Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الشرائط المعتبرة في القصاص (درس35)
الشرائط المعتبرة في القصاص (درس35)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 35
التاريخ : 2008/12/14

بسم الله الرحمن الرحيم

ثمّ إنَّ هنا مسائل متفرِّعة على المبنى المشهور، والبحث عنها وإنْ لم يكن لازماً على المختار لكننا نبحثها تتميماً للبحث وتكميلاً للفائدة.
المسألة الأُولى: هل التساوي غايته الثلث كما هو المشهور وعليه غير واحد من الأخبار أو التجاوز عنه المحكى عن الشيخ في (النهاية
قال فيها: (ويتساوى جراحهما ما لم يتجاوز ثلث الدية، فإذا بلغت ثلثالدية نُقصت المرأة وزيد الرجل)[1] كما ورد ذلك في خبر ابن أبي يعفور[2] وصحيح الحلبي[3] وخبرأبي بصير[4].
فيه قولان، وبما أنَّه لا ترجيح لواحد من المتعارضين من الأخبار فلا بدّ للفقيه من التخيُّر بينهما.
وما في (الجواهر) من عدم الدلالة في تلك الأخبار الثلاثة لتعارض الصدر والذيل فقد مضى الجواب عنه.
وأمَّا ما فيه من قوله: (بل قد يقال: ـ بعد فرض تعارض الأدلة وتكافئها من كل وجه ـ إنَّ الأصل كون المرأة على الضعف من الرجل ولو باستقراء غير المقام)[5].
ففيه: أنَّ الأصل بعد تكافؤ الخبرين التخيير لا التساقط، والرجوع إلى أمر آخر من الاستقراء وغيره.
ومثل ذلك القول في عدم التماميّة ما ذكره ـ رحمه الله ـ قبل ذلك من إمكان القول: (بأنَّ النّص بالتجاوز عنالثلث فيها إنّما وقع مسامحةً أو نظراً إلى كون البلوغ إلىالثلث من دون زيادة ولا نقيصة من الأفراد النادرة غاية الندرة)[6].
ففيه: أنَّ المسامحة خلاف الظاهر وأنَّ ندرة الوجود ليست إلاّ سبباً لعدم اختصاص العموم والإطلاق بالنّادر، فإنَّه خلاف الظاهر أيضاً، وأمّا كونها سبباً لتغيير الضابطة فكما ترى.
المسألة الثانية: قد ظهر لك أنَّه على المشهور لو قطع الرجل إصبعاً أو إصبعين أوثلاثاً من المرأة مثلها منه قصاصاً من غير ردٍّ.
ولو أُخذت الدية أُخذت كدية أصابعه، ولو قطع أربعاً منها لم تقطع الأربع منه إلاَّ بعد ردّ دية إصبعين، ولو أخذت منه الدية أُخذت منه عشرين بعيراً دية إصبعين منه، كما سمعت التصريح به في خبر أبان بن تغلب.
وهل لها إذا قطع الأربع منها القصاص في إصبعين منه من دون ردّ؟
إشكال من تحقق العمل بمقتضى التفاوت بينهما وهو الأخذ لها بالنصف ممَّا له، وأنَّه كان لها قطعهما إذا قطعت منها اثنتان فقط فلها ذلك إذا قطعت منها أربع، لوجود المقتضي وهو قطعاثنين وانتفاء المانع، فإنَّ الزائد لا يصلح مانعاً، ومن أنَّه خارج عن فتوى الأصحاب والأخبار، فإنَّ الوارد فيها إمَّا أخذ الديةعشرين من الإبل مثلاً أو القصاص وردِّ عشرين عليه، وهو ليس شيئاً منهما، وقصاص البعض ليس قصاصاً، ومنع انتفاء المانع، فإنَّ الزيادة في الجناية كما منعت أخذ ثلاثين من الإبل فلِمَ لا تمنع القصاص في إصبعين؟
هذا، ولكنَّ مقتضى التحقيق أنَّ لها قطع الإصبعين من دون ردٍّ، قضاءً لفحوى الأدلّة، فإنّ المتفاهم منها عرفاً كون دية المرأة في الأعضاء نصف دية الرجل فيها فيما زاد على الثلث، فالقصاص والمقابلة بالمثل على ذلك موجب لردِّ النصف من الدية إلى الرجل قضاءً للمقابلة والمقاصّة والمماثلة لا لخصوصية أُخرى خاصّة بصورة القطع.
