذيب 5: 490، الحديث 1755، الاستبصار 2: 295، الحديث 1053، وسائل الشيعة 14: 260، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 2، الحديث 5.
[7]. الكافي4: 515، 2، التهذيب 5: 260، الحديث 886، التهذيب 5: 490، الحديث 1754، الاستبصار 2: 295، الحديث 1052، وسائل الشيعة 14: 260، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 2، الحديث 6.

ـ(582)ـ

--------------------------------------------------
عن زيارة البيت أيّام التشريق فقال (عليه السلام): «حسن»[1].

والتكبير(1) بمنى عقيب(2) خمس عشر صلاة، أوّلها ظهر يوم النحر. وفي الأمصار عقيب عشر صلوات. ولو لم ينفر يوم الثالث عشر يستحبّ له التكبير بعد صلاة الظهر،

(1) فإنّ المشهور استحبابه[2]، ففي صحيح ابن جعفر (عليه السلام): «عن التكبير أيّام التشريق أ واجب أو لا؟ قال (عليه السلام): مستحبّ، وإن نسي فلا شيء عليه»[3]، ولأجله يضعف ما عن المرتضي وابن حمزة من القول[4] بوجوبه للإجماع الممنوع، وللأمر به المحمول على الندب كما عرفت.

(2) تضمّن ذلك كلّه صحيح ابن مسلم[5]، وصحيح زرارة[6]. وفي صحيح معاوية: «التكبير أيّام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيّام التشريق إن أنت أقمت بمنى، وإن أنت خرجت من منى فليس عليك التكبير»[7].

--------------------------------------------------
[1]. التهذيب 5: 260، الحديث 885، وسائل‏الشيعة 14: 259، كتاب ‏الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 2، الحديث3.
[2]. النهاية: 268، السرائر 1: 610، التذكرة 8: 369، الدروس 1: 462، المدارك 8: 242، الرياض 7: 170، المستند 13: 71.
[3]. التهذيب 5: 488، الحديث1745، وسائل الشيعة 7:461، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث10.
[4]. الانتصار: 57، الوسيلة: 189.
[5]. الكافي4: 516، الحديث1، وسائل الشيعة 7: 457، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث1.
[6]. الكافي 4: 516، الحديث2، الفقيه 2: 128، الحديث 548، التهذيب 3: 139، الحديث 313، التهذيب 5: 269، الحديث921، الاستبصار 2: 299، الحديث 1069، وسائل الشيعة 7: 458، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث 2.
[7]. الكافي 4: 517، الحديث 4، التهذيب 5: 269، الحديث 922، وسائل الشيعة 7: 459، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث 4.

ـ(583)ـ
--------------------------------------------------
ـ(584)ـ
--------------------------------------------------
ـ(583)ـ
--------------------------------------------------
والعصر والمغرب والعشاء، بل يستحبّ له التكبير عقيب النوافل(1)، والأولي في كيفيّته تثليث(2) التكبير في أوّله ثمّ يقول(3): «لا إله إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر ولله
(1) كما صرّح بذلك في صحيح ابن جعفر (عليه السلام)[1] وموثّق عمّار[2]، وما في الخبر[3] من نفيه في النوافل محمول على نفي التأكّد.

(2) فإنّ أكثر النصوص تضمّنت تثنية التكبير[4]، لكن في بعض نسخ التهذيب[5] رواية خبر سعيد النقاش قد ثلث فيه التكبير، فالأولي الاتيان به رجاء.

(3) كما في صحيح معاوية[6]. وفي صحيح منصور[7] إسقاط التحميد الأخير، وكذا في صحيح زرارة[8] وفي خبر ابن جعفر (عليه السلام)[9] كذلك مع إسقاط التكبير الثاني بعد التهليل، وفي خبره الآخر غير ذلك[10]، وفي مرسل من لا يحضره الفقيه[11] في خطبة على (عليه السلام) صورة أُخرى.

--------------------------------------------------
[1]. مسائل على بن جعفر: 161، الحديث 248، وسائل الشيعة 7: 467، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 25، الحديث 3.
[2]. التهذيب 5: 270، الحديث 923، الاستبصار 2: 299، الحديث 1070، وسائل الشيعة 7: 466، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 25، الحديث 1.
[3]. التهذيب 5: 270، الحديث 925، الاستبصار 2: 300، الحديث 1072، وسائل الشيعة 7:467، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 25، الحديث 2.
[4]. الكافي 4: 516، الحديث 2، التهذيب 5: 269، الحديث 921، الاستبصار 2: 299، الحديث 1069، وسائل الشيعة 7: 458، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث 2.
[5]. التهذيب 3: 138.
[6]. الكافي 4: 517، الحديث 4، التهذيب 5: 269، الحديث 922، وسائل الشيعة 7: 459، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث 4.
[7]. الكافي 4: 516، الحديث3، وسائل الشيعة 7: 459، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث3.
[8]. الكافي 4: 516، الحديث 2، التهذيب 5: 269، الحديث 921، الاستبصار 2: 299، الحديث 1069، وسائل الشيعة 7: 458، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث 2.
[9]. مسائل على بن جعفر: 141، الحديث162، وسائل‏الشيعة 7: 462، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث 15.
[10]. قرب الإسناد: 100، مسائل على بن جعفر: 161، الحديث 247، وسائل الشيعة 7: 461، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، الباب 21، الحديث 11.
[11]. الفقيه 1: 328.

ـ(584)ـ

--------------------------------------------------
الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، الحمد للّه على ما أبلانا». ومن جاز له النفر في اليوم الثاني عشر، فإنّه يجوز له ذلك بعد الزوال لا قبله(1)، ويلقي(2) ما معه من الحصي في منى، بل الأولى(3) دفنه فيها، وأمّا النفر الثاني فيجوز قبل الزوال(4) من اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمار(5)، بل يستحبّ(6) ذلك.

