Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: قصاص النفس (درس5)
قصاص النفس (درس5)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 5
التاريخ : 2008/12/20

قصاص النفس (درس5)

بسم الله الرحمن الرحيم

أدلة القول الثاني
وأمّا القول الثاني فاستدلّ له بوجوه ثلاثة: من الاحتياط، ومن أنّه لمّا لم تكن الآلة مما يقتل به عادة فاجتماع القصد معها كالقصد بلا ضرب، ومن الأخبار الأُخرى المستفيضة.
مضافاً إلى النصوص الدالّة على عدم العمد بضرب الرجل بالعصا أو بالحجر بضربة واحدة فمات بها قبل أنْ يتكلّم.
منها: الموثق لأبي العباس عنأبي عبد اللّه عليه السلام, قال: قلت له: أرمي الرجل الشيء الذي لا يقتل مثله؟ قال: ((هذا خطأ)). ثمّ أخذ حصاة صغيرة فرمى بها. قلت: أرمي الشاة فأُصيب رجلاً؟ قال: ((هذا الخطأ الذي لا شكّ فيه، والعمد الذي يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله))[1].
ومنها: المرسل عن عبد اللّه بن سنان, قال: سمعتأبا عبد اللّه ـ عليه السلام ـ يقول: ((قالأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ: في الخطأ شبه العمد أنْ تقتله بالسوط أو بالعصا أو بالحجارة, إنّ دية ذلك تغلظ, وهي مائة من الإبل الحديثة...))[2].
ومنها: خبر زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام, قال: ((إنَّ العمد أنْ يتعمّده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أنْ يتعمّده ولا يريد قتله، يقتله بما لا يقتل مثله, والخطأ الذي لاشكَّ فيه أنْ يتعمّد شيئاً آخر فيصيبه))[3].
هذا، مع إمكان الجواب عن النصوص المتقدّمة بحمل العمد فيها على ما يشمل شبه العمد؛ لمقابلته بالخطأ المحض.
وفيه: لا دلالة لهذه الأخبار على المدَّعى أوّلاً؛ أمّا الموثَّق فإنَّ الظاهر منه بالقرينة الداخليّة والخارجيَّة كون مراد السائل الرمي بما لا يقتل بمثله مع عدم قصد القتل، فلا محلّ للاستفصال حتى يكون عدمه دليلاً على الأعمّ منه ومن قصد القتل.
أمّا الداخليّة, فأخذه ـ عليه السلام ـ الحصاة والرمي بها, حيث إنَّ تعليمه العملي للرمي بقصد الضرب العدواني فضلاً عمّا قصد به القتل بعيد عن ساحة المعصوم ـ عليه السلام ـ الذي يكون من عباده المخلصين إنْ لم نقل بامتناعه، فتعليمه لابدَّ وأنْ يكون لعدم قصد القتل, وفيه دلالة على مراد السائل كما لا يخفى.
وأمّا الخارجية، فقوله ـ عليه السلام ـ في موثق أبي العباس وزرارة: ((والخطأ أنْ يتعمده ولا يريد قتله، يقتله بما لا يقتل مثله))[4]. والاستدلال بذيل الصحيح وهو قوله ـ عليه السلام ـ: ((والعمد الذي يضرب الشيء الذي يقتل بمثله))[5].
ففيه: أنَّ الوصف بالصلة ليس لبيان الشرطيّة، بل لبيان اللازم الواقعي لقتل العمد، بمعنى أنَّ من يريد القتل فيقتله بما يقتل بمثله بحسب العادة.
ويشهد على ذلك قوله ـ عليه السلام ـ في موثق أبي العباس وزرارة: ((إنَّ العمد أنْ يتعمّده فيقتله بما يقتل بمثله)), حيث فرّع القتل بالآلة القتَّالة على التعمد, فذلك بيان للواقع والعادة لا الشرطيّة للصدق، وإلاّ لم يفرّعه بالفاء ولم يجعله جزاءً.
ويظهر الشهادة على ذلك أيضاً في قوله ـ عليه السلام ـ: ((والخطأ أنْ يتعمَّده ولا يريد قتله, يقتله بما لا يقتل مثله)). فإنَّ القتل بالآلة غير القتّالة جزاءٌ للشرط لا شرطاً في الصدق.
وبالجملة، ظاهر الموثقة ـ تفريعاً وجزاءً ـ هو بيان الأمر العادي لا الشرط الشرعي, فتدبّر جيداً وتأمَّل في كلمات المعصومين ـ عليهم السلام ـ حتى تطّلع على مقاصدهم العالية وأحكامهم السامية.
وأمّا المرسل, فالظاهر منه أيضاً صورة عدم قصد القتل, حيث إنَّ الشباهة بالعمد في الخطأ ليست إلاّ بقصد الضرب دون القتل, وإلاّ فهو عمد, ومع عدمها خطأٌ محض.
