Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: المقام الأوّل: في التصرّفات المعلّقة على الموت

المقام الأوّل: في التصرّفات المعلّقة على الموت

والمراد بها التصرّف في المال عينآ كان أو منفعةً، أو الحقّ المتعلّق بالمال، كحقّ التحجير والشفعة ونحوهما ممّا يورّث معلّقآ على الموت؛ سواء كان التصرّف بنحو التمليک أوالفکّ أوالإبراء. والواقع منه في الشرع أمور أربعة؛ لعدم الدليل على صحّة ما عداها، بل الدليل على العدم، لمكان الإجماع على بطلان التصرّف المعلّق وكون التعليق مبطلا.

نعم، هنا أمور أخر لاينافيها التعليق، إلّا أنّها خارجة عن المقام من التصرّف الماليّ المعلّق على الموت، كاللعان والظهار والإيلاء والكتابة.

وكيف كان، فأحد الأربعة الوصيّة: تمليكيّة وعهديّة، بل الإيصاء أيضآ في الجملة.

ثانيها: التدبير؛ بناءً على عدم كونه وصيّةً، وإلّا فليس قسمآ على حدّة، وهو وإن كان محـلاّ للخلاف، حيث إنّ فيه أقوالا ثلاثة: أحدها: أنّه عتق معلّق، ثانيها: أنّه إيقاع مستقلّ، ثالثها: أنّه وصيّة، إلّا أنّ المعروف عدم كونه وصيّةً، بل يمكن

دعوى الإجماع عليه بإرجاع ما في النافع[1] . وعن المبسوط[2] من كونه وصيّة إلى ما هو المعروف

من كونه بمنزلتها. ويؤيّده ـ دعوى الشيخ[3] ـ الإجماع على أنّه وصيّة، مع أنّ المعروف ـ كما

عرفت[4] ـ على خلافه، فيكشف هذا عن أنّ مراده المنزلة.

وهذا هو الأقوى، لا لصحّة السلب؛ لإمكان منعها لغةً وشرعآ، ولايثمر صحّة السلب في عرف الفقهاء.

ولا لعدم صدق المعروف من تعريف الوصيّة عليه، وهو قولهم[5] : إنّها تمليک عين أومنفعة بعد

الموت؛ لأنّ هذا من اصطلاح الفقهاء، مع أنّه لايصلح دليلا؛ لإمكان أن يكون التعريف لقسم من الوصيّة.

ولا لأنّه لو كان وصيّةً لاحتاج إلى صيغة أخرى بعد الموت؛ إذ لم يثبت مشروعيّة إنشاء التحرير بالوصيّة، كما ثبت إنشاء التمليک بها؛ وذلک لأنّ التدبير بناءً على كونه وصيّةً من قبيل الوصيّة التمليكيّة، وعدم مشروعيّة إنشاء العتق بمثله ممنوع، وإنّما المسلّم عدم حصول الانعتاق فيما لو قال: «أعتقوا بعد موتي فلانآ»، وهو من قبيل الوصيّة العهديّة في الاحتياج إلى صيغة أخرى، كما لو قال: «أعطوا فلانآ كذا». ومن المعلوم أنّ هذا ليس من التدبير، بل التدبير هو أن يقول: «فلان حرّ بعد وفاتي»، وحصول العتق بمثله إجماعيّ؛ سواء قلنا أنّه وصيّة أولا، فالقدر المسلّم عدم حصول العتق بالوصيّة العهديّة، ولا دخل لها بالتدبير.

ولا لأنّه لو كان وصيّةً لما احتاج إلى القربة، مع أنّها معتبرة فيه؛ وذلک لأنّه لا منافاة في اعتبارها في هذا القسم من الوصيّة، لا من حيث إنّه وصيّة، بل من حيث إنّه عتق.