(1) كما تقدّم[1].

(2) لخبر الدعائم عن جعفر (عليه السلام): «من يعجّل النفر في يومين ترك ما يبقي عنده من حصي الجمار بمنى»[2].

(3) لما عن المنتهي[3] من أنّه يستحبّ أن يدفن الحصي المختصّة بذلك اليوم.

(4) بلا خلاف ظاهر[4]، وفي صحيح معاوية: «وإن تأخّرت إلى آخر أيّام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عليك، أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده»[5].

(5) لوجوبه.

(6) كما يظهر من خبر أيّوب بن نوح[6] مستدلاًّ عليه بالتأسي بالنبيّ (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله).

--------------------------------------------------
[1]. ص 535.
[2]. الدعائم 1: 324 مستدرك وسائل الشيعة 10: 158، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 9، (مع اختلاف يسير).
[3]. المنتهي 2: 777.
[4]. النهاية: 269، الغنية (الجوامع الفقهيّة): 519، السرائر 1: 613، التذكرة 8: 373، المنتهي 2: 776، الشرائع 1: 251، الرياض 7: 168، كشف اللثام 6: 261.
[5]. الكافي 4: 520، الحديث 3، التهذيب 5: 271، الحديث 926، الاستبصار 2: 300، الحديث 1073، وسائل الشيعة 14: 274، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 9، الحديث 3.
[6]. الكافي 4: 521، الحديث 8، التهذيب 5: 273، الحديث 935، وسائل الشيعة 14: 282، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 12، الحديث 2.

ـ(585)ـ
--------------------------------------------------
وينبغي(1) لمن أقام هذه الأيّام بمنى أن يصلّي فرائضه ونوافله في مسجد الخيف[1]، وأفضلها مصلّي رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله)، وهو من المنارة إلى نحو من ثلاثين ذراعاً من جهة القبلة، وعن يمينها، ويسارها، وخلفها. ويستحبّ(2) التسبيح، والتهليل، والتحميد مائة مائة، وصلاة مائة ركعة فيه، وستّ(3) ركعات في أصل الصومعة، والأولي(4) أن تكون هذا الستّ عند إرادة الرجوع إلى مكّة مودعاً لها إذا أبيضت الشمس من اليوم الثالث عشر. والله العالم.

(1) في صحيح معاوية: «صلّ في مسجد الخيف وهو مسجد منى وكان مسجد رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحواً من ثلاثين ذراعاً عن يمينها وعن يسارها وخلفها نحواً من ذلك، فإن استطعت أن يكون مصلاّك فيه فافعل فإنّه قد صلّي فيه ألف نبيّ»[2].

(2) تضمّن ذلك كلّه خبر الثمالي[3]، وجعل فيه أجر الصلاة أجر عبادة سبعين عاماً، وأجر التسبيح أجر عتق رقبة، وأجر التهليل أجر إحياء نسمة، وأجر التحميد أجر الصدقة بخراج العراقين.

(3) للأمر بذلك في خبر أبي بصير[4].

(4) على ما ذكره المفيد[5]، لكن الرواية مطلقة، نعم: تمكّن دعوي الانصراف في رواية الثمالي[6] في المائة ركعة.

--------------------------------------------------
[1]. «الخَيْف» ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، ومنه سُمّي مسجد الخيف بمنى؛ لاُنّه بني في خيف الجبل، والأصل مسجد خيف منى مخفّف بالحذف. قال في المصباح: ولايكون خيف إلاّ بين جبلين، وكان مسجد رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحواً من ثلاثين ذراعاً، وعن يمينها ويسارها وخلفها نحواً من ذلك. (مجمع البحرين 5:58).
[2]. الكافي 4: 519، الحديث 4، الفقيه 1: 149، الحديث 691، التهذيب 5: 274، الحديث 1939، وسائل الشيعة 5: 268، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد، الباب 50، الحديث 1.
[3]. الفقيه 1: 149، الحديث 690، وسائل الشيعة 5: 269، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد، الباب 51، الحديث 1.
[4]. الكافي 4: 519، الحديث 6، التهذيب 5: 274، الحديث 940، وسائل الشيعة 5: 270، كتاب الصلاة، أبواب احكام المساجد، الباب 51، الحديث 2.
[5]. المقنعة: 422.
[6]. الفقيه 1: 149، الحديث 690، وسائل الشيعة 5: 269، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد، الباب 51، الحديث 1.

ـ(586)ـ
--------------------------------------------------
وأمّا الخاتمة ففيها فوائد:

الفائدة الأولى: في العمرة المفردة[1] وفيها مباحث.

الأوّل:[أقسام العمرة] تنقسم العمرة أيضاً كالحجّ إلى واجب أصلي، أو عرضي، ومندوب، أمّا الأصلي: فهو الواجب(1) بأصل الشرع

(1) إجماعاً[2]؛ للنصوص الدالّة على ذلك، وفي بعضها: تفسير الحجّ في قوله تعالى: «ولله على الناس حج البيت»[3] بالحجّ والعمرة جميعاً، وأنّهما معاً مفروضان[4]. وفي الصحيح: «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ على من استطاع»[5].

--------------------------------------------------
[1]. وهي لغةً الزيارة، قال في المجمع واعْتَمَر الرجل: زار البيت. والمعتمر: الزائر، ومن هنا سُمّيت العمرة عمرةً؛ لأنّها زيارة البيت. يقال اعتمر فهو معتمر، أي زار وقصد. (مجمع البحرين 3:413)، وشرعا: المناسك المخصوصة الواقعة في الميقات ومكّة. وقد تجب كالحجّ بنذر وشبهه من العهد واليمين والاستئجار وبفوات الحجّ، فإنّه يجب التحلّل منه بعمرة مفردة، وبدخول مكّة، بل الحرم لمن قصدهما عدا من يتكرّر منه الدخول فيها، كالحطّاب والحشّاش والمريض.

