Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الأصول
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الإجزاء (درس76)
الإجزاء (درس76)
الدرس دروس خارج الأصول
مباحث الدليل اللفظي
الدرس 76
التاريخ : 2008/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

المسألة الثانية: هل يوجد إجزاء في الاُصول الشرعية الجارية في الأحكام الكلية التكليفية كأصالة البراءة عن وجوب شيء، أو استصحاب عدم الوجوب، ثم انكشف الخلاف؟
الحق ـ كما هو مقتضى القاعدة ـ التفصيل بين القضاء والإعادة، أي أنه إذا انكشف الخلاف داخل الوقت فعليه الإعادة، وإذا انكشف خارج الوقت فلا قضاء.
والوجه في ذلك هو: رغم كون مقتضى حديث الرفع هو رفع التكليف، ورغم كون مقتضى الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي هو عدم فعلية الأحكام الواقعية في موارد الأحكام الظاهرية، ونحن نقبل كليهما، لكن هذا الرفع الذي هو مدلول حديث الرفع، وعدم الفعلية الذي هو مقتضى الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي يدور مدار الجهل، ويستمر عدم الفعلية ما دام الجهل بالوقت باقياً، ويصير الحكم الواقعي فعلياً في الوقت بمجرد زوال الجهل، إذن يلزم الامتثال والإعادة.
الباب الذي نحن فيه غير باب التيمم؛ لكون باب التيمم باب جعل البدل، فإذا جاء بالبدل سقط المبدل منه، وما نحن فيه ليس بحثاً في البدلية، والمطروح هنا هو عدم فعلية التكليف الواقعي، من باب ظاهر حديث الرفع في البراءة الشرعية، ومن باب الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي في باقي الاُصول، وإلاّ فلا يمكن القول بوجوب صلاة الظهر وباستصحاب عدم وجوب صلاة الظهر، فهذا ممّا يلزم منه التناقض.
هذا بالنسبة إلى الإعادة، وقد ثبت عدم الإجزاء في الاُصول الشرعية للأحكام الكلية التكليفية إذا انكشف الخلاف.
أمّا بالنسبة إلى القضاء، فنقول: في القضاء إجزاء؛ لأن القضاء فرع فعلية التكليف بالأداء، ولو لم يكن التكليف بالأداء فعلياً كان صورة الإنشاء فقط ولا قضاء فيه.
لا يقال: هذا إنْ قلنا بأن القضاء بالأمر الأوّل، ولو كان القضاء بأمر جديد فلابد من القضاء وعدم الإجزاء؛ عملاً بإطلاق وعموم مثل: (اقضِ ما فات كما فات)[1].
لأنا نقول: ترد إشكالات على الكلام المتقدم:
الأوّل:
لا إطلاق في أدلة القضاء بالنسبة إلى نفس القضاء، بل مثل: (اقضِ ما فات كما فات) في مقام بيان الكيفية لا في مقام بيان أصل القضاء، فهو يقول: اقضِ ما فات بنفس النحو الذي فات، فإذا كان قصراً فاقضه قصراً، وإن كان تاماً فاقضه تاماً.
إذن الرواية غير ناظرة لأصل القضاء لكي نقول بإطلاق الرواية، بل هي في مقام بيان كيفية القضاء، أي تقضى الصلاة بالنحو الذي فاتت وهي ساكتة عن بيان موارد القضاء.
الثاني: لو سلمنا بأن لهذا الحديث إطلاقاً، وهو في مقام بيان أصل القضاء، لكن لا يصدق الفوت على عدم الإتيان بالتكليف الإنشائي؛ لأن معنى الفوت هو فقدان شيء وعدم الحصول على شيء من المنافع، وهذا يصدق في الشيء الذي فيه نفع لي، وإذا فقد النفع فلا يعد التكليف الإنشائي تكليفاً، بل صورة التكليف؛ لأنه لو كان تكليفاً لكان على الشارع أن يوجبه احتياطاً عند الشك. إذن التكليف الإنشائي ليس شيئاً يصدق الفوت على عدم الإتيان به، والفوت فرع الإرادة العملية من ناحية المولى، وربما أنه لا إرادة عملية مطابقة له، فلا يصدق الفوت على تركه.
الثالث: لو سلّمنا بصدق الفوت من باب فوت المصالح، لكن قلنا: ما فات يصدق في محل تنفقد فيه منافع، ولو لم يكن تكليف في البين، رغم ذلك لا قضاء؛ لأنه تتدارك المصالح الواقعية للخاطئ بجعل الاُصول ـ كما حُقِّق في محله ـ عند الجمع بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي، وإلاّ فلا يجعل الاُصول، بل لأوجب مكانها الاحتياط، وإذا لم يوجب الاحتياط تكون البراءة والاستصحاب حجة، ولازم ذلك ضرورة تدارك المصالح الواقعية المفقودة بنحوٍ ما؛ وذلك تسهيلاً على الاُمة.
تلخص من جميع ما ذكرنا أن الاُصول الجارية في الأحكام الكلية التكليفية موجبة للإجزاء بالنسبة إلى القضاء، وغير موجبة له بالنسبة إلى الإعادة.
المسألة الثالثة: هل الاُصول العقلية كالبراءة العقلية موجبة للإجزاء أم لا؟
لنفرض دوران الأمر بين محذورين، من قبيل صلاة الجمعة وصلاة الظهر، وبحكم البراءة العقلية تركت الإتيان بصلاة الجمعة فترةً ما، ثم انكشف لي وجوبها، فهل تجزي البراءة العقلية هنا أم لا؟
لا إجزاء هنا؛ لعدم تصرف الشارع ودخالته فيه، مع أن العقل لا شأن له بالقضاء والإعادة، والمستفاد من العقل هنا هو عدم العقاب فقط، والعقل لا يحكم بأكثر من ذلك. وبحسب القواعد ينبغي الإعادة والقضاء.
لكن لا يخفى أنه مع وجود البراءة الشرعية وحديث الرفع لا تجد مورداً يصدق فيه البراءة العقلية ولا تصدق فيه البراءة الشرعية؛ ولذلك لا ثمرة في البحث في البراءة العقلية؛ لأنه لا إجزاء من جانب البراءة العقلية، لكن يوجد إجزاء من جانب البراءة الشرعية.
نعم، توجد ثمرة في التخيير العقلي؛ لكون التخيير من مختصات العقل، ولا تخيير شرعياً عند دوران الأمر بين محذورين.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - الوسائل 8: 268، أبواب قضاء الصلاة، الباب6، ح1، والذي جاء هناك: ((يقضي ما فاته كما فاته)).
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org