ولا لأنّه لو كان وصيّةً لم يجز التعليق على موت غير المولى من المخدوم والزوج؛ لأنّه يمكن أن يدّعى أنّ التدبير قسمان، ويمكن أنيقال: الوصيّة أعمّ وإن كان المتعارف منها المعلّقة على موت الموصي؛ للاخبار الدالّة على ذلک:

ففى صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق7:

«هو بمنزلة الوصيّة يرجع فيما شاء منها»[6] .

وفي صحيح هشام عنه7:

«هو مملوكه[7] بمنزلة الوصيّة»[8] .

وفي خبر أبي بصير عنه7:

«المدبّر مملوک ـ إلى أن قال : ـ وهو من الثلث، إنّما هو بمنزلة رجل أوصى بوصيّة، ثمّ بدأ له فغيّرها من قبل موته»[9] .

هذا، والإنصاف عدم صلاحيّتها أيضآ لإثبات المدّعى؛ لأنّها قابلة لإرادة التنظير بالوصيّة المتعارفة، فيمكن أن يقال: إنّها ليست بصدد بيان كون التدبير خارجآ عن الوصيّة وإلحاقه لها في الحكم، خصوصآ بملاحظة معارضتها بما يظهر منه كونه وصيّةً، كصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما8:

«المدبّر من الثلث، وقال: للرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحّة أو مرض»[10] .

ونحوها الموثّق[11] عن المدبّر، أ هو من الثلث؟ قال7:

«نعم، وللموصي أن يرجع في وصيّته في صحّة أومرض»[12] .

مع إمكان دعوى صدق‌الوصيّة عليه، ومجرّد كون‌المورد خصوص‌العتق لايوجب خروجه عنها، ودعوى اختصاصها بالتمليک كما ترى، ولذا يصحّ الوصيّة بالعتق فيما إذا قال: «أعتقوا فلانآ بعد موتي» إلّا أن يقال: إنّ الوصيّة غيرصادقة لغةً على مثل المقام ممّا ليس فيه عهد إلى الغير. ولازم هذا وإن كان خروج الوصيّة التمليكيّة أيضآ عنها، إلّا أنّه ثبت كونها وصيّةً ولم يثبت فيما نحن فيه، وفيه منع عدم الصدق، بل العهد إلى الغير قسمان:

صريح، كما إذا قال: «أعطوا أوأعتقوا».

وضمنيّ، كما إذا قال: «ملّكت زيدآ» أو«أعتقت عمروآ».

والأولى الاكتفاء في عدّه قسمآ آخر في قبال الوصيّة بأنّه مقتضى القاعدة بعد تعارض الأخبار والشکّ في كونه منها؛ إذ حينئذ لابدّ من كونه مستقلاّ في الأحكام سوى ما ثبت بالدليل كونه بمنزلة الوصيّة فيه.

ثمّ على فرض عدم كونه وصيّةً فالأقوى أنّه عتق معلّق لا إيقاع مستقلّ؛ لعدم الوجه له بعد معلوميّة صدق العتق عليه.

ثالثها: النذر المعلّق على الموت إذا كان نذرآ للغاية والنتيجة، كأن يقول: «لله عليّ عتق عبدي بعد وفاتي» أو«صدقة مالي» أو«ملكيّة زيد لمالي بعد وفاتي»، بناءً على صحّة مثل هذا النذر على ما يظهر من جماعة[13] ، وهو الأقوى؛ لعموم أدلّة النذر[14] ، بل يمكن أن يتمسّک بعموم أدلّة الصدقة[15]

والعتق[16] ونحوهما[17] ، ولايضرّ كون المعروف بينهم وجوب تجريد العتق عن التعليق على الشرط والصفة

وأنّه لو علّق بطل في غير التدبير، بل عن جماعة[18] دعوى الإجماع عليه: إمّا لمنع الإجماع؛ إذ

المحكيّ[19] عن القاضي[20] عدم المنع من التعليق على الوقت، وعن ابن الجنيد[21] عدم المنع عن

التعليق على الشرط، وعن النهاية[22] والاستبصار[23]

أنّه يقع العتق مشروطآ في النذور والقربات، كقوله: «إن شفاني الله فعبدي حرّ»، دون اليمين[24] ، كقوله:

«إن دخلت الدار فعبدي حرّ»، وكذا عن الغنية[25] .