وأفعالها: الإحرام والطواف وركعتاه، والسعي وطواف النساء وركعتاه، والتقصير أو الحلق. وتصحّ العمرة المفردة في جميع أيّام السنة، وإن كان أفضلها ما وقع في رجب؛ لصحيح معاوية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: المعتمر يعتمر في أيّ شهور السنة شاء، وأفضل العمرة عمرة رجب. (الكافي 4: 536، الحديث 6، وسائل الشيعة 14: 303، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب3، الحديث 13).

ففي صحيح آخر لمعاوية عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سئل: أيّ العمرة أفضل، عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: لا بل عمرة في رجب أفضل. (الفقيه 2: 276، الحديث 1347، وسائل الشيعة 14: 301، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب3، الحديث 3).

ويرشد إليه في أحكام المواقيت من جواز الإحرام قبل الميقات للعمرة في رجب، ويتحقّق العمرة فيه بالإهلال فيه وإن أكملها في غيره؛ لصحيح عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبيّة. (الفقيه 2: 276، الحديث 1349، وسائل الشيعة 14: 301، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 3، الحديث 4). وفي خبر عيسى الفرّاء، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا أهل بالعمرة في رجب وأحلّ في غيره كانت عمرته لرجب، وإذا أهل في غير رجب وطاف في رجب فعمرته لرجب. (الكافي 4: 536، الحديث 3، وسائل الشيعة 14: 302، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 3، الحديث 11.

[2]. التذكرة 7: 15، المنتهي 2: 876، كشف اللثام 6: 290، الرياض 7: 201.
[3]. آل عمران (3): 97.
[4]. وسائل الشيعة 14: 297، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب1، الحديث 7.
[5]. وسائل الشيعة 14: 297، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب1، الحديث 8.

ـ(587)ـ

--------------------------------------------------
بالشرائط(1) المعتبرة في الحجّ في العمر مرّة(2)، ولا يعتبر في وجوبها على المكّي ومن بحكمه استطاعة الحجّ أيضاً؛ لأنّ كلاً منهما(3) في حقّه نسك مستقلّ غير مرتبط بالآخر، فيمكن أن يستطيع لخصوص أحدهما دون الآخر بل لا يبعد(4) عدم اعتبار الرجوع إلى الكفاية لا في وجوب الحجّ عليه، ولا العمرة. أمّا الآفاقي الذي وظيفته التمتّع، ففي وجوبها عليه لو استطاع لها دون الحجّ وجهان: أقواهما

(1) إجماعاً[1]، ويقتضيه عموم التنزيل في النصوص[2].

(2) إجماعا[3]، ونصوصاً، بعضها[4] وارد في إجزاء المتعة عن المفروض من العمرة.

(3) كما هو المعروف[5] الذي يقتضيه ظاهر النصوص. وقيل: وإن لم يعرف قائله ـ إنّه لا تجب إلاّ عند الاستطاعة لها وللحجّ، ودليله غير ظاهر، بل ظاهر النصوص خلافه. وفي الدروس[6]: «لا تجب إلاّ مع الاستطاعة للحجّ»، واستدلّ بأمُور مدخولة لا تصلح لمعارضة الأدلّة، منها: انّه لو وجبت لكان من استكمل الاستطاعة لها فمات قبل أدائها وقبل ذي الحجّة وجب استئجارها عنه من التركة، ولم يذكر ذلك في كتاب ولا خبر[7]، لكنّه كما تري! ولو تمّ دلّ على عدم وجوب القضاء لا نفي وجوب الأداء.

(4) لا يخلو من نظر؛ لأنّ الدليل على اعتبار الرجوع إلى كفاية ـ على تقدير تماميّته ـ ظاهر في اعتبار ذلك في الاستطاعة المذكورة في الآية الشريفة شرطاً لوجوب الحجّ، فلا فرق بين حجّ التمتّع وغيره، لإطلاق الآية، ولا بين العمرة والحجّ في اعتبار الاستطاعة، ولا في شرائطها؛ للنصوص[8].

--------------------------------------------------
[1]. التذكرة 8: 433، كشف اللثام 6: 291، الرياض 7: 201.
[2]. منها: وسائل الشيعة 14: 295 و296 و297، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 1، الحديث 2 و3 و7.
[3]. التذكرة 8: 433، المدارك 8: 459، الرياض 7: 201، كشف اللثام 6: 291.
[4]. وسائل الشيعة 14: 305، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 5.
[5]. المسالك 2: 494، المدارك 8: 459، كشف اللثام 6: 291.
[6]. الدروس 1: 338.
[7]. كشف اللثام 6: 292.

ـ(588)ـ

--------------------------------------------------
عدمه(1)(2)، فلا تجب على الأجير بعد فراغه من عمل النيابة وهو بمكّة مع

(1) بل أقواهما وجوبها عليه، وبذلك يظهر الوجوب في الأجير والبعيد، والاستيجار من ماله، كما لا يخفي. (صانعي)

(2) كما مال إليه في الجواهر[1]، مستشهداً عليه بالسيرة على عدم استقرار عمرة على من استطاع من النائين فمات، أو ذهبت استطاعته قبل أشهر الحجّ، وعدم الحكم بفسقه لو أخّر الاعتمار عن أشهر الحجّ، ولما ذكره الأصحاب[2] من أنّ العمرة قسمان: متمتّع بها، وهي فرض النائي، ومفردة وهي فرض غيره، ولما في المسالك[3] ممّا هو ظاهر في المفروغيّة من أنّ العمرة المفردة لا تجب على النائي بعد نزول آية التمتّع.
لكنّ الجميع لا يخلو عن نظر: إذ الأوّل غير تامّ بنحو ترفع لأجله اليد عن الأدلّة. والثاني - مع أنّه غير تامّ أيضاً؛ لأنّ قولهم: «وتسقط المفردة معها»- يمكن أن يكون قرينة على إرادة عدم لزوم فعل المفردة على النائي تعييناً، لا أنّها لا تجب عليه أصلاً، ولو سلم فلم يتّضح كونه إجماعاً بنحو يصحّ الاعتماد عليه في رفع اليد عن الأدلّة، والظاهر أنّ المراد ممّا في المسالك ما ذكرنا، فلاحظ قوله «ره»: «وكانت عمرة التمتّع قائمة مقام الأصليّة، مجزية عنها، وهي منها بمنزلة الرخصة من العزيمة»[4].

