Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: المقدّمة / في أقسام الحجّ والعمرة

المقدّمة / في أقسام الحجّ والعمرة [في أقسام الحجّ والعمرة]

المقصد الرابع: ينقسم الحجّ باعتبار أنواعه إلى تمتّع[1]، وقران[2]، وإفراد[3] :

أمّا حجّ التمتّع[4] :

فهو فرض من بَعُدَ(1) عن مكّة المعظّمة من كلّ جانب بثمانية(2) وأربعين

(1) بلا خلاف وإشكال ، بل إجماعاً[5] ، كتاباً[6] ، وسنّة[7].

(2) كما نسب إلى الأكثر[8] تارة، وإلى المشهور اُخرى[9]، ويشهد له صريح صحيح زرارة[10] المعتضد بجملة من النصوص[11]. وقيل[12] : اثنا عشر ميلاً. اقتصاراً على القدر المتيقّن في الخروج عن عموم وجوب

ميلاً(1) فما زاد، وصورته على الإجمال: أن يحرم من الميقات بالعمرة إلى الحجّ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف بالبيت سبعاً، ويصلّي ركعتي الطواف في المقام، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ولو أتى بطواف النساء أيضاً برجاء المطلوبيّة كان حسناً، وإن كان الأصحّ(2) عدم وجوبه، ثمّ يقصر بأن يقلم شيئاً من أظفاره، أو يأخذ شيئاً من شعره، فيحلّ له حينئذ جميع ما حرم عليه بالإحرام، ثمّ ينشىء بعد ذلك إحراماً للحجّ من مكّة(3) يوم التروية على الأفضل، والقدر اللازم هو إدراك الوقوف بعرفة، ثمّ يمضي إلى عرفات يوم التاسع فيقف بها من الزوال إلى المغرب(4)، ثمّ يفيض إلى المشعر فيقف به من فجر يوم العيد إلى طلوع الشمس، ثمّ يتوجّه إلى منى فيرمي أوّلاً(5) جمرة العقبة، ثمّ يذبح أو ينحر هديه، ثمّ يحلق، أو يقلم من
التمتّع، ولموافقته للتحديد بالحضور في الآية الشريفة[13]، المراد منه الحضور العرفيّ، وكذا لو اُريد منه الشرعيّ ـ أعني ما يقابل السفر; لأنّ مسافة التقصير أربعة فراسخ، أوحمل الصحيح الأوّل على التوزيع على الجهات الأربع، والجميع كما ترى، فالأوّل أقوى، وفي صحيح حريز[14] التحديد بثمانية عشر ميلاً، ولم يظهر به عامل.

(1) وهي ستّة عشر فرسخاً. (صانعي)

(2) كما هو المعروف; للنصوص الدالّة عليه[15]، ونسب القول بالوجوب إلى بعض[16]، ويشهد له خبر المروزي[17]، لكنّه ضعيف مهجور لا يصلح لمعارضة نصوص النفي.

(3) ولو من أماكنها الجديدة من دون فرق بين الموجود في القديم والجديد الحادث منه، فإنّ المعيار صدق مكّة. (صانعي)

(4) والمختار في المغرب في المسألة والمسائل الآتية كفاية استتار القرص ومواراته عن الأرض لا زوال الحمرة المشرقيّة، كما اخترناه أيضاً في وقت صلاة المغرب وغيرها. (صانعي)

(5) يأتي أنّ الترتيب في أعمال منى مستحبّ. (صانعي)

أظفاره، أويأخذ من شعره، أو يمرّ الموسى على رأسه إن لم يكن عليه الشعر، فيحلّ له حينئذ جميع ما حرم عليه بإحرامه إلاّ الطيب والنساء، وإن حرم عليه الصيد أيضاً; لكونه في الحرم، لا من جهة إحرامه. وإذا فرغ عن ذلك فالأفضل أن يرجع إلى مكّة ليومه، وإلاّ فمن الغد. والأحوط أن لا يتأخرّ عنه(1)، فيطوف طواف الحجّ، ويصلّي ركعتيه في المقام، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة كما مرّ، فيحلّ له الطيب، فإذا طاف طواف النساء وصلّى ركعتيه حلّت هي أيضاً له. ويجب الرجوع قبل الغروب أومتى(2) فرغ عن نسكه ولو بعد ثلث الليل إلى منى لبقيّة مناسكها، وهي المبيت بها ليالي التشريق بالتفصيل الآتي بيانه، ورمي الجمار الثلاث في أيّامها، ويفرّغ ذمّته عن حجّة الإسلام بذلك، فهذه صورة حجّ التمتّع، وشروطه أربعة:

--------------------------------------------------------------------------------
[1]. والتمتّع أصله التلذّذ، وسمّي هذا النوع به لما يتخلّل بين عمرته وحجّته من التحلّل، الموجب لجواز الانتفاع والتلذّذ بما كان قد حرمه الإحرام، مع ارتباط عمرته بحجّه حتّى أنّهما كالشيء الواحد شرعاً، فإذا حصل بينهما فكأنّه حصل من الحجّ. (المجمع 2: 390، مادّة متع)، فلا بأس بالإشارة إلى وجه التسمية في بعض كتب الفقهاء: سمّي التمتّع; لأنّ معنى التمتّع: الانتفاع والتلذّذ، وهذا الحاجّ يتحلّل بين عمرته وحجّه، فيجوز له الانتفاع والتلذّذ بما كان قد حرّمه الإحرام مع ارتباط عمرته بحجّه، حتّى أنّهما كالشيء الواحد شرعاً، فإذا حصل بينهما ذلك فكأنّه حصل في الحجّ (المستند 11: 207)، وفي الرياض: وأصل التمتّع: التلذّذ، وسمّي هذا النوع به لما يتحلّل بين عمرته وحجّه من التحلّل الموجب لجواز الانتفاع والتلذّذ بما كان قد حرّمه الإحرام، مع ارتباط عمرته بحجّه، حتّى أنّهما كالشيء الواحد شرعاً، فإذا حصل بينهما ذلك فكأنّه حصل في الحجّ. (الرياض 6: 101).
[2]. سمّي القران; فلاقتران الإحرام بسياق الهدي. وفي المجمع: والقارن في الحجّ والمفرد صفتهما واحدة، إلاّ أنّ القارن يفضل المفرد بسياق الهدي. (المجمع 6: 300)
[3]. وافردت الحجّ عن العمرة: فعلت كلّ واحد منهما على حدّة. ومنه: «رجل مفردٌ للحجّ». (المجمع 3: 120) وسمّي الإفراد، فلانفصاله عن العمرة وعدم ارتباطه بها. (المدارك 7: 155).
[4]. تشريع حجّ التمتّع في حجّة الوداع: عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد، عن آبائه(عليهم السلام)قال: لمّا فرغ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من سعيه بين الصفا والمروة أتاه جبرئيل(عليه السلام) عند فراغه من السعي، فقال: إنّ اللّه يأمرك أن تأمر الناس أن يحلّوا إلاّ من ساق الهدي، فأقبل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) علي الناس بوجهه، فقال: يا أيّها الناس، هذا جبرئيل، وأشار بيده إلى خلفه، يأمرني عن اللّه عزّوجلّ أن آمر الناس أن يحلّوا إلاّ من ساق الهدي، فأمرهم بما أمر اللّه به، فقام إليه رجل فقال: يارسول اللّه، نخرج إلى منى ورؤوسنا تقطر من النساء، وقال آخرون: يأمرنا بشيء ويصنع هو غيره، فقال: يا أيّها الناس، لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس، ولكنّي سقت الهدي فلا يحلّ من ساق الهدي حتّى يبلغ الهدي محلّه، فقصّر الناس واحلّوا وجعلوها عمرة، فقام إليه سراقة بن مالك بن جشعم المدلجي فقال: يا رسول اللّه، هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: بل للأبد إلى يوم القيامة، وشبّك بين أصابعه، وأنزل اللّه في ذلك قرآناً: (فَمَن تَمَتَّع بِالعُمرَة إلى الحَجّ فَما استيسر من الهَدي). (التهذيب 5: 25، الحديث 74، وسائل الشيعة 11: 239، أبواب أقسام الحجّ، الباب 3، الحديث 1).
وقد استفاضت الأخبار بأنّ أفضل الثلاثة للبعيد بعد الإتيان بالفرض هو حجّ التمتّع، وإن جاز له القران والإفراد، إلاّ أنّه خلاف الأفضل، وما رواه المشايخ الثلاثة (رضوان اللّه عليهم) في الصحيح عن أيّوب الخزّاز قال: سألت أبا عبداللّه(عليه السلام) أيّ أنواع الحجّ أفضل؟ فقال: التمتّع، وكيف يكون شيء أفضل منه ورسول اللّه(صلى الله عليه وآله) يقول: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس» (الكافي 4: 291).
الحديث حجّة الوداع: حجّة الوداع هي الحجّة الوحيدة التي ادّاها رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بعد الهجرة، وفيها علّم المسلمين أحكام الحجّ ومناسكه، ولهذا الهدف وجّهت الدعوة العامّة إلى المسلمين في الجزيرة العربيّة، للاشتراك في تلك الحجّة. ومن هنا، وحجّة الوداع قبل كلّ شيء سفرة تعليميّة عمليّة، كما تؤكّد ذلك المصادر المختلفة، كي يأخذ المسلمون عمليّاً طريقة أداء مناسك الحجّ عن قائد الإسلام.
حجّ رسول اللّه قبل الهجرة مرّتين استناداً إلى روايات أهل السنة. (تاريخ الطبري 4: 1765)، بينما تذكر الروايات الشيعيّة أرقاماً تزيد علي ذلك، فأمّا بعد الهجرة فإضافة إلى حجّة الوداع اعتمر رسول اللّه أربع مرّات.
1) عمرة الحديبيّة: في السنة السادسة للهجرة، وفيها حال مشركوا مكّة دون إتمام العمرة. والرسول الأعظم أحلّ من إحرامه في محلّ الحديبيّة ومسجد الرضوان، وفرض على المسلمين أن يحلّوا أيضاً وهم كارهون، ثمّ أعقب ذلك «صلح الحديبيّة مع المشركين» و«بيعة الرضوان» مع أصحابه، ومن هناك عاد إلى المدينة.
