Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: مكتبة دينية
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: وفيه مسائل:

وفيه مسائل: [المسألة] الأولى: إذا قضي مناسك يوم النحر بمنى وجب عليه الرجوع إلى مكّة لأداء مناسكها، وهي ثلاثة:

الأوّل: الطواف وصلاته نحو ما مرّ في باب العمرة، إلاّ أنّه ينويه لحجّ الإسلام، ويسمّي طواف الزيارة.

الثاني: السعي بين الصفا والمروة أيضاً كذلك، وعرفت أنّه لا يحلّ الطيب إلاّ به على الأقوى.

الثالث: طواف النساء، ولا يحلّلن(1) للمحرم، ولا

(1) إجماعاً[1]، ونصوصاً[2]، خلافاً للحسن[3]، فيحلّ بدونه، وضعفه ظاهر كندرته.
--------------------------------------------------
[1]. المدارك 8: 106، كشف اللثام 6: 226، الرياض 6: 490، المستند 12: 399.
[2]. وسائل‏الشيعة14: 232، كتاب ‏الحجّ، أبواب الحلق والتقصير، الباب 13.
[3]. حكاه عنه في المختلف 4: 300.

ـ(540)ـ
--------------------------------------------------
يتحلّلن(1) عن إحرامهنّ إلاّ به، من دون فرق بين أن يكون بالغاً، أو صبيّاً(2)، ولو غير مميّز أحرم به وليّه(3)، أو مجنوناً أورقّاً أحرم بإذن مولاه(4)، ولا

(1) كما هو المعروف المصرّح به في كلام كثير من القدماء والمتأخّرين[1]. وفي القواعد، وعن المختلف[2]: الاستشكال فيه. وعن المسالك[3]: إنّه وجيه؛ لانتفاء الدليل عليه بخصوصه، مضافاً إلى ما دلّ[4] على حلّ جميع المحرّمات بالإحرام عدا النساء بالطواف؛ فإنّ مقتضي عمومه لهنّ حلّ الرجال به بلا حاجة إلى طواف.

وفيه: أنّ ظاهر تلك النصوص الرجال، وحينئذٍ مقتضي ما دلّ على حلّ النساء بطوافهنّ ثبوت ذلك في حقّ النساء بقاعدة الاشتراك، والعمدة فيه جملة من النصوص، كصحيح العلاء[5]، والبجلّي، وغيرهما، وفيه: «فإذا طافت أسبوعاً آخر حلّ لها فراش زوجها»[6]، ونحوه غيره[7].

(2) للإطلاق، بل عن المنتهي والتذكرة[8]: الإجماع على وجوبه على الصبيان.

(3) وإلاّ لم يصحّ فلا يفيد الحرمة. وكذا الحال في المجنون، فتأمّل.

--------------------------------------------------
[1]. المنتهي 2: 768، التذكرة 8: 414، المستند 13: 20، الجواهر 19: 258.
[2]. القواعد 1: 445، المختلف 4: 307.
[3]. المسالك 2: 325.
[4]. كصحيحتي منصور وابن عمّار. واُنظر التهذيب 5: 245، الحديث 829، الفقيه 2: 302، الحديث 1: 1501، وسائل الشيعة 14: 232، كتاب الحجّ، أبواب الحلق والتقصير، وسائل الشيعة 14: 232، كتاب الحجّ، أبواب الحلق والتقصير، الباب 13، الحديث 1 و2.
[5]. الكافي 4: 445، الحديث 1، وسائل الشيعة 13: 448، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 84، الحديث1.
[6]. الكافي 4: 445، الحديث 1، وسائل الشيعة 13: 448، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 84، الحديث 1.
[7]. الفقيه 2: 302، الحديث 1501، التهذيب 5: 245، الحديث 829، الاستبصار 2: 287، الحديث 1018، وسائل الشيعة 14: 232، كتاب الحجّ، أبواب الحلق والتقصير، الباب 13، الحديث 1 و2.
[8]. المنتهي 2: 765، التذكرة 8: 353.

ـ(541)ـ
--------------------------------------------------
(4) وإلاّ كان حراماً باطلاً فلا يفيد.

بين(1) أن يكون(2) إحرامه لحجّ، أوعمرة مطلقاً عدا عمرة التمتّع، ويطوف(3) الولي بالصبي الغير المميّز ويستنيب(4) في الصلاة عنه، ويطوف(5) المميّز ويصلّي مباشرة بنفسه، فلو تركه ولم يطف الولي بغير المميّز بقي(6)

(1) فإنّ طواف النساء واجب في جميع أنواع الحجّ، إجماعاً[1] ونصوصاً[2] واردة في أنواعه الثلاثة قد صرّح فيها بأنّ حجّ التمتّع، والإفراد والقران فيه طواف النساء، مضافاً إلى طواف الزيارة.

(2) تقدّم[3] بيان ذلك في أوّل المقصد الثاني في بيان أحكام الطواف.

(3) كما يحرم به على ما سبق[4].

(4) فإنّ ممّا ورد في حجّ الصبي يفهم أنّه يقوم بما يمكن قيامه، كالطواف والسعي والوقوف، ونحوها، ويفعل الولي عنه ما لا يمكن أن يقوم به، كالتلبية. وقد مرّ في خبر زرارة[5] أنّه يطاف به ويصلّي عنه.

(5) فإنّ طوافه وصلاته كإحرامه.

(6) كما صرّح به غير واحد[6]؛ لإطلاق أدلّة التحلّل به، واحتمال أنّ إحرامه لا يقتضي حرمة النساء ـ لأنّه تمرينيّ لا شرعيّ ـ في غير محلّه؛ لظهور الأدلّة في كونه بحكم إحرام البالغ، كظهوره في كونه كذلك بالإضافة إلى سائر المحرّمات.

--------------------------------------------------
[1]. الغنية (الجوامع الفقهيّة): 577، المنتهي 2: 768، التذكره 8: 353 و354، مفاتيح الشرائع 1: 364.
[2]. الكافي 4: 295، الحديث 3، التهذيب 5: 36، الحديث 106، وسائل الشيعة 11: 220، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 2، الحديث 9 و10.
[3]. ص 310.
[4]. ص 485.
[5]. الكافي 4: 303، الحديث 1، الفقيه 2: 265، الحديث 1291، التهذيب 5: 409، الحديث 1424، وسائل الشيعة 11: 288، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحج، الباب 17، الحديث 5.
[6]. الدروس 1: 458، المسالك 2: 355، المدارك 8: 200.

ـ(542)ـ
--------------------------------------------------
على حكم إحرامه إلى أن يطوف بعد بلوغه، أو يستنيب حيث يجوز له ذلك، بل يبعد(1) جواز استنابة الولي أيضاً.

المسألة الثانية: إذا تحلّل بمنى فالأفضل(2) أن يرجع ليومه إلى مكّة، لمناسكها المذكورة، وإلاّ فمن غده(3)، بل الأحوط أن لا يؤخّره(4) عنه، وإن كان

(1) يعني استنابة الولي قبل البلوغ، أمّا بعد البلوغ فلا ولاية له على ذلك ولا على غيره.

(2) ففي مصحّح إسحاق: «عن زيارة البيت تؤخّر إلى اليوم الثالث؟ قال (عليه السلام): تعجيلها أحبّ إلى وليس به بأس إن أخّرته»[1]، ونحوه غيره[2].

(3) في صحيح معاوية: «في زيارة البيت يوم النحر، قال (عليه السلام): زره، فإن اشتغلت فلا يضرّك أن تزور البيت من الغد ولا تؤخّر أن تزور من يومك، فإنّه يكره للمتمتّع أن يؤخّر وموسّع للمفرد أن يؤخّر»[3].

(4) فإنّ المحكي عن جماعة المنع عنه[4]؛ للنهي عنه في جملة من النصوص[5].