وبالجملة: الخروج عن عموم الأدلّة بمثل ذلك غير ظاهر، بل نصوص الاجتزاء بعمرة التمتّع عنها كالصريحة في وجوبها على النائي، ففي صحيح يعقوب في قوله تعالى: «وأتموا الحج والعمرة للّه»: «يكفي الرجل إذا تمتّع بالعمرة إلى الحجّ مكان تلك العمرة المفردة»[5]، ونحوه غيره[6].

--------------------------------------------------
[1]. وسائل الشيعة 11: 33، كتاب الحجّ، أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، الباب 8.
[2]. الجواهر 20: 445.
[3]. المسالك 2: 497، المدارك 8: 460، كشف اللثام 6: 292.
[4]. المسالك 2: 497.
[5]. المسالك 2: 498.
[6]. التهذيب 5: 433، الحديث 1504، الاستبصار 2: 325، الحديث 1151، وسائل الشيعة 14: 306، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 5، الحديث 4.

ـ(589)ـ

--------------------------------------------------
[1]. تفسير العيّاشي 1: 87، الحديث 219، وسائل الشيعة 14: 307، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 5، الحديث 8.

ـ(590)ـ

--------------------------------------------------
استطاعته لها(1)، ولا على البعيد الذي استطاع لها وكان لا يتمكّن من الوقوفين، ولا يجب الاستئجار لها من ماله إذا استطاع ومات قبل الموسم بعد أن مضي من أشهر الحجّ ما يكفي لأداء العمرة وحدها، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

وأمّا العرضي: فهي الواجبة بالنذر، والعهد، والحلف، والشرط في ضمن العقد، وبالإفساد، أو فوات الحجّ أيضاً، فيتحلّل عن إحرامه حينئذٍ بعمرة مفردة كما تقدّم(2)، وتجب أيضاً لدخول مكّة، بمعني: أنّ من أراد دخول مكّة لم يجز له أن يتجاوز الميقات، ولاّ دخول حرمهاً إلاّ محرماً، لغير من يتكرّر منه الخروج منها والدخول إليها قبل مضي شهر(3)، كما تقدّم(4)، فإن لم يكن مريداً لحجّ واجب أو مندوب يتحلّل عن إحرامه حينئذٍ بعمرة مفردة، وتستحبّ
نعم، يشكل ذلك في النائي المستطيع، فإنّه إذا وجب عليه حجّ التمتّع فلو وجبت عليه المفردة يلزم وجوب عمرتين، وذلك خلاف الإجماع والنصوص، إلاّ أن يكون المراد عدم وجوب أداء عمرتين، فلا يشمل المقام الذي تجزئ فيه إحداهما عن الأخرى. وفي خبر أبي بصير: «العمرة مفروضة مثل الحجّ فإذا أدّي المتعة فقد أدّي العمرة المفروضة»[1]، وظاهره أنّ عمرة التمتّع هي المفروضة، فلا يجب على النائي غيرها.

(1) من كانت وظيفته حجّ التمتّع، كالذي يبعد عن مكّة 16 فرسخا شرعيّا أو أكثر، إن كان مستطيعا للعمرة دون الحجّ تجب عليه العمرة المفردة، كالذين يحجّون نيابة، إن كانت نيابتهم في السنة الأولى. (صانعي)

(2) للنصوص.

(3) لو جاء بالعمرة وخرج من الحرم وأراد العودة إلى الحرم أو مكّة قبل انقضاء شهر على خروجه من مكّة، لم يجب عليه إحرام آخر؛ لعدم مضيّ شهر على خروجه من مكّة. (صانعي)

(4) في المسألة الرابعة من مسائل المواقيت. (حكيم) ـ على ماتقدّم. (صانعي)

--------------------------------------------------
[1]. الفقيه 2: 274، الحديث 1339، وسائل الشيعة 14: 306، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 5، الحديث 6.

ـ(591)ـ

--------------------------------------------------
في ما عدا ذلك في كلّ شهر(1)، ويتأكّد(2) استحبابها في رجب، ويكره أن يأتي

(1) لقول على، (عليه السلام): «لكلّ شهر عمرة»، كما في صحيحي ابن عمّار[1]، والحجّاج[2] وموثّق يونس بن يعقوب[3]، ونحوه قول الرضا (عليه السلام) كما في صحيح البزنطي[4]. نعم، في صحيح الحلبي: «العمرة في كلّ سنة مرّة»[5]. وفي صحيح حريز[6] وغيره[7]: «لا يكون عمرتان في سنة»، لكنّهما نادران مهجوران محمولان على عمرة التمتّع، أومطروحان، وعمل بهما العمّاني[8] ـ كما قيل ـ[9] لكنّه غير ثابت، ويحتمل حمل الأوّل على إرادة سببيّة السنة للعمرة.

(2) للنصوص الكثيرة الدالّة على ذلك، منها صحيح زرارة: «وأفضل العمرة عمرة رجب»[10].