إنّه ـ عليه السلام ـ بصدد بيان شبه العمد من الخطأ الذي تغلظ ديته على دية الخطأ المحض, وهو محقَّق عرفاً ولغة مع قصد الضرب دون القتل, فعمده في الضرب، وخطؤه في القتل.
وأمّا خبر زرارة, فالظاهر منه بيان العادة لا الشرط كما مرّ تحقيقه، فهو كسابقيه مربوط بعدم قصد القتل، وعن محل البحث خارج.
هذا كلّه مع أنّ هذه النصوص على فرض تسليم الدلالة غير مكافئة; وذلك لترجيحها بموافقة الكتاب, والشهرة, وكثرة العدد, وأوضحيّة الدلالة؛ لما فيها من القَوَد الذي هو نصٌّ في العمد.
ولننقل عبارة (الرياض)؛ لما فيه من التوضيح لبعض ما ذُكر ومن الجواب عن بقية الوجوه، فبعد بيانه للوجوه الثلاثة وإمكان الجواب عن النصوص الدالّة على القول الأوّل، يحمل العمد فيها على شبه العمد, ويقول: (وفيه: أنّه معارض بإمكان حمل الأخبار الأخيرة على صورة عدم القصد إلى القتل كما هو الغالب في الضرب بما لا يقتل إلاّ نادراً، مع ضعف الشاهد على الحمل الأوّل بتضمّن جملةٍ منها التصريح بالقود في العمد, وهو لا يجامع حمله على شبه العمد أو ما يعمّه. هذا، مع أنّه لا داعي إلى هذا الحمل سوى الاحتياط الغير الـلازم مراعاته بعد قيام الدليل من العمومات والنصوص الصحيحة الظاهرة على خلافه، والتعليل بعده في غاية من الضعف سيّما في مقابلتها.
والنصوص المعارضة مع ضعف دلالتها جملة ـ كما عرفت ـ أكثرها ضعيفة السند, والمعتبرة منها بحسبه غير مكافئة للأدلة من وجوه عديدة، مع مخالفة الصحيح منها وما في معناه للإجماع ظاهراً؛ لجعلهما القتل بالسيف من قسم شبه العمد مطلقاً ولا قائل به مطلقاً)[6].
وما ذكره من مخالفة الصحيح وما في معناه للإجماع ظاهراً, الظاهر أنّ نظره إلى المرسل عن ابن سنان على نقله (السيف) بدل (السّوط), وهو مخالف لنقل (الوسائل) و(الكافي).
نعم، على صحّة نقله فالمخالفة للإجماع في محلّه, لكنّ الشأن في النقل.
ثالثها: ما ليس فيه قصد القتل ولا الآلة قتّالة, بل فيه قصد الفعل فقط كالضرب بالحصاة الصغار والعود الخفيف ونحوهما, في غير مقتل بغير قصد القتل. وفيه قولان:
أحدهما: أنّه عمد, كما عن الشيخ في (المبسوط)[7]، إمّا مطلقاً كما حكاه عنه جماعة, أو في الأشياء المحدّدة خاصّة كما حكاه عنه الفاضل الأصبهاني في (كشف اللثام)[8].
ثانيهما: أنّه خطأ شبه العمد, وهو الأشهر كما في (النافع) و(المسالك)[9], بل هو المشهور كما في (المجمع)[10]، بل لا خلاف فيه بين المتأخرين، بل عن (الغنية)[11] الإجماع عليه.
دليل الأوّل: عموم الآيات مثل (النَّفْسَ بالنَّفْسِ)[12] و(الحُرُّ بِالحُرِّ)[13] و(ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَليِّهِ سُلْطَاناً)[14]. وعموم الرّوايات, مثل:
صحيحة الحلبي, قال: قال أبو عبد اللّه ـ عليه السلام ـ: ((العمد: كلّ ما اعتمد شيئاً فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة, فهذا كلّه عمد.
والخطأ: من اعتمد شيئاً فأصاب غيره
))[15].
ورواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام, قال: ((لو أنّ رجلاً ضرب رجلاً بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات كان عمداً))[16].
ومرسلة جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام, قال: ((قتل العمد: كلّ ما عمد به الضرب فعليه القود، وإنما الخطأ أنْ تريد الشيء فتُصيب غيره)). وقال: ((إذا أقرَّ على نفسه بالقتل قُتِل وإنْ لم يكن عليه بيّنة))[17].
وما في صحيحةعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه ـ عليه السلام ـ من الحصر: ((وإنما الخطأ أنْ يريد شيئاً فيصيب غيره))[18].
وفيه: أمّا آية السلطنة فموضوعها المقتول مظلوماً، وصدقه مع عدم القصد إلى القتل ولا إلى سببه ـ أي الآلة القتّالة ـ مشكل بل ممنوع، فإنَّ المقتول في المورد مقتول اتّفاقاً وإنْ كان مضروباً ظلماً.