--------------------------------------------------
[1]. الفقيه 2: 244، الحديث 1170، التهذيب 5: 250، الحديث 845، الاستبصار 2: 291، الحديث 1033، وسائل الشيعة 14: 246، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 10.
[2]. التهذيب 5: 249، الحديث 841 و843، الاستبصار 2: 290، الحديث 1030، و1032، وسائل الشيعة 14: 244، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 5 و7.
[3]. الكافي 4: 511، الحديث 4، التهذيب 5: 251، الحديث 803، الاستبصار 2: 292، الحديث 1031، وسائل الشيعة 14: 243، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 1.
[4]. المقنعة: 420، المراسم: 114، القواعد 1: 445، وقال بعض: لا يؤخّر عنه إلاّ لعذر: النهاية: 264، المبسوط 1: 377، الوسيلة:187، الجامع للشرائع: 217، وقال بعض: فإن أخرّه عنه أثم: المختصر النافع:92.
[5]. الكافي 4: 511، الحديث 3، التهذيب 5: 249، الحديث 843، الاستبصار 2: 291، الحديث 1032، وسائل الشيعة 14: 245، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 7، اُنظر أيضاً: التهذيب 5: 249، الحديث 842، الاستبصار 2: 290، الحديث 1031، وسائل الشيعة 14: 245، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 6.

ـ(543)ـ

--------------------------------------------------
الأقوى(1) جواز التأخير إلى آخر أيّام التشريق على كراهيّة هي على المتمتّع(2)

(1) كما هو المنسوب إلى المتأخّرين[1]، ويقتضيه نفي البأس عن التأخير في جملة من النصوص كمصحّح إسحاق المتقدّم[2]، وصحيح البزنطي[3]، ومصحّح ابن سنان[4]، وغيرها[5]. وفي صحيح الحلبي: «أنا ربما أخّرته حتى تذهب أيّام التشريق»[6] التي يتعيّن لأجلها حمل النهي على الكراهة، أمّا حمل الناهية على المتمتع وغيرها على غيره فيأباه ما في نصوص الترخيص في التأخير من المنع عن الطيب الذي يحلّ لغير المتمتّع بالحلق أو التقصير، فما عن جماعة من المنع[7] عن التأخير ضعيف.

(2) كما يستفاد من صحيح معاوية المتقدّم[8].
--------------------------------------------------
[1]. الاستبصار 2: 291، السرائر 1: 602، المختلف 4: 303، المدارك 8: 110، كشف اللثام 6: 231.
[2]. التهذيب 5: 250، الحديث 845، الاستبصار 2: 291، الحديث 1033، وسائل الشيعة 14: 246، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 10.
[3]. مستطرفات السرائر3: 561، وسائل‏الشيعة 14: 246، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث11.
[4]. الفقيه 2: 245، الحديث 1171، التهذيب 5: 250، الحديث 846، الاستبصار 2: 291، الحديث 1034، وسائل الشيعة 14: 245، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 9.
[5]. الفقيه 2: 245، الحديث 1172، التهذيب 5: 250، الحديث 847، الاستبصار 2: 291، الحديث 1035، وسائل الشيعة 14: 244، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 2.
[6]. الفقيه 2: 245، الحديث 1171، التهذيب 5: 250، الحديث 847، الاستبصار 2: 291، الحديث 1035، وسائل الشيعة 14: 244، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 3 و9.
[7]. الفقيه 2: 245، الحديث 1172، التهذيب 5: 250، الحديث 847، الاستبصار 2: 291، الحديث 1035، وسائل الشيعة 14: 244، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 2.
[8]. الغنية (الجوامع الفقهيّة): 578، الكافي في الفقه: 195، الوسيلة: 187.

ـ(544)ـ

--------------------------------------------------
شديدة(1)، بل لا يبعد جوازه للمفرد والقارن اختياراً طول(2) ذي الحجّة، وفي المتمتّع لا يخلو(3) عن

(1) شدّة الكراهة محلّ تأمّل، بل منع؛ لأنّه لم نجد فتوى ولا رواية تدلّ عليها. (صانعي)

(2) بلا خلاف كما قيل[1]؛ لإطلاق نصوص التأخير في التوسعة للمفرد والقارن[2]، والظاهر الاتّفاق على عدم جواز تأخيرهما بعد ذي الحجّة؛ لأنّه غاية وقت الحجّ، كما يفهم من قوله تعالى: «اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ»[3]

(3) فإنّ المحكي عن جماعة المنع عنه[4]، ويقتضيه مفهوم الصحيح: «لا بأس أن يؤخّر زيارة البيت إلى يوم النفر»[5]، لكنّه ضعيف معارض بصحيح الحلبي المتقدّم وصحيح هشام: «لا بأس إن أخّرت زيارة البيت إلى أن يذهب أيّام التشريق إلاّ أنّك لا تقرب النساء ولا الطيب»[6]، ولذا كان المحكي عن الحليّ، والمختلف وسائر المتأخّرين، الجواز[7].

--------------------------------------------------
[1]. النهاية: 264، المبسوط 1: 377، الخلاف 2: 350، التهذيب 5: 249، المختصر النافع: 92، الاقتصاد: 308، المصباح: 643، المدارك 8: 112، الرياض 6: 495، كشف اللثام 6: 232.
[2]. التهذيب 5: 249، الحديث 844، الاستبصار 2: 291، الحديث 1036، وسائل الشيعة 14: 245، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 8.
[3]. البقرة (2): 197.
[4]. المقنعة: 420، المراسم: 114، القواعد 1: 445.
[5]. الفقيه 2: 245، الحديث 1171، التهذيب 5: 250، الحديث 846، الاستبصار 2: 291، الحديث 1034، وسائل الشيعة 14: 245، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 9.
[6]. الفقيه 2: 245، الحديث 1174، وسائل الشيعة 14: 244، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 3.

ـ(545)ـ

--------------------------------------------------
الإشكال(1)، لكنّه لو أخّر أجزاءه(2) طوافه وسعيه ما لم يخرج ذو الحجّة على كلّ حال.

(1) وإن لايبعد جوازه للمتمتّع أيضاً؛ قضاءً لصحيحي الحلبي[1] وهشام[2]، لما فيهما من الدلالة على نفي البأس إلى أن تذهب أيّام التشريق، بل في صحيح الحلبي: أنّ أبا عبد الله (عليه السلام) قال: «أنا ربما أخّرته حتى تذهب أيّام التشريق»، وظاهرهما بقرينة النهي عن الطيب، المتمتّع، كما ذكره الجواهر.
نعم، يستحبّ التعجيل والاستباق من يوم النحر إلى آخر ذي الحجّة؛ قضاءً لاستحباب المسارعة والإسباق إلى الخيرات، ولعموم العلّة في صحيح ابن سنان لنفي البأس عن تأخير زيارة البيت إلى يوم النفر بقوله (عليه السلام): «إنّما يستحبّ تعجيل ذلك مخافة الأحداث والمعاريض»[3]، ومن ذلك يظهر أنّ الكراهة في صحيح معاوية ابن عمّار[4]، الواقعة علّة للمنع عن التأخير من يوم النحر بقوله (عليه السلام): «فإنّه يكره للمتمتّع أن يؤخّر»، محمولة جمعاً بينه وبين عموم العلّة في صحيح ابن سنان، ونفي البأس في روايات أُخرى على نفي الأفضليّة والاستحباب لا على الكراهيّة الاصطلاحيّة، الموجبة لقلّة الثواب في العبادات، فالكراهيّة فيه عقلائيّة ناشئة عن ترك العمل بالمستحبّ. (صانعي)

(2) على القولين كما عن غير واحد5 وكأن نزاعهم في الإثم لا غير.

--------------------------------------------------
[1]. السرائر 1: 603، المختلف 4: 309، المدارك 8: 110.
[2]. الفقيه 2:245، الحديث 1172، التهذيب 5:250، الحديث 847، الاستبصار 2:291، الحديث 1035، وسائل الشيعة 14: 243، كتاب الحجّ، أبواب زيارة‏البيت، الباب 1، الحديث 2.
[3]. الفقيه 2:245، الحديث 1174، وسائل الشيعة 14:244، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 3.
[4]. الفقيه 2:245، الحديث 1171، التهذيب 5:250، الحديث 846، الاستبصار 2:291، الحديث 1034، وسائل الشيعة 14:245، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 9.
[5]. الكافي 4:511، الحديث 4، التهذيب 5:251، الحديث 853، الاستبصار 2:292، الحديث 1031، وسائل الشيعة 14:242، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 1.