--------------------------------------------------
[1]. التهذيب 5: 435، الحديث 1509، الاستبصار 2: 326، الحديث 1154، وسائل الشيعة 14:308، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 4.
[2]. الكافي 4: 534، الحديث 2، وسائل الشيعة 14: 307، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 1.
[3]. الكافي 4: 534، الحديث 1، التهذيب 5: 434، الحديث 1507، وسائل الشيعة 14: 307، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 2.
[4]. وسائل الشيعة 14: 309، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث11.
[5]. التهذيب 5: 435، الحديث 1511، الاستبصار 2: 326، الحديث 1156، وسائل الشيعة 14:309، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 6.
[6]. التهذيب 5: 435، الحديث 1512، الاستبصار 2: 326، الحديث 1157، وسائل الشيعة 14:309، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 7.
[7]. الفقيه 2: 278، الحديث 1362، التهذيب 5: 435، الحديث 1511، الاستبصار 2: 326، الحديث 1156، وسائل الشيعة 14: 309، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 6 و8.
[8]. حكاه عن العمّاني في التنقيح 1: 526، الحدائق 16: 319.
[9]. المستند 11: 163.
[10]. التهذيب 5: 433، الحديث 1502، وسائل الشيعة 14: 301، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 3، الحديث 2.

ـ(592)ـ

----------------------------------------------
بعمرتين متواليتين لم يفصل(1) بينهما عشرة أيّام، بل الأحوط تركه(2)

(1) أمّا مع الفصل بها، فالظاهر أنّه لا بأس، كما يقتضيه ـ مضافاً إلى إطلاق الأدلّة ـ خبر ابن أبي حمزة[1] الآتي المعوّل عليه عند الجماعة، المنجبر به ضعفه لو كان، والتوقّف لذلك في غير محلّه، ولا سيّما بناء على قاعدة التسامح في أدلّة السنن.

(2) للقول بحرمته من جماعة من القدماء والمتأخّرين[2]؛ لخبر ابن أبي حمزة: «لكلّ[3] شهر عمرة، قلت له: يكون أقلّ؟ قال (عليه السلام): لكلّ عشرة أيّام عمرة»، لكنّه غير ظاهر في تحديد المشروعيّة بنحو

-------------------------------------------------
[1]. الكافي 4: 534، الحديث 3، الفقيه 2: 239، الحديث 1141، التهذيب 5: 434، الحديث 1508، الاستبصار 2: 326، الحديث 1158، وسائل الشيعة 14: 308، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 3.
[2]. جمل العلم والعمل: 103، المسائل الناصريّات (الجوامع الفقهيّة): 208، وعن العمّاني: أنّه لايكون في السنة إلاّ عمرة واحدة، فأقلّ مايكون بينهما السنة. (نقله عن العمّاني في التنقيح 1: 526، الحدائق 16: 319).
واختلف في الزمان بين العمرتين، فقيل سنة، والقائل هو الحسن، نقله في المختلف 4: 369، وقيل شهر وهو اختيار النافع: 99، الوسيلة: 196، التهذيب 5: 434، الكافي في الفقه: 221، الغنية (الجوامع الفقهيّة): 521، المختلف 4: 369، الدروس 1: 337، وقيل عشرة ايّام: المهذّب 1: 211، الجامع للشرائع: 179، المبسوط 1: 309، الخلاف 2: 260، التحرير 1: 401، المنتهي 2: 877، الإرشاد 1: 338، ثمّ صرّح الحسن والإصباح والنافع وظاهر الوسيلة وكتب الشيخ: وجوب الفصل بأحد ما ذكروا. وأنّها لا تصحّ بدونه؛ لأنّها عبادة.
وفي المنتهي الكراهية: المنتهي 2: 877، وقيل بالتوالي، وهو خيرة بعض الفقهاء: جمل العلم والعمل: 63، الناصريّات (الجوامع الفقهيّة): 244، السرائر 1: 540، المراسم: 104.
[3]. الكافي 4: 534، الحديث 3، الفقيه 2: 239، الحديث 1141، التهذيب 5: 434، الحديث 1508، الاستبصار 2: 326، الحديث 1158، وسائل الشيعة 14: 308، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 3.

ـ(593)ـ

-------------------------------------------------
يقيّد به أدلّتها، بل لا يبعد ظهوره في تحديد الأسباب الزمانيّة بذلك لا غير، فلا ينافي ثبوت السببيّة الذاتيّة.

ـ(594)ـ

--------------------------------------------------
كما تقدّم، وإن كان الجواز مع الكراهيّة العباديّة(1) أقوي(2).

(1) إذا تمّ حمل خبر ابن أبي حمزة على تحديد الأسباب الزمانيّة يشكل البناء على الكراهة، إلاّ مع الاعتماد على الفتوي بها من الجماعة، بناءً على تماميّة قاعدة التسامح بمثل ذلك. (حكيم) بل بدونها. (صانعي)

(2) الكراهيّة، ولو بالمعني المذكور غير ثابتة، بل ممنوعة. وما في الأخبار من أنّ لكلّ شهر، أو في كلّ شهر عمرة لا دلالة فيها على عدم الاستحباب في الأقلّ، بل ما في خبر على ابن أبي حمزة[1] من سؤاله عن الأقلّ: «قلت: يكون أقّل»، كصريح في عدم فهمه من العبارة المزبورة، المنع عن غيره ولو على سبيل الكراهة، خصوصاً بعد ما أقرّه الإمام (عليه السلام) على ذلك: «وقال (عليه السلام): لكلّ عشرة عمرة»، والظاهر استحبابه مطلقاً ولو في كلّ يوم.
وما ورد من التحديد بالعشرة أو الشهر، فالمراد منه بيان استحباب العمرة وفضيلته، وأنّه ان لم يوفّق بالإتيان في السنة ففي كل شهر وإلاَّ ففي كلّ عشرة، تأكيداً للفضيلة وعدم الترك في أقلّ من ذلك، فعلي هذا يكون تلك الأخبار نظير أخبار التحديد في زيارة أبي عبد الله (عليه السلام)، كرواية حنّان ابن سدير، عن أبيه قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): يا سدير، تزور الحسين (عليه السلام) في كلّ يوم؟ قلت: جعلت فداك، لا، قال: فما أجفاكم قال: فتزورونه في كلّ جمعة؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ سنة؟ قال: قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير، ما أجفاكم للحسين (عليه السلام)، أما علمت أنّ للّه عزّ وجلّ ألفي ألف ملك شعثاً غبراً يبكونه، ويزورونه، لا يفترون[2]... الحديث. (صانعي)

