Loading...
error_text
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: دروس خارج الفقه
حجم الحرف
۱  ۲  ۳ 
التحميل المجدد   
موقع مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ الصانعي مُدّ ظِلّه العالي :: الشرائط المعتبرة في القصاص (درس36)
الشرائط المعتبرة في القصاص (درس36)
الدرس دروس خارج الفقه
_AyatollahSanei
القصاص
الدرس 36
التاريخ : 2008/12/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الثاني: التساوي في الدين، فلا يقتل مسلم بكافر مع عدم اعتياده قتل الكفار.
في (الجواهر): (التساوي في الدين، فلا يقتل مسلم بكافر مع عدم الاعتياد ذمّياً كان أو مستأمناً أو حربيّاً بلا خلاف معتدٍّ به أجده فيه بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه، بل المحكي منهما مستفيض حدّ الاستفاضة أو متواتر كالنصوص، منها: قول أبي جعفر ـ عليه السلام ـ في خبر محمد بن قيس: ((لا يقاد مسلم بذمّي في القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمّي على قدر دية الذمّي ثمانمائةدرهم))[1] وغيره على وجه لا يقدح في الأوّل خلاف الصدوق في (المقنع))[2].
وصريح عبارته انحصار المخالف للإجماع بالصدوق في (المقنع)، والظاهر أنَّه كذلك لانحصار نقل الخلاف من (المقنع)[3] فقط، وأمّا ما في (الفقيه) من ذهابه إلى قتل المسلم بقتل المعاهد الواحد فضلاً عن الذمّي وفضلاً عن الموجب للاعتياد فليس من باب القصاص وحق الناس، بل يكون من باب الجزاء والحدّ وحق الله تعالى; للمخالفة مع عهد الإمام، ودونك عبارته: (وعلى من خالف الإمام في قتل واحد منهم متعمّداً القتل; لخلافه على إمام المسلمين لا لحرمة الذمّي)[4].
وبما ذكرناه يظهر عدم كون مثل التفصيل في قتل المسلم بالكافر بين المعتاد وغيره بالقتل في المعتاد حدّاً وعدمه في غيره رأساً المحكّي عن ابن الجنيد[5] والحلبي[6] ـ قدس سرهما ـ تفصيلاً في المسألة ـ أي مسألة القصاص ـ بل ذلك القول راجع إلى القول بعدم القصاص مطلقاً، وإنّما يكون تفصيله جمعاً بين الفتويين في المسألتين ـ أي مسألة القصاص والحدّ ـ في مسألة واحدة كما لا يخفى.
نعم، ما عن عدّة من الأصحاب و(المقنعة)[7] وفي (النهاية)[8] من القود في المعتاد دون غيره الظاهر في كونه تفصيلاً في المسألة مبنيّاً على كون القتل في المعتاد من باب القصاص لا من باب الحدّ، وإلاّ فيرجع إلى التفصيل السابق.
وكيف كان، مقتضى إطلاق أدلّة القصاص وعموماته عدم شرطية التساوي في الدِّين، ومشروعية القصاص مطلقاً من دون فرق بين صورة التساوي كقتل المسلم أو الكافر مثلهما أو الاختلاف كقتل المسلم الكافر أو عكسه، فالمناط في القصاص الإنسانية والخلقة لا العقيدة والملّة.
قال الله تعالى في كتابه: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلي الأَلْبَابِ)[9] وهذه الآية كالنّص في الإطلاق; لأنَّ الخطاب إلى أُولي الألباب وهم المخاطبون بدرك الحياة في القصاص.
وفي آية أُخرى يقول تعالى: (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَـلاَ يُسْرِفْ فِي القَتْلِ)[10].
ومثلهما في الدلالة آية الاعتداء بالمثل حيث قال تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَليْكُمْ فَاعْتَدوُا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)[11].
وشمول الموصول فيهما لجميع أفراد البشر ممّا لا يعتريه ريب، ولا شك في الشمول كالآية السابقة.
ومثل هذه الآيات بل أظهر منها قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيْهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنِ بِالعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ)[12] وشمول النفس لجميع الأنفس واضح.
وفي صحيح زرارة عن أحدهما ـ عليهما السلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ) الآية قال: ((هي محكمة))[13].
لا يقال: بما أنَّ الخطاب في صدر الآية الأُولى للمؤمنين فحكم القصاص في تلك الآية صدراً وذيلاً مختصٌ بهم أي بالمسلمين فقط وغير شامل لغيرهم.
لأنّه يقال: تخصيص المؤمنين بالذكر والخطاب في الآية وغيرها مثل آية الأمر بالوفاء بالعقود[14] وآية الأمر بالاجتناب من الظنّ[15] وغيرها من الآيات المماثلة لها ليس إلاّ تذكّراً للإيمان الضامن للإجراء من الباطن والقلب أوّلاً، وإلاّ فمن البديهي عدم اختصاص وجوب الوفاء بالعقود ووجوب الاجتناب من الظنّ وغيرهما من الأحكام الشاملة للمؤمنين بل الأحكام الشاملة للناس جميعاً (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافّةً لِلْنَّاسِ)[16] وأنَّ الخطاب في الآية وإنْ كان للمؤمنين لكنّ الحكم المجعول فيها عام للكلّ ثانياً، حيث إنَّ الحكم في القتلى (الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنثَى)[17] على نحو العموم شامل للكلّ وإنّ ذيل الآية (يا اُوْلِي الأَلْبَابِ) الشامل لجميع العقلاء يكون أمراً مستقّلاً عن الصدر فليس الاختصاص فيه عن التسليم. والغضّ عمّا ذكرناه أوّلاً وثانياً قرينة على الاختصاص في الذيل ثالثاً.
وهل يحتمل أحد عدم العموميّة في قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا اُوْلي الأَلْبَابِ) وأنَّه مختصّ بالمؤمنين بقرينة الصدر؟ بل الحمل كذلك موجب لذهاب ما في هذه الجملة بالخصوص من الفصاحة والبلاغة كما لا يخفى.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - وسائل الشيعة 29: 108، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 47، الحديث 5.
[2] - جواهر الكلام 42: 150.
[3] - المقنع: 534.
[4] - من لا يحضره الفقيه 4: 97.
[5] - مختلف الشيعة 9: 335.
[6] - الكافي في الفقه: 384.
[7] - المقنعة: 739.
[8] - النهاية: 749.
[9] - البقرة: 179.
[10] - الاسراء: 33.
[11] - البقرة: 194.
[12] - المائدة: 45.
[13] - وسائل الشيعة 29: 83، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس، الباب 33، الحديث 11.
[14] - المائدة: 1.
[15] - الحجرات: 12، النجم: 28، يونس: 36، الانعام: 148.
[16] - سبأ: 28.
[17] - البقرة: 178.
الدرس اللاحق الدرس السابق




جميع الحقوق محفوظة لموقع آية الله العظمى الشيخ الصانعي .
المصدر: http://saanei.org