ـ(546)ـ

--------------------------------------------------
المسألة الثالثة:[مناط التعذّر الموجب لجواز تقديم الطواف] قد تقدّم(1) أنّه يجوز للمفرد والقارن أن يقدّما طواف الزيارة والسعي على الوقوفين اختياراً على كراهيّة والترك(2) أحوط. أمّا المتمتّع فلا يجوز(3) له ذلك، إلاّ إذا علم، بل ظنّ، أوخاف(4) أنّه لا يتمكّن منهما بعد رجوعه عن منى؛ لحيض، أو مرض، ونحو ذلك ممّا يوجب تعذّر الطواف عليه، أو كونه ذا مشقّة شديدة، فيجوز له التقديم حينئذٍ ويجزئ مطلقاً على الأقوى، لكن لو تمكّن منهما بعد رجوعه فالإعادة(5) أحوط وأولي، والأولي(6) حينئذٍ أن يتجنّب الطيب إلى أن يطوف ويسعي، والظاهر(7) أنّ مناط التعذّر الموجب لجواز التقديم هو كونه متعذّراً أو ذا مشقّة إلى آخر

(1) في كيفيّة أنواع الحجّ.

(2) للخروج عن شبهة، خلاف الحلّي[1].

(3) سبق في كيفيّة الحجّ[2].

(4) كما يستفاد من النصّ المجوز للتقديم، لخائفة الحيض[3].

(5) لشبهة الخلاف، كما تقدّم[4].

(6) أخذاً باحتمال عدم صحّة التقديم.

(7) النصوص[5] خالية عن تحديد زمان العذر ومقتضاها اعتبار استمراره إلى آخر وقت الطواف، لكن في خبر الأزرق[6] جواز التقديم لخائفة الحيض قبل يوم النحر، ولأجل أن أقلّ الحيض ثلاثة أيّام فإطلاقها يقتضي الاكتفاء بالعذر في ثلاثة أيّام، أحدها يوم النحر، بل هو وغيره من نصوص خائفة
--------------------------------------------------
[1]. الاستبصار 2: 291، السرائر 1: 602، الشرائع 1: 240، القواعد 1: 445، الدروس 1: 457.
[2]. السرائر 1: 575.
[3]. ص 123 و124.
[4]. الكافي 4: 457، الحديث 1، الفقيه 2: 244، الحديث 1169، التهذيب 5: 131، الحديث 432، الاستبصار 2: 230، الحديث 796، وسائل الشيعة 11: 281، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 13، الحديث 7.
[5]. ص 136.
[6]. وسائل الشيعة 11: 280 كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 13، وج 13: 415، أبواب الطواف الباب 64.
[7]. التهذيب 5: 398، الحديث1384، وسائل‏الشيعة 13: 415، كتاب ‏الحجّ، أبواب‏الطواف، الباب 64، الحديث2.

ـ(547)ـ

--------------------------------------------------
الحيض صريح في عدم اعتبار استمرار العذر إلى آخر الوقت.
أيّام التشريق، لا خصوص يوم النحر، ولا مطلقاً، لكن لو تمكّن منهما بعد أيّام التشريق فالأحوط الإعادة برجاء المطلوبيّة.

المسألة الرابعة: وقت(1) طواف النساء هو وقت طواف الحجّ عقيب الفراغ عنه على الأحوط، والأولي والأفضل(2) أن يبادر إليه بعد الفراغ من السعي، ولا يؤخّره اختياراً إلى آخر أيّام التشريق، فضلاً عن التأخير أزيد من ذلك. لكن لو أخّره أجزأه

(1) قال في كشف اللثام «لم ينصّ أكثر الأصحاب على آخر وقته، وظاهرهم أنّه كطواف الحجّ. وفي الكافي، والغنية والإصباح: إنّ آخر وقته أيّام التشريق[1]. وفي المبسوط، وموضع آخر من الإصباح[2]: يطوف للنساء متى شاء من مقامه بمكّة ويجوز أن يريد مقامه بها قبل العود إلى منى»[3].

أقول: النصوص غير متعرّضة لتحديد آخر الوقت، ومقتضي إطلاقها جواز فعله بعد ذي الحجّة، ولا يمنع عنه قوله تعالى: «الحج أشهر معلومات» لأنّه ليس من الأركان؛ لعدم فساد الحجّ بتركه، إلاّ أن يقال: مقتضي نصوص البيان كونه من واجبات الحجّ وأفعاله وإن لم يكن تركه مفسداً له فإذا كان من أفعاله تعيّن فعله في أشهره، كما يقتضيه ظاهر الآية الشريفة المتقدّم على إطلاق النصوص، لكن ظاهر كلماتهم عدم كونه من أفعال الحجّ عندهم، وهو الذي يقتضيه ظاهر غير واحد من النصوص[4] المقدّم على ظاهر النصوص البيانيّة، وحينئذٍ يشكل توقيته بذي الحجّة، إلاّ أن يكون إجماعاً.

(2) لما تقدّم[5] في طواف الزيارة من خبر ابن سنان: «لا بأس أن يؤخّر زيارة البيت إلى يوم النفر، إنّما يستحبّ تعجيل ذلك مخافة الأحداث والمعاريض»[6].

--------------------------------------------------
[1]. الكافي في الفقه: 195، الغنية (الجوامع الفقهيّة): 516، الإصباح: 461.
[2]. المبسوط 1: 310، الإصباح: 469.
[3]. كشف اللثام 6: 236.
[4]. وسائل الشيعة 11: 212، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 2.
[5]. ص 522 و523.
[6]. الفقيه 2: 245، الحديث 1171، التهذيب 5: 250، الحديث 846، الاستبصار 2: 291، الحديث 1034، وسائل الشيعة 14: 245، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 1، الحديث 9.

ـ(548)ـ

--------------------------------------------------
متى فعله، بل لا إثم(1) عليه لو أخّره إلى آخر ذي الحجّة. نعم، لو لم يأت به إلى أن خرج الشهر أثم(2) وصحّ مطلقاً(3)، بل تقدّم أنّه ليس(4) من الأركان كي يفسد الحجّ بتعمّد تركه، وإنّما أقصي ما يوجبه هو عدم التحلّل عن الإحرام حتى في العقد والإشهاد(5)عليه إلاّ به، ولو خرج إلى أهله تاركاً له عمداً أوجهلاً، أونسياناً وجب عليه الرجوع لفعله، ولو شقّ عليه الرجوع بنفسه يستنيب(6)، ولا يتحلّل عن إحرامه إلاّ إذا أتي به نائبه.

(1) لما سبق[1] في طواف الزيارة.

(2) قد عرفت الكلام فيه.

(3) يعني وإن كان عامداً.

(4) إجماعاً[2] كما في المسالك، وبلا خلاف كما عن السرائر، وقد تقدّم في مباحث الطواف.

(5) وكلّ ما كان قد حرّمه الإحرام منهنّ؛ للأصل، ومال إليه في الجواهر[3].

وفي القواعد[4]، وغيرها[5] تخصيص التحريم بتركه بالوط وما في حكمه من التقبيل واللمس والنظر؛ لظهور تخصيص التحريم بالنساء بتركه في ذلك، وفيه منع.

(6) إجماعاً[6]، ونصوصاً[7].
--------------------------------------------------
[1]. ص 487.
[2]. المسالك 2: 348، السرائر 1: 617، مفاتيح الشرائع 1: 364.
[3]. تقدّم في ص 311، الجواهر 19: 390.
[4]. القواعد 1: 445.
[5]. التذكرة 8: 354، المدارك 8: 106.
[6]. المستند 13: 25، الجواهر 19: 387.
[7]. التهذيب 5: 128، الحديث 421، الاستبصار 2: 228، الحديث 788، قرب الإسناد: 107، وسائل الشيعة 13: 405، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 85، الحديث 1، أنظر أيضاً الباب 58 من أبواب الطواف.