-------------------------------------------------
[1]. الكافي 4:534، الحديث 3، الفقيه 2:239، الحديث 1141، التهذيب 5:434، الحديث 1508، الاستبصار 2:326، الحديث 1158، وسائل الشيعة 14: 308، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 6، الحديث 3.
[2]. الكافي 4:589، الحديث 8، الفقيه 2:361، الحديث 1618، التهذيب 6:116، الحديث 205، وسائل الشيعة 14: 493، كتاب الحجّ، أبواب المزار، الباب 63، الحديث 2.

ـ(595)ـ

--------------------------------------------------
الثاني: تنقسم العمرة إلى تمتّع، وإفراد وتقدّم أفعال عمرة التمتّع وأحكامها. أمّا المفردة فأفعالها ثمانية(1): النيّة، ثمّ الإحرام من أحد المواقيت مع مروره عليه، وإلاّ فمن دويرة أهله إن كان خارج الحرم، وإلاّ فمن أدني الحلّ، ثمّ الطواف وركعتاه، ثمّ السعي، ثمّ الحلق أوالتقصير، ثمّ طواف النساء وركعتاه.

الثالث:[في حكم جواز العدول عن العمرة المفردة إلى التمتّع] لو أحرم الآفاقي، أوالمكّي من الميقات بعمرة مفردة ندباً، ودخل مكّة جاز(2) أن يعدل بها إلى عمرة التمتّع بل هو الأفضل، فيتعيّن عليه التقصير حينئذٍ، ولا يطوف طواف النساء والأحوط شديداً أن يحجّ حينئذٍ حجّ التمتّع، وعليه دمه، بل لا يخلو وجوبه عن قوّة. ولو لم يعدل جاز له ترك الحجّ والخروج إلى أهله ولو يوم التروية، وإن كان الأولى خلافه.

(1) بلا خلاف في ذلك[1]، ولا إشكال. وفي صحيح ابن سنان في العمرة المبتولة: «يجزئه إذا طاف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة وحلق أن يطوف طوافاً واحداً بالبيت، ومن شاء أن يقصر قصّر»[2]، وفي صحيح ابن عمّار[3]: المعتمر عمرة مفردة إذا فرغ من طواف الفريضة، وصلّي الركعتين خلف المقام، والسعي بين الصفا والمروة حلق أوقصّر.

(2) لا إشكال في جواز التطوّع بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، ولا في جواز الاقتصار عليها بدون إلحاقها بالحجّ. وقد استفاضت النصوص بذلك، كما لا إشكال في جواز إلحاقها بحجّ التمتّع الواجب فيه الهدي، وإنّما الإشكال في وجوب ذلك إذا أدركه يوم التروية، فعن القاضي[4]: الوجوب؛ لصحيح ابن يزيد: «من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء، إلاّ أن يدركه خروج الناس يوم التروية»[5]، لكنّه معارض بصحيح معاوية: «إنّ المتمتّع مرتبط بالحجّ، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء، وقد اعتمر الحسين (عليه السلام) في ذي الحجّة ثمّ راح يوم التروية إلى العراق، والناس يروحون

--------------------------------------------------
[1]. السرائر 1: 634، المدارك 8: 460، الرياض 7: 203، كشف اللثام 6: 295.
[2]. الكافي 4: 538، الحديث 6، وسائل الشيعة 14: 316، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 9، الحديث 1.
[3]. الفقيه 2: 275، الحديث 1342، وسائل الشيعة 14: 316، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 9، الحديث 2.
[4]. المهذّب 1: 272.
[5]. الفقيه 2: 274، الحديث 1336، وسائل الشيعة 14: 313، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 7، الحديث 9.

ـ(596)ـ

--------------------------------------------------
إلى منى.
ولا بأس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحجّ»[1]، المعتضد بإطلاقات الرخصة في الترك. ثمّ إنّ ما في المتن ـ من استحباب العدول بالمفردة إلى التمتّع، وترتيب أحكامها من تعيّن التقصير وعدم الحاجة إلى طواف النساء ـ هو ظاهر الأصحاب[2]، لكنّ المصرّح به في النصوص أنّ ذلك بعد الفراغ من العمرة المفردة بما لها من الأحكام، ففي قويّ ابن يزيد: «من دخل مكّة معتمراً مفرداً للحجّ فيقضي عمرته كان له ذلك، وإن أقام إلى أن يدركه الحجّ، كانت عمرته متعة»[3]. وفي موثّق سماعة: «من حجّ معتمراً في شوّال ومن نيّته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلى الحجّ فهو متمتّع، لأنّ أشهر الحجّ شوّال وذو القعدة وذوالحجّ، فمن اعتمر فيهنّ فأقام إلى الحجّ فهي متعة، ومن يرجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحجّ فهي عمرة»[4].
وعلي هذا يتعيّن حمل الصحيح: «عن المعتمر في أشهر الحجّ فقال (عليه السلام): هي متعة»[5]، والمرسل: «من اعتمر في أشهر الحجّ فليتمتّع»[6]، على إرادة إلحاق التمتّع بها، لا العدول بها إلى عمرة التمتّع، وترتيب أحكامها كما أنّه لو بني على الأخذ بظاهر صحيح ابن يزيد فظاهره وجوب الحجّ على من أدركه يوم التروية، مع كون العمرة إلى تمامها كانت مفردة، وكذلك ظاهر المحكي عن المرتضي[7]، فلا يختصّ الوجوب بصورة العدول في الأثناء، وكأنّ ما في المتن من التفصيل في الوجوب وعدمه بين صورة العدول في الأثناء وعدمه مبنيّ على حمل صحيح ابن يزيد على الأوّل، وصحيح معاوية على الثاني، لكنّه جمع بلا شاهد، فالأولي الجمع بالحمل على الاستحباب.
ولا يتوهّم أنّ فعل الحسين (عليه السلام) كان من جهة الضرورة، فإنّ ذلك خلاف ظاهر الاستدلال به