وإمّا لمنع كونه مضرّآ بعد عدم الدليل على منافاة التعليق. والظاهر أنّ هذا الإجماع هو الناشئ عن الإجماع على مبطليّة التعليق كلّيّةً، ولايثمر بعد كون القدر المتيقّن غير المقام ممّا يتحمّل التعليق في الجملة، خصوصآ بعد تحقّق الخلاف من الجماعة.[26]

وإمّا لأنّ مورد الإجماع ما إذا علّق العتق على شرط بصيغة العتق لا بصيغة النذر، فالممنوع هو العتق المعلّق لا النذر المعلّق، والمقام من الثاني الذي يقبل التعليق، ولذا يظهر من بعضهم[27] المفروغيّة

في صحّة النذر المذكور، هذا في العتق. وأمّا الصدقة والتمليک فالأمر أظهر.

هذا، وربّما يستشكل من جهة أخرى، وهي أنّ الحرّيّة يحتاج إلى صيغة خاصّة، فلايجوز إنشاء العتق بصيغة النذر وهو كما ترى؛ إذ لا دليل على ذلک بعد عموم أدلّة النذر. نعم، مثل البيع والرهن والنكاح والطلاق وسائر العقود والإيقاعات لايصحّ نذر النتيجة فيها وإن لم يكن معلّقآ إذا أريد ثبوت عناوينها، بل، وكذا آثارها في غير البيع ونحوه؛ حيث إنّ إرادة إنشاء مطلق الملكيّة لا بأس به، ففي المقام أيضآ لا مانع من قصد الحرّيّة بالنذر المذكور، بل لابأس بقصد حصول العتق بعنوانه الخاصّ أيضآ.

وربّما يستشكل بوجه آخر، وهو أنّ نذر النتيجة يرجع إلى نذر غير المقدور، فلا معنى لإيجابه على نفسه.

وفيه: أنّ الواجب هو ترتيب الآثار لا نفس المنذور، فمعنى قوله: « لله عليّ عتق عبدي» ترتيب آثار العتق، كما في شرط ملكيّة زيد لماله في ضمن العقد.

وكيف كان، فلا يعقل نذر المسبّب معلّقآ على الموت؛ إذ لايمكنه الوفاء به، ولا معنى لنذر الإيجاب على الوارث بأن يقول: «لله عليّ أن يعتق ورثتي عبدي بعد موتي».

نعم، يصحّ نذر الوصيّة والتدبير، لكنّه ليس من المقام، بل هو داخل إمّا في الوصيّة، أو في التدبير؛ إذ بعد النذر يجب عليه إيجاد الوصيّة أو التدبير بصيغتهما، فلا يكون خارجآ عنهما.

رابعها: الشرط المعلّق على الموت في ضمن عقد من العقود أوابتداءً، بناءً على صحّة الشروط البدويّة، كأن يشترط حرّيّة عبده عند موته، أو ملكيّة زيد لماله، أو نحو ذلک، وحاله حال النذر في الإشكالات المتقدّمة[28] ، ويمكن أن يراد بأنّه يرجع إلى الشرط المجهول، والأقوى صحّته فيما لم

يثبت كونه مشروطآ بصيغة خاصّة، كالملكيّة والصدقة والحرّيّة ونحوها.

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ المختصرالنافع: .240

[2] ـ المبسوط :6 .171

[3] ـ الخلاف :6 411، المسألة .4

[4] ـ عرفته في الصفحة السابقة.