ـ(549)ـ

--------------------------------------------------
ولو مات قبله يقضي(1) من صلب ماله(2)، وفي جواز الاستنابة له اختياراً إشكال(3).

(1) بلا خلاف[1]؛ للصحيح[2].

(2) لا يخلو من إشكال، كالإشكال في إخراج عامة الواجبات العباديّة منه.

(3) والمشهور الجواز في الناسي[3]؛ لإطلاق قوله (عليه السلام) في صحيح معاوية: «يأمر من يقضي عنه إن لم يحجّ»[4]، بل قيل: إنّه ظاهر في ذلك، وإلاّ لقال (عليه السلام): «إن لم يقدر»[5]، ولا يصلح لمعارضته قوله (عليه السلام) في الصحيح: «فأمّا ما دام حيّاً فلا يصلح أن يقضي عنه»[6]؛ لظهوره في المنع عن النيابة حال الحياة مطلقاً، الواجب حمله على الكراهة إجماعاً ونصوصاً، وتقييده بحال الاختيار ليس بأولي من حمل «لا يصلح» على الكراهة، بل الثاني أولي.
نعم، قوله (عليه السلام) في الصحيح: «لا يحلّ له النساء حتى يطوف بالبيت، قلت: فإن لم يقدر، قال (عليه السلام): يأمر من يطوف عنه»[7] ظاهر ـ بقرينة السؤال في ذيله ـ في تعيّن طوافه بنفسه مع القدرة، والجمع بينه وبين ما سبق ـ بالحمل على الوجوب التخييري ـ غير ظاهر، بل الأقرب الحمل للأوّل على الوجوب الترتيبي، فتأمّل.

--------------------------------------------------
[1]. السرائر 1: 604، التذكرة 8: 354، الدروس 1: 458، الذخيرة: 630، الحدائق 16: 147، الرياض 7: 29، المدارك 8: 885، الجواهر 19: 390.
[2]. التهذيب 5: 255، الحديث 865، الاستبصار 2: 233، الحديث 807، وسائل الشيعة 13: 406، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 58، الحديث 2، وأيضا: التهذيب 5: 255، الحديث 866، الاستبصار 2: 333، الحديث 808، وسائل الشيعة 13: 407، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 58، الحديث 3.
[3]. الجواهر 19: 387.
[4]. الفقيه 2: 245، الحديث 1175، وسائل الشيعة 13: 408، كتاب ‏الحجّ، أبواب الطواف، الباب 58، الحديث 8.
[5]. الجواهر 19: 388.
[6]. التهذيب 5: 255، الحديث 865، الاستبصار 2: 233، الحديث 807، وسائل الشيعة 13:406، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 58، الحديث 2.
[7]. التهذيب 5: 256، الحديث 867، الاستبصار 2: 233، الحديث 809، وسائل الشيعة 13:407، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 58، الحديث 4.

ـ(550)ـ
--------------------------------------------------
ولو قدمه على السعي عمداً أعاد(1)، ويجزيه لو كان سهواً(2)، ولو كان
اللّهم إلاّ أن يقال: ظهور الصحيح المذكور في وجوب المباشرة لا ينكر، إلاّ أنّ إطلاق دليل بدليّة فعل النائب حاكم عليه، وليس فعل النائب من قبيل أحد أفراد الواجب التخييري كي يكون الجمع بالوجوب الترتيبي أقرب منه، بل هو من قبيل بدل الواجب التعييني فلاحظ.
هذا كلّه في الناسي، أمّا العامد والجاهل فيتعيّن الرجوع فيهما إلى القواعد المقتضية لوجوب المباشرة -كما قيل[1] ـ أو لجواز الاستنابة، كما هو التحقيق في ما لم يقم إجماع على عدمها.

(1) بلا خلاف[2] ظاهر؛ للنصوص[3] المتضمّنة للترتيب بينه وبين السعي، وفي المرسل: «لا يكون السعي إلاّ من قبل طواف النساء»[4].

(2) بلا خلاف[5] ظاهر، ففي الموثّق: «في من طاف طواف الحجّ وطواف النساء قبل السعي قال (عليه السلام): «لا يضرّه، يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجّه»[6]. (حكيم)

--------------------------------------------------
[1]. الجواهر 19: 390.
[2]. السرائر 1: 604، المدارك 8: 190، الجواهر 19: 397.
[3]. منها صحيح معاوية بن عمّار: الكافي 4: 511، الحديث 4، التهذيب 5: 251، الحديث 853، وسائل الشيعة 14: 249، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 4، الحديث 1.
[4]. الكافي 4: 512، الحديث 5، التهذيب 5: 133، الحديث 438، الاستبصار 2: 231، الحديث 799، وسائل الشيعة 13: 417، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 65، الحديث 1.
[5]. المبسوط 1: 359، النهاية: 242، السرائر 1: 576، المدارك 8: 190، الرياض 7: 104، الجواهر 19: 398.
[6]. الكافي 4: 514، الحديث 7، الفقيه 2: 244، الحديث 1166، التهذيب 5: 133، الحديث 439، الاستبصار 2: 231، الحديث 800، وسائل الشيعة 13: 418، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 65، الحديث 2.

ـ(551)ـ

--------------------------------------------------
جهلاً(1) ففيه إشكال(2). ولو خافت الحيض فقدّمت طواف الزيارة على الوقوف قدّمت السعي(3)أيضاً. وكذا طواف النساء(4)، لكن لو تمكّنت أن تطوف بعد مناسك منى

(1) وفي جواز تقديمه مع الضرورة والخوف من الحيض ـ كما في الشرائع[1]، بل عن المدارك[2]: أنّه مقطوع به في كلام الأصحاب ـ إشكال؛ لعدم الدليل عليه، وموثّق سماعة[3] لا إطلاق فيه يشمله، كما لا يشمل العالم العامد، بل هو من أفراده.

(2) لإطلاق موثّق سماعة المتقدّم الشامل له. لكنّ التعارض بينه وبين المرسل المتقدّم يقتضي حمله على خصوص الناسي. وفيه: أنّه لا شاهد على الجمع المذكور، والمتعيّن حينئذٍ، الأخذ بالموثّق، والظاهر أنّه شامل لكلّ من يأتي بالطواف بعنوان الامتثال، فيشمل الجاهل أيضاً، والمرسل إمّا ساقط بنفسه أوبالمعارضة، أومحمول على الفضل، كما لعلّه الظاهر منه بعد التأمّل. فراجع. (حكيم ـ صانعي)

(3) كما تضمّنته نصوص تقديم الطواف[4].

(4) كما هو المشهور[5]، كما هو صريح صحيح على بن يقطين[6]. وعن الحلّي7: المنع. ويشهد له خبر على بن أبي حمزة8، لكن مع أنّ الجمع العرفي يقتضي حمل الثاني على الكراهة أنّ الأوّل أصحّ سنداً، فيترجّح على الثاني.
اللّهم إلاّ أن يقال: مورد الثاني التمتّع، فيكون أخصّ من الأوّل فيقيّد به ويحمل على الإفراد والقران.

--------------------------------------------------
[1]. الشرائع 1: 246.
[2]. المدارك 8: 191.
[3]. التهذيب 5: 133، الحديث 439، الاستبصار 2: 231، الحديث 800، وسائل الشيعة 13: 418، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 65، الحديث 2.
[4]. وسائل الشيعة 13: 415، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 64.
[5]. النهاية: 241، القواعد 1: 429، المنتهي 2: 708، الشرائع 1: 246، المدارك 8: 186، الرياض 7: 96، الجواهر 19: 397.
[6]. التهذيب 5: 131، الحديث 430، الاستبصار 2: 229، الحديث 794، وسائل الشيعة 11:281، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 13، الحديث 3.
[7]. السرائر 1: 575.
[8]. الكافي 4:457، الحديث2، التهذيب 5: 132، الحديث 436، وسائل الشيعة 13: 416، كتاب الحجّ، أبواب الطواف، الباب 64، الحديث 5.