وأمَّا آية النفس فمربوطة بالقصاص, وهو منوط بالعمد في القتل المحلّ للكلام, فكيف الاستدلال بها؟
وبذلك يظهر الإشكال في عموم الأخبار؛ حيث إنَّ العموم تابع للصدق، وصدق العمد في القتل أوّل الكلام.
نعم، على فرض كون العموم من جهة التعبّد والادّعاء فالاستدلال تام، لكن الشأن فيه، فإنّ الادِّعاء مخالف للظاهر, ولا يُصار إليه إلاّ بدليل.
وأمَّا الحصر فمن المحتمل أنْ يكون بالنسبة إلى الخطأ المنسوب بالعمد، ويشهد عليه خبر أبي العباس وزرارة الآتي.
هذا كلّه مع أنَّ الدلالة في تلك الأدلة بأجمعها ليست إلاّ بالإطلاق, وعلى التماميّة فمقيّدة بالأخبار الآتية الخاصة الدالة على عدم كون المبحوث عنه عمداً.
هذا كلّه، مع ما في (مجمع الفائدة والبرهان) من المناقشة في سند رواية أبي بصير وصحيحة الحلبي وعبد الرحمن, وإنْ أجاب عنها في الأخير بل الأخيرين، لكنّها للمناقشة كافية، فتأمل.
دليل الثاني: موثقأبي العبّاس وزرارة عنأبي عبد اللّه عليه السلام, قال: ((إنّ العمد أنْ يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أنْ يتعمده ولا يريد قتله, يقتله بما لا يقتل مثله. والخطأ الذي لا شك فيه أنْ يتعمد شيئاً آخر فيصيبه))[19].
والموثَّق الأوّل وحده عنه عليه السلام, قال: قلت له: أرمي الرجل بالشيء الذي لا يقتل مثله؟ قال: ((هذا خطأ)). ثمّ أخذ حصاة صغيرة فرمى بها. قلت: أرمي الشاة فاُصيب رجلاً؟ قال: ((هذا الخطأ الذي لا شكّ فيه، والعمد الذي يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله))[20].
والموثَّق الثالث عنه ـ عليه السلام ـ: سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة, أهو أنْ يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله؟ فقال: ((نعم)). قلت: رمى شاة فأصاب إنساناً؟ قال: ((ذاك الخطأ الذي لا شكّ فيه، عليه الدية والكفارة))[21].
وخبرعلاء بن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام, قال: ((العمد الذي يضرب بالسلاح أو بالعصا لا يقلع عنه حتى يقتل، والخطأ الذي لا يتعمَّده))[22].
ومرسل يونس عن بعض أصحابه عنأبي عبد اللّه عليه السلام, قال: ((إنْ ضرب رجل رجلاً بعصا أو بحجرة فمات من ضربة واحدة قبل أنْ يتكلّم فهو يشبه العمد، فالدية على القاتل, وإنْ علاه وألحّ عليه بالعصا أو بالحجارة حتّى يقتله فهو عمد يُقتل به، وإنْ ضربه ضربة واحدة فتكلّم, ثمّ مكث يوماً أو أكثر من يوم, فهو شبه العمد))[23].
والأوّلان من الأحاديث نصٌّ في المطلوب, والبقيّة ظاهرة بالإطلاق كالثالث والرابع، أو بالحمل على كون الضربة الواحدة بغير القتّالة؛ بقرينة التقييد في السؤال بالموت بها, والجواب عنه بكونه شبه العمد كما في الخامس وهو مرسل يونس.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - وسائل الشيعة 29: 37، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح7.
[2] - وسائل الشيعة 29: 39، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح11.
[3] - وسائل الشيعة 29: 40، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح13.
[4] - وسائل الشيعة 29: 40، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح13.
[5] - وسائل الشيعة 29: 38، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح7.
[6] - رياض المسائل 2: 500، كتاب القصاص.
[7] - المبسوط 7: 16.
[8] - كشف اللثام 2: 259.
[9] - مسالك الأفهام 2: 361.
[10] - مجمع الفائدة والبرهان 13: 373.
[11] - الغنية (ضمن الجوامع الفقهيّة): 557.
[12] - المائدة: 45.
[13] - البقرة: 178.
[14] - الإسراء: 33.
[15] - وسائل الشيعة 29: 36، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح3.
[16] - وسائل الشيعة 29: 38، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح8.
[17] - وسائل الشيعة 29: 37، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح6.
[18] - وسائل الشيعة 29: 35، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح1.
[19] - وسائل الشيعة 29: 40، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح13.
[20] - وسائل الشيعة 29: 38، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح7.
[21] - وسائل الشيعة 29: 38، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح9.
[22] - وسائل الشيعة 29: 37، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح4.
[23] - وسائل الشيعة 29: 37، أبواب القصاص في النفس، ب11، ح5.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org