فمن الروايات الواردة:

منها: صحيحة هشام، عن أبي‌ عبد‌الله(علیه السلام) في قوله تعالى‌: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ﴾، قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج، وقول الزور: الغناء».([806])

ومنها: رواية زيد الشحّام، قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن قول الله عزّوجلّ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾؟ فقال: «الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور: الغناء».([807])

ومنها: مرسلة ابن أبي ‌عمير، عن أبي‌ عبد‌الله(علیه السلام) في قول الله تبارك وتعالى‌: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾، قال‌: «قول الزور: الغناء».([808])

ومنها: رواية أبي ‌بصير، قال‌: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن قول الله عزّوجلّ؟ ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾، قال: «الغناء».([809])

ومنها: رواية عبدالأعلى، قال‌: سألت جعفر بن محمّد(علیهما السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾؟ قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج، وقول الزور: الغناء».([810])

بل ومنها: ما عن عبد‌الله بن أبي ‌بكر محمّد بن عمرو بن حزم ـ في حديث ـ قال: دخلت على أبي ‌عبد‌الله(علیه السلام)، فقال: «الغناء، اجتنبوا الغناء، اجتنبوا قول الزور»، فما زال يقول: «اجتنبوا الغناء، اجتنبوا»، فضاق بي المجلس وعلمت أنّـه يعنيني.([811])

وهذه الروايات حجّة على حرمة الغناء؛ سنداً ودلالةً.

أمّا ‌سنداً، فلما فيها صحيحة هشام ومرسلة ابن أبي ‌عمير الذي يحكم باعتبار مراسيله، والثلاثة الباقية وإن كان في سندها ضعفٌ وليست بحجّة، لكنّـها مؤيّدة.

وأمّا دلالةً، فلأنّها تدلّ على أنّ الغناء قول الزور، وقول الزور هو الذي صار مورداً للأمر المتعلّق بمادّة الاجتناب، مثل الرجس من الأوثان، المقارن مع قول الزور.

وبذلك يظهر أنّ هذه الطائفة من الروايات تدلّ على حرمة الغناء ووجوب اجتنابه مادّةً وهيئةً وسياقاً، فإنّ الهيئة هي الأمر وهي تدلّ على وجوب الاجتناب، والمادّة هي الاجتناب وهي لا تستعمل في المباحات، والسياق هو ذكره في سياق الاجتناب عن الأوثان، فكما أنّ الاجتناب عن الأوثان واجبٌ، فكان الاجتناب عن الغناء أيضاً واجب، كما لايخفى.