ـ(552)ـ

--------------------------------------------------
فالأحوط الإعادة(1)، وإلاّ فالاستنابة. وكذا(2) لو كان فرضها الإفراد أو القران أيضاً، وقدّمت الطوافين على الوقوفين. والله العالم.

المسألة الخامسة: يستحبّ لمن يمضي إلى مكّة للطواف والسعي، الغسل(3)[وتقليم الأظفار والأخذ من الشارب] قبل دخول المسجد، بل مكّة(4)، بل في منى(5)، وتقليم الأظفار(6) والأخذ من الشارب، وعليه ـ ولا سيّما وأنّ تقييد الأوّل لازم على كلّ حال حتى لو حمل على المتمتّع، للزوم تقييده حينئذٍ بحال الضرورة ـ فالمنع في المتمتّع أنسب بالقواعد.

(1) خروجاً عن شبهة الخلاف. (حكيم) ـ وإن كان الأقوى عدم لزومها؛ قضاء لقاعدة الإجزاء. (صانعي)

(2) لإطلاق الصحيح المتقدّم[1].

(3) كما في صحيح عمران الحلبي[2] مستدلاًّ عليه بقوله تعالى: «وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ... »[3] الآية.

(4) كما يفهم من خبر عمر بن يزيد[4].

(5) كما في خبر الحسين بن أبي العلاء[5].

(6) للأمر به وبما بعده في خبر عمر بن يزيد[6].

--------------------------------------------------
[1]. التهذيب 5: 131، الحديث 430، الاستبصار 2: 229، الحديث 794، وسائل الشيعة 11: 281، كتاب الحجّ، أبواب أقسام الحجّ، الباب 13، الحديث 3.
[2]. التهذيب 5: 251، الحديث 852، وسائل الشيعة 14: 247، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 2، الحديث 3.
[3]. الحجّ(22): 26.
[4]. التهذيب 5: 250، الحديث 848، وسائل الشيعة 14: 247، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب2، الحديث 2.
[5]. الكافي 4: 511، الحديث 1، التهذيب 5: 250، الحديث 849، وسائل الشيعة 14: 248، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 3، الحديث 1.
[6]. التهذيب 5: 250، الحديث 848، وسائل الشيعة 14: 247، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 2، الحديث 2.

ـ(553)ـ

--------------------------------------------------
والدعاء(1) إذا وقف على باب المسجد بما عن الصادق (عليه السلام): «اللّهم أعنّي على نسكي[1] وسلّمني له، وسلّمه لي. اللّهم إنّي أسألك مسألة العليل الذليل، المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي، وأن ترجعني بحاجتي.
اللّهم إنّي عبدك، والبلد بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك، وأؤمّ طاعتك، متّبعاً لأمرك، راضياً بقدرك، أسألك مسألة المضطرّ إليك، المطيع لأمرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلغني عفوك، وتجيرني من النار برحمتك
»، ثمّ تأتي الحجر الأسود فتستلمه، وتقبّله، فإن لم تستطع فاستلمه بيدك، وقبّل يدك وإن لم تستطع فاستقبله، وأوءمّ إليه(2) بيدك وقبّلها، وكبّر وقل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكّة، ثمّ طف

(1) كما في صحيح معاوية[2] ذكر فيه الدعاء المذكور في المتن وسائر ما ذكر في المتن إلى آخره ما بين تصريح وتلويح.

(2) هذا غير مذكور في الصحيح المذكور. نعم في من لا يحضره الفقيه[3] بدله «وأشر إليه بيدك

--------------------------------------------------
[1]. في الكافي والتهذيب على نسكك. (الكافي 4: 511، الحديث 4، التهذيب 5: 251، الحديث 853، وسائل الشيعة 14: 249، كتاب الحج، أبواب زيارة البيت، الباب 4، الحديث 1).
[2]. الكافي 4: 511، الحديث 4، التهذيب 5: 251، الحديث 853، وسائل الشيعة 14: 249، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب 4، الحديث 1.
[3]. الفقيه 2: 330.

ـ(554)ـ

--------------------------------------------------
وقبلها».
بالبيت سبعة أشواط، وصلّ خلف المقام ركعتي الطواف على نهج ما تقدّم في طواف العمرة، ثمّ ارجع إلى الحجر فقبّله إن استطعت، وإلاّ فأوءمّ إليه، وبعد الاستقاء من زمزم تخرج للسعي بين الصفا والمروة نحو ما مضي، ويحلّ لك الطيب به، ثمّ ارجع إلى البيت، وطف به أُسبوعاً آخر للنساء، وإذا فرغت من صلاته خلف المقام فقد أحلّلت منهنّ، وتمّ حجّك، وقد تلخصّ من ذلك: أنّه إذا انتفي ما يوجب تقديم الطوافين على الوقوف كان التحليل عن الإحرام تدريجيّاً حينئذٍ، وعرفت أنّ مواطنه ثلاثة(1)، ولو قدّمها عليه لبعض ما يوجبه كان دفعيّاً موطنه عقيب الحلق أوالتقصير بمنى، ولا يتحلّل قبله عن الطيب والنساء على الأقوى(2).

الفصل السادس: أفعال منى بعدالعود من مكّة في ما يجب في ليالي التشريق.

وفيه مسائل:

الأولى: يجب(3) المبيت بمنى ليلة الحادية عشر، والثانية عشر على كلّ
(1) «الأوّل»: الحلق والتقصير، ويحلّ به عن كلّ ما حرم بالإحرام عدا الطيب والنساء.

«الثاني»: الطواف والسعي، ويحلّ به الطيب.

«الثالث»: طواف النساء، ويحلّ به النساء.

(2) على ما عرفت.

(3) إجماعاً[1]، ونصوصاً[2]. نعم، عن التبيان[3]: الاستحباب، لكنّه نادر.

--------------------------------------------------
[1]. المنتهي 2: 769، التذكرة 8: 355، مفاتيح الشرائع 1: 377، الرياض 7: 139، المدارك 8: 222، كشف اللثام 6: 237، المستند 13: 30.
[2]. وسائل الشيعة 14: 254، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1.
[3]. التبيان 2: 154.

ـ(555)ـ

--------------------------------------------------
ناسك غير معذور(1)، فإن كان قد اتّقي الصيد، والنساء في إحرامه كلّيا جاز(2)

(1) أمّا المعذور، فيجوز له المبيت في غيرها بلا خلاف ظاهر[1]؛ لأدلّة نفي الحرج وغيرها، ولما ورد في الرخصة للعبّاس (عليه السلام) من أجل السقاية[2].

(2) بلا خلاف[3] ولا إشكال فيه في الجملة، وفي الجواهر: الإجماع بقسميه عليه[4]، ويشهد له في الصيد خبر جميل: «من أصاب الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأوّل»[5]، ونحوه خبر حمّاد[6]، ويشهد له في النساء خبر ابن المستنير: «من أتي النساء في إحرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل»[7]، وظاهر خبره الآخر[8]: تخصيص الجواز بمن اتّقي جميع محرّمات الإحرام. وعن ابن سعيد[9]: العمل به، لكنّه غير ثابت الحجيّة، فلا يصلح لمعارضة ما هو معوّل عليه. وعن الحلّي[10]:

--------------------------------------------------
[1]. الخلاف 2: 354، المنتهي 2: 771، التذكرة 8: 358، التحرير 1: 109، الدروس 1: 460، الرياض 7: 149، كشف اللثام 6: 246، المستند 13: 43.
[2]. العلل: 451، الحديث 1، وسائل الشيعة 14: 258، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 21.
[3]. المنتهي 2: 775، المدارك 8: 244، الرياض 7: 165، المستند 13: 80.
[4]. الجواهر 20: 36.
[5]. الفقيه2: 289، الحديث 1426، وسائل‏الشيعة 14: 281، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 11، الحديث8.
[6]. التهذيب 5: 490، الحديث 1758، وسائل الشيعة 14: 279، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 11، الحديث 3.
[7]. الكافي 4: 522، الحديث 1، التهذيب 5: 490، الحديث 1758، وسائل الشيعة 11: 279، كتاب الحجّ، أبواب‏العود إلى منى، الباب11، الحديث 3.
[8]. الفقيه2: الكافي 4:522، الحديث 1، التهذيب 5:273، الحديث 932، وسائل الشيعة 1:279، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 11، الحديث 1.
[9]. الجامع للشرائع: 218.
[10]. السرائر 1: 605.

