يحصل التنجيس بإثنين وعشرين شيئآ: المسكر على اختلافه، خمرآ كان أو نبيذآ أو بِتْعآ[211] أو مِرْزآ.[212] وقال الشيخ أبو الحسن عليّ بن بابويه في
الرسالة[213] وابنه الشيخ أبوجعفر محمّدبن عليّ في كتاب من لا يحضره الفقيه[214]
وفي كتاب المقنع،[215] والحسن بن أبي عقيل[216] في كتاب المتمسّک :
ولا بأس بأن يصلّي في ثوب قد أصابه خمر؛ لأنّ اللّه تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب قد أصابته.[217]
وهذا القول خلاف الإجماع. وقد روي فيه عدّة أخبار[218] ضعيفة، وروي ما يعارضها.[219]
والفقّاع، ومباشرة الكافر(27)رطبآ، والكلب والخنزير(28)كذلک، وعرق الكلب والخنزير والكافر وما يخرج من أفواههم وأعينهم ومناخرهم وأجسادهم من الدمع والبصاق واللعاب والمخاط والقيح وغير ذلک، والمني من كلّ حيوان (29)، ومباشرة الميتة (30)رطبة كانت أو يابسة من غير[220] الآدمي إذا
---------------------
(27) والمراد بالكافر على المختار من كان منكرآ عن جحود وإنكار مع العناد الدينيّ. ومثله الشاکّ الملتفت المقصّر في الفحص والتفتيش في تحصيل الاعتقاد بحقّانيّة الإسلام، وهذا هو المراد منه أيضآ في جميع أبواب النجاسات والمطهّرات. وبالجملة، القاصرين من غير المسلمين، وكذا المقصّرين من دون العناد الدينيّ لا دليل على نجاستهم، بل الظاهر طهارتهم.
(28) البرّيّان، دون البحريّ منهما، وكذا رطوباتهما.
(29) له دم سائل.
(30) بمعناها العرفي، وهو ما مات حتف أنفه مطلقآ ولو بحبس نفسه، في مقابل المذبوح، لا غير المذكّى في مقابل المذكّى؛ وذلک لعدم الدليل على نجاسة غير المذكّى بمعنى المذبوح من دون الشرائط الشرعيّة، ولا على مانعيّته في الصلاة، فإنّ الموضوع في أدلّة النجاسة والمانعيّة الميتة، الظاهرة في معناها العرفي، وما استدلّ به للعموميّة فيها من بعض الأخبار[221] غير تامّ، كما يظهر لمن راجعه في
محلّه في الكتب الفقهيّة المفصّلة[222] . نعم، حلّيّة الأكل منوطة بإحراز التذكيّة، أي
الذبح بشرائطها الشرعيّة، فمع عدم الإحراز ـ فضلا عن إحراز العدم ـ يحرم الأكل؛ قضاءً لشرطيّة التذكية في الأكل بالضرورة، وللأخبار[223] الدالّة على لزوم
الإحراز ووجوب الاجتناب مع الشکّ فيها.
-------------------
كانت لها نفس سائلة، وكذلک إن كانت من الآدمي قبل تطهيره بالغسل، وعذرة ما لا يوكل لحمه وبوله وذرقه؛(31)سواء كان محرّمآ بالأصل أو محرّمآ
-------------------
(31) إلّا في الحيوان الذي ليس له دم سائل ولا لحم له أصلا، أو كان ولم يكن معتدّآ به كالذباب والعقرب، فإنّ البول والغائط منه طاهر، أمّا الحيوان الذي ليس له دم سائل ولكن كان له لحم معتدّ به، كالسمک، فلا فرق بينه وبين بقيّة الحيوانات التي لا يؤكل لحمه في البول على الأحوط، بل لا يخلو عن وجه. نعم، خرئه طاهر على الأقوى، والأقوى أيضآ عدم نجاسة البول والغائط من الطيور المحرّمة، لكنّ الأحوط فيها الاجتناب، خصوصآ الخفّاش، و خصوصآ بوله.
------------------
بالجلل، وعرق الإبل الجلّالة وغيرها من الحيوانات (32). وبه قال الشيخ أبو جعفر الطوسي في النهاية[224] ومعظم كتبه،[225] وجماعة من أصحابنا[226] ، يدلّ على ذلک ما رواه أبو القاسم جعفر بن محمّد، عن محمّدبن يعقوب، عن محمّدبن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّبن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه 7، قال: «لا تأكلوا من لحوم الجلّالة وإن أصابک من عرقها فاغسله»[227] ، وروى مثل ذلک حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه 7.[228]
والدم على اختلافه، عدا دم البق والبراغيث والسمک وكلّ ما لا نفس له سائلة[229] (33)، وارتماس الجنب في البئر ينجّسها على أصحّ
القولين؛[230] (34)لخبر صحيح يلزم منه تنجيسها. رواه محمّد بن يعقوب، عن
-----------------
(32) وإن كان الأقوى طهارة عرق ما عدا الإبل.
(33) ودم المتخلّف في الذبيحة بعد خروج المتعارف.
(34) بل الأصحّ عدم النجاسة؛ لأنّ له مادّة.
------------------
محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه 7.[231] اشتباه الماء الطاهر بالماء النجس في
الإنائين، ولو لا النصّ[232] والإجماع لجاز القرعة فيهما(35).