[5] ـ كالمحقّق في الشرائع :2 487، والعلّا مة في القواعد :2 443، والمحقّق السبزواريّ في الكفاية :2 .38

[6] ـ الكافي :7 23، باب أنّ المدبّر من الثلث، الحديث 4 ـ التهذيب :9 262، 225 ـ باب وصيّة الإنسان لعبده وعتقه...، الحديث 34 ـ الاستبصار:4 30 / 103، باب جواز بيع المدبّر، الحديث 15 ـ وسائل الشيعة :19 306 / 24663، كتاب الوصايا، أبواب أحكام الوصايا، الباب ،18الحديث .13

[7] ـ لايخفى أنّ جملة «هو مملوكه» الذي أورده السيّد المحقّق المؤلّف1 ليس في هذه الصحيحة، بل وردت في رواية محمّد بن مسلم:التهذيب :8 363 / 175، باب التدبير، الحديث 6 ـ وسائل الشيعة :19 306 / 24661، كتاب الوصايا، أبواب أحكام الوصايا، الباب ،18الحديث .11

[8] ـ الكافي :7 22، باب أنّ المدبّر من الثلث، الحديث 2 ـ الفقيه :4 176 / 618، باب نوادر الوصايا، الحديث 19 ـ التهذيب :9 262 / 227، بابوصيّة الإنسان لعبده وعتقه...، الحديث 36 ـ وسائل الشيعة :19 308 / 24667، كتاب الوصايا، أبواب أحكام الوصايا، الباب 19، الحديث.3

[9] ـ الكافي :6 184، باب المدبّر، الحديث 7 ـ التهذيب :8 363 / 174، باب التدبير، الحديث 5 ـ الاستبصار :4 30 / 102، باب جواز بيعالمدبّر، الحديث 14 ـ وسائل الشيعة :19 306 / 24662، كتاب الوصايا، أبواب أحكام الوصايا، الباب 18، الحديث .12

[10] ـ الكافي :7 22، باب أنّ المدبّر من الثلث، الحديث3 ـ الفقيه :3 72 / 248، باب التدبير، الحديث 6 ـ التهذيب :9 262 / 224، باب وصيّةالإنسان لعبده وعتقه...، الحديث 33 ـ وسائل‌الشيعة :19 307 / 24665، كتاب الوصايا، أبواب أحكام الوصايا، الباب 19، الحديث .1

[11] ـ هو موثّق زرارة عن أبي عبدالله7.

[12] ـ الكافي :6 184، باب المدبّر، الحديث 3 ـ التهذيب :8 362 / 172، باب التدبير، الحديث 3 ـ الاستبصار :4 30 / 104، باب جواز بيعالمدبّر، الحديث 16 ـ وسائل الشيعة :19 307 / 24664، كتاب الوصايا، أبواب أحكام الوصايا، الباب 18، الحديث .14

[13] ـ منهم السيّد في الرياض :13 69، والشهيد في كتابي الروضة :6 311، والمسالک :10 .394

[14] ـ وسائل الشيعة :23 293، كتاب النذر، الباب .1

[15] ـ وسائل الشيعة :19 209، كتاب الوقوف والصدقات، الباب .13

[16] ـ وسائل الشيعة :23 14، كتاب العتق، الباب .4

[17] ـ كالوقف، وسائل الشيعة :19 175، كتاب الوقوف والصدقات، الباب .2

[18] ـ منهم الشيخ في الخلاف :6 374، المسألة 18، وصاحب الجواهر :34 100، والعلّا مة في المختلف :8 107، المسألة .58

[19] ـ حكاه عنه العلّا مة في المختلف :8 106، المسألة .58

[20] ـ المهذّب :2 .368

[21] ـ حكاه عنه العلّا مة في المختلف :8 229، المسألة .60

[22] ـ النهاية: .564

[23] ـ الاستبصار :4 49، باب حكم العتق إذا علّق بشرط على جهة النذر، ذيل الحديث .2

[24] ـ النهاية: .556

[25] ـ الغنية :1 .388

[26] ـ منهم الشيخ في النهاية: 564، والعلّا مة في المختلف :8 107، المسألة 58، وصاحب الجواهر :34 .100

[27] ـ كالسيّد في الرياض :13 69، والشهيد في كتابي الروضة :6 311، والمسالک :10 .394

[28] ـ تقدّم في الصفحة 41 - 43 .

العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org