ـ(556)ـ

--------------------------------------------------
تخصيصه بمن اتّقي ما فيه الكفّارة، ودليله غير ظاهر.
النفر بعد الزوال(1) من اليوم الثاني عشر، وهو النفر الأوّل، وإلاّ وجب(2) عليه المبيت بها ليلة الثالثة عشر أيضاً. وكذا(3) لو غربت عليه الشمس قبل أن يخرج عنها في اليوم الثاني عشر ولو تأهّب للخروج، على

(1) فلا يجوز قبله، كما هو المشهور[1]، بل قيل: إنّه إجماع[2]، ويشهد له جملة من النصوص المعتبرة[3]. نعم، في خبر زرارة: «لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأوّل قبل الزوال»[4]، لكن لأجل عدم ثبوت الجابر له لا يصلح لصرف ما تقدّم إلى الكراهة، أو الاستحباب، وإن حكي عن التذكرة[5]: أنّه قربه.

(2) بلا خلاف ظاهر، بل ادّعي عليه الإجماع[6]، ويستفاد من النصوص المتقدّمة وغيرها[7] ممّا تضمّن وجوب المبيت في منى ليالي التشريق.

(3) بلا خلاف ظاهر[8]. وعن المنتهي[9]: الإجماع عليه، ويشهد له جملة من النصوص، ففي مصحّح

--------------------------------------------------
[1]. الغنية (الجوامع الفقهيّة): 581، المنتهي 2: 776، التذكرة 8: 373، الرياض 7: 167، المستند 13: 77.
[2]. المدارك 8: 249.
[3]. الكافي 4: 520، الحديث 3، التهذيب 5: 271، الحديث 926، الاستبصار 2: 300، الحديث 1073، وسائل الشيعة 14: 274، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 9، الحديث 3.
[4]. التهذيب 5: 272، الحديث 928، الاستبصار 2: 301، الحديث 1075، وسائل الشيعة 14: 277، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 9، الحديث 11.
[5]. التذكرة 8: 373.
[6]. المنتهي 2: 769.
[7]. وسائل الشيعة 14: 251، كتاب الحجّ، أبواب زيارة البيت، الباب1، وص279، الباب11.
[8]. النهاية: 269، السرائر 1: 612، التذكرة 8: 373، الدروس 1: 458، المدارك 8: 249، الرياض 7: 167، المستند 13: 76.
[9]. المنتهي 2: 776.

ـ(557)ـ

--------------------------------------------------
الحلبي: «إن أدركه المساء بات ولم ينفر»[1].
--------------------------------------------------
[1]. الكافي 4: 520، الحديث 4، التهذيب 5: 272، الحديث 929، وسائل الشيعة 14: 277، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 10، الحديث 1.

ـ(558)ـ

--------------------------------------------------
الأقوى(1)، ولا يجب(2) على من عدا هؤلاء، وإن كان الأولى، بل الأحوط(3) أن لا يتركه من ارتكب ما عدا الصيد والنساء من محرّمات الإحرام، أو اقترف(4) كبيرة أُخرى والصرورة(5)، بل هو الأفضل(6) لكلّ ناسك.

(1) كما في الدروس[1]: أنّه الأشبه، واختاره في الجواهر[2]؛ لإطلاق النصوص. وعن التذكرة[3]: الأقرب جواز الارتحال للمشقّة في حطّ الرحال، لكنّه كما تري.

(2) كما يستفاد من النصوص المتقدّمة[4] في الموارد الثلاثة.

(3) خروجاً عن شبهة الخلاف من ابن سعيد[5]، كما تقدّم[6].

(4) خروجاً عن شبهة، خلاف الحلّي[7]، كما عرفت[8].

(5) لما عن الغنية، والكافي، والإصباح[9]: من كون الصرورة كغير متقي الصيد، والنساء في وجوب مبيت الثالثة، ودليله غيرٍ ظاهر، كما اعترف به في الجواهر[10] وظاهر غيرها[11].

(6) كما في الدروس[12] ناسباً إلى نصّ الأصحاب.

--------------------------------------------------
[1]. الدروس 1: 461.
[2]. الجواهر 20: 14.
[3]. التذكرة 8: 374.
[4]. ص 535.
[5]. الجامع للشرائع: 218.
[6]. ص 534.
[7]. السرائر 1: 605.
[8]. ص 534.
[9]. الغنية (الجوامع الفقهيّة): 519، الكافي في الفقه: 198، الإصباح: 464.
[10]. الجواهر 20: 40.
[11]. المدارك 8: 248.
[12]. الدروس 1: 458.

ـ(559)ـ

--------------------------------------------------
الثانية: القدر الواجب من المبيت في كلّ ليلة هو أن(1) تغرب عليه الشمس فيها،

(1) بلا إشكال ظاهر كما قيل[1]، ويقتضيه جملة من النصوص المتضمّنة أنّه إذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس، أولم يضرّه شيء[2]، أو نحو ذلك[3].
نعم، ظاهر خبر ابن ناجية[4] وغيره[5] جواز الخروج من منى أوّل الليل إذا كان يرجع إليها قبل النصف، فيستفاد منها الاجتزاء بأحد النصفين، لكن إعراضهم عنه مانع عن البناء عليه، فتأمّل؛ فإنّ ثبوت الإعراض غير معلوم، ومجرّد النسبة إلى ظاهر الأصحاب غير كافية في رفع اليد عن النصوص التي فيها الصحيح[6] وغيره[7]. (حكيم) ـ بل لا يبعد الاجتزاء بالنصف الثاني وكونه أحد قدري الواجب كالنصف الأوّل، فإنّ ظاهر خبر ابن ناجية[8] وغيره جواز الخروج من منى أوّل الليل إذا كان يرجع إليها قبل النصف، فيستفاد منها الاجتزاء بأحد النصفين. وما ذكر ـ من كون إعراضهم عنه مانع عن البناء عليه، ويكون موجبا للسقوط عن الحجيّة ـ غير تمام؛ لعدم ثبوت الإعراض ومجرّد النسبة إلى ظاهر الأصحاب غير كافية في رفع اليد عن النصوص التي فيها الصحيح[9]. (صانعي)

--------------------------------------------------
[1]. الرياض 7: 146، المستند 13: 32.
[2]. التهذيب 5: 258، الحديث 877، الاستبصار 2: 293، الحديث 1044، وسائل الشيعة 14: 256، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 14.
[3]. وسائل الشيعة 14: 251، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1.
[4]. الفقيه2: 287، الحديث 1409، وسائل‏الشيعة 14: 257، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 20.
[5]. التهذيب 5: 258، الحديث 878، الاستبصار 2: 293، الحديث 1045، وسائل الشيعة 14: 254، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 8.
[6]. التهذيب 5: 257، الحديث 871، وص258، الحديث 878، الاستبصار 2: 293، الحديث 1045، وسائل الشيعة 14: 252، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1 الحديث 4 و8.
[7]. الفقيه 2: 287، الحديث 1409، وسائل الشيعة 14: 257، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى من، الباب 1، الحديث 20.
[8]. نفس المصدر.
[9]. كصحيح عيص بن القاسم ومعاوية بن عمّار، التهذيب 5: 256، الحديث 870 والحديث 878، وسائل الشيعة 14: 252، أبواب العود الرمني، الباب 1، الحديث 4 و8.

