|
فصل [معنى العبادة وأقسامها]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى رَسُولِهِ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ أمّا بعد: اعلم أنّي قد صنّفت لک هذا الكتاب وجمعت فيه بين الحكم ونظائره، وسمّيته نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر. فصل [معنى العبادة وأقسامها] العبادات[63] كلّ فعل مشروع لا يجزي فيه[64] إلّا بنيّة[65] التعظيم والتذلّل للّه سبحانه وتعالى. وحدّها الشيخ محمود بن عمر الخوارزمي[66] في كتاب الحدود بأنّها : نهاية التعظيم والتذلّل لمن يستحقّ ذلک. بأفعال ورد بها الشرع على وجوه مخصوصة، أو مايجري مجراها على وجوه مخصوصة[67] . ومعنى قوله: « وما يجري مجراها» الإخلال بالقبائح، وهذا الحدّ ـ الذي ذكره ـ شامل له. وأمّا الشيوخ أصحاب أبي هاشم[68] فإنّهم حدّوها بأنّها: «نهاية الخضوع والتذلّل للغير، بأفعال ورد بها الشرع[69] موضوعة لها»[70] . وهذا الحدّ ـ الذي ذكره الشيوخ ـ ينتقض بعبادات مخالفي الإسلام، فإنّها لاتسمّى عبادة في شرعنا وإن اختصّت بما ذكروه. وقد[71] فصّل شيخنا السعيد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي[72] (قدّس اللّه روحه) : عبادات الشرع خمس: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، والجهاد.[73] وقال الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسي[74] المتأخّر[75] 2 في الوسيلة[76] : عبادات الشرع عشر أصناف، أضاف إلى هذه الخمس غسل الجنابة والحيض[77] ، والخمس، والاعتكاف، والعمرة، والرباط[78] .[79] وقال الشيخ أبو يعلي سلّار[80] : «العبادات ستّ».[81] أسقط الجهاد من الخمس الأوّل وأضاف إليها الطهارة والاعتكاف.[82] وقال الشيخ أبو الصلاح[83] : «العبادات عشر».[84] أسقط الجهاد أيضآ من الخمس الأوّل وأضاف إليها الوفاء بالنذور والعهود والوعود، وبرّ الأيمان[85] ، وتأدية الأمانة، والخروج من الحقوق، والوصايا، وأحكام الجنائز، والإخلال بالقبيح[86] . أقول: إنّ[87] العبادات كثيرة، والذي قد حصرت منها خمس وأربعين قسمآ وهي: الطهارة؛ وضوءآ كان أو غسلا أو تيمّمآ[88] ، وإزالة النجاسات عن البدن والثياب، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ وما يتبعه، والجهاد، والاعتكاف، والخمس، والعمرة، والرباطة، والوفاء بما عقد عليه من النذر والعهد واليمين، وتأدية الأمانة، والخروج من الحقوق، والوصايا، وزيارة النبيّ، والأئمّة :، وزيارة المومنين، وتلاوة القرآن والدعاء وما جرى مجراه من التسبيح وغيره، و[89] من أحكام الجنائز قبل الموت وبعده، والسجود، والسلام على المومنين، وردّ السلام عليهم، وصلتهم في المجالسة[90] ، والسعي في حوائجهم، والاشتغال بالعلوم العربيّة إذا قصد بها الاجتهاد في الأحكام الشرعيّة، وصحّة التلفّظ بالدعاء والأحكام[91] ، والقضاء بين الناس، والفتوى إذا كان من أهلها، وانتظار الصلاة قبل دخول وقتها، فقد روي في باب الصلاة من كتاب التهذيب، عن النبيّ 6: «أنّه كنز من كنوز الجنّة»[92] ، والصبر، وانتظار الفرج، والتوكّل على اللّه، وكتمان المرض، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس، والاكتساب للعيال، والعتق، والتدبير، والمكاتبة، والوقف، والحبس، والعُمرى، والرُقبى[93] إذا قصد بها التقرّب إلى اللّه تعالى. -------------- [63] . في م :1 «العبادة ».
|