2) عمرة القضاء: بعد عام من العمرة الأولى، أي في السنة السابعة للهجرة، وفيها اعتمر الرسول استناداً إلى اتّفاقيّة صلح الحديبيّة لقضاء العمرة التي لم تتمّ، ولذلك سمّيت بعمرة القضاء.
3) عمرة الفتح: في سنة فتح مكّة، أي السنة الثامنة للهجرة، وفيها أحرم الرسول من «الجعرانة» (منطقة خارج مكّة) واعتمر، ولذلك سمّي أحياناً بعمرة الجعرانة.
4) عمرة حجّة الوداع: أدّاها الرسول مع الحجّ وجاء شرحها في الحديث حجّة الوداع.
والروايات التي ورد في عمرات النبيّ(صلى الله عليه وآله)، نذكر نموذج منها:
1) عن الصادق(عليه السلام): اعتمر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ثلاث عمر مفترقات: عمرة في ذي القعدة أهلّ من عُسفان، وهي عمرة الحديبيّة، وعمرة أهلّ من الجحفة، وهي عمرة القضاء، وعمرة أهلّ من الجعرانة بعد ما رجع من الطائف من غزوة حنين. (الكافي 4: 251، الحديث 10، أخبار مكّة للفاكهي 5: 85، 2890).
2) ابن عبّاس: إنّ النبيّ اعتمر أربع عُمَر: عمرة الحديبيّة، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من جعر انة، والرابعة مع حجّته. (المناقب لابن شهر آشوب 1: 176، صحيح البخاري 2: 631، 1688، سنن أبي داود 2: 206، 1994).
نقلت عدّة روايات مختلفة في بيان عدد عمرات النبيّ(صلى الله عليه وآله) وزمانها، فبعض الروايات ذكرت أنّها كانت ثلاثاً، فبعض ذكرت أنّها أربع نظرت إلى كلّ عمراته حتّى العمرة في حجّة الوداع، وأمّا بشأن زمن العمرات فأكثر المحدّثين يعتقدون أنّها في ذي القعدة، وبعضهم يزيدون عليها شوّال ورجب. عن أبي عبداللّه قال: ذكر أنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) اعتمر في ذي القعدة ثلاث عمر كلّ ذلك يوافق عمرته ذي القعدة. (الكافي 4: 252، الحديث 14).
[5]. الانتصار : 93 ، الخلاف 2 : 272 ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : 573 ، المنتهى 2 : 659 ، المعتبر 2 : 783 ، المدارك 7 : 158 ، مفاتيح الشرائع 1 : 305 .
[6]. يدلّ على هذا من الكتاب قوله تعالى: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّام فِي الْحَجِّ وَسَبْعَة إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوْا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)البقرة (2): 196.
[7]. وسائل الشيعة 11 : 258 ، كتاب الحجّ ، أبواب أقسام الحجّ ، الباب 6 .
[8]. اُنظر: تفسير القمي 1: 69، الفقيه 2: 203، التهذيب 5: 32، النهاية: 206، النافع: 78، التذكرة 7: 177، المنتهى 2: 661، التحرير 1: 93، الدروس 1: 330، المدارك 7: 160، الذخيرة: 550، التنقيح 1: 436.
[9]. المستند 11 : 219، وفي الجواهر : بل في المدارك نسبته إلى أكثر الأصحاب ، وفي غيرها إلى المشهور وإن كنّا لم نتحقّقه . الجواهر 18 : 6 .
[10]. التهذيب 5: 33، الحديث 98، الاستبصار 2: 157، الحديث 516، الوسائل 11: 259، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 6، الحديث 7.
[11]. التهذيب 5: 492، الحديث 1766، وسائل الشيعة 11: 260، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 6، الحديث7، ورواية الأعرج: الكافي 4: 299، الحديث 1، التهذيب 5: 492، الحديث 1765، وسائل الشيعة 11: 260، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 6، الحديث 6، وصحيحة الحلبي وأبي بصير: التهذيب 5: 32، الحديث 96، الاستبصار 2: 157، الحديث 514، وسائل الشيعة 11: 258، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 6، الحديث1.
[12]. الكافي في الفقه: 191، المبسوط 1: 306، التبيان 2: 161، الجمل والعقود: 224، الغنية: 573، السرائر 1: 519، الوسيلة: 157، الجامع: 177، الإرشاد 1: 39، الاقتصاد: 298، القواعد 1: 72، الجواهر 18: 5.
[13]. البقرة (2): 196.
[14]. الكافي 4: 300، الحديث 3، وسائل الشيعة 11: 261، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب6، الحديث10.
[15]. وسائل الشيعة 13: 444، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب82 .
[16]. نقل الشهيد في الدروس عن بعض الأصحاب أنّ في التمتّع بها طواف النساء ولم يصرّح باسمه. (الدروس 1: 329).
[17]. التهذيب 5: 162، الحديث 544، الاستبصار 2: 244، الحديث 853، وسائل الشيعة 13: 444، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 82، الحديث 7.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org