--------------------------------------------------
[1]. الكافي 4: 535، الحديث 4، التهذيب 5: 437، الحديث 1519، الاستبصار 2: 328، الحديث 1163، وسائل الشيعة 14: 311، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 7، الحديث 3.
[2]. المسالك 2: 498، المدارك 8: 464، كشف اللثام 6: 296، الرياض 7: 204، المستند 13: 123.
[3]. التهذيب 5: 435، الحديث 1513، وسائل الشيعة 14: 312، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 7، الحديث 5.
[4]. الفقيه 2: 274، الحديث 1335، وسائل الشيعة 11: 270، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 10، الحديث 2.
[5]. التهذيب 5: 436، الحديث 1514، وسائل الشيعة 14: 311، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، الباب 7، الحديث 4.
[6]. المستدرك 10: 179، الجواهر 20: 410.
[7]. اُنظر المهذّب 1: 272.

ـ(597)ـ
--------------------------------------------------
في الصحيح.

ـ(598)ـ
--------------------------------------------------
الفائدة الثانية: يستحبّ(1) الدخول في الكعبة زادها الله تعالى شرفاً بلا حذاء(2)، أي نعل يحتذي به، ويتأكّد(3) استحبابه للصرورة، بل الأولى والأحوط أن لا يتركه. نعم، لا يتأكّد(4) على النساء، ويستحبّ(5) الغسل قبل ذلك،

(1) في موثّق ابن القداح: «الدخول فيها دخول في رحمة الله تعالى، والخروج منها خروج من الذنوب... »[1] الحديث، وقريب منه غيره[2].

(2) في صحيح معاوية: «ولا تدخلها بحذاء»[3].

(3) للنصوص الكثيرة الدالّة عليه، ففي صحيح الأعرج: «لابّد للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع»[4]، وفي صحيح حمّاد: «وأمّا الصرورة فيدخله، وأمّا من قد حجّ فلا»[5]، ونحوهما غيرهما[6]، المحمولة على الاستحباب إجماعاً، مضافاً، إلى ما يظهر من التعبير بـ «أحبّ» و«يستحبّ»، ونحوهما من الاستحباب.

(4) للنصوص الدالّة على وضعه عنهنّ، ففي الصحيح: «عن دخول النساء الكعبة قال (عليه السلام): ليس عليهنّ وإن فعلن فهو أفضل»[7].

(5) للأمر به في صحيح معاوية[8].

--------------------------------------------------
[1]. الكافي 4: 527، الحديث 2، وسائل الشيعة 14: 285، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى المني، الباب 16، الحديث 1.
[2]. الكافي 4: 529، الحديث 6، التهذيب 5: 277، الحديث 947، الكافي 4: 461، الحديث 3، التهذيب 5: 191، الحديث 636، وسائل الشيعة 13: 273، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات‏الطواف، الباب 35، الحديث 1 و2.
[3]. الكافي 4: 528، الحديث 3، التهذيب 5: 276، الحديث 945، وسائل الشيعة 13: 275، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 36، الحديث 1.
[4]. الكافي 4: 529، الحديث 6، التهذيب 5: 277، الحديث 947، وسائل الشيعة 13: 273، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 35، الحديث 1.
[5]. التهذيب 5: 277، الحديث 948، وسائل الشيعة 13: 273، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 35، الحديث 3.
[6]. الفقيه 2: 154، الحديث 668، وسائل الشيعة 13: 273، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 35، الحديث 4.
[7]. التهذيب 5: 448، الحديث 1561، وسائل الشيعة 13: 283، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 41، الحديث1.
[8]. الكافي 4: 528، الحديث 3، التهذيب 5: 276، الحديث 945، وسائل الشيعة 13: 275، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 36، الحديث 1.

ـ(599)ـ

--------------------------------------------------
وليقل(1) إذا دخلت: «اللّهم إنّك قلت: «ومن دخله كان آمنا فآمنّي» من عذاب النار»، بل ينبغي للصرورة قول ذلك في جميع الزوايا، كما أنّه ينبغي له(2) ولغيره الصلاة بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين، يقرأ في الأولى: «الحمد، وحم السجدة، وفي الثانية: الحمد، وعدد بانها، ويصلّي(3) في زوايا البيت، كلّ زاوية ركعتين، ويقول: «اللّهم من تهيّأ، أوتعبّأ، أوأعدّ، أواستعدّ لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده، وجائزته، ونوافله وفواضله، فإليك يا سيّدي تهيّئتي، وتعبّئتي، وإعدادي، واستعدادي، رجاء رفدك، ونوافلك وجائزتك، فلا تخيّب اليوم رجائي، يا من لا يخيّب عليه سائل، ولا ينقصه نائل فإنّي لم آتك اليوم بعمل صالح قدّمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكن أتيتك مقرّاً بالظلم والإساءة على نفسي، فإنّه لاحجّة لي ولا عذر، فأسألك يا من هو كذلك أن تعطيني مسألتي، وتقيلني عثرتي، وتقلّبني برغبتي، ولا تردّني مجبوهاً ممنوعاً، ولا خائباً يا عظيم، يا عظيم، يا عظيم، أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، لا إله إلاّ أنت»، ولا تبزق(4) ولا تمتخط فيها ولو منع الزحام عن المضي إلى الزوايا

(1) كما في صحيح معاوية[1].