ـ(560)ـ

--------------------------------------------------
ويبقي بها إلى أن ينتصف الليل(1)، ويجوز له الخروج بعد ذلك، وإن كرهت(2) الدلجة[1] قبل الصبح منها، لكنّه لو كان بمكّة وشغله نسكه عن الرجوع قبل الغروب إليها جاز، بل يجوز(3) البقاء بمكّة مشتغلاً بالعبادة إلى الفجر، ويجزي عن المبيت بمنى وإن كان الأولى

(1) المراد من الليل هنا من الغروب إلى طلوع الفجر. (صانعي)

(2) كما يستفاد من خبر أبي الصباح[2].

(3) كما يستفاد من جملة من النصوص[3] معلّلاً في بعضها: بأنّه كان في طاعة الله تعالى، الشامل لكلّ عبادة واجبة، أو مندوبة. وعن الحلّي[4] وجوب الكفّارة، لكنّه غير ظاهر.

--------------------------------------------------
[1]. في الحديث «عليكم بالدَّلْجَة» وهو يسر الليل، يقال اُدْلَج بالتخفيف: إذا سار من أوّل الليل، وبالتشديد إذا سار من آخره، والاسم منهما «الدُّلجة» بالضم والفتح. ومنهم من يجعل الإدلاج لليل كلّه، وكأنّه المراد هنا لما في آخر الحديث، «فإنّ الأرض تطوي»، ولم يفرّق بين أوّل الليل وآخره. ومنه «استعينوا بالغدوة والرّوحة وشيء من الدُلجة». قال بعض شرّاح الحديث: استعار سير المسافر في هذه الأوقات للمنشط في العبادة، يعني كالفجر في الغداة والظهر والعصر في الروحة والعشائين في الدُلجة، فإنّ المسافر لو سافر كلّ الليل والنهار عجز، إذ لايمكنه الدوام.
وأدلج إدلاجاً ـ كأكرم إكراماً ـ سار الليل كلّه، فهو «مُدْلج»، وربما أطلق الإدلاج على العبادة في الليل توسّعاً؛ لأنّ العبادة سير إلى الله تعالى. (مجمع البحرين 2: 300 مادّة دلج).
[2]. التهذيب 5: 259، الحديث 882، الاستبصار 2: 294، الحديث 1049، وسائل الشيعة 14: 255، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 11.
[3]. الكافي4: 514، الحديث 1، وسائل الشيعة 14: 254، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 9.
[4]. السرائر 1: 604.

ـ(561)ـ

--------------------------------------------------
والأفضل هو الرجوع إليها قبل(1) أن ينشق الفجر، بل قبل(2) أن ينتصف الليل، ويجب البقاء(3) حينئذٍ إلى الفجر، فيكفي في المبيت الواجب بمنى أحد الأمرين: إمّا أن تغرب

(1) في الصحيح: «ما أحبّ أن ينشق له الفجر إلاّ وهو بمنى»[1]، ونحوه غيره[2].

(2) دليله غير ظاهر، وما تضمّن أنّه إن خرج من منى أوّل الليل فلا ينتصف له الليل إلاّ وهو بمنى، مختصّ بغير المشغول بالعبادة، ولذا استثني منه في صحيح معاوية[3]. (حكيم، صانعي)

--------------------------------------------------
[1]. التهذيب 5: 257، الحديث 871، الاستبصار 2: 292، الحديث 1038، وسائل الشيعة 14: 252، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 5.
[2]. التهذيب 5: 259، الحديث 882، الاستبصار 2: 294، الحديث 1049، وسائل الشيعة 14: 255، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 11.
[3]. التهذيب 5: 258، الحديث 878، الاستبصار 2: 293، الحديث 1045، وسائل الشيعة 14: 254، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 8.

ـ(562)ـ

--------------------------------------------------
(3) أو يرجع إليها قبل أن ينتصف الليل ويبقي إلى أن يطلع الفجر. (صانعي)

عليه الشمس بها(1)، أويطلع عليه الفجر فيها، وقد شغله نسكه بمكّة عن الرجوع إليها قبل ذلك، وفي الصورة الأولى يجب البقاء فيها إلى انتصاف الليل، وفي الثانية يجزي الرجوع إليها قبل الفجر قدر المسمّي، بل يجزي الاشتغال بالعبادة بمكّة عن المبيت بمنى من أصله.

الثالثة: يجب أن يكون في المبيت بمنى ناوياً(2) له نحو ما تقدّم في سائر المناسك، مقارناً بها الأوّل جزئه عند الغروب، والأولي أن يقدّمها في جزء من النهار، ويقول: «أبيت هذه الليلة بمنى لحجّ الإسلام، لوجوبه قربة إلى الله تعالى»، ولو أخلّ بالنيّة أثم، ولا فدية(3) عليه، ولكنّها الأحوط.

(1) عملاً بما دلّ[1] على وجوب المبيت بمنى ليالي التشريق، الظاهر في الاستيعاب. وثبوت الترخيص في الخروج بعد نصف الليل يقتصر عليه.

(2) كما نصّ عليه غير واحد[2]؛ لأنّه عبادة.

(3) كما مال إليه في الجواهر[3]؛ للأصل، وانصراف ما دلّ على ثبوتها بترك المبيت إلى تركه رأساً. وعن المسالك[4]: أنّه فيه وجهان. وما في المتن أوجه.

--------------------------------------------------
[1]. وسائل الشيعة 14: 250، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1.
[2]. الدروس 1:260، المسالك 2:364، كشف‏اللثام 6: 237، الرياض 7: 140، المستند 13: 32.
[3]. الجواهر 20: 4.
[4]. المسالك 2: 364.

ـ(563)ـ
--------------------------------------------------

الرابعة: [سقوط الفداء عمّن بات بمكّة مشتغلاً بالعبادة]
لو بات بغير منى فإن كان بمكّة مشتغلاً بالعبادة حتى أصبح فلا فدية(1) عليه. وكذا لو شغله نسكه عن إدراك أوّل الليل بمنى، أمّا لو بات غير مشتغل بالعبادة، أوبات بغيرها مطلقاً كان عليه(2)

(1) كما هو المشهور[1]؛ للنصوص المتضمّنة نفي الفدية في الفرض[2]. وقد عرفت[3] أنّ خلاف الحلّي[4] غير ظاهر الوجه.

(2) بلا خلاف ظاهر[5]، ويقتضيه النصوص[6]. نعم، في صحيحي العيص7 وسعيد8 ما ظاهره العدم، لكنّه مطروح أو مأوّل. (حكيم) ـ مضافا إلى الإثم في العامد. (صانعي)

--------------------------------------------------
[1]. النهاية: 265، المبسوط 1: 378، التذكرة 8: 356، الدروس 1: 459، المسالك 2: 364، المدارك 8: 225، الرياض 7: 144، كشف اللثام 6: 241، المستند 13: 38.
[2]. منها: صحيحتي صفوان وابن عمّار: الكافي 4: 514، الحديث 1، وسائل الشيعة 14: 254، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 9، ومنها: التهذيب 5: 258، الحديث 876، الاستبصار 2: 293، الحديث 1043، وسائل الشيعة 14: 255، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 13.
[3]. ص 538.
[4]. السرائر 1: 604.
[5]. الخلاف 2: 358، المنتهي 2: 770، التذكرة 8: 356، الغنية (الجوامع الفقهيّة): 519، مفاتيح الشرائع 1: 377، الشرائع 1: 250، الدروس 1: 459، المسالك 2: 364، المدارك 8: 223، كشف اللثام 6: 241، الرياض 7: 140، المستند 13: 33.
[6]. منها: صحيح على بن جعفر: التهذيب 5: 257، الحديث 873، الاستبصار 2: 292، الحديث 1040، وسائل الشيعة 14: 251، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 2، ومنها: صحيح صفوان: التهذيب 5: 257، الحديث 871، الاستبصار 2: 292، الحديث 1038، وسائل الشيعة 14: 252، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 5.
[7]. التهذيب 5: 257، الحديث 874، الاستبصار 2: 292، الحديث 1041، وسائل الشيعة 14: 253، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 7.
[8]. التهذيب 5: 257، الحديث 875، الاستبصار 2: 293، الحديث 1043، وسائل الشيعة 14: 255، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 13.