وقد ألحق الشيخ أبو جعفر بذلک عرق الجنابة من الحرام[233] ،(36)وإليه ذهب المفيد في المقنعة[234] ورجع عنه في الرسالة إلى ولده[235] . وألحق[236] أيضآ لبن الصبيّة، معتمدآ على ما رواه[237] السكوني،[238] وهو عامىّ، و أيضاً ليس
--------------------
(35) على كونه لكلّ أمر مشكل ومجهول، وأمّا على اختصاصه بالمشكل في باب تزاحم الحقوق ـ كما هو المختار ـ وهو المورد في كتاب اللّه تعالى[239] فلا وجه
له، كما لايخفى.
(36) الأقوى طهارته، وإن لم تجز الصلاة فيه على الأحوط.
_____________________
[211] . البِتْعُ والبِتَعُ: نبيذ العسل. (الصحاح :2 919، مادّة: «بتع»).
[212] . المِرزُ: بكسر الميم وسكون الراء: الشراب المتّخذ من الشعير. (مجمع البحرين 34:4، مادّة: «مرز»).
[213] . الرسالة مفقودة لمتصل بأيدينا، لكن وجدناه في الفقه المنسوب للإمام الرضا 7 :7 281.
[214] . الفقيه :1 43، ذيل الحديث 167.
[215] . المقنع: 453. لكنّه يظهر ممّا ذكره في باب «ما يصلّي فيه من الثياب وما لا يصلّي فيه» عدم جوازالصلاة فيه، ففيه: «وإيّاک أن تصلّي في ثوب أصابه خمر». (المقنع: 81).
[216] . هو أبومحمّد الحسن بن أبي عقيل العمّاني الحذّاء. قال صاحب السرائر (:1 434) في حقّه: «وجّه منوجوه أصحابنا، ثقة، فقيه، متكلّم». (الكنى والألقاب :1 246).
[217] . كتاب المتمسّک مفقود، لم تصل بأيدينا، لكن نقله عنه المحقّق في المعتبر :1 422.
[218] . وسائل الشيعة :3 468، أبواب النجاسات، الباب 38، الحديث 2، 10 و 11، وذيل الحديث 11 و 13،وذيل الحديث 13 و 14.
[219] . وسائل الشيعة :3 468، أبواب النجاسات، الباب 38، الحديث 1، 3، 4 و 7.
[220] . «غير» ليست في ب.
[221] . وسائل الشيعة :3 461، أبواب النجاسات، الباب 34؛ و :3 490، الباب 50؛ و :3 501، الباب 61.
[222] . منتهى المطلب :3 195 ـ 200؛ كشف اللثام :1 392؛ جواهر الكلام :5 294 ـ 300.
[223] . وسائل الشيعة :24 12، أبواب الذبائح، الباب 4؛ و :24 37، الباب 19؛ و :24 187، الباب 36 و 37.
[224] . النهاية: 53.
[225] . المبسوط :1 38.
[226] . كالصدوق في المقنع: 421؛ والمفيد في المقنعة: 71؛ وابن إدريس في السرائر :1 181.
[227] . الكافي :6 250. باب لحوم الجلّالات وبيضهنّ... ، الحديث 1؛ التهذيب :1 263، الحديث 768؛الاستبصار :4 76، الحديث 281؛ وسائل الشيعة :1 233، أبواب الآسار، الباب 6، الحديث 1.
[228] . الكافي :6 251، باب لحوم الجلّالات وبيضهنّ... الحديث 2؛ التهذيب :1 263، الحديث 767؛الاستبصار :4 77، الحديث 284؛ وسائل الشيعة :3 423، أبواب النجاسات، الباب 15، الحديث 2.
[229] . «سائلة» ليست في ب.
[230] . وهو قول محمّد بن إدريس الحلّي. لاحظ: السرائر :1 74.
[231] . الكافي :3 65، باب الوقت الذي يوجب التيمّم... ، الحديث 9؛ التهذيب :1 149، الحديث 426،الاستبصار :1 127، الحديث 435؛ وسائل الشيعة :1 177، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 22.
[232] . الكافي :3 10، باب الوضوء من سؤر الدوابّ و... ، الحديث 6؛ التهذيب :1 249، الحديث 713؛الاستبصار :1 21، الحديث 48؛ وسائل الشيعة :1 151، أبواب الماء المطلق، الباب 8 ، الحديث 2.
[233] . النهاية: 53؛ المبسوط :1 37 ـ 38.
[234] . المقنعة: 71.
[235] . الرسالة مفقودة لم تصل بأيدينا،نعم نقله عنه ابن إدريس الحلّي في السرائر 180:1.
[236] . النهاية: 55؛ المبسوط :1 39.
[237] . التهذيب :1 250، الحديث 718؛ الاستبصار :1 173، الحديث 601؛ وسائل الشيعة :3 398، أبوابالنجاسات، الباب 3، الحديث 4.
[238] . السكوني، هو إسماعيل ابن أبي زياد، الذي يكثر الرواية عنه، واحتمل بعض تشيّعه، ووثّقه المحقّقالداماد والعلّامة الطباطبائي... . (الكنى والألقاب :2 311).
[239] . الصافّات (37): 141.