(2) لإطلاق صحيح معاوية الآمر بالصلاة.

(3) كما في صحيح معاوية[2].

(4) للنهي عنه وعمّا بعده في صحيح معاوية[3].

--------------------------------------------------
[1]. الكافي 4: 528، الحديث 3، التهذيب 5: 276، الحديث 945، وسائل الشيعة 13: 275، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 36، الحديث 1.
[2] و[3]. نفس المصدر السابق.

ـ(600)ـ

--------------------------------------------------
فليستقبل(1) كلّ زاوية وهو في مكانه، وليكبر، وليدع، وليسأله وهو في مكان صلاته ويستحبّ السجود فيها وأن يقول(2) في سجوده: «لا يردّ غضبك إلاّ حلمك، ولا يجير من عذابك إلاّ رحمتك، ولا ينجي منك إلاّ التضرّع إليك، فهب لي يا إلهي فرجاً بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد، وبها تنشر ميّت البلاد، ولا تهلكني يا إلهي حتى تستجيب لي دعائي، وتعرفني الإجابة، اللّهم ارزقني العافية إلى منتهي أجلي، ولا تشمت بي عدوّي، ولا تمكّنه من عنقي، من ذا الذي يرفعني إن وضعتني، ومن ذا الذي يضعني إن رفعتني، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك، أويسألك عن أمره، فقد علمت يا إلهي أنّه ليس في حكمك ظلم، ولا في نقمتك عجلة، إنّما يعجّل من يخاف الفوت، ويحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك، إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضاً، ولا لنقمتك نصباً، ومهّلني ونفسي، وأقلني عثرتي، ولا ترد يدي في نحري، ولا تتبعني ببلاء على إثر بلا،، فقد تري ضعفي وتضرّعي إليك، ووحشتي من الناس، وأُنسي بك، أعوذ بك اليوم فأعذني، وأستجير بك فأجرني، وأستعين بك على الضّراء فأعنّي، وأستنصرك فانصرني، وأتوكّل عليك فاكفني، وأُؤمن بك فآمنّي، وأستهديك فاهدني، وأسترحمك فارحمني، وأستغفرك ممّا تعلم فاغفر لي، وأسترزقك من فضلك الواسع فارزقني، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم».

(1) كذا في نجاة العباد[1]، ولا يحضرني مأخذه.

(2) روي ذريح[2]: أنّه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) في الكعبة وهو ساجد يقول الدعاء المذكور.

--------------------------------------------------
[1]. هداية الناسكين: 240.
[2]. التهذيب 5: 276، الحديث 946، وسائل الشيعة 13: 279، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 37، الحديث 1.

ـ(601)ـ
--------------------------------------------------
فإذا خرج من الكعبة استحبّ له‏التكبير(1) ثلاثاً وهو خارج، ثمّ يقول: «اللّهم لا تجهد بلاءنا، ربّنا ولا تشمت بنا أعداءنا فإنّك أنت الضار النافع»، ثمّ اخرج(2)، واجعل الدرجة عن يسارك، وصلّ ركعتين، وإذا أردت(3) الولد: أفض عليك دلواً من ماء زمزم ثمّ ادخل البيت، فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب، ثمّ قل: «اللّهم إنّ البيت بيتك، والعبد عبدك»، وقد قلت: «من دخله كان آمنا»، «فآمنّي من عذابك، وأجرني من سخطك»، ثمّ ادخل البيت، فصلّ على الرخامة الحمراء ركعتين، ثمّ قم إلى الأسطوانة التي بحذاء الحجر، وألصق بها صدرك، ثمّ قل: «ياواحد، يا أحد، يا ماجد، يا قريب، يا بعيد، يا عزيز، يا حكيم، لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين، وهب لي من لدنك ذريّة طيّبة إنّك سميع الدعاء»، ثمّ در بالأسطوانة فألصق بها ظهرك وبطنك، وتدعو بهذا الدعاء.

ويستحبّ(4) الشرب من ماء زمزم، بل الارتواء منه،

(1) في صحيح عبد الله بن سنان: أنّه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) وهو خارج من الكعبة وهو يقول: «الله أكبر، الله أكبر» حتى قالها ثلاثاً، ثمّ قال (عليه السلام): «اللّهم... »[1].

(2) كما تضمّنه صحيح ابن سنان[2] المتقدّم، الحاكي لفعل أبي عبد الله (عليه السلام).

(3) هذا إلى آخره رواه معاوية بن عمّار في الصحيح[3].

(4) كما يفهم من جملة من النصوص[4].

--------------------------------------------------
[1]. الكافي 4: 529، الحديث 7، التهذيب 5: 279، الحديث 956، وسائل الشيعة 13: 282، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 40، الحديث 1.
[2]. المصدر نفسه.
[3]. الكافي 4: 530، الحديث 11، التهذيب 5: 278، الحديث 952، وسائل الشيعة 13: 277، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 36، الحديث 5.
[4]. منها: الكافي 4: 430، الحديث 9، التهذيب 5: 144، الحديث 477، التهذيب 5: 471، الحديث 1657، وسائل الشيعة 13:473، أبواب السعي، الباب 2، الحديث 2. وسائل الشيعة 13: 245، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطواف، الباب 20، الحديث 1 و2 و3.

ـ(602)ـ

--------------------------------------------------
فإنّه يحدث(1) به الشفاء، ويصرف عنه الداء، وبه تنال(2) الحاجات، وتدرك الطلبات، والأهمّ طلب المغفرة، والفوز بالجنّة، والنجاة من النار، وأهوال البرزخ والقيامة. ويستحبّ حمله، وإهداؤه واستهداؤه(3).

الفائدة الثالثة: في المصدود والمحصور.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org