ـ(564)ـ

--------------------------------------------------
عن كلّ(1) ليلة شاة(2)، وإن كان(3) ناسياً أو جاهلاً(4)، أو غير ذلك على

(1) كما يقتضيه الجمع بين النصوص المتضمّن بعضها وجوب ثلاث من الغنم[1] إذا بات ثلاث ليال بمكّة، وبعضها وجوب الدم على من بات ليلة واحدة[2]، وبعضها مطلق في وجوب الدم على من بات ليالي منى بغيرها[3]؛ فإنّ الجمع بينها يقتضي كون مبيت كلّ ليلة سبباً للفدية. وما في عبارة جماعة[4] من إطلاق وجوب الدم على من بات ليالي منى بغيرها محمول على ذلك أوموهون به.

(2) كما في خبر ابن ناجية[5]، المحمول عليه ما في غيره من إطلاق الدم، وضعفه منجبر بالعمل، ولعلّها المراد من إطلاق الدم في غير واحدة من العبارات[6].

(3) كما صرّح به بعض[7]، ويقتضيه إطلاق النصّ[8] والفتوى[9].

(4) على الأحوط في الجاهل القاصر والناسي، وإن كان عدم وجوب الشاة عليهما لا يخلو عن قوّة؛ قضاءً لمثل حديث الرفع والسعة. وهذا بخلاف المقصّر، فعليه الشاة؛ قضاءً لإطلاق النصّ، ولأنّ المعروف كون المقصّر كالعامد إلاّ ما أستثني. (صانعي)

--------------------------------------------------
[1]. التهذيب 5: 257، الحديث 872، الاستبصار 2: 292، الحديث 1039، وسائل الشيعة 14: 253، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 6.
[2]. التهذيب 5: 259، الحديث 881، الاستبصار 2: 294، الحديث 1048، وسائل الشيعة 14: 256، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 16.
[3]. التهذيب 5: 258، الحديث 878، الاستبصار 2: 293، الحديث 1045، وسائل الشيعة 14: 254، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 8.
[4]. المقنعة: 421، المراسم: 115، الكافي في الفقه: 198.
[5]. الفقيه 2: 286، الحديث 1406، التهذيب 5: 257، الحديث 872، الاستبصار 2: 292، الحديث 1039، وسائل الشيعة 14: 253، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 6.
[6]. الغنية (الجوامع الفقهيّة): 581، الخلاف 2: 358، مفاتيح الشرائع 1: 377، المنتهي 2: 770، المدارك 8: 223، المستند 13: 34.
[7]. الدروس 1: 460، المستند 13: 36، الجواهر 20: 6.
[8]. وسائل الشيعة 14: 251، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1.
[9]. الدروس 1: 460.

ـ(565)ـ

--------------------------------------------------
إشكال(1) في من نام في طريق منى بعد أن جاوز عقبة المدنيين، وخرج عن حدود مكّة، ولو فاته جزء من أوّل الليل لا في نسكه، لكنّه أدرك البيتوتة بها إلى الفجر ففي وجوب الفدية إشكال(2).

(1) فعن أبي عليّ[1]، والشيخ في التهذيب والاستبصار[2] عدمها حينئذٍ، ويشهد له صحيح محمّد بن إسماعيل[3]، وصحيح[4] جميل، وصحيح هشام ابن هشام[5] بعد الجمع بينها، لكنّها يشكل الاعتماد عليها؛ لإعراض المشهور عنها. ومنه يظهر ضعف ما عن الرياض[6] من أنّ السقوط لا يخلو من قوّة، إلاّ أن يكون إجماع على خلافه.

(2) لما قد يظهر من نصوص[7] الفدية من اختصاصها بصورة المبيت تمام الليل بغير منى ويومي إليه ـ كما في الجواهر[8] ـ جملة من النصوص، كصحيح ابن مسلم: إنّه قال (عليه السلام) في الزيارة: «إذا خرجت من منى قبل غروب‏الشمس فلا تصبح إلاّ بمنى»[9]، ونحوه غيره[10]، لكنّ الظاهر في النصوص الأوّل: إرادة ترك‏ الواجب، ومن النصوص الثانية: صورة الخروج للزيارة والنسك لا أقلّ من أنّه مقتضي الجمع بينها وبين غيرها.

--------------------------------------------------
[1]. ونقله عنه في الدروس 1: 460.
[2]. التهذيب 5: 259، الاستبصار 2: 294.
[3]. التهذيب 5: 259، الحديث 880، الاستبصار 2: 294، الحديث 1047، وسائل الشيعة 14: 256، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 15.
[4]. التهذيب 5: 259، الحديث 881، الاستبصار 2: 294، الحديث 1048، وسائل الشيعة 14: 256، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 16.
[5]. والصحيح هشام بن الحكم: الكافي 4: 515، الحديث 4، الفقيه 2: 287، الحديث 1411، وسائل الشيعة 14: 257، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1، الحديث 17.
[6]. الرياض 7: 143.
[7]. وسائل الشيعة 14: 251، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب 1.
[8]. الجواهر 20: 8.
[9]. التهذيب 5: 256، الحديث869، وسائل‏الشيعة 14: 252، كتاب ‏الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب1، الحديث3.
[10]. التهذيب 5: 256، الحديث 868، وسائل‏الشيعة 14: 251، كتاب الحجّ، أبواب العود إلى منى، الباب1، الحديث1.

ـ(566)ـ

--------------------------------------------------
وكذا في سقوطها عمّن بات بغيرها ثمّ رجع قبل أن ينشق الفجر إليها، وعن المعذور(1) الذي لا يجب عليه المبيت بها كالمريض، ومن كان له مريض يخاف عليه أو مال يخاف ضياعه، ونحو ذلك. نعم، لا يجب الفدية على الرعاة والسقاة على الأقوى(2)(3).

(1) فإنّ المصرّح به في كلام بعض[1] ثبوت الفدية على المعذور كغيره، ويقتضيه إطلاق النصوص[2]، اللّهم إلاّ أن يدّعي انصرافها إلى خصوص المختار، لكنّه ضعيف. وربما قيل[3]: إنّ الفدية لا تناسب العذر. لكن فيه: إنّها جبران لا كفّارة.

(2) كما أنّ سقوطه عن غيرهما من ذوي الأعذار لا يخلو من قوّة أيضا. (صانعي)

(3) كما نصّ عليه في الدروس[4]، وتنظر في وجوبها على باقي المعذورين. ووجهه في الجواهر[5] بظهور الرخصة الواردة فيهما في نفي الفدية، بخلاف الرخصة في الباقين؛ لأنّها عموم نفي الحرج والضرر، وهو لا يقتضي ذلك.

وفيه: أنّ الرخصة إنّما وردت في طرق العامة. نعم، تقدّم في خبر مالك بن أعين[6]: أنّ النبيّ (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) رخّص للعبّاس المبيت بمكّة ليالي منى من أجل سقاية الحجّ. لكن يحتمل فيه كون السقاية للحاجّ من قبيل العبادة التي يكون صاحبها مرخّصاً بلا فدية، فالخروج عن عموم الفدية غير ظاهر، فلاحظ.

--------------------------------------------------
[1]. المستند 13: 43.
[2]. وسائل الشيعة 14: 251، كتاب الحجّ‏أبواب العود إلى منى، الباب 1.
[3]. المسالك 2: 364.
[4]. الدروس 1: 460.
[5]. الجواهر 20: 13.
[6]. علل‏الشرائع:451، الحديث 1، وسائل الشيعة 14: 258، كتاب ‏الحجّ، أبواب‏العود إلى منى، الباب 1، الحديث 21.

ـ(567)ـ

--------------------------------------------------
الخامسة: الأحوط(1) عدم الفرق بين الوطئ وسائر ما يحرم من النساء، حتى العقد أو الشهادة به في وجوب المبيت به ليلة الثالثة عشر، ولا بين(2) الاصطياد وسائر ما يحرم من الصيد حتى الدلالة إليه، ونحوها في ذلك.
العنوان اللاحق العنوان السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org