وعليه، فكما تكون للمرأة قطعالأربع مع ردّ النصف فكذلك لها قطع الاثنين بلا ردٍّ، لحصول المقابلة والمماثلة كما لا يخفى، ولذلك يظهر عدم تمامية ما في وجه المنع من أنَّ الزيادة في الجناية الخ.
ففيه: أنَّ أخذالثلاثين أخذٌ للزائد عن حقّها، وهو بخلاف قطع الإصبعين، فإنَّه موافق ومماثلة لحقّها على التنصيف كما هو المفروض، كما يظهر بما حققّناه أنَّ لها قطع الثلاث مع ردّ دية الإصبع الواحدة، نعم ليس لها القطع كذلك بلا ردٍّ، لكون القطع كذلك زائداً عن حقهّما على كلّ حال.
ظهر لك ممَّا حقَّقناه أنَّه ليس للرجل الامتناع من ذلك بأنْ يقول لها: إمَّا أنْ تأخذي الدية ولا تقطعي شيئاً من أصابعي أو تقطعي الأربع وتردّي عليّ ديةاثنين، بل الاختيار بيد المرأة فيهما وفي قطع الاثنين فقط أوالثلاث مع الردِّ، كما أنَّه ليس للمرأة المطالبة بأكثر من دية إصبعين، وليس لها أنْ تطلب دية ثلاث وتعفو عن الرابع؛ لمخالفته مع النصّ والفتوى الراجعة إلى الزيادة في القصاص.
المسألة الثالثة: الظاهر أيضاً اختصاص الحكم بما إذا كان الجاني رجلاً، بل لا خلاف فيه اقتصاراً على القدر المتيقن، فإنَّ الحكم على خلاف القواعد، وأمّا إذا كان الجاني امرأة ففيه خلاف، فجعل البعض سواء بسواء مثل النفس، فما فرّق بين أعضاء المرأة إذا كان الجاني إمرأة كما في النفس، ففي الإصبع خمس، وفي الاثنين عشرة، وفي الثلاث خمس عشرة، وفي الأربع عشرون، وفي الخمس خمسة وعشرون، وهكذا.
ولكون الحكم على خلاف القواعد قال في (مجمع الفائدة والبرهان): (وكأنّه لذلك تردَّد في (القواعد) ولكنَّ الذي يظهر أنّه ينبغي عدم التردُّد والجزم بالتسوية، فإنّ الحكم مخالف للقواعد كما عرفت، وليس له في المرأة دليل، لاختصاص الدليل بالرجل كما سمعت، وبطلان القياس خصوصاً هنا على ماعرفت، فأيّ شيء يقتضي التردّد كما فعله في (القواعد) أو الحكم بالتسوية بين كون الجاني رجلاً أو امرأة كما فعله هنا؟ وهو ظاهر)[7].
المسألة الرابعة: الظاهر أنّ الحكم المزبور إذا كان القطعللأربعبضربة واحدة، وأمّا لو كان بأربع ضربات يقطع بكلّ واحدة إصبعاً أو بضربتين يقطع بكلٍّ منهما إصبعين، فالظاهر ثبوت دية الأربع أو القصاص في الجميع من غير ردٍّ، كما صرَّح به غير واحد؛ إذ كلّ ما جنى عليها جناية يثبت لها حكمها، ولا دليل على سقوطه بلحوق جناية أُخرى، والجناية الأخيرة إنَّما هي قطع ما دون الأربع فلها حكمها، ولا تسقط بسبق اُخرى، والله العالم.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - النهاية: 773.
[2] - وسائل الشيعة 29: 164، كتاب القصاص، أبواب قصاص الطرف، الباب 1، الحديث 4.
[3] - وسائل الشيعة 29: 165، كتاب القصاص، أبواب قصاص الطرف، الباب 1، الحديث 6.
[4] - وسائل الشيعة 29: 383، كتاب الديات، أبواب ديات الشجاج والجراح، الباب 3، الحديث 1.
[5] - جواهر الكلام 42: 88.
[6] - جواهر الكلام 42: 88.
[7] - مجمع الفائدة والبرهان 14: 471.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org