|
الجهة الثانية:([705]) في حرمة تعليم السحر وتعلّمه
أنّ تعلّم السحر وتعليمه، مضافاً إلى حرمة عمله، حرامٌ أم لا؟ ذهب العـلّامة في كتبه إلى حرمتهما،([706]) بل في المنتهى ادّعى عدم الخلاف بين العلماء في حرمته. قـال(قدس سره): «لا خلاف بين العلماء كافّة في تحريم تعلّم السحر وتعليمه».([707]) ولكن يظهر ممّا ذكرناه سابقاً حال تعلّم السحر وتعليمه واختصاص حرمتهما بما لو كان بغرض الاستعمال والاستفادة في المحرّم، فإنّـه القدر المتيقّن من الأخبار الدالّة على حرمتهما، دون ما لو كان بغرض الاستفادة للموارد المباحة؛ لعدم الدليل عليه. ويؤيّد الحلّ ما قاله الشهيد الثاني: ولو تعلّمه ليتوقّي به، أو ليدفع به المتنبّي بالسحر، فالظاهر جوازه، وربما وجبت على الكفاية، كما اختاره الشهيد(رحمه الله) في دروسه([708]).([709]) وکذا ما قاله المقدّس الأردبيلي: ويمكن أن يكون تعلّم السحر للحلّ جائزاً، بل قد يجب كفاية؛ لمعرفة المتنبّي ودفعه ودفع الضرر عن نفسه وعن المسلمين، وقد أشار إليه في شرح الشرائع([710]) عن الدروس([711]).([712]) وکذا ما ذکره الجواهر. ففيه مضافاً إلى استدلاله للجواز بالأصل ـ بأنّ العلم في حدّ ذاته شريف وأنّـه خيرٌ من الجهل وأنّـه لايستوي من يعلم ولا يعلم، بل قيل: إنّـه لايخلو منه الأنبياء وأرباب المكاشفات؛ لأنّ العلم حَسنٌ في الذات.([713]) والاستدلال على حرمة تعلّم السحر بما في موثّـقة إسحاق بن عمّار، من قـول عليّ(علیه السلام) من: «أنّ من تعلّم شيئاً من السحر كان آخر عهده بربّه وحدّه القتل».([714]) فقد مرّ عدم تماميّـة الاستدلال بها؛ لكونها محمولة على ما إذا تعلّم وعمل، كما هو الغالب في التعلّم، وكان فيها الإيماء إلى ذلك، فراجع ما مرّ.([715]) إن قلت: التعليم والتعلّم مقدّمة للحرام، ومقدّمة الحرام ليست بمحرّم، كما ثبت في الأصول، فلا يمكن القول بحرمة تعليم السحر وتعلّمه ولو بغرض الاستفادة في المحرّم. قلت: مقدّمة الحرام وإن لم تكن حرماً مقدّميّاً غيريّاً، بل لايعقل حرمته كذلك، كوجوب مقدّمة الواجب على المختار، تبعاً لسيّدنا الأستاذ الإمام (سلام لله علیه)، لكن حرمة المقدّمة بحرمة نفسيّـة معقولٌ وممكنٌ، بل واقع، كمقدّمات شرب الخمر من الأصناف العشرة الملعونة في الروايات،([716]) وتعليم السحر وتعلّمه من مقدّمات عمل السحر يكون محرّماً، مثل تلك الأصناف. --------------------- [705]. مرّت الجهة الأُولي في الصفحة 228. [706]. راجع: تذكرة الفقهاء 12: 144؛ وتحرير الأحکام 260:2؛ وقواعد الأحکام 2: 9. [707]. منتهى المطلب 15: 388. [708]. الدروس الشرعيّـة 3: 164، درس 231. [709]. مسالك الأفهام 3: 128. [710]. مسالك الأفهام 3: 128. [711]. الدروس الشرعيّـة 3: 164، درس 231. [712]. مجمع الفائدة والبرهان 8: 79. [713]. راجع: جواهر الكلام 22: 78. [714]. تهذيب الأحکام 10: 147/586، باب من الزيادات، الحديث 17؛ وسائل الشيعة 28: 367، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب بقيّـة الحدود والتعزيرات، الباب 3، الحديث 2. [715]. راجع إلي الصفحة 226.
|